أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الجمعة 20.24 C

الجسر المفقود بين ثلاث كلمات في أوكرانيا

الجسر المفقود بين ثلاث كلمات في أوكرانيا

الجسر المفقود بين ثلاث كلمات في أوكرانيا

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

الحرب في أوكرانيا تستمر، دونما أمل في السلام، بناء على ثلاث كلمات لم يمكن العثور على جسر بينها، هي: السيادة والكرامة والمصالح.

أوكرانيا تقاتل من أجل أن تستعيد سيادتها على أراضيها. وهذا حق بديهي ومشروع لكل دولة.

وتخشى روسيا من أنها إذا خسرت الحرب فإن كرامتها الوطنية، وبالتالي مكانتها الدولية كقوة عظمى، سوف تنهار لينهار معها نفوذها حتى في مجالها الحيوي، الذي أعقب انهيار الاتحاد السوفييتي. والحفاظ على الكرامة حق مشروع أيضا.

وتشارك دول التحالف الغربي في الحرب إلى جانب أوكرانيا لأنها تدافع عن مصالحها المباشرة أمام التهديدات القائلة بإقامة نظام دولي جديد يكسر نفوذها الاقتصادي في كل أرجاء العالم. والدفاع عن المصالح الاقتصادية حق مشروع آخر.

والواقع يقول إن فرص السلام أو الحوار تبدو معدومة، لأنه لم يتم العثور على جسر يربط بين هذه الكلمات.

هذه الفرضية تستبعد الاعتقاد القائل بأن لروسيا أطماعًا توسعية في الأراضي الأوكرانية، وذلك على اعتبار أن روسيا هي أكبر دولة في العالم من ناحية المساحة أصلا.. ومن غير المنطقي بالنسبة لبلد بحجمها أن "يتوسع" بتكاليف انتحارية.

روزماري ديكارلو، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، قالت مؤخرا إنها "لا ترى أي مؤشر على انتهاء القتال"، وإن "المنطق العسكري يهيمن حاليا مع مساحة صغيرة جدا للحوار، إنْ وُجدت".

المساحة الوحيدة الصغيرة المتاحة للحوار هي تبادل الأسرى بين الطرفين، وكل ما عدا ذلك حرب إلى ما لا نهاية، برغم كل ما تتسبب به من أضرار على المتحاربين، وعلى العالم بأسره.

أوكرانيا تستند إلى حق طبيعي تملكه كل الدول. وهو حق لا سجال فيه، وثمة من الوثائق والمعاهدات ما أقرت به روسيا لأوكرانيا عندما تم الانفصال الرسمي بينهما في عام 1991.

وروسيا، التي انساقت وراء المخاوف من تمدد الأطلسي، ترى في انتقال أوكرانيا إلى الصف الغربي أن أيقونة من أيقونات الكرامة الوطنية قد تحطمت. وهي تتعامل تحت وطأة الشعور بأن الغرب إذا أراد أن يكسب أوكرانيا، فإنه يجب أن يكسبها محطمة تماما وأن ينفق مئات المليارات لإعادة إعمارها.

أما دول التحالف الغربي فترى من جانبها أن مكانة روسيا في الميزان التجاري الدولي، بناتج إجمالي يبلغ 1.7 تريليون دولار، لا تؤهلها لكي تشكل تهديدا للتحالف القائم بين أوروبا "بناتج إجمالي يبلغ 16 تريليون دولار" والولايات المتحدة "بناتج إجمالي يبلغ 23 تريليون دولار".

وبالمعنى المادي، فإن بناء نظام عالمي جديد بـ1.7 تريليون دولار يبدو طموحا غير واقعي ولا يتوافق مع الحقائق.

قصارى القول من ذلك هو أن لكل واحدة من تلك الكلمات ما يبرره. فهل لا يمكن العثور على جسر؟

من الناحية الفعلية يبدو وكأن كُلًّا من طرفي الحرب يتحدث بلغة مختلفة لا يفهمها الطرف الآخر.. فيصبح الحوار بينهما مستحيلا.. وهو ما يجعل الصواريخ والمدافع هي اللغة الوحيدة المشتركة.

التصور القائم في الغرب هو أنه يمكن "هزيمة روسيا" لأنه سبق لها أن قبلت الهزيمة في أفغانستان، وإن قدراتها العسكرية قابلة للاستنزاف دون التورط في حرب تشمل الحلف الأطلسي.. وهو تصور يشبه القبول بمغامرة نووية.

والتصور القائم في روسيا هو أن الغرب "يدمر نفسه بنفسه".. وعندما يشعر باليأس من حجم التكاليف، فإنه سوف يُجبر أوكرانيا على قبول الهزيمة.. وهو تصور يشبه الجلوس على غصن شجرة وقطعه من الجهة القريبة للجذع.

هذان التصوران إذا تم تركهما للاختبار على أرض المعركة، فإنهما سوف يصنعان نظاما دوليا جديدا بالفعل، نظاما مفعما بالفوضى والأزمات.. لأن الخاسر لن يخسر دون إثارة نزاعات تُبقي الحروب الفرعية مستعرة.

الهزيمة غير المقبولة من هذه الأطراف الثلاثة تعني أنها بحاجة إلى نصر مشترك، أو نصر جماعي، يحفظ لأوكرانيا سيادتها، ولروسيا كرامتها ومكانتها بين القوى الدولية الكبرى، وللتحالف الغربي مصالحه ونفوذه في النظام الدولي "القائم على معايير وقواعد".

نظريا على الأقل، لا يوجد مستحيل في السياسة. لأن المستحيل هو نفسه هزيمة.. والإمساك بعصب الانفعالات أمر مهم للعثور على مقاربة تجمع بين هذه الكلمات، تحفظ لكل طرف حقه بأن يكسب النصر الذي يستحقه.

الأمل في تحقيق السلام سوف ينشأ عندما تظهر هذه المقاربة.

 

اقرأ أيضا