عوامات النيل في القاهرة.. ما نهايتها؟
عوامات النيل في القاهرة.. ما نهايتها؟، بعد 150 عاما من الحكايات والأسرار، كتبت الحكومة المصرية نهاية للعوامات النيلية الموجودة بمناطق الكيت كات والعجوزة والدقي.
بدأت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الموارد المائية وقطاع حماية النيل حملة بإزالة العوامات النيلية التاريخية على نهر النيل بمناطق إمبابة والعجوزة والدقي، والتي يبلغ عددها وفق وزارة المالية المصرية 32 عوامة مخالفة للإجراءات القانونية، وتم تغيير نشاطها؟
المظهر الحضاري
من جانبه قال المنهدس أيمن نور، رئيس الإدراة المركزية لحماية نهر النيل، إن الهدف من إزالة العوامات النيلية المخالفة هو استعادة المظهر الحضاري لنهر النيل، وتطوير المنطقة، مؤكدا أن العائمات الموجودة والتي يتم إزالتها دون ترخيص.
وأضاف: "في 2020 تم توجيه إنذارات وخطابات بعلم الوصول لأصحاب تلك العوامات لتوفيق أوضاعها وتغيير نشاطها لتجاري بدلا من سكني، لكن لم يتجاوب أصحاب العائمات مع الإنذارات وبالتالي كان يجب إزالة العوامات النيلية".
وأكد رئيس الإدراة المركزية لحماية نهر النيل أن العوامات المخالفة غير تاريخية، موضحا أنه تم إزالة 3 عوامات حتى الآن وسيتم إزالة 15 عوامة سكنية في مرحلة لاحقة، مشيرا إلى أن العائمات الـ32 متهالكة وتشكل خطورة على بيئة النيل.
وشدد نور على عدم المساس بأي عوامة مرخصة وتاريخية وعائمات الأندية التي تمارس نشاطها بتراخيص سليمة، وكذلك التي وفقت أوضاعها.
كان وزير الموارد المائية المصري الدكتور محمد عبدالعاطي شدد على استمرار حملات الإزالات الموسعة لمختلف التعديات على النيل ومجرى النيل وفرعية لاستعادة النيل كما كان في الماضي، ومن ضمنها إزالة العوامات النيلية.
وقال عبدالعاطي في تصريحات سابقة إنه سبق توجيه إنذارات لأصحاب هذه العوامات المخالفة دون استجابة، وهو ما استوجب إزالة العوامات النيلية.
يذكر أن وزارة الموارد المائية والري تنفذ أكبر حملة في تاريخ الوزارة لإزالة ما يزيد عن 58 ألف حالة من التعدي على مجرى نهر النيل والجسور والترع والمصارف وأملاك الري بمساحات تصل إلى 8.40 مليون متر مربع، والتي يتم التنسيق فيها مع أجهزة الدولة المختلفة بما يتوافق مع القانون.
عوامات النيل.. تاريخ وحكايات
على ضفاف النيل في أحياء إمبابة والكيت كات الزمالك والعجوزة والدقي تجد أشهر وأقدم العوامات النيلية في مصر تمتد جذورها لخمسينيات القرن الماضي، وبها بدأت أحاديث المشاهير السياسية والرياضية وأيضا الفنية، وتختص 6 جهات حكومية بالإشراف عليها، سواء كانت ثابتة أم متحركة، أو متخصصة للسكن أم السياحة.
بعضها يبدو عليه التهالك والتقادم، ويحتاج إلى ترميم وبعضها يبدو جيدا وفقا لدرجة اهتمام أصحابها بها، بينما يرى المحيطون بهذه العوامات أنها شاهدة على أحداث تاريخية وتناولتها الدراما المصرية في العديد من المشاهد، أبرزها في ثلاثية الأديب نجيب محفوظ.
حالة من الجدل
بدأ الجدل حول عوامات النيل التاريخية بإنذارات تفيد بإزالتها على مرحلتين، ليتم الإخلاء الفعلي في 4 يوليو/تموز الجاري بشكل نهائي، لمخالفة العوامات شروط الترخيص، فيما ينفي ذلك أصحاب العوامات، وأكدوا أن المسؤولين رفضوا منحهم التراخيص عى مدار العامين الماضيين بداية من 2020 وفق قولهم، وهو ما ينفيه المسؤولون "تم إخطارهم بإنذارات بتوفيق الأوضاع لتتحول إلى تجاري وليس سكنيا".
ومن جهة أخرى أطلق نشطاء حملة تحت شعار "أنقذوا عوامات القاهرة" لكتابة تدوينات حول تراث العوامات، كشفت الكثير عن وقائع تاريخية وشخصيات ارتبطت ببعضها.
فهناك عوامات امتلكها فنانون مثل بديعة مصابني ونجيب الريحاني ومنيرة المهدية.. ونجوم آخرون مثل المطرب محمد عبدالمطلب، والراقصة تحية كاريوكا وسمراء السينما سامية جمال. وعلم متابعو الحملة أن الشاعر حافظ إبراهيم سمي "شاعر النيل" لأنه ولد في إحداها.
وفق تصريحات لوسائل إعلام محلية قالت منار مجدي صاحبة عوامة عبدالحليم حافظ إنهم كانوا يحصلون على ترخيص سنوي توقف بدعوى دراسة تقنين الأوضاع.
منار مجدي، صاحبة عوامة عبدالحليم حافظ، أكدت في تصريحات لـ"المصري اليوم"، أنهم كانوا يحصلون على تراخيص سنوية، حتى توقفت الحكومة عن منحها لهم بدعوى دراسة تقنين أوضاعهم.
وقالت وفق تصريحاتها أنه من النادر الآن الحصول على ترخيص لعوامة سكنية، لافتا إلى أن عوامتها تم تصوير العديد من الأفلام المصرية بها منها أيام وليالي بطولة عبدالحليم حافظ، وهناك مشهد للفنان أحمد زكي في فيلم أيام السادات.
150 عاما
يعود تاريخ العوامات النيلية إلى نحو 150 عاما حسب ما يذكر الكاتب والمؤرخ الدكتور طارق منصور أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس، قائلا: "بدأت في الظهور في الطبقة الأرستقراطية والفنانين كنوع من الوجاهة الاجتماعية خاصة الباشوات وكبار الفنانين منهم فريد الأطرش الذي امتلك واحدة".
وأضاف أنها تحولت لجزء من تاريخ السينما المصرية، خاصة أن بعض الأفلام تم تصويرها فيها منها "ثرثرة فوق التيل" وهي رواية للكاتب نجيب محفوظ، وكانت الدولة في ذلك الوقت ترخص تلك العوامات وفقا لاشتراطات معينة لا تضر بالنيل.
وتابع "مع مرور الوقت أوقفت الدولة تراخيص تلك العوامات لأنها باتت متآكلة ومتهالكة فهي مصنوعة من الخشب فضلا عن أن بعضها تحول لأنشطة تجارية بعيدا عن الترخيص الأساسي بما يخالف القواعد وسلامة مياه النيل".