سفير الصين لدى موسكو: الهيمنة وسياسة القوة التي ينتهجها الغرب مصدر عدم الاستقرار في العالم
تحت العنوان أعلاه، كتب سفير الصين لدى روسيا، تشانغ هانهوي، مقالا خص به "كومسومولسكايا برافدا"، يناقش فيه كيف قوض حلف شمال الأطلسي أمن العالم وموقف الصين من سياسات الغرب.
وجاء في المقال: قبل ثلاثين عاما، انتصر الناتو، بقيادة الولايات المتحدة، في الحرب الباردة. لكن انتصاره لم يوقف رغبة الحلف في التوسع، بل أدى إلى تسريع توسعه.
من الواضح أن أهداف الناتو تتجاوز ردع منافسيه السابقين. فمن أجل إقامة عالم أحادي القطب تسود فيه قوة مهيمنة واحدة، وضع أعضاء الحلف مصالح أمريكا والغرب عموما في المقام الأول، وراحوا، يقاتلون، على نطاق عالمي من يعارضهم، بصورة شديدة القسوة ويسمحون لأنفسهم بفعل كل شيء في سبيل ذلك.
وراح هؤلاء، مسلحين بفكرة تفردهم، يهاجمون الشرق في ثلاثة أبعاد في وقت واحد:
أولاً، يثير الناتو سلسلة من الحروب ضد دول ذات سيادة. فعلى مدى سنوات، راح الناتو يعيث الخراب في جميع أنحاء العالم. وبحسب معطيات غير نهائية، أودت الحروب التي أشعلها هذا التكتل وشارك فيها بحياة 900 ألف شخص منذ العام 2001 وحده، من بينهم ما يقرب من 400 ألف مدني؛
ثانياً، يثير أعضاء الناتو باستمرار "ثورات ملونة" في أنحاء العالم، سعياً وراء مصالحهم الجيوسياسية؛
ثالثاً، تحت ستار "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، يتدخل أعضاء الحلف بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للدول الأخرى من أجل فرملة تنميتها. فقد استخدم الناتو، ضد روسيا وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وغيرها من الدول "الصلبة المواقف وغير المطيعة"، مجموعة من العقوبات الأحادية التي يجري فرضها في جميع المجالات، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والعلمية والتقنية.
حدد الأمين العام الأول لحلف الناتو، اللورد إسماي، أهدافه في السنوات الأولى بعد تأسيس هذه الكتلة، بالتالي: "إبقاء الأمريكيين في الداخل والروس في الخارج والألمان في الأسفل". ولكن، مع نهاية الحرب الباردة، فقدت كل هذه الأهداف معناها؛ ولم يبق هناك سبب لاستمرار وجود الناتو. إنما، بدلا من حله، على غرار منظمة حلف وارسو، تحول "ابن الحرب الباردة المشوه هذا" إلى "قاتل مأجور رقم 1" في مهام واشنطن لتأسيس عالم أحادي القطب.
ومع ذلك، فالناتو، بصرف النظر عن الحقائق، لا يكتفي بالترويج للمعايير المزدوجة، بل يدعو أيضا إلى ما يسمى بـ "النظام الدولي القائم على القواعد"، وهذه خدعة تقليدية للتلاعب بالمفاهيم واستبدالها.
فـ"القواعد" التي يتحدثون عنها تضعها الدول الغربية وتخدم مصالح النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب. إنهم، في الواقع، يحلون محل القواعد الأساسية العالمية للعلاقات الدولية "قواعد" من صنعهم ويفرضون إرادتهم بوحشية على الآخرين. علما بأن هذا لا له علاقة بالمراعاة الواعية للأمن أو الديمقراطية، إنما هو نوع من "قانون القبضة" الجديد.
إن سياسة الناتو الأنانية، واللجوء إلى حل قضايا العالم من خلال "دائرة ضيقة من المختارين" تتعارض مع الواقع، وتبشر بآفاق تافهة وتؤدي فقط إلى طريق تاريخي مسدود تماما.
أما ردنا فهو مفهوم الأمن المركب والمتكامل والمشترك والمستدام: هذا هو مشعل الحرية الحقيقية الذي ينير الطريق للعالم بأسره.
لطالما التزمت الحضارة الصينية بالسلام والانسجام. وكما تقول الأمثال الصينية القديمة: "الأخلاق والقيم ضرورية للحفاظ على السلام بين الممالك والتفاهم المتبادل بين البشر"، "السلام هو القيمة الأسمى"، "الشخص النبيل يتناغم مع الآخرين مع الحفاظ على آرائه".
منذ آلاف السنين، دخلت هذه الأفكار في نسيج الشعب الصيني ودمه، وأصبحت بمثابة ذاكرته الجينية.
إننا نعارض الهيمنة الإمبريالية وسياسة القوة وندافع بحزم عن نظام دولي يرتكز على الأمم المتحدة ونظام عالمي قائم على القانون الدولي. ومع التزامنا بالدفع قُدماً بسياسة الإصلاح والانفتاح، لا نتخلى عن التزامنا بمبادئ المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، ونسعى إلى التشاور والتعاون.