الإضرار بالمرأة لإجبارها على طلب الطلاق يسمى في القرآن الكريم
الإضرار بالمرأة لإجبارها على طلب الطلاق يسمى في القرآن الكريم، مازلنا مع قانون الأحوال الشخصية ومذكراته التفسيرية، نتطرق إلى العديد من المسائل والقضايا التي تهم الزوجين ومنها الخلع وأحكامه والتفريق بينهما بحكم القاضي والتطليق للضرر وعدة المرأة والحضانة ومن يحق له حضانة الأطفال والعوامل التي تؤدي إلى سقوطها.
والقارئ لمواد القانون يجد أن المشرع راعى من خلالها الجوانب الإنسانية والاجتماعية وأعطى للقاضي فرصة تقدير المصالح التي تعود على المرأة أو الرجل أو الأبناء ومن دون الإخلال بحقوق أي منهم.
تعرف المادة (110) من قانون الأحوال الشخصية »الخلع« بأنه عقد بين الزوجين يتراضيان فيه على إنهاء عقد الزواج بعوض تبذله الزوجة أو غيرها ويصح في مسمى بدل الخلع ما تصح تسميته في المهر، ولا يصح التراضي على إسقاط نفقة الأولاد أو حضانتهم،
وإذا لم يصح البدل في الخلع وقع الخلع واستحق الزوج المهر المسمى واستثناءً من أحكام البند (1) من هذه المادة، إذا كان الرفض من جانب الزوج تعنتاً، وخيف ألا يقيما حدود الله، حكم القاضي بالمخالفة مقابل بدلٍ مناسب. وترى المذكرة الإيضاحية أنه إذا تنافر الزوجان واختلفا،
وظن كل واحد منهما بنفسه، أنه لا يؤدي لصاحبه ما تقتضيه العشرة بالمعروف، من حقوق الزوجية والتزاماتها مادية وأدبية، فقد شرع الإسلام للزوجة أن تفتدي نفسها من عصمة زوجها بعوض تبذله له، ويخلعها به، وهذه الفرقة التي تقع بين الزوجين بإرادتهما معاً، تسمى حينئذ مخالعة.
ومصدر هذا الحكم التشريعي، ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به).
فالقرآن الكريم سمى الخلع افتداء، وأباح للمرأة أن تقدم مالاً، تفتدي به نفسها، لفصم عرى الزوجية، وحل نكاحها من الزوج، وأباح للرجل قبوله، في نظير تركها ومفارقتها عندما يخافان، ألا يؤديا حق الزوجية، وألا تكون بينهما العشرة الحسنة بالمعروف، والمودة والتآلف والرحمة.
والمخالعة عقد بين الزوجين، فهو تصرف مركب، ينعقد بإيجاب من أحد الطرفين، وقبول من الآخر، ولا حرج عليهما فيما أعطت، ولا حرج عليه أن يأخذ، ولكل منهما الرجوع عن الإيجاب قبل قبول الطرف الآخر كما هو مذهب الحنابلة، من أن لكل من الطرفين الرجوع عن الإيجاب قبل القبول. وهذا الرأي، الذي سار عليه القانون، هو مذهب الأئمة الأربعة من مذاهب الفقه الإسلامي، المالكية، والحنابلة، والشافعية، والحنفية.
ولم يشأ القانون أن يساير بعض المدونات في الأحوال الشخصية العربية، كالقانون المصري والأردني، في اعتبار الخلع تصرف انفرادي من جانب الزوجة يتعين على القاضي إجابتها إليه، استناداً إلى رأي بعض الفقهاء كالإمام ابن تيميه، وتلميذه ابن القيم. هذا، ولما كان الخلع يقوم على أساس تعاقدي، فقد وجب فيه العوض، ويصح فيه ما جاز أن يكون مهراً، وليس له نهاية صغرى، ولا حد لأعلاه.
فتلتزم الزوجة به بالغاً ما بلغ، لأنها التزمته برضاها في مقابل إسقاط حق الزوج، وإنهاء عقد النكاح، يؤيد ذلك قوله تعالى: (ولا جناح عليهما فيما افتدت به)، وهذا الحكم الذي سار عليه القانون، هو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والظاهرية، ولا سيما أن العرف في الدولة، جرى على أن الزوج يتكلف مصروفات كثيرة في الزواج، غير المهر، مثل نفقات الحفل، وإعداد منزلة الزوجية.
