زلزال تركيا وسوريا.. أسباب الفجيعة وتضامن الإنسانية
أسبوع كارثي في تركيا وسوريا إثر زلزال راح ضحيته عشرين ألفا وعشرات الآلاف من المصابين، مع تضاؤل الآمال في العثور على ناجين تحت الأنقاض.
مشاهد مفجعة ومُبكية تُبث من المناطق المنكوبة.. بشر يصارعون الموت.. أسر وعوائل رحلت ولم يبق منها فرد واحد.. أطفال يئنون تحت أكوام الأسمنت المهدّم.. ورُضّع داهمهم الموت مبكرا، حتى لينزف القلب من فرط المصيبة، التي ألمّت بسكان تلك الأحياء، ذاتَ فجر كئيب غاص بالدمع والحسرة.
وفي خضم هذا الأسى على أرواح الضحايا الأبرياء، والتضامن الذي تفرضه الإنسانية في أبسط معانيها، يخرج من يؤول مصيبتهم ويشمت بهم، وهو يجلس في بيته الدافئ بين أطفاله ومحبيه، مدعيا معرفة "أسباب الفجيعة" من "غضب إلهي"، وغيرها من التأويلات، التي لا تخلو من مرض وعُقد عميقة سياسية ودينية وطائفية، وإسقاطات تتغير بتغير مكان المصيبة وأهلها، حتى تكون ابتلاء أو عقوبة بحسب أمزجة المتكلمين، من غير اعتراف بالمقاربة العلمية لتفسير الزلازل والكوارث الطبيعية، ما يطرح علامات الذهول مما وصلت إليه ضمائر البعض من جهل وسوء سجية وقبح سريرة تثير الاشمئزاز.
ولا شك أن الشماتة في المصائب الكبرى كزلزال تركيا وسوريا جريمة بحق الإنسانية والقيم والأخلاق والمبادئ مهما كانت الأسباب والدوافع، فليس من حق أي أحد أن يفسر أسباب مصائب وكوارث بشر لا يستحقون ما أصابهم، لولا صفائح الأرض وطبيعتها.
فيما كشفت بعض وسائل الإعلام عن جهل كبير في التعاطي مع آلام الإنسان، وهي تصوير مآسيه دون تقدير لخصوصية وقدسية النفس البشرية، أطفال وكبار سن ونساء تهافت الجميع على تصويرهم من أجل الانتشار ورواج المحتوى فحسب، في زمن انهيار منظومة أخلاقيات النشر والإعلام، فالانتشار والشهرة صارتا الفيصل والحكم، دون رقيب لما ينشر وينتشر، لتتحمل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المسؤولية عن هتك خصوصية البشر في أقسى اللحظات وأكثرها ألما، لحظات الموت والرحيل.
في المقابل فإن مأساة زلزال تركيا وسوريا أثبتت صدق التعاضد الإنساني شعوبا وحكومات.. لا مجال للخلافات ولا الاختلافات.. فالإنسانية كانت أولوية الجميع، لتنهال التبرعات والمساعدات من أول يوم، لا سيما من دول الخليج العربي، التي تثبت أنها الأكثر مسؤولية دائما تجاه القضايا الإقليمية والإنسانية، فقدمت العون والمساندة للمحتاجين في المناطق المنكوبة، وأرسلت أبناءها لمهمات البحث والإنقاذ، وأساهمت في تخفيف المأساة عن كثير من المصابين، سواء في سوريا أو تركيا.