من نتائج معركة حريملاء 1309 ه انتهاء الدولة السعودية الثانية
من نتائج معركة حريملاء 1309 ه انتهاء الدولة السعودية الثانية، إمارة نجد أو الدولة السعودية الثانية، هي الدولة التي أنشأها تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود بعد سقوط الدولة السعودية الأولى في سنة 1233هـ - 1818م، على يد قوات إيالة مصر العثمانية بقيادة إبراهيم محمد علي باشا. وتمكن الأمير تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود خلال سنوات حكمه من اتخاذ الرياض عاصمة لملكه بدلاً من الدرعية، والتي توسعت بشكل محدود على عكس سابقتها، ولقد أضر بها الصراع والحروب الداخلية، حيث تسبب اختلاف أبناء الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود في إضعاف الدولة والتسبب بسقوطها على يد أمير الدولة السعودية على حائل من أسرة آل رشيد في سنة 1309هـ الموافق عام 1891م.
ما قبل التأسيس
سقوط الدولة السعودية الأولى
إعادة بناء الدولة السعودية
في شهر رجب 1233هـ، الموافق مايو 1818م، غادر إبراهيم باشا نجدًا بأمر من والده محمد علي باشا. وتبع ذلك أن جرت محاولات وطنية لإعادة بناء دولة نجدية؛ أولها: محاولة محمد بن مشاري آل معمر، سنة 1234هـ/1819م، والذي حاول إعادة إعمار مدينة الدرعية وإصلاحها، ومن ثَم انتقل إليها. لكن ابن معمر لم يستمر طويلاً في تلك المحاولة؛ حيث استطاع مشاري بن الإمام سعود، شقيق آخر حكام الدولة السعودية الأولى، الهرب من معسكر المصريين والعودة إلى الوشم، ومن ثَم انتقل بعدها إلى الدرعية، حيث حاول ابن معمر محاربته ولكنه لم يستطع، فأظهر مبايعته لمشاري، ثم بايعه أهل سدير والمحمل وحريملاء وأهل الدرعية والكثير من أهل الوشم، إلا أن محمد بن مشاري كان يضمر تحالفا مع آبوش آغا، قائد الحامية العثمانية، لمعاونته مقابل تبعيته للدولة العثمانية وطاعته لأوامرها، وبالفعل تلقى الدعم العسكري، ودخل الدرعية، وسيطر على الحكم مجددًا، بخلع مشاري بن سعود، وتسليمه للحامية العثمانية التي مات في سجونها بعد عدة أيام. وفي الوقت الذي عاد فيه بعض أفراد آل سعود الهاربين، أمر الأمير محمد بن مشاري بالغزو، فحارب أهل السلمية واستولى عليها وعلى اليمامة، ثم ذهب إلى الدلم حيث بايعه صاحبها، ثم عاد إلى الدرعية. وفي الوقت الذي دخل فيه ابن مشاري الدرعية كان تركي بن عبد الله آل سعود قد دخل الدرعية قادماً من الرياض، على رأس جيش من العشائر الموالية له، وخلع محمد بن مشاري وقتله.
عادت الحامية المصرية لحصار الدرعية، وخلعت تركي بن عبد الله آل سعود الذي فرّ منها ورجاله، ولم يعد إليها إلا عام 1824، حينما انسحب الجيش المصري من شرق الجزيرة العربية؛ حيث جُرِّد للحرب ضد استقلال اليونان عن العثمانيين، ويعتبر انشغالُ جيش محمد علي بالحرب اليونانية لحظة فارقة مكنت لعودة آل سعود إلى الحكم مرة أخرى.
نظام الحكم في الدولة السعودية الثانية
كان نظام الحكم مشابهاً للدولة السعودية الأولى؛ فهي قائمة على الدعوة الإصلاحية السلفية، وتسير على الشرع متخذة القرآن الكريم والسنة دستور حياة، وتوافق ما أفتى به الأئمة الأربعة بالإجماع، وتسير على الأنظمة الإسلامية وتراعي مبادئ الشورى.
