في اي سنة فرض الصيام
في اي سنة فرض الصيام، في أي عام فرض الصيام على المسلمين، متى فرض الصيام ومن أول من صام، متى فرض الصيام بالتاريخ الميلادي، من أول من فرض عليهم الصيام في شهر رمضان وأين.
الصَّوْمُ في الإسلام نوع من العبادات الهامة، وأصل الصَّوْمُ (ص و مـ)، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في اللغة: مطلق الإمساك أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: ﴿فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا..﴾ أي: إمساكاً عن الكلام. والصوم في الشرع الإسلامي عبادة بمعنى: «الإمساك عن المفطرات على وجه مخصوص، وشروط مخصوصة من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، بنية». ولا يقتصر على صوم شهر رمضان، بل يشمل جميع أنواع الصوم، وهو إما فرض عين وهو صوم شهر رمضان من كل عام، وما عداه إما واجب مثل: صوم القضاء أو النذر أو الكفارة. وإما تطوع ويشمل: المسنون المؤكد، والمندوب (المستحب) والنفل المطلق، ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو الصوم المنهي عنه كصيام يوم الشك، ويحرم صوم يوم عيدي الفطر والأضحى.
صوم شهر رمضان من كل عام هو الصوم المفروض على المسلمين، بالإجماع، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وأفضل أنواع الصيام؛ للحديث القدسي بلفظ: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما فرضت عليه»، حيث أن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله. وفرض في السنة الثانية من الهجرة النبوية، قال البهوتي: «فرض في السنة الثانية من الهجرة، إجماعا، فصام النبي ﷺ: تسع رمضانات إجماعا». والأصل في وجوب صومه قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ..﴾ [البقرة:183] الآية ثم تعين صوم شهر رمضان بقوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وحديث: «بني الإسلام على خمس» وذكر منها: «صوم رمضان». ويجب صوم شهر رمضان إما برؤية الهلال، أو باستكمال شهر شعبان ثلاثين يوما عند تعذر رؤية هلال رمضان. ويجب على كل مسلم، مكلف بالغ عاقل، مطيق للصوم، صحيح، مقيم، غير معذور. ولا يصح إلا من مسلم، كما يشترط لصحته شروط منها: نقاء المرأة من الحيض والنفاس. ويختص صوم رمضان بخصوصية فضيلة الوقت من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس. وصوم رمضان يكفر الذنوب لمن صامه إيمانا واحتسابا.
وكان فرض الصيام أول ما فرض على المسلمين، بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءآمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ وكان في ابتداء فرضه: مقدرا في أيام معدودات، هي: «شهر رمضان»، ثم بين الله ذلك بقوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾. وقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ دل على الفرصية، بلفظ: ﴿كُتِبَ﴾ بمعنى: فرض الله عليكم الصيام، وخطاب التكليف للمكلفين الذين ءآمنوا أي: صدقوا بالله ورسوله وأقروا. وقول الله تعالى: ﴿كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ بمعنى: الإخبار أن الصوم كان مفروضا في الشرائع السابقة، وقد كان المسلمون قبل فرض صوم رمضان: يصومون يوم عاشوراء، وفي الحديث: «عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله ﷺ يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال: "من شاء صامه ومن شاء تركه"».
في اي سنة فرض الصيام
فُرِضَ صيام شهر رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وذلك بعد تحويل القِبلة إلى الكعبة المُشرَّفة بشهرٍ تقريباً، وقِيل إنّ فَرْض الصيام كان لليلتين من شهر شعبان من السنة الثانية، وبذلك وجب صيام شهر رمضان المبارك على كلّ مسلمٍ امتلك القدرة عليه، وكان بالغاً، عاقلاً، مُقيماً، خالياً من أيّ مانعٍ من موانع الصوم، وقد ثبت ذلك الوجوب في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، وإجماع العلماء، وبيان تلك الأدلّة فيما يأتي:
- قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
- أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).
- أجمع العلماء على وجوب صيام شهر رمضان وفرضيّته، وأنّه من أمور الدِّين المعلومة بالضرورة.
مراحل فَرْض الصيام
اختصّت الشريعة الإسلاميّة بعدّة مبادئ، منها: التدرُّج في إقرار الأحكام؛ رعايةً للظروف، وطبيعة النفوس، وما جُبِلت عليه من عاداتٍ ومبادئ، ويستند مبدأ التدرُّج إلى تشريع الأحكام الشرعيّة التي تتناسب مع طبيعة الظروف، والأشخاص، والنفوس، مع الحرص على رفع الحرج، وعدم إلحاق أيّ بأسٍ أو ضررٍ، ثمّ إقرار الأحكام التي لا تتغيّر ولا تتبدّل بتغيُّر المكان أو الزمان، ومن الأحكام التي تدرّج إقرارها الصيام، وفيما يأتي بيان كلّ مرحلةٍ من المراحل التي مرّ فيها:
- المرحلة الأولى فُرِض صيام العاشر من شهر مُحرّم؛ وهو يوم عاشوراء، في المرحلة الأولى من الصيام، وكانت قريش تصومه في الجاهليّة، كما كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يصومه في مكّة قبل الهجرة، وبعد الهجرة إلى المدينة المُنوّرة صامه أيضاً، وأمر المسلمين بصيامه، ثمّ خيَّرهم بين صيامه وإفطاره حين فُرِض صيام رمضان، أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ)، وفُرِض صيام عاشوراء في السنة الأولى من الهجرة، ثمّ نُسِخ فَرضه بِفْرض صيام رمضان في السنة الثانية.
- المرحلة الثانية نسخ الله -تعالى- وجوب صيام يوم عاشوراء بفرضيّة صيام رمضان على التخيير بين أداء الفِدية والصيام، كما ورد في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
- المرحلة الثالثة نُسِخت المرحلة الثانية من صيام شهر رمضان بفَرْضه على كلّ مسلمٍ دون تخييرٍ، ونُسِخت الآيات السابقة بقول الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وعلى ذلك استقرّ الصيام؛ بالامتناع عن أيّ مُفطِرٍ من المُفطِرات، منذ طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وطيلة شهر رمضان.
-
السؤال: في اي سنة فرض الصيام
-
الإجابة: فُرِضَ صيام شهر رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة