روسيا في شرق المتوسط: فن التوازن
تحت العنوان أعلاه، كتب أندريه كورتونوف، في "إكسبرت رو"، حول مكانة روسيا في منطقة شرق المتوسط وصداقتها مع دول متضاربة المصالح ومتعادية في آن معا.
وجاء في المقال: اليوم، ربما تكون موسكو ممثلة في البحر الأبيض المتوسط، وخاصة في الجزء الشرقي منه، أفضل حتى من الاتحاد السوفيتي في ذروة قوته الدولية.
تتمثل إحدى المزايا النسبية التي تتمتع بها روسيا في شرق البحر الأبيض المتوسط في قدرتها على الحفاظ على علاقات بناءة مع أطراف متضاربة في النزاعات الإقليمية: مع السنة والشيعة، والإيرانيين والسعوديين، والإسرائيليين والفلسطينيين، والأتراك والأكراد، والإمارات وقطر، وهلم جرا..
من خلال العمل مع جميع أطراف النزاعات، تحافظ موسكو على تنويع محفظتها الاستثمارية السياسية وتتوقع الحصول على مكاسب سياسية من أي محصلة للنزاعات.
يصبح من الصعب الحفاظ على موقف الوسيط العادل والنزيه في ظل الظروف التي يتصاعد فيها الصراع، ويرفع المتحاربون الرهان ويطالبون بمزيد من المساعدة العسكرية أو الدعم السياسي من موسكو. على سبيل المثال، ربما تكون الشراكة الوثيقة مع بشار الأسد في سوريا قد عرّضت علاقات روسيا الودية طويلة الأمد مع الأكراد السوريين للخطر، وأصبحت الشراكة الروسية الإيرانية في سوريا العامل الأهم، تقريبا، الذي يعقّد العلاقات الروسية الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن فن الموازنة بين مجموعة من أهداف السياسة الخارجية والأدوات والعلاقات مع العديد من الشركاء الإقليميين في شرق المتوسط يتطلب نهجا مُحكما لكل مجال من مجالات السياسة الروسية في المنطقة. حتى الآن، تمكنت القيادة الروسية من إبقاء المخاطر المرتبطة بهذا التوازن تحت السيطرة. ومع ذلك، فإن الكثير في التطورات الإقليمية يرتبط بعوامل لا تعتمد بشكل مباشر على روسيا: توازن القوى المتغير بين دول الإقليم، ونجاحات وإخفاقات جهود دول معينة في بناء الدولة، ومستوى وخصائص مشاركة اللاعبين الرئيسيين غير الإقليميين في شؤون المنطقة، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين.
يمكن افتراض أن يكون العقد المقبل من الوجود الروسي في شرق المتوسط أكثر صعوبة من سابقه، رغم صعوبة تخيل وضع قد يجبر موسكو على مغادرة المنطقة أو تقليص وجودها فيها بشكل جذري. فعلى الأرجح، ستحتفظ روسيا بمكانتها كواحد من أكثر اللاعبين الخارجيين نشاطاً وتأثيراً هناك.