والحاكم يسمى بالإمام، وهو الرئيس الأعلى للدولة، وصاحب السلطة الفعلية؛ فلقب الإمام يشمل الزعامة الدينية والسياسية، وكانت قاعدة الحكم في العهد السعودي الثاني في الرياض، ويجتمع الإمام بمستشاريه في ديوان القصر.
الإمام أو الحاكم
وهو قمة النظام السياسي ورئيس الدولة الأعلى وصاحب السلطات والصلاحيات الفعلية، ولقب الإمام يشمل الزعامة الدينية والسياسية، ومن أهم اختصاصاته حفظ الدين وإقامة الحدود وتحصين الدولة بإقامة الثغور والقلاع والحصون، والإمام ليس منصبًا استحدث في هذه الفترة؛ بل هو من عهد الخلفاء الراشدين. والإمام هو القائد العام للمسلمين؛ كان الإمام في الدولة السعودية الثانية في الأغلب يقود الناس في حروبه، باستثناء بعض الحالات والظروف كالمرض وغيره، وكان الإمام يقيم في الرياض عاصمة الدولة، وكان يمارس مهام عمله من قصره.
ولي العهد
ولاية العهد في الدولة السعودية الثانية وراثية؛ فنجد أن الإمام تركي بن عبد الله قد عهد بالولاية إلى ابنه الأمير فيصل بن تركي الذي عهد بها إلى ابنه عبد الله، وهكذا. ومن واجبات ولي العهد أن ينوبَ عن الإمام فترة غيابه في الغزوات أو المرض وغير ذلك من الظروف، ويقومَ بمهام الدولة بدلاً من الإمام، وكان أيضا يستطيع قيادة الجيش، إلى غير ذلك؛ فقد كان يقوم بإدارة الأمور ليكتسب خبرة تعينه مستقبلاً على الحكم.
أمراء الأقاليم
يعين الإمام أمراء لأقاليم الدولة، ويختارهم بحرص، ويكون أمير الإقليم من الرؤساء المحليين للأقاليم، لما له من نفوذ على إقليمه وجماعته. ومنصب أمير الإقليم هو الممثل الأول للإمام لدى الإقليم، والمسؤول العام والمشرف على إدارته وماليته وقيادته، وأيضاً المسؤول في جمع الزكاة، وتقع على عاتقه مسؤولية تجهيز رجال الغزو حين يأتي أمر الإمام بذلك، ويكون قائدًا للغزو في بعض الأحيان، وكثيرًا ما عهد إليه بغزو الجهات القريبة منه، ولهذا عُدَّ منصب أمير الإقليم من المناصب المهمة في الدولة.
الشورى
كان هذا المبدأ منذ نشأة الدولة السعودية الأولى؛ حيث تبايع الإمام محمد بن سعود والشيخُ محمد بن عبدالوهاب، وكان يستشيره في كل الأمور، وتقسم الشورى من حيث الأعمال والأعضاء والمهام في الدولة السعودية الثانية إلى قسمين؛ هما:
- الشورى الخاصة: وكانت تضم عددا من الأفراد والقضاة والقادة، والفقهاء وبعض أفراد الأسرة الحاكمة، وذلك بأمر من الإمام أو الحاكم، ويكون لها دور كبير في الحرب أو التعيين؛ فقد عقد الإمام فيصل بن تركي اجتماعا في الأحساء حينما علم بمقتل أبيه الإمام تركي، وقد ضم الاجتماع عددًا من أمراء البلدان النجدية ومستشاريه وقادته.
- الشورى العامة: وهي التي تعقد على شكل اجتماعات عامة، وفي مناسبات معينة لدراسة المشكلات المتعلقة بالأقاليم، أو في حالة حدوث عصيان أو تمرد؛ فقد عقد اجتماع في الدهناء قرب غدير ماء يدعى«وثيلان»، حيث التقى الإمام تركي بأمراء الأقاليم النجدية.