أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الجمعة 20.24 C

سوريا وتركيا.. الفرص الناشئة

سوريا وتركيا.. الفرص الناشئة

سوريا وتركيا.. الفرص الناشئة

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

مؤشران هامان نتجا عن اللقاءات السورية التركية حتى الآن. الأول اتفاق وزيرَي دفاع البلدين على أسس واضحة لاستمرار عملية التفاوض بعد تبديد الهواجس الأمنية لدى بعضهما.

والمؤشر الثاني تجلّى في إعلان التفاهم على دفع المسار إلى الحيز الدبلوماسي ووضعه برسم لقاء وزيرَي خارجية تركيا وسوريا بعد عدة أيام وفقا لوزير الخارجية التركي.

الدور الروسي شكّل رافعة متينة لإطلاق عملية التفاوض، وأسهم في تخطّيها مفخخات انعدام الثقة، التي تكرست بين الجارين منذ أكثر من عقد من الزمن.

تبلور في هذه العملية التفاوضية مثلث مؤلف من تركيا وروسيا وسوريا. التقت المصالح العليا للدول الثلاث، فشكلت منطلقا لمعالجة الخلافات وتذليل العقبات، التي تعترض مسيرة التلاقي مجددا.

ثمة قوى محلية في سوريا، وفي تركيا، لا ترحب بما يجري ولا تقبل بمخرجاته.

داخل سوريا، هناك القوى الكردية المدعومة أمريكيا، وهناك المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، حيث ترى أن التصالح بين دمشق وأنقرة يعني -من حيث النتيجة- نهاية مشاريعها بصرف النظر عن طبيعتها.

أما على الجانب التركي، فثمة أصوات معارضة لتطبيع العلاقات مع سوريا بذريعة جمود العملية السياسية المتعلقة بسوريا، وهذه الأصوات يتقاسمها سوريون موجودون في تركيا مع بعض التيارات التركية.

ويبرز في هذا السياق الموقف الأمريكي الرافض لما يتم بناؤه بين البلدين الجارين من خطوات بناء ثقة وبلورة نقاط التقاء وركائز عملية تأسيسا لعودة العلاقات بينهما على قواعد محددة وواضحة.

ومن الطبيعي أن تتخذ واشنطن هذا الموقف غير المفاجئ، وربما كانت المفاجأة ستكون لو أنها باركت ما يجري أو التزمت الصمت حياله، ذلك أن التفاهم والتقارب وتلاقي المصالح العليا، ومن ثم الاتفاق بين أضلاع المثلث السوري الروسي التركي الناشئ، لن يتساوق مع أهداف واشنطن في المنطقة، وليس في سوريا وتركيا فحسب.

السؤال المطروح في محاولة قراءة أبعاد السياسة الأمريكية في هذا الملف، وفي غيره من ملفات المنطقة، هو: هل سألت واشنطن نفسها لماذا يبتعد بعض حلفائها -كتركيا- عن نهجها في المنطقة وفي بعض القضايا الدولية المشتركة كالنزاع الروسي الأوكراني، وهما الدولتان العضوان في حلف شمال الأطلسي؟ وكيف يتسق المنطق السياسي حين تتبنى أمريكا تياراتٍ مناهضة لحليفتها المفترضة، وفي أي خانة يمكن وضع هذا التوجه؟

لقد أثبتت غالبية الأحداث في المنطقة أن واشنطن لا تكترث بمصالح حلفائها ولا بأمن بعضها إلا بمقدار ما يصب في تغذية نزعتها الأحادية فقط، فكيف والحال عندما يكون خصومها، كروسيا، طرفا في هذه الملفات؟

لا يغيب عن مجريات التطورات الحاصلة بين أنقرة ودمشق مواقف بعض دول الغرب، التي لم تخرج في أبجديات تعليقاتها ومواقفها حيال عودة العلاقات بين الجارين عن عناوين الموقف الأمريكي.

تباين مقاربات الأوروبيين لمشكلات المنطقة وقضاياها عن الأمريكيين لم يجعلها تنحو بقراراتها منحى مستقلا ومغايرا يخدم مصالحها الحيوية والاستراتيجية، باعتبارها القارة الأقرب جغرافيا إلى هذه المنطقة، والأكثر قابلية وقدرة على صياغة عَلاقات متوازنة مستندة إلى المصالح المشتركة والتقارب الثقافي، بل ظلت رهينة السياسات الأمريكية ومتماهية مع استراتيجيات واشنطن في غالبية قضايا المنطقة.

مصالح الدول الثلاث، سوريا وتركيا وروسيا، تم وضعها في سياق رعاية المصالح واحترامها، فسوريا تريد الخروج من أزمتها وطيّ صفحتها ببُعديها الداخلي والخارجي، والالتفات إلى العمل لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والعمرانية والسياسية والأمنية، وتركيا تسعى إلى البرهنة على أنها لا تطمع في جارتها، بل تسعى لحماية أمنها القومي وصونه من مخاطر قد تأتي عبر حدودها الجنوبية، وروسيا تجد مصالحها مشتركة بين الطرفين، فمع تركيا تتنامى الخيارات وتتوسع المكاسب، من التفاهمات السياسية إلى التعاون الاقتصادي فالعسكري والأمني، ومصلحتها في سوريا تتجلّى في مساندة حليفتها سوريا والحفاظ على وحدتها واستقلالها وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار لما في ذلك من مكاسب سياسية لموسكو تتلخص في رسائلها بأنها قوة دولية مؤثرة وفاعلة رغم تحديات النزاع مع أوكرانيا.

السياقات، التي أفرزتها المفاوضات السورية التركية بطابعها الأمني غير المعلن على مدار أشهر طويلة، أفصحت عن قابلية الطرفين وقدرتهما، كل حسب بواعثه ومصالحه وغاياته، للولوج إلى أكثر الملفات حساسية وتعقيدا وتشابكا بينهما من جهة، وبينهما وبين قوى أخرى -بعضها محلي وبعضها الآخر إقليمي- وأخرى دولية من جهة أخرى.

عوائد التطبيع مع تركيا وفيرة لسوريا.. فداخليا سيكون ترتيب أوضاعها أكثر سهولة، وعربيا ستبني على مبادرات عربية سابقة قادتها دولة الإمارات لعودة دمشق للحاضنة العربية عبر استثمار العلاقات المتطورة بين أنقرة ودول الخليج العربي ومصر، ما سيؤسس لتوازن علاقاتها الإقليمية والدولية معا.

 

اقرأ أيضا