محورية الإنسان في مواجهة الكوارث
شكلُ التداعيات المأساوية للكارثة الإنسانية الكبرى في سوريا وتركيا تجعلنا أمام حتمية تؤكد ضرورة محورية الإنسان المنكوب والمسارعة إلى مساعدته، كون هذه المساعدات تنقذه أو تحفظ حياته أو تخفف عنه على الأقل.
وفي أي جهود مشتركة لتعزيز الاستقرار والتنمية تبرز إشكالية التعاطي بإيجابية أو سلبية مع أي حدث، ولكن رغم ضخامة حجم الزلزال المدمِّر، الذي ضرب سوريا وتركيا، وجدنا إيجابية كبيرة في إنقاذ الأرواح والوقوف إلى جانب دمشق وأنقرة بغية تجاوز المحنة، وكانت دول الخليج العربي عنوانا بارزا بقوة في هذا الإطار.
ومن الضروري هنا أن نقول إن معايير إدارة القضايا السياسية الإقليمية بعقلانية هي السبيل الأمثل والأفضل لمعالجة تبعات الأزمات كافة، لا سيما إذا تعلق الأمر ببلد عربي هو في الأصل مأزوم إلى حد كبير، مثل سوريا منذ سنوات عدة.
كما أن تفادي المواجهات لتعظيم الأجندة الاقتصادية والاجتماعية الإيجابية أمرٌ مرحبٌ به، وقد أعلى من شأنه بعض صناع القرار في المنطقة، من أجل تحقيق السلام بين الشعوب والتفكير في غد أفضل.
وهنا أرى توجه ومسار دولة الإمارات على سبيل المثال هو النموذج الأفضل، حين هبَّت لمساندة أشقائها السوريين وأصدقائها الأتراك، وهذا ما فعلته قيادتها من قبل في الأوقات العصيبة لأزمة فيروس كورونا مع دول عربية وأفريقية وأوربية وأمريكية.
وحسنا فعلت أمريكا حين علقت العقوبات على سوريا، وحسنا فعلت تونس، التي قررت رفع مستوى وجودها الدبلوماسي لدى الأشقاء في سوريا، وحسنا تفعل دول الإمارات بإرسال معونات إنسانية إلى سوريا مباشرة، وحسنا تفعل كل دولة تقدم حاليا المساعدة ويد العون للشعب السوري الشقيق لتجاوز ما وقع عليه.
التفاعل الكبير مع حملة "جسور الخير" لإغاثة المتضررين في سوريا وتركيا يعكس دون أدنى شك أصالة وإنسانية مجتمع دولة الإمارات من مواطنين ومقيمين، وتلك الجهود المباركة والخيِّرة تُعلي قيم التآخي والتضامن الإنساني.
والرافد الشعبي الداعم للجهد الرسمي مهم للغاية، ففي السعودية أطلقت القيادة حملة دعم عبر منصة "ساهم"، وكذلك فعلت قطر عبر إطلاق حملة "عون وسند"، ومنحة الـ100 مليون دولار لسوريا وتركيا، والتي أمر بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.. كلها أمور تخدم إنسان منطقتنا في مصيبته الكبرى.
كذلك لا ننسى زيارة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، إلى سوريا بعد الزلزال المدمّر وذهابه شخصيا إلى اللاذقية والمناطق التي تنشط بها فرق الإنقاذ الإماراتية.. إنه تجسيد واضح لحجم التضامن مع هذا البلد الجريح، ومساعدة الشعب السوري الذي شاطر جاره الشعب التركي فصول النكبة غير المسبوقة.