بايدن يريد تقسيم أوكرانيا إلى منطقتين محتلّتين أمريكية وروسية
يواصل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ووزير دفاعه وعدد من السياسيين الغربيين الآخرين تحديد الساعة واليوم التاليين لـ "الغزو الروسي" لأوكرانيا.
بطبيعة الحال، وفي غياب موافقة بوتين، لم يعد أمام الولايات المتحدة الأمريكية سوى طريقة واحدة فقط للتأكد من أن الغزو سيحدث، وهي أن تقوم هي نفسها بتنظيمه. وقد أجهض الرئيس بوتين بالفعل هذا السيناريو مرة بإعلانه بدء انسحاب الوحدات العسكرية بعد التدريبات.
ومع ذلك، فبعد أن تعافت إدارة بايدن من هذه الضربة وأجّلت ببساطة موعد بدء الحرب لأسبوع، يجري الحديث الآن فعلياً عن "العدوان الروسي" بوصفه أمراً واقعاً، على الرغم من أنه لا يزال افتراضياً، لا يوجد سوى في وسائل الإعلام الغربية. أما روسيا، فلم تقدم على أي أفعال أو تصريحات حول الغزو. وحتى الآن لم يكن هناك سوى تصريحات بايدن وبعض السياسيين الأكثر مناهضة لروسيا حول خطط بوتين المزعومة للغزو.
يبذل الرئيس الأمريكي قصارى جهده لنشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا، ثم بين روسيا وأوروبا. علاوة على ذلك، فإن الرئيس بايدن يستدرج بوتين إلى أوكرانيا.
لقد سحبت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عسكرييها من أوكرانيا، ما أظهر لموسكو أنه لا يوجد خطر لاندلاع صراع مباشر مع "الناتو" في حال مقتل جنود أمريكيين أو بريطانيين.
كذلك فقد تعهدت الولايات المتحدة وأوروبا بعدم عزل روسيا عن نظام "سويفت" SWIFT للتحويل المصرفي.
كما قامت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية بإجلاء سفاراتها من كييف. ومع ذلك، فقد تم الإجلاء ليس إلى خارج حدود أوكرانيا، وإنما إلى مدينة لفوف، غرب البلاد، ما يعرض عملياً على الرئيس بوتين خط ترسيم بين مناطق الاحتلال، وفقاً للخطة الأمريكية، بحيث تتحرك روسيا في أوكرانيا شرقاً وجنوباً، والولايات المتحدة الأمريكية غرباً.
إذا كان بايدن على يقين من أن بوتين سيغزو أوكرانيا، فكيف له أن يعرف أن القوات الروسية لن تستولي على أوكرانيا كلها؟ ففي الانتخابات المقبلة للحزب الديمقراطي، قد يكون الموت المحتمل لدبلوماسيين أمريكيين في لفوف أسوأ من مقتل السفير الأمريكي في بنغازي.
في هذه الأثناء، وفور انسحاب الوحدات الروسية إلى قواعدها، شنّت أوكرانيا أقوى قصف مدفعي على إقليم الدونباس منذ عام 2014. تدمّر أوكرانيا عمداً البنية التحتية في المنطقة. وتم إيقاف عدد كبير من المحولات، وفقدت عدد من المدن والمناطق في الدونباس الكهرباء في فصل الشتاء. أنظمة إمداد المياه مدمّرة، وجزء من الإقليم محروم من المياه.
كذلك تم تفجير أنابيب الغاز التي توصل الغاز إلى الجمهوريتين.
تم تفجير سيارة ملغومة بالقرب من مبنى إدارة دونيتسك، بينما تتعرض المنشآت المدنية والمناطق السكنية لقصف مدفعي.
ليس ذلك سوى جزء هين من التخريب والجرائم التي يرتكبها النظام في كييف ضد السكان المدنيين في الدونباس.
أعلنت جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك عن إجلاء جماعي للسكان المدنيين إلى روسيا، وكذلك أعلنت عن تعبئة جنود الاحتياط.
في هذه الأثناء، يبدو أن المستشار الألماني، أولاف شولتز، قد قرر التنافس مع مواطنه، أدولف هتلر، وصرح بأن الإبادة الجماعية ضد السكان الروس في دونباس تثير الضحك.
باختصار، نرى أن واشنطن، بأيدي أوكرانيا، تحاول بكل ما أوتيت من قوة استفزاز الرئيس بوتين للقيام برد عسكري في الدونباس.
إن هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو حرب واسعة النطاق بين روسيا وأوكرانيا، وإذا أمكن، مع أوروبا. سيؤدي ذلك إلى تحييد روسيا وإبقاء أوروبا تحت السيطرة الأمريكية.
تواصل أوروبا مقاومة الخطط الأمريكية، حيث قام الرئيس الفرنسي المسكين، إيمانويل ماكرون، باتصال هاتفي مرة أخرى مع الرئيس الأوكراني، في محاولة منه لمناقشة وقف التصعيد.
ومن أجل كسر مقاومة أوروبا، وجرّ روسيا إلى الحرب، تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى استفزاز هائل، مثل انفجار في المفاعل النووي الأوكراني، أو تسميم الرئيس زيلينسكي بسم "نوفيتشوك"، أو سقوط أي مدينة من إقليم الدونباس في يد الجيش الأوكراني، حتى لا يصبح أمام الرئيس بوتين سوى التدخل، ولا يصبح أمام أوروبا سوى الانضمام إلى العقوبات.
أعتقد أن الحرب قد أصبحت الآن حتمية، لأن النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة فقدت الاتصال بالواقع وغريزة البقاء بعد 30 عاماً من العالم أحادي القطب، وسوف يمضون بكل إصرار نحو رفع المخاطر، حتى الحافة التي تهدد وجودهم بالأساس. لقد ذهبت واشنطن بالفعل بعيداً جداً، وإذا لم يحدث الغزو الروسي، فسوف يؤدي ذلك إلى تشويه سمعة الولايات المتحدة تماماً، ناهيك عن إحباط الحلفاء، ممن يرون كيف تحاول إطعام أوكرانيا لروسيا.
لكن، ليس من الضروري بأي حال من الأحوال، أن تكون الحرب بين روسيا وأوكرانيا. فقد أجرى الرئيس بوتين يوم أمس السبت 19 فبراير، مناورات للقوات النووية الاستراتيجية الروسية. وأعتقد أنه لم يكن مجرد استعراض للقوة تجاه الغرب. فمن المحتمل أن يكون هذا تدريباً فعلياً على تنفيذ السيناريو الأكثر تطرفاً، لكنه، مع الأسف الشديد، الأكثر واقعية.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف