بايدن والولاية الثانية.. الفرصة والتحديات
ما فرص إعادة انتخاب بايدن لولاية رئاسية ثانية؟ وماذا عن تحديات الطريق وعقبات الدرب؟
علامة استفهام طفت على سطح الأحداث خلال الأسبوع الماضي، وبالتحديد بعد ما ذكره موقع "ذا هيل" الأمريكي من أن "بايدن" عازم على ترشيح نفسه ثانية.
يتساءل الأمريكيون عن الفرص المتاحة للرئيس، الذي ترك بلاده تحت عاصفة ثلجية قاتلة، ليقضي إجازة عائلية في جُزر "سانت كرو"، وكذلك عن التحديات القائمة في شخصه ومسيرته.
أول التحديات، التي تفرضها أحاجي الزمن، موصولة بسنّ الرئيس بايدن، ذلك أنه في 2024، موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، سيكون قد بلغ 82 عاما، وهذا يعني أنه سيحمل مفاتيح "البيت الأبيض" حتى سنّ 86 عاما.
هل الحالة الصحية، التي لا يمكن مواراتها أو مدارتها للرئيس بايدن، تسمح بتحمل مسؤولية الإمبراطورية الأمريكية مالئة الدنيا وشاغلة الناس؟
يقول الرواة إنّ خلف الكواليس الأمريكية يُجري مستشارو بايدن مشاورات عاجلة وسريعة، كي يواكب إعلان الترشح، وقت خطاب حالة الاتحاد، في نهايات يناير الجاري، أو أوائل فبراير القادم على أقصى تقدير.
على أن جردة حساب لعامين للرئيس بايدن في "البيت الأبيض"، تُظهر أنْ لا إنجازات رئيسية للرجل تُغري الأمريكيين باختياره مرة ثانية، بل العكس.
في استطلاع أخير للرأي، أجرته مؤسسة "جالوب"، وأُعلنت نتائجه في الثالث من الشهر الجاري، أظهر 90% من الأمريكيين، جمهوريين وديمقراطيين ومستقلين، غضبهم من تصرفات إدارة بايدن، وبالتفصيل، فإن 80% من الأمريكيين يتوقعون متاعب اقتصادية، منهم 81% يقولون إن الضرائب ستتصاعد بدلا عن انخفاضها.
الأكثر خوفا في استطلاع "جالوب" هو قناعة 90% من المستطلعة آراؤهم بأن العامين القادمين سيشهدان صراعا سياسيا بين الحزبين الكبيرين، بأكثر كثيرا جدا من إمكانيات التعاون.
حديث المخاوف السياسية يرتد ليصيب الرئيس بايدن وحملته الانتخابية القادمة، حال قرر بالفعل الترشح لولاية ثانية.. كيف ذلك؟
بنى بايدن حملته الانتخابية في 2020 على أرضية المصالحة المجتمعية بين النسيج الوطني الأمريكي، والذي اعتبر أنه تعرض لاهتراء شديد في زمن سلفه، دونالد ترامب.
لكن عامين في "البيت الأبيض" أظهرا أن وعود بايدن قد ذهبت أدراج الرياح، سيما في الفترة الزمنية السابقة لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس، فقد بلغ خطابه حد تقسيم أمريكا إلى معسكرين، الذين معنا من الأخيار، والذين علينا أو ضدنا من الأشرار.
جاءت انتخابات نوفمبر الماضي رحيمة نوعا ما ببايدن، لا سيما بعد أن أخفق الجمهوريون في بسط "الموجة الحمراء" على الكونغرس بمجلسَيه، حتى وإن قُدّر لهم الفوز بأغلبية متواضعة في مجلس النواب.
يبدو هذا المجلس المعانِد، وربما المُعادي، لبايدن، فرصة مواتية سياسيا، ذلك أنه سيظهر أمام جموع الأمريكيين، وكأنه ضحية لمؤامرات وخطط الجمهوريين.
هذا الحديث قد يُضحي في جانب منه حقيقيا، بصورة أو أخرى، وعلى غير المصدق مراجعة أول تصريح لرئيس مجلس النواب الجديد، والذي رأى مولده النور، عبر عملية قيصرية بالغة الصعوبة، إن جاز التعبير، تنم عن حالة التشظي القائمة في الجسد السياسي الأمريكي.
"لقد حان الوقت لممارسة رقابة على سياسة البيت الأبيض"..
هكذا تكلم "مكارثي"، غير أن هذه صيغة مخففة جدا، ولا تعبر عما ينتوي الجمهوريون فعله.
صراع "البيت الأبيض" في 2024 ستدور رحاه في الأيام القليلة القادمة، والبداية من عند مراجعة قاسية، إلى حد قاتلة، لقرارات بايدن كافة، والبداية من قرار الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، ذاك الذي أصاب الهيبة الأمريكية في مقتل، وهناك من يقول إن الجمهوريين ربما يسعون إلى قرار عزل بايدن، في خطوة تمثل انتقاما وثأرًا مما أقدمت عليه نانسي بيلوسي ومجلسها تجاه الرئيس الجمهوري السابق، ترامب.
هنا التساؤل: "هل يمكن أن تُظهر التحقيقات مزيدا من الأسرار غير المعروفة عن الهزيمة السياسية في أفغانستان؟".
ليس سرًّا أن البنتاغون، ومجمع الاستخبارات الأمريكية، غير راضين عن "المذلة" التي تسبب فيها قرار بايدن.
أضف إلى ذلك أن "مكارثي" وصحبه سيضعون حكمًا العصا في دواليب إدارة بايدن لجهة الدعم فائق الوصف لأوكرانيا-زيلينسكي، لكن الأخطر، والذي يمكن أن يهدم مصداقية بايدن السياسية، هو فتح تحقيق موسع بشأن قصة كمبيوتر ابنه، هانتر، وعلاقة أسرة الرئيس مع أطراف ودول خارجية، وبخاصة أوكرانيا.
يمكن القطع بأنه من المبكر الحديث عن دقائق قصة ترشح بايدن لرئاسة ثانية، لكن في كل الأحوال بات الأمريكيون أمام تساؤلات جذرية عن السمات الشخصية والمهارات السياسية، التي يجب أن تتوافر في الرئيس: هل هي حاضرة في حال بايدن أم لا؟
في المقدمة من تلك السمات: الاستقامة وسمو الأخلاق، الشجاعة، الطموح والزعامة، التفاؤل، القوم والحزم، والتفاهم وحب الناس.
أما عن المهارات السياسية، فتشمل:
الحنكة السياسية، التفكير الاستراتيجي، القدرة على تكوين الائتلافات، القدرة على رفع المعنويات، القدرة على الإقناع، البراعة في التواصل مع الجماهير، الكفاءة التنفيذية.
فهل بايدن رجل 2024 بهذه المواصفات؟