تحليل نص وظائف اللغة اوليفييه روبول
تحليل نص وظائف اللغة اوليفييه روبول، أوليفيي روبول (1925 - 1992) فيلسوف فرنسي، كان مهتما بفلسفة آلان إميل شارتيي، وبالخطابة وفلسفة التربية. بدأ حياته المهنية بالتدريس في جامعة تونس. ثم صار أستاذا بجامعة مونتريال، حيث ساهمت دروسه، إلى جانب برنار كارنوا Bernard Carnois، في التعريف بفلسفة كانط العملية. وبعد ذلك، شغل منصب أستاذ جامعي في جامعة العلوم الإنسانية في ستراسبورغ، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته.
مؤلفاته
وقد ألف روبول مجموعة من الكتب نذكر منها:
- الإنسان وأهواؤه حسب آلان (جزءان).
- كانط ومشكل الشر.
- فلسفة التربية.
- الخطابة.
- مدخل إلى الخطابة (مترجم).
تنقسم وظائف اللغة بشكل عام إلى قسمين أساسيين:
- القسم الأول هو الموضوعي، أي ما يتعلق باللغة ذاتها، كونها منظومة منسجمة من العلاقات الداخليّةٌ، التي لها وظائف عديدة تتم تأدِيتها، ويُعْتَمدُ دور وأهمية كل من هذه الوظائف على القدرات الموضوعيَّة للغة المعنية، أي على مستوى تطورها ونضجها، ولكلّ وظيفةٍ من هذه الوظائف الداخليّةٌ حدودُها وشروطُها، التي تأمن بدورها العلاقات المتينة التي تربط هذه الوظائف ببعضها البعض لتجعل منها وحدة متكاملة، ومن أهم هذه الوظائف هي:
الوظيفة الصّوتيّة، الوظيفة الصرفية، الوظيفة المعجميّة، الوظيفة الدّلالية، الوظيفة البلاغيّة أو الأسلوبيّة. وهي بمجملها تتعلق بتطبيق أمور النطق والإسلوب والبلاغة وقواعد النحو والصرف والكتابة والقراءة
وما إلى ذلك من أمور متداخلة لهذه أو تلك من اللغات، أي بحديث اللغة عن نفسِها أو الوصف اللغوي للغة ذاتها ولعلاقاتها الداخلية.
- أما القسم الثاني، والمقصود هنا الجانب الذاتي، وهو ما يتعلق باللغة كونها منظومة متكاملة للتفاهم والتداول والتواصل بين البشر، ويشمل هذا الجانب الوظائف الإجتماعية للغة، بإعتبارها أكبر وسيلة للتفاهم بين البشر على مرّ العصور، فهي ضيفا لا يمكن الإستغناء عنه في كافة مجالات الحياة الإجتماعية سواءاً للفرد أم للمجتمع، وهي بهذا تقوم بتأدية سلسلة متداخلة ومتكاملة من الوظائف الإجتماعية الهامة وتشبع بذلك حاجيّات الفرد والمجتمع على السواء.
إهتم علماء اللغات والإجتماع والفلسفة ومنذ وقت مبكر بدراسة الوظائف الإجتماعية التي تؤديها اللغة وتقديم النماذج المختلفة لكيفية تأدية هذه الوظائف، ولا زالت الإبحاث مستمرة في هذا المجال ومرافقة للتطورات العملاقة التي تجري في مختلف ميادين المعرفة ومنها في باب اللغات، وبالإعتماد على هذه الدراسات تم التوصل إلى وضع نموذج عام يتضمن مجموعة من الأسس التي يتوجب توفرها في أي نوع من أنواع الكلام المتعارف عليها والمستخدمة في اللغة مثل توجيه نداء أو الحديث الإعتيادي بين شخصين أو تقديم محاضرة أو إلقاء شعر أو القيام بإجراء مكالمة تلفونية وما شابه ذلك من أمور الكلام المختلفة، وهذه الأسس هي:
- الشخص المُرْسِل، أي المتكلِم، الذي يريد إيصال رسالة إلى الآخرين.
- الشخص المُرْسَل إليه، أي المخاطب وربما الغائب، الذي يُراد إيصال الرسالة إليه.
- الموضوع الذي يجري الحديث حوله.
- القناة المعتمدة في إيصال الرسالة، كأن تكون مباشرة أو عن طريق الهاتف أو التلفاز أو ...الخ.
- اللغة المستخدمة، هل هي لغة طبيعية كالعربية والإنكليزية والألمانية أم لغة الإشارات وغيرها
- طريقة إيصال الخبر، أي الطريقة التي تُطْرَح بها اللغة، عن طريق إستخدام أساليب لغوية مختلفة كالأمر والنهي والرجاء والنصح ... الخ.
- نص الكلام المطروح، أي المادة اللغويَّة نفسها، كأن يكون نثر أوشعر أوغيرها من النصوص
تحليل نص وظائف اللغة اوليفييه روبول
يقول الفيلسوف الفرنسي جورج غوسدورف (Georges Gusdorf):"اللغة هي التي تدخل الكائن الحي إلى حظيرة الإنسانية"، نستطيع أن نجعل اللغة من هذا المنطلق أبرز ميزة إنسانية، ولعل ذلك ما دفع الفلاسفة (وأبرزهم سقراط) إلى تعريف الإنسان بكونه كائنا ناطقا، فاللغة تكتسي أهمية كبيرة في أي دراسة تتخذ من الإنسان موضوعا لها، كونها أداة للتواصل من جهة، وأداة للتفكير وتحصيل المعرفة وتداولها من جهة أخرى، ذلك أن للغة علاقة وطيدة بالفكر. لكن على الرغم من ذلك، فإن اللغة تمارس سلطة على الإنسان، بحيث تخرج به من عالمه الداخلي إلى العالم الخارجي، فتشرع في ممارسة الهيمنة على الأفراد، إذ يتطلب التواصل مع الغير انتقاء ألفاظ تجنبنا الوقوع في سوء التفاهم.
فما هي الأسس التي نبني عليها الاعتقاد في تفرد الإنسان باللغة؟ وما علاقة اللغة بالفكر؟ هل يمكن فصل اللغة عن التفكير؟ وكيف تمارس اللغة سلطتها على مستعمليها؟
ـ المحور الأول: اللغة خاصية إنسانية. ـــــــــــــ
1)إشكال المحور:
تعرف اللغة بكونها نظام من العلامات التي تم التواطؤ عليها بشكل اعتباطي، لاستعمالها كوسيلة للتواصل، بالاعتماد إما على الكلام أو على الكتابة، وعند التطرق لموضوع اللغة، أول ما يمكن ملاحظته هو خاصة بالإنسان دون غيره من الكائنات، فكيف يمكن أن ندعم فكرة كون اللغة خاصية إنسانية؟ ألا يمكن افتراض وجود لغة حيوانية تؤدي أدوار اللغة الإنسانية؟
2)ميزة اللغة الإنسانية:
أولا: تحليل النص:
تحليل نص مايكل كورباليس:
النص:
" خلافا للطيور لا يستخدم الناس اللغة لمجرد الإشارة إلى حالات شعورية، أو ادعاءات أرضية، بل لتشكيل عقول بعضهم بعضا. فاللغة جهاز مهندس بإتقان لوصف الأماكن، والناس، والأشياء الأخرى، والأحداث، وحتى الأفكار والمشاعر...إننا نستخدم اللغة لنقل الخبرة للآخرين، وبتقاسم خبراتنا نجعل التعلم أكثر كفاءة، وأقل خطرا في الغالب. فالأفضل أن تطلب من أطفالك ألا يلعبوا وسط حركة المرور، بدلا من أن تدعهم يكتشفون بأنفسهم ما الذي سيحدث لهم لو فعلوا ذلك.
وحتى تغريد الطيورــ على كل ما به من تعقيد ــ هو مقولب ونمطي إلى حد بعيد، وأكثر شبها بالضحك البشري منه بالخطاب البشري. وإليك بعض الملاحظات: إن أغنية أي طائر مكررة إلى حد الرتابة. أما الحديث البشري فهو ــ في مباينة واضحة ــ ذو تنوع لا نهائي من الناحية الفعلية.
إن كل أشكال الاتصالات الأخرى بين الحيوانات محدود في عدد صغير نسبيا من الإشارات، ومقصورة على سياقات محدودة، أما عند الإنسان، فليس هناك حد لعدد الأفكار والاقتراحات التي يمكن أن ننقلها في استخدامنا للجمل."
في نشأة اللغة، عالم الفكر، عدد 325، مارس 2006، تأليف: مايكل كورباليس،
ترجمة: محمود ماجد عمر،ص 16ـ17.
أ) أطروحة النص:
يرى صاحب النص أن اللغة ميزة إنسانية، تختلف اختلافا نوعيا عن الأصوات التي تصدرها الطيور التي لا تعدو كونها ترجمة لحالات شعورية، هي عبارة عن أصوات متكررة بشكل ممل. في حين تتميز اللغة الإنسانية بالتنوع، لتؤدي أدوارا مختلفة عبر نقل الأفكار والتعلمات.
ب) البنية الحجاجية:
تنوعت أساليب النص الحجاجية واختلفت، من أجل الدفاع عن هذه الأطروحة، سوف نذكر فيما يلي بعضا منها:
ــ أسلوب المقارنة: يمكن إدراج هذا الأسلوب في الجدول التوضيحي التالي:
ــ أسلوب التشبيه: يشبه صاحب النص تغريد الطيور بالضحك البشري، للدلالة على نمطيته ورتابته.
ــ أسلوب التأكيد: استعمل صاحب النص هذا الأسلوب من أجل التأكيد على تميز اللغة الإنسانية عن وسائل الاتصال الحيوانية.
ج) التوسع في الأطروحة:
تدافع الأطروحة التي عالجناها عن تميز اللغة الإنسانية، ذلك أن هذه اللغة تختلف جذريا
عن وسائل الاتصال الفطرية التي منحت للحيوان، فبالإضافة إلى خاصية التنوع التي تتسم بها اللغة الإنسانية، سوف نحاول إضافة بعض الخصائص التي جعلت اللغة خاصية إنسانية:
ــ اللغة الإنسانية محكومة بالقواعد: نستطيع أن نميز اللغة الإنجليزية عن اللغة العربية مثلا، لكن يبقى القاسم المشترك بينهما هو الخضوع لشبكة معقدة من القواعد التي لا يستقيم المعنى بدونها.
ــ اللغة الإنسانية توليدية: نستطيع من خلال عدد صغير من الكلمات أن نولد عددا لا نهائيا من الأفكار.
مثال:
الكلمات: الأستاذ، التلميذ، الدرس.
العبارات المتولدة عنها: يلقي الأستاذ الدرس على التلميذ، يستعرض التلميذ الدرس أمام الأستاذ، يشارك كل من الأستاذ والتلميذ في بناء الدرس...
ثانيا: مناقشة النص:
أ) موقف ديكارت:
يتميز الإنسان في نظر الفيلسوف العقلاني ديكارت بكونه كائنا مفكرا، مما يتيح له التعبير عن الموضوعات والأفكار التي تجول بداخله، فالعقل هو النقطة الفاصلة بين الإنسان وغيره من الكائنات، في حين تبقى العلامات التي تصدرها الحيوانات عبارة عن انفعالات اتجاه مثيرات العالم الخارجي، أما الكلام الإنساني فهو انعكاس دال على وجود أفكار تتجاوز الانفعالات، بالتالي فاللغة خاصية إنسانية ما دام الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتميز بالعقل.
ب) موقف إيميل بنفنيست:
أولا: الفرق بين الإشارة والرمز:
للتمييز بين اللغة الإنسانية و"اللغة الحيوانية"، يميز بنفنيست بين الرمز والإشارة على الشكل التالي:
• الرمـــز
• يتواطأ الانسان على وضع مجموعة من الرموز للدلالة على أشياء مادية كانت أو مجردة
• مثال: ــ رمز الميزان يدل على العدالة
• يكتسب الانسان قدرة على تأويل الرموز عبر التواطؤ على ربط الدال بالمدلول
• تعد اللغة أبهى صورة يمكن أن يتمثل فيها النظام الرمزي الذي يبدعه الانسان
• الإشــارة
• هي واقعة فيزيائية، ترتبط بواقعة أخرى بشكل طبيعي أو اتفاقي
• مثال: ــ البرق يشير إلى الرعد
• ــ الجرس يشير إلى وقت الاستراحة
• ما يعتبر "لغة حيوانية" هو ردود أفعال تصدر عن الحيوان اتجاه إشارات معينة
• يشترك الانسان والحيوان في الاستجابة للإشارات.
ت) استنتاج:
نستنتج انطلاقا مما سبق أن اللغة هي مجموعة من الرموز التي لا تربطها علاقة طبيعية بما ترمز إليه، فتأويلها مبنى على اتفاق الناس، لهذا فالرمز يتجاوز الإشارة التي تربطها علاقة طبيعية أو اتفاقية بما تشير إليه. بالتالي فاللغة خاصية إنسانية، كون الإنسان هو الكائن الرامز الوحيد في الطبيعة.
ثالثا: خلاصة:
يجمع الفلاسفة على أن اللغة ميزة خاصة بالإنسان، يحول تعقيدها دون قدرة الحيوانات على منافسته فيها، فاللغة الإنسانية تتجاوز ردود الأفعال اتجاه مثيرات العالم الخارجي، إلى كونها نظام رمزي بالغ في التعقيد، يعبر من خلاله الإنسان عن أفكاره، بوصفه كائنا مفكرا، وهذا ما يكشف لنا عن علاقة بين اللغة والفكر، فما طبيعة هذه العلاقة؟
ــــــــ المحور الثاني: اللغة والفكر ـــــــــــــــــــــــ
1)إشكال المحور:
من خلال ممارسة الإنسان لعملية التفكير، يتجلى بوضوح تشبثه باللغة كمعبر عن الموضوعات التي يعالجها الإنسان أثناء هذه العملية، فتصور الإنسان للمفاهيم، وفهمه للوجود الطبيعي والإنساني يمر عبر ترجمة هذه المفاهيم والموضوعات إلى كلمات ورموز تكون في مجملها لغة، ولعل إشكالية ارتباط اللغة بالتفكير أثيرت قديما، حيث تعني كلمة "لوغوس logos" عند فلاسفة اليونان اللغة أو الخطاب، كما تعني العقل أو الفكر، فما علاقة اللغة بالتفكير؟ هل يمكن اعتبارهما وجهان لعملة واحدة؟ أم أن الفكر يستعمل اللغة كأداة للتعبير عن نفسه باعتبارها منفصلة عنه؟
2)وحدة اللغة والفكر:
تحليل نص ميرلو بونتي M.Merleau-Ponty 1908ـ1961ص 48 من الكتاب المدرسي.
أ) أطروحة النص:
يرفض ميرلوبونتي أن تكون اللغة أداة منفصلة عن التفكير، نستعملها من أجل التعبير عما يجول بداخلنا من أفكار، ويرى مقابل ذلك أن اللغة والتفكير مرتبطان بشكل يستحيل معه الفصل بينهما، فاللغة حسبه هي جسد التفكير.
ب) تحليل الأطروحة:
ــ إن الكلام ليس علامة للفكر، حيث تشير هذه العلامة إلى الفكر كما يشير الدخان إلى النار، دون أن تكون النار هي الدخان نفسه.
ــ اللغة والفكر مرتبطان، بحيث نستخرج الأفكار والمعاني من داخل الكلمات، كما نستخرج الكلمات من المعاني، من حيث إن اللغة هي واجهة الفكر، أو صورته الخارجية.
ــ لم يكن ممكنا أن تكون اللغة هي حصن التفكير لولا توفرها على قوة للدلالة عليه، ذلك أنها الحضور المحسوس للفكر، فهي الجسد الذي يظهر من خلاله الفكر.
ــ إن الفكر بدون لغة هو وعي فارغ، إذ لا يمكن أن يتحقق الفكر إلا بوجود لغة تعبر عنه، فحتى في حالة الصمت، يستعمل الإنسان الكلمات، بالتالي فالفكر والتعبير يتكونان دفعة واحدة، وفي نفس الوقت.
ج) خلاصة واستنتاج:
نخلص انطلاقا مما سبق إلى أن الفكر لا يمكن أن يكون إلا في حضور اللغة، وأن اللغة لا يمكن أن تعبر عن الفكر إلا إذا كانت من نفس طبيعته، بالتالي فاللغة والتفكير وجهان لعملة واحدة، ذلك أن التفكير عملية داخلية تتخذ من اللغة جسدا لها، تتجلى من خلاله وتتكون في ظله.
ثانيا: مناقشة الأطروحة:
موقف هنري برغسونH.Bergson 1859/1941، النص ص 49.
يرى برغسون في سياق معالجته لإشكالية ارتباط اللغة بالفكر، أن اللغة أفقر من أن تعبر عن غنى أفكارنا وعواطفنا، بحيث نتخذ نفس العبارات المتراكمة للتعبير عن أحاسيس قد تختلف من شخص إلى آخر، دون أن تختلف هذه العبارات في حالتي الشخصين، وهكذا فالعالم الداخلي الذي يعيشه كل منا لا ينفتح إلا نسبيا على العالم الخارجي، وذلك لعجز اللغة على تحويل كل أحاسيس الفرد إلى كلمات معبرة.
ثالثا: خلاصة تركيبية:
اختلفت التصورات في معالجة إشكالية ارتباط اللغة بالفكر، فمن الفلاسفة من رأى أن اللغة مرتبطة بالفكر بشكل يصعب معه اعتبار اللغة مجرد وسيلة للتعبير عن الفكر، ومنهم من رأى أن اللغة عاجزة عن التعبير عن الفكر، نظرا لفقرها أمام غنى الفكر المجسد لمختلف حالات الإنسان، وبين هذا الموقف وذاك، يبقى سؤال العلاقة بين اللغة والفكر قائما.
ــــــــ المحور الثالث: اللغة والسلطة ـــــــــــــــــ
1)إشكال المحور:
إن الإنسان حيوان لغوي وهو الوقت نفسه حيوان عاقل. ولذلك هناك ارتباط قوي بين اللغة والعقل؛ فهذا الأخير يستخدمها للتعبير عن أفكاره. لكن هل باستطاعة عقل الإنسان أن يستخدم اللغة بحرية كاملة؟ ألا يمكن القول بأن اللغة تمارس سلطة قمعية على الإنسان؟ لكن أين تتجلى هذه السلطة؟ هل في الشكل أم المضمون؟ هل هي سلطة تتعلق بالبنية التركيبية الداخلية للغة أم بارتباطها بالمؤسسات الاجتماعية والأشخاص الناطقين باسمها ؟
2)سلطة اللغة:
أ) موقف غسدورف Georges Gusdorf:1912 /2000 ص 52.
تتجلى ممارسة اللغة للسلطة في فرض حسن استعمال الكلمات على الإنسان، من اجل إخراجه من عالمه الداخلي، نحو العالم الخارجي الموشوم بالنظام المحكم، فاللغة تفرض علينا التخلي عن دواتنا المغلقة في اتجاه الانفتاح على العالم الخارجي، من خلال ذلك تتجلى السلطة المفروضة من طرف اللغة.
ب) موقف فريديريك نيتشهF.Nietzsche (1844ـ 1900) ص 53
يعالج نيتشه إشكالية ارتباط اللغة بالسلطة، في إطار علاقة الصراع بين السيد والعبد، ذلك أن اللغة تجسد السلطة التي يمارسها هذا على ذاك، كون اللغة في الأصل حسب نيتشه من إبداع الأقوياء والأسياد، الذي أطلقوا الأسماء التي اختاروها على الأشياء، إلى أن أصبح النظام الرمزي الذي نستعمله عاكسا للهيمنة المفروضة على الضعفاء.
ج) موقف رولان بارط:
رد رولان بارط سلطة اللغة إلى آلية التكرار التي تتسم بها، والتي تكرسها المؤسسات الرسمية للغة، كالإعلام والمدرسة والإشهار..، فقد يختلف التعبير عن الأفكار من خلال الأفلام والبرامج والكتب، لكن يتكرر المعنى، فالثقافة الإنسانية تعمل دائما على تكرار المضامين والخطاطات الإيديولوجة.
ثالثا: خلاصة تركيبية:
اختلفت تصورات الفلاسفة في زوايا النظر إلى إشكالية ارتباط اللغة بالسلطة، لكن أجمعوا كل من وجهة نظره على متانة العلاقة بينهما، إن كان على مستوى الاستعمال، الذي ينقلنا من العالم الداخلي إلى العالم الخارجي، أو على مستوى النشأة، التي تجسد سيطرة القوي على الضعيف، أو غير ذلك من أوجه السلطة التي تمارسها اللغة على مستعمليها.
الحيوانات |
الإنســــــان |
ــ تستعمل أصواتها للإشارة إلى حالات شعورية. ــ تغريد الطيورمقولب ونمطي، يشبه ضحك الإنسان. ــ وسائل الاتصال بين الحيوانات محدودة في عدد صغير من الأصوات. |
ــ يستعمل اللغة لبناء عقول أفراده، ووصف الأماكن والأفكار... ــاللغة الإنسانية متنوعة بشكل لا نهائي. ــ ليس هناك حد للأفكار التي يمكن أن يعبر عنها بواسطة اللغة. |