إدراج روسيا بقائمة "دعم الإرهاب".. مسلسل أمريكي غامض
تكررت مطالبات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للولايات المتحدة الأمريكية بإدراج روسيا في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
يأتي ذلك بعد كل عملية أو حادثة تنتهي بمقتل مدنيين أو عزّل، آخرها ما حدث بعد قصف أسفر عن مقتل 40 سجينا أوكرانيا و8 من العاملين في السجن في منطقة تسيطر عليها روسيا.
وفي شهر أبريل الماضي أعلنت الولايات المتحدة أنها تبحث في أمر إدراج روسيا بقائمة "الدول الداعمة للإرهاب"، ويبدو أن هذا البحث يتجه إلى طريق مسدود بين تأييد الكونجرس الأمريكي ومعارضة الخارجية الأمريكية، ويبقى الأمر محل شد وجذب في أروقة القرار الأمريكي، مع تهديد روسي بقطع العلاقات الدبلوماسية كاملة بين البلدين إذا ما تم موضوع إدراجها في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وبعيدًا عن التجاذبات السياسية لأطراف الحرب وتسييس ما هو مُسيّس، نحاول تسليط الضوء على هذه القائمة، والنظر إليها من بُعد أمنيّ أقرب للحياد منه للسياسة، وكيف تُستخدم "قائمة الدول الراعية للإرهاب" كوسيلة ضغط سياسية تترتب عليها عقوبات اقتصادية وإجراءات قانونية، تلوّح بها الولايات المتحدة في وجه خصومها.
ولإدراج دولة ما إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب، من المنطقي أن نفترض وجود عنصرين، هما: وجود تنظيم إرهابي، و"رعاية" دولة وتبنّيها لهذا التنظيم..
من هنا تبدأ مشكلة تأسيسية، فعدم وجود تعريف واضح وشامل للإرهاب، فضلاً عن تعريف لمعنى "رعاية"، يترك الحبل على غارب السياسة وتقلباتها ومصالحها، دون أدنى اعتبار للسلم والأمن الدوليين، وهي المصلحة الأهم والمنطلق الأساس عند الحديث عن الإرهاب.
وتضع الخارجية الأمريكية ثلاثة شروط "قانونية" لتصنيف أي مجموعة مسلحة على قائمة الإرهاب، وهي أن تكون المجموعة خارج الولايات المتحدة، ويكون لها القدرة والنية على تنفيذ عمل إرهابي، وأخيرًا أن تهدد المجموعة المصالح الأمريكية.
وحتى بعد اكتمال أركان هذه الشروط على تنظيم ما، يرجع تصنيف التنظيمات الإرهابية لقرار الخارجية الأمريكية دون النظر لتوافر الشروط "القانونية" من عدمها، وهذا ما حدث مع جماعة "الحوثي" الإرهابية ومسلسل إدراجها ورفعها والبحث في إعادة إدراجها على قائمة الإرهاب الأمريكية، علمًا بأن "الحوثي" لم تغير سلوكها التخريبي واستهدافها المدنيين وانتهاكاتها حقوق الإنسان وممرات التجارة الدولية.
هذا فيما يتعلق بتصنيف الجماعات، أما في تصنيف الدول الراعية للإرهاب، فإن الأمر يزداد غرابة، فالمعايير تصبح فضفاضة ولا تعكس في كل الأحوال درجة دعم الدول للإرهاب بقدر ما تعكس حالة "العداء" مع الولايات المتحدة، فكوبا مثلا تم إدراجها بالقائمة دون سبب مقنع يربطها بتنظيم إرهابي معين.
إقحام "الإرهاب" في مثل هذه التجاذبات السياسية يُفقد الشيء معناه، يجعله غائبًا بين العديد من المرادفات لأنشطة غير مرتبطة به، ويخلق مشكلات أكثر مما يحلها، ويُشتت جهود تحليل ومعرفة مسببات هذه الظاهرة وكيفية مكافحتها وسبل التعاون الدولي لمواجهتها.