كيف ستكون 2023؟.. محاولة قراءة
كما تعودنا نهاية كل عام، تبدأ لعبة التوقعات والتنبؤات بأحداث العام التالي، والعام القادم 2023 ليس استثناءً على أي حال.
وتبقى مسألة الاستشراف معقدة وصعبة تستوجب تحليل الأحداث بدقة وموضوعية.
بدايةً لا بد أن نعرف أحداث الماضي للبناء على مؤشراتها ورسم الصورة التي قد تتشكل في العام المقبل.
ولعلّ أبرز الأحداث في عامنا المنصرم كانت الحرب الروسية الأوكرانية، التي كانت لها تداعيات سياسية واقتصادية ألقت بظلالها على العالم كلّه، فقبلها لم يكن العالم قد تمكن من تجاوز أزمة جائحة "كورونا"، خاصة فيما يتعلق بمسألة سلاسل الإمداد.. فجاءت الحرب لتكمل أزمة عالمية في الغذاء والطاقة، فيما قادت الحرب إلى مستويات غير مسبوقة من التضخم في اقتصادات العالم، وبالتالي كانت معدلات نمو الاقتصادات ضعيفة، وأداء الأسواق المالية محبطا.
سنة 2023 مرشحة لأن تكون مليئة بالتحديات والتعقيدات، نظرا إلى استمرار عناصر عدم الاستقرار في كثير من الملفات الساخنة حول العالم.
فالحرب الروسية الأوكرانية، التي أنهت يومها الـ300، اتجهت نحو التصعيد مجددا، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى واشنطن، والإعلان الأمريكي عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف تقدر بنحو ملياري دولار، ثم الرسائل الغاضبة التي وجهها الرئيس الروسي بوتين عقب هذه الزيارة.
هذه المواقف تشير إلى أنه لا تسوية تلوح في الأفق لهذه الأزمة خلال العام الجديد.
كذلك فإن التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والصين يبدو أنه سيتواصل بمختلف الأدوات الاقتصادية والسياسية.
فالاجتماع الأخير بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينج في نوفمبر الماضي كان وديًّا وبنّاءً، والأمل في أن تكون واشنطن وبكين قادرتين على التنافس استراتيجيا، بينما تتعاونان أيضا في مواجهة التحديات المشتركة، ولكن الأقرب إلى الواقع أن العلاقات بين واشنطن وبكين سوف تستمر في التأرجح بين المواجهة والردع من ناحية، والتواصل والدبلوماسية من ناحية أخرى.
في الشرق الأوسط، هناك ترقّب حذر وتوجّه ملحوظ نحو الواقعية السياسية في العلاقات بين دول المنطقة.
فما يشهده العالم من تغيرات جيوسياسية تفرض على دول المنطقة إعادة تقييم جماعي للملفات الشائكة، وذلك ما حدث بالفعل منذ مطلع العام الماضي، لذلك لا نستغرب أن تشهد 2023 انفراجة مهمة في العلاقات بين دول مؤثرة في المنطقة.
السنة المقبلة هي سنة تحدٍّ غير مسبوق لاقتصادات العالم.. فهاجس التضخم لا يزال يسيطر على المشهد الاقتصادي العالمي، والذي بدأت تأثيراته تظهر بقوة في تكلفة الحياة المعيشية للشعوب، وبالتالي سيسبب ذلك مخاوف لدى الحكومات من ارتفاع معدلات الفوضى والجريمة.
أيضا هناك أزمة الطاقة والأمن الغذائي واضطرابات سلاسل الإمداد، التي يبدو أنها قد تدخل عاما آخر نتيجة لاستمرار التوترات الجيوسياسية العالمية.
إذًا، هو عام قادم مليء بالتحديات والمصاعب، ولكننا بين رجاء وأمل.. رجاءٌ أنه مع التحديات تأتي فرص السلام والتنمية لمن يُحسن استغلالها، وأملٌ أن يكون هناك عمل دولي مشترك للتصدي لهذه المخاطر العالمية والتعاون على احتوائها بأقل تضحيات ممكنة.