وقد رُئي أنه من العدل والتيسير، أن يكون التفريق بإرادة الزوجين، فسخاً محضاً، لا طلاقاً، وذلك طبقاً لمذهب الشافعية في القديم وأحمد، فلا ينقض به عدد الطلقات، ولا يترتب عليه من الآثار المالية إلا ما يترتب على الفسخ. فإذا رفض الزوج الخلع بالرغم من بذل الزوجة للبدل تعنتاً ومضارة للزوجة، وخيف ألا يقيم كل من الزوجين حدود الله فيما إذا استمرت علاقتهما بالرغم من عدم الرغبة من الزوجين للاستمرار وتنافر طبيعتهما ونفسيتهما،
فإن الأمر إلى القاضي في تقرير الخلع بينهما بحكم يصدره ويحدد فيه البدل المناسب، لحديث امرأة ثابت بن قيس السابق حيث ورد في إحدى رواياته قوله صلى الله عليه وسلم: »خذ الحديقة وطلقها تطليقة« تخريجاً على رأي ابن تيمية وابن القيم.
التفريق بحكم القاضي
تؤكد المادة (112) انه إذا وجد أحد الزوجين في الآخر علة مستحكمة من العلل المنفرة أو المضرة، كالجنون والبرص والجذام، أو التي تمنع حصول المتعة الجنسية كالعنَّة والقرن ونحوهما، جاز له أن يطلب فسخ الزواج، سواء أكانت تلك العلة موجودة قبل العقد أم حدثت بعده ويسقط حقه في الفسخ إذا علم بالعلة قبل العقد
أو رضي بها بعده صراحة أو دلالة على أن حق الزوجة في طلب الفسخ للعلة المانعة من المتعة الجنسية لا يسقط بحال، وتنظر المحكمة دعوى فسخ الزواج للعلل الجنسية في جلسة سرية. وتقول المادة (113) انه إذا كانت العلل المذكورة في المادة (112) من هذا القانون غير قابلة للزوال تفسخ المحكمة الزواج في الحال من دون إمهال.
إن الحياة الزوجية قوامها المحبة والمودة، ومن مقاصدها التناسل والإنجاب، لإيجاد مجتمع قوي يساهم في بناء المجتمع السليم، ويمده بعوامل البقاء والاستقرار، كما أن من مقاصدها إشباع الغريزة الجنسية للزوجين في الحلال، حتى لا ينصرف أفراد المجتمع نحو الفساد، والفاحشة.
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة). وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تناكحوا تناسلوا، تكثروا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة). ولذا، أعطى القانون في المادة (112) لكل من الزوجين، أن يطلب فسخ الزواج للعلل، سواء أكانت تلك العلل موجودة قبل العقد، أو حدثت بعده.
والأصل في المادة (112) في الفقرة الثانية، أن المحكمة تؤجل الدعوى مدة مناسبة في العيوب القابلة للشفاء تقدرها المحكمة لكن لا تجاوز سنة، وقد ترك المشرع للمحكمة تقدير المدة أخذاً برأي عمر بن الخطاب، فإن انقضت المدة، ولم تزل العلة خلالها، وأصر طالب الفسخ، قضت المحكمة بالفسخ.
حق طلب التفريق
وبينت المادة (114) حق التفريق للزوجين فذكرت أن لكل من الزوجين حق طلب التفريق في الحالات الآتية:
إذا حصل تغريرٌ من الزوج الآخر أو بعلمه أدىّ إلى إبرام عقد الزواج، ويُعتبر السكوت عمداً عن واقعةٍ تغريراً، إذا ثبت أن من غرر به ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة. وإذا ثبت بتقرير طبي عقم الآخر، بعد زواج دام خمس سنوات، وبعد العلاج الطبي، وبشرط عدم وجود أولاد لطالب الفسخ، وأن لا يجاوز عمره أربعين سنة. وإذا حكم على الآخر بجريمة الزنا وما في حكمها.
أو إذا ثبت إصابة الآخر بمرض معد يخشى منه الهلاك كالإيدز، وما في حكمه، فإن خشي انتقاله للزوج الآخر، أو نسلهما، وجب على القاضي التفريق بينهما. وقد أعطت المادة (114) في الفقرة الأولى، كلاً من الزوجين حق التفريق إذا ارتكب الزوج الآخر تغريراً أدى إلى إبرام عقد الزواج أو كان هذا التغرير بعلمه.
والتغرير هو أن يخدع أحد الخاطبين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها.وقد استمد القانون حكم هذه المادة مما رواه ابن يسر من أن عمر بن الخطاب بعث رجلاً على بعض السعاية، فتزوج امرأة وكان عقيماً، فقال له عمر رضي الله عنه: أعلمتها أنك عقيم؟ قال: لا، قال: انطلق فأعلمها ثم خيرها. لكن القانون لم يعط هذا الحق مطلقاً من غير قيد، فقد قيده بعدة قيود:
عدم وجود أولاد لطالب الفسخ. التحقق من عقم المدعى عليه بتقرير طبي. مضي خمس سنوات على الزواج. إجراء العلاج والتجارب الطبية من العقيم. عدم مجاوزة طالب الفسخ لسن أربعين سنة. أما الفقرة الثالثة، فإنها أعطت للزوجين حق فسخ عقد الزواج إذا ارتكب أحدهما جريمة الزنا، وما في حكمها من الاغتصاب وهتك العرض بالإكراه، وثبت عليه بحكم قضائي بات. ولم ير القانون التوسع في مناط التفريق في إعطاء كل من الزوجين حق التفريق لفسق أحدهما، وإنما قيدته بارتكاب أحدهما لجريمة الزنا، وما في حكمها.
التفريق للضرر والشقاق
نصّت المادة (117) على أن لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف بينهما ولا يسقط حق أي منهما في ذلك، ما لم يثبت تصالحهما. وتتولى لجنة التوجيه الأسري وفقاً للمادة (16) من هذا القانون الإصلاح بين الزوجين، فإن عجزت عنه عرض القاضي الصلح عليهما، فإن تعذر وثبت الضرر حكم بالتطليق.
والمذكرة الإيضاحية في هذا الشأن توضح ذلك بأن التطليق للضرر والشقاق بين الزوجين، قال به الإمام مالك، وهو أصح القولين عند الحنابلة، والمعمول به في قوانين الأحوال الشخصية في كثير من البلاد العربية. ذلك أن الحياة الزوجية، تصبح بالشقاق والنزاع المستحكم، جحيماً وبلاءً، والشقاق بين الزوجين مجلبة لأضرار كبيرة، لا يقتصر أثرها على الزوجين فقط،
بل يتعداهما، إلى ما خلق الله بينهما، من ذرية، وإلى كثيرين ممن له بهما علاقة قرابة، أو مصاهرة، والضرر يزال، يقول تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرا).
ولقد فهم بعض الصحابة ـــ منهم علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس ـــ رضي الله عنهم من هذه الآية الكريمة، أن حق الحكمين مطلق في الإصلاح، إذ إن الله سبحانه وتعالى سماهما حكمين، والمحكم والحاكم معناهما متقارب، فيكون لهما سلطة الحكم، ويؤيد ذلك قوله تبارك وتعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فإذا فات الإمساك بالمعروف تعين التسريح بإحسان.
وبهذا أخذ القانون، فقررت الفقرة الأولى من المادة (117) أنه يحق لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر، الذي يتعذر معه دوام العشرة بينهما، ولئن كان الزوج يملك إيقاع الطلاق – حين الضرر ـــ بإرادته المنفردة، فإنه لا يصح أن يمنع عنه حق طلب التطليق للضرر والشقاق كي لا تتخذ الزوجة المشاكسة من إساءتها وسيلة إلى إجباره على طلاقها من دون مقابل،
فتحمله خسارة كبيرة، من نفقة العدة، وباقي المهر، والمتعة، فضلاً عن خسارة الزوجة نفسها. وفي فتح باب طلب التطليق للضرر أمام الزوج، إمكان إعفائه من تلك التبعات المادية، المشار إليها آنفاً كلها أو بعضها، إذا ثبت أن الإساءة منها، مما يحول بين الزوجة وبين تعمد الإساءة إلى زوجها، وصولاً للطلاق، ولكن يتعين على القاضي، حينما يتقدم إليه أحد الزوجين، طالباً التطليق للضرر، أن يتحقق ابتداءً من أن الضرر الذي يحتج به طالب التطليق، من النوع الذي يتعذر معه دوام العشرة الزوجية.
الضرر وأنواعه
من المقرر أن لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر، متى وقع على الزوج الآخر من زوجه أي نوع من أنواعه بالقول أو الفعل، ولو لم يتكرر إيقاع الإيذاء، بشرط أن يكون الضرر فاحشاً، وسواء أكان هذا الضرر مادياً أم معنوياً، وسواء طال أحد الزوجين، أو والديهما، أو أسرتهما، ما دام يتعذر معه العشرة، ولا يشترط في الضرر الفاحش أن يتكرر في المشهور من المذهب المالكي.
وإذا كان الضرر غير فاحش أي كان بسيطاً، فإن المذهب قد استقر على أن يكون هذا الضرر متكرراً مستمراً، حتى يحق طلب التفريق للضرر ما دام أنه يتعذر معه العشرة. فالضرر يشمل الضرر المادي الجسماني، أو المعنوي، كالشتم والسب، والرمي بالأعراض، كما يشمل الهجر بلا مسوغ شرعي.
ومعيار الضرر الذي يصيب أحد الزوجين، ويتعذر معه دوام العشرة بينهما، والذي لا يكون بين أمثالهما عادة، هو معيار شخصي، يختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما، والوسط الاجتماعي الذي يحيط بهما. ولا فرق بين المدخول بها، وغير المدخول بها في طلب التطليق للضرر في المذهب المالكي، إذ مناط التطليق هو الضرر. وقد نصت المادة (117) في فقرتها الأولى على عدم سقوط حق الزوجين في طلب التفريق للضرر إلا بالتصالح.
أما الفقرة الثانية من المادة 117 من القانون، فإنها بينت أن لجنة الإصلاح الأسري تتولى الإصلاح بين الزوجين وفقاً لنص المادة 16 من القانون نفسه، وأنها إن عجزت عن الإصلاح، عرض القاضي الصلح مرة أخرى، وبعد أن يعجز ويثبت الضرر، يحكم القاضي بالتفريق بين الزوجين. وتقول المادة (118) انه إذا لم يثبت الضرر، واستمر الشقاق بين الزوجين،
وتعذر على لجنة التوجيه الأسري والقاضي الإصلاح بينهما، عين القاضي بحكم حكمين من أهليهما إن أمكن بعد أن يكلف كلا من الزوجين تسمية حكم من أهله قدر الإمكان في الجلسة التالية على الأكثر، وإلا فيمن يتوسم فيه الخبرة والقدرة على الإصلاح إذا تقاعس أحد الزوجين عن تسمية حكمه، أو تخلف عن حضور هذه الجلسة، ويكون هذا الحكم غير قابل للطعن فيه.
ويجب أن يشمل حكم تعيين حكمين على تاريخ بدء المهمة وانتهائها، على ألا تجاوز مدة تسعين يوماً، ويجوز مدها بقرار من المحكمة، وتعلن المحكمة الحكمين والخصوم بحكم تعيين الحكمين وعليها تحليف كل من الحكمين اليمين بأن يقوم بمهمته بعدل وأمانة.
وأما المادة (119) فتنص: على الحكمين تقصي أسباب الشقاق وبذل الجهد للإصلاح بين الزوجين، ولا يؤثر في سير عمل الحكمين، امتناع أحد الزوجين عن حضور جلسة التحكيم متى تم إعلانه بالجلسة المحددة، أو الجلسات اللاحقة، إن حصل انقطاع بينهما.
يحكم القاضي بمقتضى حكم الحكمين إن اتفقا، فإن اختلفا عين القاضي غيرهما، أو ضم إليهما حكماً ثالثاً يرجح أحد الرأيين وتحلف المحكمة الحكم الجديد أو المرجح اليمين بأن يقوم بمهمته بعدل وأمانة. على القاضي تعديل حكم الحكمين فيما خالف أحكام هذا القانون.
أما المادة (122) فنصت على انه في دعوى التطليق للإضرار يثبت الضرر بطرق الإثبات الشرعية، وبالأحكام القضائية الصادرة على أحد الزوجين. وتقبل الشهادة بالتسامع إذا فسر الشاهد أو فهم من كلامه اشتهار الضرر في محيط حياة الزوجين حسبما تقرره المحكمة. ولا تقبل الشهادة بالتسامع على نفي الضرر. وتقبل شهادة الشاهد ذكراً كان أو أنثى عدا الأصل للفرع أو الفرع للأصل متى توافرت في الشاهد شروط الشهادة شرعاً.
العدة
أوضحت المادة (136) أن العدة مدة تربص تقضيها الزوجة وجوباً من دون زواج إثر الفرقة. وفصلت المادة (137) بدايتها ونهايتها من خلال عدة نقاط وهي:تبتدئ العدة منذ وقوع الفرقة. تبتدئ العدة في حالة الوطء بشبهة من آخر وطء. تبتدئ العدة في الزواج من تاريخ المتاركة أو تفريق القاضي أو موت الرجل. تبتدئ العدة في حالة القضاء بالتطليق، أو التفريق، أو الفسخ، أو بطلان العقد، أو الحكم بموت المفقود من حين صيرورة الحكم باتاً.
وقد اختصرت المادة (136)، التعريف الشرعي الاصطلاحي، مشيرة إلى أن ركنها، هو تلك الحرمة التي تثبت أثر الفرقة حتى تنقضي مدة العدة، فالحرمة تشمل الزواج من الغير، وأن تخطب للغير – إلا تلميحاً في عدة الوفاة – وتشمل أيضاً خروج معتدة الطلاق الرجعي من مسكن الزوجية الذي طلقت وهي فيه، كما أشارت المادة المذكورة، إلى أن العدة من النظام العام في الإسلام، فلا يملك أحد إسقاطها، وقد شرعت العدة في الإسلام لحكم كثيرة منها:
ـــ تهيئة الفرصة لإعادة بناء الزوجية، وصيانة الأنساب، إذ تتربص المرأة حتى تضع حملها ـــ إن كان ثمة حمل ـــ مقطوعاً بنسبه من أبيه، أو يحصل الاطمئنان إلى براءة رحمها من وجود حمل. والحفاظ على قداسة الرابطة الزوجية، والوفاء لنعمة الزوج بعد وفاته أو بعد الانفصال عنه بطلاق أو تطليق.
والفرقة التي ورد ذكرها في هذه المادة، تشمل الطلاق، والمخالعة، والتطليق بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة، كما تشمل الفسخ بعد الدخول، والمتاركة بعد الوطء بشبهة، وتشمل أيضاً الوفاة بعد العقد الصحيح، ولو قبل الدخول.
والوفاة تكون حقيقة، وتكون حكمية بأن صدر حكم قضائي بموت المفقود، فتعتد زوجته اعتباراً من تاريخ الحكم بوفاته، كأنه مات في ذلك الوقت، معاينة وحقيقة. وقد أشارت المادة (137) أن عدة المرأة في الزواج الفاسد تبتدئ من تاريخ المتاركة أو حكم القاضي بالتفريق بين الزوجين، أو موت الرجل.
وقد استحدث القانون في الفقرة الثانية من المادة (137) حكماً جديداً، وهو أنه في حالة القضاء بالتطليق أو بالتفريق أو بالفسخ أو بموت المفقود، تبدأ العدة من حين صيرورة الحكم القضائي باتاً، وبذلك يزيل القانون حرجاً شديداً، كانت تقع فيه المطلقات اللائي يتزوجن بعد صدور حكم الاستئناف بتطليقهن أو فرقتهن، ثم تأتي بعد ذلك محكمة النقض، وتنقض هذا الحكم وفي المادة (139) انه لا عدة على المطلقة قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة.
الحضانة
وتتعرض المادة (142) للحضانة فتنص على أن الحضانة حفظ الولد وتربيته ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس. وأحكام الحضانة، مظهر من مظاهر عناية التشريع الإسلامي بالطفولة، بحيث يكفل للطفل، التربية الجسمية والصحية والخلقية على الوجه الأكمل السليم.
فالإنسان في طفولته، في حاجة ماسة إلى من يعتني به، ويقوم بأمره حفظاً وتربية، وبكل ما يلزمه في حياته ومعاشه ورعاية مصالحه، والأبوان هما أقرب الناس إليه، وأكثرهم شفقة عليه، وأحسنهم رعاية لمصالحه، وهما مسؤولان عنه أمام الخالق جل وعلا،
ثم أمام المجتمع الذي يعتبر الإنسان أجل وأهم شيء فيه (فالرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) وهما المدرسة الأولى التي تدرج فيها الطفولة وتنشأ وتترعرع و(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).
ولقد جعل الشارع الحكيم، أمر الحضانة في مرحلة الطفولة الأولى، من شؤون النساء، لأن الطفل في ذلك الدور من حياته يحتاج إلى رعايتهن، وهن أرفق به، وأهدى إلى حسن رعايته، حتى إذا بلغ سناً يستغنى فيه عن الاستعانة بهن، جعل الإشراف عليه للرجال، إذ أنهم بعد اجتياز تلك المرحلة من الطفولة، أقدر على حمايته وصيانته وإقامة مصالحه من النساء.
فالأم في المرحلة الأولى من الطفولة، أشفق وأرفق بوليدها، وأصبر على تحمل المشاق في سبيل حضانته من غيرها. جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله، هذا ابني كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وأن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تتزوجي).
أما الولاية على نفس ذلك الطفل، والولاية على ماله، إن كان له مال، فقد جعلها الشارع الحكيم إلى الأب، إذ أنه بحكم رجولته، وخبرته وتجاربه في الحياة العملية، أصلح لهذه الولاية من الأم، مع كمال شفقته، كما أوجب عليه نفقته في الوقت ذاته، مراعياً في كل ذلك ما هو الأصلح والأنفع، لتحقيق مصالح الطفل في توزيع هذه الحقوق الواجبة له على أبويه.
واشترطت المادة (143) في الحاضن: العقل، البلوغ راشداً، الأمانة القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة ألا يسبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض. وقد نصت الفقرة (ج) من المادة (144)، على وجوب اتحاد الدين بين الحاضنة والمحضون.
وقد أخذ القانون برأي الحنابلة والشافعية في وجوب اتحاد الدين بين الحاضنة والمحضون في غير الأم، أما بالنسبة للأم، فقد أخذ القانون برأي الحنفية والمالكية كما هو مبين في المادة (145).
وفي المادة (145) إذا كانت الحاضنة أماً وهي على غير دين المحضون سقطت حضانتها إلا إذا قدر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون على ألا تزيد مدة حضانتها له على إتمامه خمس سنوات ذكراً كان أو أنثى. وفي المادة (147) انه إذا لم يوجد الأبوان، ولم يقبل الحضانة مستحق لها، يختار القاضي من يراه صالحاً من أقارب المحضون أو غيرهم أو إحدى المؤسسات المؤهلة لهذا الغرض.
وتبين المادة (149) انه لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة إلا بموافقة ولي النفس خطياً، وإذا امتنع الولي عن ذلك يرفع الأمر إلى القاضي. وأما المادة (151) فتذكر انه إذا كانت الحاضنة غير الأم فليس لها أن تسافر بالولد إلا بإذن خطي من وليه. وليس للولي أباً كان أو غيره أن يسافر بالولد في مدة الحضانة إلا بإذن خطي ممن تحضنه.
لا يجوز إسقاط حضانة الأم المبانة لمجرد انتقال الأب إلى غير البلد المقيمة فيه الحاضنة إلا إذا كانت النقلة بقصد الاستقرار ولم تكن مضارة للأم وكانت المسافة بين البلدين تحول دون رؤية المحضون والعودة في اليوم نفسه بوسائل النقل العادية.
سقوط الحضانة تنص المادة (152) على انه يسقط حق الحاضن في الحضانة في الحالات الآتية: إذا اختل أحد الشروط المذكورة في المادتين (143) و(144). إذا استوطن الحاضن بلداً يعسر معه على ولي المحضون القيام بواجباته. إذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة ستة أشهر من غير عذر. إذا سكنت الحاضنة الجديدة مع من سقطت حضانتها لسبب غير العجز البدني.
وفي المذكرة الإيضاحية تقول: لقد سبق القول، أن الحضانة حق مقرر لمصلحة الصغير أولاً وبالذات وأنها للحفظ والرعاية وهي واجب على الأبوين، لا يسقط بالإسقاط وإنما يمتنع بموانع، ويعود إذا زالت تلك الموانع ولقد سبق أن ذكرت المادة 143 من هذا القانون الشروط التي يجب توفرها في الحاضن ذكراً كان أو أنثى، كما ذكرت المادة 144 ما يجب توفره في كل من الحاضن الأنثى والحاضن من الذكور زيادة على الشروط العامة.
ومعلوم أنه إذا تخلف الشرط انتفى المشروط، فإذا اختل واحد من تلك الشروط المشار إليها في المادتين المذكورتين، كما لو جن الحاضن مثلاً، أو ثبت عدم الأمانة، أو انتفت القدرة على تربية المحضون، وصيانته ورعايته، أو تزوجت الحاضن بغير محرم من المحضون، ودخل بها الزوج، ما لم تقدر المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، أو لم يعد لدى الحاضن الرجل من يصلح للحضانة من النساء.
ففي جميع هذه الأحوال يسلب حق الحضانة ممن كان له هذا الحق، وكذلك يسقط حق الحاضنة في الحضانة إذا استوطنت بلداً يعسر فيه على ولي المحضون القيام بواجباته نحوه، سواء أكان ذلك البلد داخل الدولة أو خارجها إذ إن الحضانة يجب أن لا تتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس.
وقد أوجبت المادة (148) على الأب وغيره من أولياء المحضون، النظر في شؤونه وتأديبه وتعليمه الأمر الذي يجب معه على الحاضنة أيضاً، أن لا تحول بين الولي وبين تمكنه من القيام بواجبه المشار إليه نحو المحضون.
وكذلك فإن من مسقطات الحضانة، أن تسكن الحاضنة الجديدة التي انتقل إليها حق الحضانة مع تلك الحاضنة التي سقط حقها في الحضانة لسبب غير العجز البدني، كفقدان الأمانة، أو كونها على غير دين أب المحضون، وخيف على المحضون، التأثر بدينها، أو لفسقها مثلاً أو زواجها من غير محرم من المحضون مع الدخول مع ملاحظة القيد المذكور أعلاه،
ففي جميع هذه الأحوال وأمثالها، يكون سكن الحاضنة الجديدة معها، سبباً من أسباب سقوط حق الجديدة أيضاً، إذ لا جدوى حينئذ في حماية المحضون من تلك الأسباب التي أدت إلى سقوط حق الحضانة، أما في حالة العجز البدني فقط فلا خوف على الصغير، طالما أن الحاضنة الجديدة ستقوم عملياً بتلك الرعاية البدنية، مع توفر الشروط الأخرى. وتقرر المادة (153) عودة الحضانة بأن تعود الحضانة لمن سقطت عنه متى زال سبب سقوطها.
ونصت المادة (154) انه إذا كان المحضون في حضانة أحد الأبوين فيحق للآخر زيارته واستزارته واستصحابه حسبما يقرر القاضي على أن يحدد المكان والزمان والمكلف بإحضار المحضون. إذا كان أحد أبوي المحضون متوفى أو غائباً يحق لأقارب المحضون المحارم زيارته حسبما يقرر القاضي.
إذا كان المحضون لدى غير أبويه يعين القاضي مستحق الزيارة من أقاربه المحارم. ينفذ الحكم جبراً إذا امتنع عن تنفيذه من عنده المحضون. يصدر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لائحة تحدد إجراءات رؤية المحضون وتسليمه وزيارته، على ألا تكون في مراكز الشرطة أو السجون.
وتنص المادة (155) على انه إذا تعدد أصحاب الحق في الحضانة وكانوا في درجة واحدة اختار القاضي الأصلح للولد. ارتأت المادة (156) ان انتهاء صلاحية حضانة النساء تكون ببلوغ الذكر إحدى عشرة سنة والأنثى ثلاث عشرة سنة، ما لم تر المحكمة مد هذه السن لمصلحة المحضون وذلك إلى أن يبلغ الذكر أو تتزوج الأنثى. وتستمر حضانة النساء إذا كان المحضون معتوهاً أو مريضاً مرضاً مقعداً، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك.
