كيف نتصدى للأخبار المضللة؟
لا يكاد يمر يوم حتى نرى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي تملأ صفحات ومواقع وكالات الأنباء العالمية.
ويتنوع التناول الإعلامي بين الحديث عن ثقل هذه الدول سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا، وبين التقاط أبسط الأمور لتضخيمها بشكل مضلل.
فهناك تغطيات واسعة لعالم السياسة والاقتصاد والرياضة، حتى في أبسط الشؤون والأحداث، كتعثر طالب على درج مدرسته الإعدادية مثلا.. كل خبر هو بمثابة سبق لتلك الوكالات المتنافسة، وإنْ لم تتحرَّ فيه الدقة والموضوعية.
فكم مرت بنا أخبار تساءلنا بعدها: "كيف يمكن لصحفي أن يكتب مثل هذه المعلومات المفبركة؟ والتي كان يمكن أن يتحرّى دقتها بضغطة زر على محركات البحث، حتى يتبين لنا حقيقة "تعمد" نشر تلك الأخبار الزائفة عن منطقتنا بغرض الإساءة وتضليل الرأي العام.
ولعل ذلك المَسلك الإعلامي المُضلّل يزعج محبي هذه الدول ومواطنيها، الذين يرون أن التركيز المبالغ فيه على بلادهم ما هو إلا تقصُّد وحسد وغيرة تبنَّتها مؤسسات تدعي الموضوعية، وذلك بلا شك صحيح، إلا أنه في المقابل كلما زادت أهمية الدول وثقلها زاد ضخ أخبارها والاهتمام بها، سواء كانت أخبارا سلبية أو إيجابية، صحيحة أم كاذبة.. حتى باتت أخبار منطقتنا تتصدّر العناوين العريضة لقنوات تبعد آلاف الأميال عن الخليج العربي.
ولا يختلف اثنان على خطورة مشكلة الأخبار الكاذبة في العموم، لكن هل هنالك حل لهذه المشكلة؟
أعتقد أن ذلك ممكن ويحدث بالفعل عبر وسائل إعلام تتصدّى لهذه السرديات السلبية بمبادرتها بسرد القصة الحقيقية وتبيين الوقائع بشفافية ووضوح، وما على المتلقي إلا العمل على توعية ذاته وانتقاء ما يتابع من وسائل إعلام لها رصيد موضوعي ومصداقية، حتى لا يجد المتربِّص أي وسيلة للادعاء وتضليل متابعيه.
كذلك فإن التنوع الجاري في وسائل إعلامنا المحلية، والتي صارت تقدم خدماتها بلُغات مختلفة، يساعد في الوصول إلى الحقيقة وتصديرها أمام زائف الأخبار، ويدعم هذا بالفعل استحواذ الإعلام الخليجي على كوادر مهنية على مستوى كبير من الكفاءة، تخضع لبرامج تدريب وتطوير مستمرة.. لمجابهة النقص المهني والأخلاقي على الجانب الآخر من الزيف الإعلامي.
الوعي هنا له جانبان، مُرسِل ومستقبِل، فإذا كانت وسائل إعلامنا المختلفة تعمل ما عليها في تبيان الحقيقة وتوضيح ثقل منطقتنا في عالم اليوم، فإن على المتابعين والجمهور أن يعرفوا كيف يختارون من بين هذه الوسائل المعروضة عليهم في الفضاء الإلكتروني ما ينفع بلدانهم وأوطانهم.. والأخبار والوسائل المريبة كافية لتفضح نفسها بنفسها بقليل من التفكير المنطقي البسيط.. لذا فإن إعمال عقل التلقي هنا ضرورة وواجب.
نعم.. كُثرٌ هم المتربصون بهذه المنطقة الواعدة التي دخلت في قيادة العالم سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا، وذلك لأسباب عدة، إذ فشلت مخططات الآخرين في إحداث أي فوضى بمنطقتنا الخليجية، إذ تحملت بلدانها مسؤولية دعم الاستقرار والأمن والازدهار، فأبطلت كل ما تم تدبيره وما خُطّط لاستهداف الخليج العربي، بل وحققت هذه الدول مستويات نمو ورخاء فاقت كل توقع، لأن قيادات المنطقة اتبعت سبيل العلم والأخذ بالأسباب، فضلا عما أوتيت من حكمة القيادة والتماسك والتضامن وولاء الشعوب.
أمام تجربة خليجية غير مسبوقة، هناك محاولات للنيل إعلاميا من دول الخليج العربي، عبر أخبار كاذبة تنهال على الفضاء الواسع، ما يستدعي استشعار الدور الخطير للإعلام، فيما هذه التضليلات لا تؤثر في واقع دول الخليج العربي، فكلما زاد الصخب الفارغ زادت النجاحات نموا وازدهارا.