نهيان بن مبارك آل نهيان.. ودرس للحياة
يعرف علم النفس هوس الشهرة بأنه "اضطراب ثنائي القطب يجمع بين بعض أعراض الاكتئاب ومرض الهوس"، وهو حالة مرضية قطعا لاشك فيها، تستدعي الاستطباب والعلاج منها كي لا تتفاقم وتؤدي في من يعاني منها إلى الوصول لمراحل قد تشكل خطرا على حياته أو حياة من حوله.
ومن هنا ومن هذه الزاوية تحديدا أتناول ما تداولته منصات التواصل الاجتماعي لمقطع مصور يظهر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش في دولة الإمارات العربية المتحدة، أثناء رعايته حفل تخريج في جامعة العين وتسليمه شهادات التخرج للطلبة الخريجين، وبالطبع للمقطع الذي ركزت عليه مؤسسات إعلامية معلومة التوجه، وأفراد من العموم، أخذوا دور "المتابع الناقد"، دون إلمام حقيقي أو معرفة كاملة بما حصل، ممن لا أرى فيهم سوى كونهم مرضى بـ"هوس الشهرة".
المقطع المتداول، والذي كان جزءا لثوان معدودة من حفل تخريج امتد لما يزيد على ساعتين ونصف، ضم تسليم شهادات التخرج لدفعة كبيرة من الخريجين بدرجات الامتياز، جلسوا جميعهم منضبطين وملتزمين بجميع ما تربوا عليه بداية في بيوتهم، وماتشكل لديهم من خبرات أخلاقية وسلوكية خلال دراستهم الجامعية وصلوا بها إلى هذه اللحظة، وهم بلا شك لايخفون فرحتهم التي بدت على وجوههم وارتسمت من خلال ابتسامات واضحة أمام معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وجميع الحاضرين، دونما خوف أو قلق أو إخفاء لمشاعر هي حق مكتسب لاجدال فيه.
أما الحادثة التي حاول بعض المرضى - حسب تعريف علم النفس لهم - ، التركيز عليها وإبرازها والحديث عنها وتداولها بطريقة تعكس خفايا أنفسهم وبواطن تفكيرهم، ماهي إلا درس عملي في الحياة، قدمه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بنفسه لهذه الطالبة ولغيرها، بطريقة لايفهمها إلا الإنسان العربي الأصيل الواعي، والذي يعرف جيدا أن لكل مقام مقال، وأن مابدر من هذه الطالبة من تصرف لايليق على الإطلاق لا بالمكان ولا بالحاضرين ولا بالموقف.
ولمن أخذ الجزء المقتطع من هذا الحفل، وعمل على أن يروج لما في فكره المريض من أوهام وتفسيرات ويلبس الموقف ثوبا ليس ثوبه، أو من وصله هذا المقطع وتداوله دون علم منه، أو دون معرفة في تفاصيله، ولعموم من يحب المعرفة والإلمام في الأمور بعيدا عن منصات التواصل الاجتماعي والتي ليست المكان الصحيح على الإطلاق لتلقي المعلومات أو البحث عنها، فأطلب منه العودة لما قبل هذا الجزء وما بعده، ليرى بنفسه كل الحدث، ويقيسه على الحاضرين، ويقارن بين التصرف اللائق لجميع الحضور، ورد فعل الشيخ نهيان بن مبارك عليه، والتصرف غير اللائق حسب فطرة الإنسان وتربيته وأخلاقه، وسيرى الجميع كيف أن المشكلة الحقيقية هي تصرف الطالبة غير اللائق وليس في أي شيء آخر.
وأخيرا.. علينا أن نعلم جيدا أن التربية تأتي قبل التعليم، وهي الأساس المتين الذي تقوم عليه الأمم وتبنى منه الحضارات، وهي الحصن المنيع الذي يحيط بنا، وعلينا جميعا أن نقف بقوة أمام ماقد يشوه هذا الأساس أو يسيء إليه، وبالطبع يجب أن تكون هذه الرسالة قد وصلت لتلك الطالبة أولا ولأقرانها جميعا، وأن يشكل الموقف لها ولغيرها من أبنائنا الخريجين مفتاحا في تحسين تقديرهم للأمور وللمواقف مستقبلا، فالحياة تمضي ولن تنتظر المتأخرين أو الغافلين.