اتهام منفذ الهجوم على سلمان رشدي بـ"محاولة القتل
اتهام منفذ الهجوم على سلمان رشدي بـ"محاولة القتل، يرقد الروائي البريطاني سلمان رشدي الذي أصدر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي فتوى بهدر دمه عام 1989 بسبب روايه، في المستشفى حيث وُضع على جهاز تنفّس اصطناعي بعدما طعنه رجل في عنقه وبطنه خلال مؤتمر في ولاية نيويورك، ما أثار سلسلة إدانات دولية.
ولم تُكشف أيّ معلومات بشأن تطوّر الوضع الصحي للكاتب الموصول بجهاز تنفّس اصطناعي في مستشفى بولاية بنسلفانيا.
واعتُقل المهاجم فورا وأوقِف قيد التحقيق. ولفتت الشرطة إلى أنه يدعى هادي مطر وعمره 24 عاما ويقطن مدينة فيرفيلد في ولاية نيوجيرزي.
وأعلنت النيابة المحلّية يوم أمس السبت، أنّ مطر "ملاحق رسميًا بتهمة محاولة القتل والاعتداء"، مضيفة أن محققين من الشرطة الفدرالية "اف بي آي" يعملون على تفاصيل الجريمة ذات البُعد الدولي.
وأثار الهجوم موجة إدانات دولية، واعتبره البيت الأبيض "عمل عنف مروّعًا".
ودان الرئيس الأميركي جو بايدن السبت "الهجوم الشرس" على رشدي.
وأشاد بايدن برشدي "لرفضه الترهيب والإسكات"، مؤكّدًا أنه وزوجته السيدة الأولى جيل و"جميع الأميركيّين وجميع الناس حول العالم" يصلّون من أجل "تعافيه".
وأعلنت صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة والتي استهدفها هجوم أقدَم منفّذه على إعدام جميع أعضاء هيئة تحريرها تقريبا عام 2015، أن "لا شيء يُبرّر فتوى، لا شيء يُبرّر حكمًا بالإعدام".
"من أصول لبنانية"
وأشار علي قاسم تحفة رئيس بلدية قرية يارون في جنوب لبنان إلى أنّ هادي مطر "من أصول لبنانيّة".
وتابع في حديث مع وكالة فرانس برس، "وُلد ونشأ في الولايات المتحدة، ووالده ووالدته من يارون".
وهنّأت صحيفة "كيهان" الإيرانيّة المحافظة المتشددة السبت، منفذ الهجوم. وكتبت الصحيفة التي يعيّن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي رئيسها "مبروك لهذا الرجل الشّجاع المدرك للواجب الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي".
في سوق الكتب في طهران، السبت، كان الجميع على عِلم بالهجوم الذي تعرّض له الكاتب البريطاني في الولايات المتحدة، لكنّ مؤيّدي العملية فقط هم من يعبّرون عن آرائهم.
وقال مهراب بيغدلي الذي يقدّم نفسه على أنه شيعيّ متدين "سررتُ جدا لسماع النبأ. أيًا يكن منفّذه (الهجوم) أقبّل يده (...)".
"الأنباء ليست جيدة"
فور وقوع الاعتداء على رشدي ومُحاوِره في قاعة محاضرات في مركز ثقافي في تشوتوكوا بشمال غرب ولاية نيويورك، نُقل الكاتب في مروحية إلى أقرب مستشفى حيث خضع لجراحة طارئة، وفق ما أفاد الميجور في شرطة ولاية نيويورك يوجين ستانيزيفسكي.
وكانت الشرطة أعلنت قبيل الساعة 11,00 (15,00 ت غ) أنّ رجلًا "اندفع إلى مسرح (المدرج) وهاجم سلمان رشدي ومحاوره"، موضحة أنه "طعن" الكاتب "في رقبته" و"بطنه".
وصرّح وكيل أعمال الكاتب، أندرو وايلي، مساء الجمعة لصحيفة نيويورك تايمز بأنّ "الأنباء ليست جيّدة".
وقال إنّ رشدي البالغ 75 عاما "سيفقد إحدى عينيه على الأرجح وقُطِعت أعصاب ذراعه وتعرّض كبده للطّعن والتلف"، مشيرا إلى أنّ الكاتب موصول بجهاز تنفس اصطناعي.
أما المحاور رالف هنري ريس (73 عاما) فأصيب "بجروح طفيفة في الوجه"، حسب المصدر نفسه، وخرج من المستشفى.
رشدي مولود في 19 حزيران/يونيو 1947 في بومباي قبل شهرين من استقلال الهند، ونشأ في عائلة مثقّفين مسلمين أثرياء وتقدّميّين. وأثار غضب العالم الإسلامي بروايته "آيات شيطانيّة" ما دفع آية الله الخميني إلى إصدار فتوى في 1989 تدعو إلى قتله.
واضطر الروائي مذّاك إلى التواري والعيش في السرّيّة وبحماية الشرطة.
إدانات دولية
وقد عانى عزلة شديدة تفاقمت مع انفصاله عن زوجته الروائية الأميركية ماريان ويغينز التي أهداها كتابه "آيات شيطانيّة".
وهو يعيش منذ سنوات بعيدًا من الأنظار في نيويورك حيث استأنف حياة شبه طبيعية تدريجا، مواصلا الدفاع في كتبه عن حرّية التهكّم وعدم احترام الأديان.
لكنّ "الفتوى" لم تُلغَ، وقد استهدفت هجمات الكثير من مترجمي كتابه، جُرح بعضهم وقتِل آخرون مثل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي أصيب بطعنات عدّة في 1991.
وأجرت مجلة "شتيرن" الألمانية مقابلة مع رشدي قبل أيام من تنفيذ الهجوم في نيويورك، ونشرت منها مقطعًا السبت، قال فيه الكاتب البريطاني "منذ بدأت أعيش في الولايات المتحدة، لم يعد لديّ مشاكل (...) عادت حياتي إلى طبيعتها".
وأكّد خلال المقابلة أنه "متفائل"، لكنه لفت أيضًا إلى أن "التهديدات بالقتل أصبحت يومية".
في الولايات المتحدة، شهدت مواقع البيع عبر الإنترنت، مثل أمازون، زيادة في الطلبات على شراء "آيات شيطانيّة".
وندد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت بـ"الهجوم الجبان" و"الإساءة لحرّية التعبير".
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة، في تغريدة "منذ 33 عامًا، يُجسّد سلمان رشدي الحرّية ومحاربة الظلامية (...) نضاله هو نضالنا، وهو نضال عالميّ. اليوم، نقف إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى".
بدوره، دان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الهجوم "المروّع".
وصدر تنديد مماثل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
في المقابل، اعتبر حزب "تحريك لبيك باكستان" أنّ رشدي "يستحقّ أن يُقتل".