هل يستطيع الروس الصمود أمام هجمة الغرب؟
تتميز روسيا بقسوة شتائها وطوله، ولدي في المسكن الريفي خلايا نحل، تعودت الاحتفاظ بها منذ زمن. ونجت من شتاء هذا العام خليتان فقط من أصل ثلاثة.
بعد 14 عاما في تربية النحل، أصبح لدي خبرة طويلة في هذا المجال، وددت لو شاركتكم بعضها، من خلال ملاحظاتي لطبيعة تلك الحشرات الرائعة.
ينقسم النحل إلى سلالات مختلفة، أدهشني في وقت من الأوقات كم التشابه بينها وبين الشخصية الوطنية للشعوب التي تتشارك في نفس المنطقة الجغرافية، حيث يبدو أن المناخ والظروف الطبيعية تتطلب من الكائن الحي نفس الصفات للبقاء على قيد الحياة.
فسلالة النحل الإيطالية، مثلا، منتجة للغاية أثناء نمو نوع واحد من الزهور، أو حينما يكون هناك عدد قليل من الزهور من نباتات مختلفة، أي أنها تنتقل بسهولة من نوع إلى آخر. إلا أنها، في نفس الوقت، سلالة مدللة للغاية، يصيبها المرض بشدة، وليس لديها فرصة للبقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء الطويل القاسي. كذلك فإنها تبدأ اعتبارا من منتصف أغسطس، عندما تشح الزهور، في سرقة العسل من خلايا أخرى، ولا تتمكن من حماية نفسها من السرقة بشكل جيد.
السلالة القوقازية تميل إلى المغامرة، ويمكنها أن تطير حتى أثناء المطر الخفيف، وتعمل بشكل جيد مع الإزهار الضعيف من شتى الزهور، لكنها لا تعمل بشكل جيد مع الإزهار الجماعي لزهور من نفس النوع. تتأثر بسهولة بالأمراض، ولا يمكنها تحمل قسوة الشتاء البارد الطويل. كذلك تميل هذه السلالة إلى سرقة خلايا الآخرين، وتعجز عن حماية نفسها بشكل جيد.
أما السلالة الروسية فلا تتسم بروح المغامرة ولا تعمل بنفس الجودة حينما يكون هناك عدد قليل من الزهور ويتعين الانتقال من نوع إلى آخر. لكنها تجمع العسل بشكل أفضل عندما يزهر نوع واحد من النباتات بشكل جماعي. أقل عرضة للمرض، وتتحمل الشتاء الطويل القارس أكثر من السلالات الأخرى. لا تميل إلى سرقة خلايا الآخرين، لكنها شرسة في دفاعها عن خليتها.
بالنسبة لمربي النحل، فإن السلالة الروسية هي الأصعب، إلا أنها واحدة من أكثر السلالات ربحية. يمكنك العمل مع سلالات أخرى دون قناع واق، ولكن ليس مع الروس، فهم شديدي الشراسة، وإذا ما اقتربت من خلية النحل على مسافة 3 أمتار، فسوف تجابه بمئات الانتحاريين الذين يعضونك كل ثانية.
من الواضح أن هذا السلوك نشأ لدى السلالة الروسية بسبب وفرة الدببة الذكور والإناث التي كانت تهاجم خلايا النحل لآلاف السنين. تعيش تلك السلالة من النحل في ظروف قاسية وتعمل بشكل جيد خلال الصيف الروسي القصير، أو بمصطلحات البشر: في ظل اقتصاد التعبئة...
لقد تشكلت الشخصية الوطنية الروسية في ظروف طبيعية وتاريخية قاسية للغاية. وفي المناخ الروسي، يتعين عليك أن تعمل بجد للحصول على حصاد هزيل. في الوقت نفسه، يتسلق عليك الأعداء من كل حدب وصوب، ممن لا يريدون سرقتك فحسب، بل يسعون لتدميرك تماما.
لذلك، يتميز الشعب الروسي بالصلابة الشديدة، وأعتقد أنه يتفوق على جميع الشعوب الأخرى في قدرته على تحمل المصاعب، وهو ما أثبته مرارا وتكرارا عبر تاريخه. ومن الواضح أنه يتفوق على الغرب في قدرته على الدفاع عن بلاده. فالثبات في المعركة هي السمة الوطنية للروس.
بالتواصل مع أغلبية من حولي من الناس، لا ألمح يأسا ولا شكا في أن روسيا سوف تصمد أمام هجمة الغرب الشرسة. فالجميع يفهمون أننا أمام أوقات عصيبة مقبلة، لكن بالنسبة للروس، فإن الأوقات الصعبة هي قدرهم التاريخي. وبالوضع في الاعتبار السلاح النووي، لا يمكن للغرب أن ينتصر في حرب ضد روسيا. وأعتقد أن حساب الغرب بأن الصعوبات الاقتصادية ستؤدي إلى ثورة في روسيا هي الأخرى حسابات خاطئة.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف