الشاعر الذي قتله شعره
الشاعر الذي قتله شعره، لا يستطيع أحد معرفة كيف يفكر الشاعر أو ما يدور برأسه فقد يأخذه خياله لشيء لا يستوعبه عقل، ولكن كان يعتقد البعض أنه إذا وصل الحد بما يكتبه الشاعر من أذى لن يصل إلى حد القتل، وهو ما ثُبت عكسه بسبب الأحداث التي كانت تحدث بعد صدور أبيات وقصائد الشعر في القرون الفائتة.
الشاعر الذي قتله شعره
كان بعض المقربين من الشعراء آنذاك يحاولون توجيه النصائح لهم، بأن يبتعدوا عن معالجة وتناول بعض الأشياء في قصائدهم، خوفًا من احتمالات تأثير تلك القصائد على أصحابها، وردود أفعال الآخرين، وتكهنوا وقتها بأنه قد تقتل بعض الكلمات صاحبها، وهو ما حدث مع الشاعر الذي قتله بيت من شعره وهو "أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي بن أبي الطيب" وأطلق عليه أيضًا أبو الطيب المتنبي.
ولد المتنبي في مدينه الكوفة بالعراق ونجح في إلقاء الشعر وحفظه عن الشعراء السابقين له منذ أن كان في التاسعة من عمره ولقب بأنه معجزة عصره والشاعر الذي لن يتكرر، فقد ألف أكثر من 400 قصيدة تعكس شكل الحياة في القرن الرابع الهجري، عاش المتنبي في مدينة حلب السورية، تحت رعاية "سيف الدولة الحمداني"، ونجح المتنبي أن يحتل مكانة رفيعة بين جموع الشعراء في تلك الفترة.
وصف البعض المتنبي بأنه يتنفس الشعر فقد كان المتنبي يلقي أنواعًا كثيرة من الشعر، كالشعر الهجائي والرثاء والمدح وشعر الفخر والاعتزاز حيث إنه كان يتحرى دومًا تأليف قصائد من نوع «شعر الفخر»، الذي كان يغلب عليه في فترة من الفترات.
من هو أبو الطيب المتنبي؟
أبو الطيّب المُتنبّي واسمه أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي ولقبه شاعر العرب (303هـ - 354هـ) (915م - 965م)؛ أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكنًا من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب بعد الإسلام، فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول نفسه ومدح الملوك. ولقد قال الشعر صبيًا، فنظم أول أشعاره وعمره 9 سنوات، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكرًا.
وكان المتنبِّي صاحب كبرياء وشجاعة وطموح ومُحبًّا للمغامرات، وكان في شعره يعتزُّ بعروبته، ويفتخرُ بنفسه، وأفضلُ شعرهِ في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية مُحكمة. وكان شاعرًا مبدعًا عملاقًا غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئًا لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذا تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لونًا من الجمال والعذوبة. ترك تراثًا عظيمًا من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنوانًا لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه، لا سيما في قصائده الأخيرة التي بدا فيها وكأنه يودع الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني.
شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها. فقد كانت فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العرب والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب. ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرضت الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحركات الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة. لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ووسيلة صلة بينه وبين الحكام والمجتمع، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلًا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرًا معروفًا استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته.
في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيب، وعى بذكائه الفطري وطاقته المتفتحة حقيقة ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلًا شغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن في مستقبل الأيام أثمر عن عبقرية في الشعر العربي. كان في هذه الفترة يبحث عن شيء يلح عليه في ذهنه، أعلن عنه في شعره تلميحًا وتصريحًا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في دهوك فلم يستمع له وإنما أجابه: أبا عبد الإله معاذ أني. إلى أن انتهى به الأمر إلى السجن.
عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب.
ما هو البيت الذي قتل صاحبه؟
بعد أن قتل المتنبي أطلق عليه البعض الشاعر الذي قتله شعره من سبعة حروف، دون تحديد ما هو الشعر بين قصائد الـ 400 الذي كان سببًا في قتله، ولكن هناك أقاويل شائعة حول قتل المتنبي أنه كان يسير مع ابنه وخادمه برحلة خارج الكوفة، فالتقوا بقاطع طريق يدعى "ضبة بن يزيد الأسدي"، وحاول أن يناوشه فهجاه المتنبي بقصيدة شعر مطلعها:
«ما أنصف القوم ضبه وأمه الطرطبّه
وإنما قلت ما قلت رحمة لا محبه»
علم خال ضبة بما حدث فقد كان رجلاً مفتول العضلات قوي البنيان فأراد الانتقام لابن أخته فهاجم المتنبي وقتله هو وابنه وخادمه.
وقيل أيضًا، إن المتنبي أراد أن يهرب من ضبة خاصة أن الأبيات كان قد هجاه بها في وقت سابق، فقال له الخادم كيف تهرب وأنت القائل: «الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ».
فخشي المتنبي أن يقول الناس عنه هرب، فرجع إليه، فقتله ضبة.
-
السؤال: الشاعر الذي قتله شعره
-
الإجابة: أبو الطيب المتنبي