ولا يخفى أنه ليست من المصلحة اعتماد رأي الطفل، بحيث يغفل حسن تقدير القضاء للواقعات، وتلغى آراء الآباء، وحجج الحاضنات، ثم نحتكم إلى رأي الطفل بتخييره، ونلقي إليه بزمام الاختيار، وهو في هذه السن الغضة لا يتصور منه وزن صحيح لحاضره أو مستقبله، فتخييره في الإقامة حيث شاء ينتهي به إلى ما لا خير فيه لنفسه ولوالديه،
ولذلك أحسن الحنفية حين قالوا (إن الطفل لقصور عقله يختار من عنده الدعة، لتخليته بينه وبين اللعب، فلا يتحقق النظر له بالخيار)، ويقول ابن القيم (إن الصبي ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب، فإذا اختار من يساعده على ذلك لم يُلتفت إلى اختياره، وكان عند من هو أنفع له وأَخَيرَ). وليس من العدل أن نفترض أن الأب هو صاحب القسوة البالغة والبطش المتحكم، وأن الأم دائماً هي مثال الرحمة الكاملة والعناية الفائقة الشاملة.
وليس على المشرعين أن يلتمسوا أكثر المذاهب ملاءمة لهوى الأمهات، أو لهوى الآباء، بل الواجب النظر إلى أكثرها استجابة لمصلحة التربية الاجتماعية السديدة، وحسن تنشئة الطفل. لذلك رأى القانون أنه من السداد أن تكون السن للذكر ببلوغ إحدى عشرة سنة، والأنثى ثلاث عشرة سنة.
والأصل أن الولي هو المسؤول عن الولد، وعن الاحتفاظ بمتعلقاته من جواز سفر، وما في حكمها. والأب هو المسؤول عن حفظ الصغير وتأديبه ورعايته وحفظ أمواله وممتلكاته، والحاضنة هي التي تقوم بحفظ الولد في مبيته وإعداد طعامه ولباسه وسلامة بدنه.
وعليه فإن الولي هو المسؤول عن حفظ وثائق الصغير، وأمواله، ومنها جواز سفره، فيجب أن يكون في حوزته. إلا أنه من حق الحاضنة أن يكون لديها نسخة مصدقة من جواز سفر الصغير، لتلبية متطلباته العاجلة المدرسية والإدارية.
* من القانون
»الخلع في الاصطلاح الفقهي: كما عرفته المادة هو عقد بين الزوجين يتراضيان على إزالة ملك النكاح الصحيح، وإنهاء عقد الزواج بلفظ الخلع، وقد اشترط القانون أن تكون الفرقة بين الزوجين بإرادتهما معاً بلفظ الخلع فقط«.
»تنص المادة (135) على أن على القاضي أثناء النظر في دعوى التطليق، أن يقرر ما يراه ضرورياً من إجراءات وقتية لضمان نفقـة الزوجة والأولاد وما يتعلق بحضانتهم وزيارتهم بناءً على طلب أي منهما«.
»جعل الشارع الحكيم، أمر الحضانة في مرحلة الطفولة الأولى، من شؤون النساء، لأن الطفل في ذلك الدور من حياته يحتاج إلى رعايتهن، وهن أرفق به، وأهدى إلى حسن رعايته، حتى إذا بلغ سناً يستغنى فيه عن الاستعانة بهن، جعل الإشراف عليه للرجال، إذ أنهم بعد اجتياز تلك المرحلة من الطفولة، أقدر على حمايته وصيانته وإقامة مصالحه من النساء«.
أما المادة 156 فقد ارتأت أن انتهاء صلاحية حضانة النساء تكون ببلوغ الذكر إحدى عشرة سنة والأنثى ثلاث عشرة سنة، ما لم تر المحكمة مد هذه السن لمصلحة المحضون وذلك إلى أن يبلغ الذكر أو تتزوج الأنثى. وتستمر حضانة النساء إذا كان المحضون معتوهاً أو مريضاً مرضاً مقعداً، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك«.
-
السؤال: الإضرار بالمرأة لإجبارها على طلب الطلاق يسمى في القرآن الكريم
-
الاجابة: افتداء