هل يجوز صيام يوم الجمعة في شهر شعبان
هل يجوز صيام يوم الجمعة في شهر شعبان، حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان، هو من الأحكام الشرعية المهمة التي على كلّ المسلمين أن يعرفوها ويعرفوا رأي الشريعة الإسلامية فيها، فالصّيام ركنٌ من أركان الإسلام، وهو من أعظم العبادات وأجلّ القربات، وشهر شعبان من الأشهر المقدّسة والمعظّمة في الدين الإسلامي، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكثير من الفضائل في شهر شعبان المبارك.
هل يجوز صيام يوم الجمعة في شهر شعبان
فضل صيام شعبان
إنّ من المستحب والمسنون عن النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من الصيام في شهر شعبان المبارك، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه كان يصوم شعبان كلّه، وقد ورد عن أمّ المؤمنين أم سلمة رضي الله عنه أنّها قالت: “لمْ يَكُنِ النبيُّ يصومُ في السَّنَةِ شهرًا تَامًّا إلَّا شَعْبانَ، كان يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ“. كذلك عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: “يا رسولَ اللَّهِ ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ“. فصيام شعبان كالتمرين على صيام رمضان، فهو المقدّمة للشهر المبارك فيشرع فيه ما يشرع في رمضان والله ورسوله أعلم.
حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان
إنّ حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان منهيٌّ عنه وهو مكروه كراهةً شديدة إذا صام الجمعة منفردًا، ويجوز لو أرفقها بيومٍ قبلها أو يومٍ بعدها، فقد وردت الكثير من الأحاديث التي تشير إلى تحريم إفراد يوم الجمعة أو حتّى يوم السبت بالصيام في شعبان أو في غير شعبان، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، إلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ”. وقد بيّن أهل العلم أنّ العلة في ذلك أن الصيام يضعف المسلم عن أعمال يوم الجمعة مما يتعلق بصلاتها وحضورها والاجتهاد في الدعاء يومها، ويستثنى من هذا النهي من خصص في جمعة شعبان يومًا بعده أو يومًا قبله و صامه معه، أو صادفت الجمعة أيّامًا اعتاد المسلم أن يصومها كيوم عرفة أو الأيام البيض، وقد ذكر ابن قدامة قال: “يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ , إلا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ , مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ , أَوْ آخِرِهِ , أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ” والله ورسوله أعلم
حكم صيام يوم الجمعة إن وافق ليلة النصف من شعبان
من المهم للمسلم بعد معرفة حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان أن يعلم أنّ تخصيص ليلة النصف من شعبان بالصّيام أمرٌ غير مشروع، وذلك بقول جمهور أهل العلم، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه أشار إلى ذلك، فالصيام يوم الجمعة وتخصيصه بالصيام في منتصف شعبان غير مشروع، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين أنّ الصحيح في صيام النصف من شعبان أو تخصيصه بقراءة أو عبادة فإنّه لا أصل له، فهو كغيره من منتصف باقي الشهور، والمشروع للمسلم في كلّ شهر أن يصوم الأيام الثلاثة البيض، وشعبان مخصوص باستحباب كثرة الصيام فيجوز الصوم فيه من غير تخصيص المنتصف منه، ويوم الجمعة تحديدًا فهو لا يجوز والله أعلم.
حكم صيام يوم الجمعة تطوعا
بعد بيان حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان منفردًا أو مع أيّامٍ أخرى معه، فإنّ من المهم توضيح حكم صوم يوم الجمعة تطوعًا وقد ذكر أهل العلم أن قصد صيام الجمعة بالتطوع في شعبان وفي غيره لا يجوز وهو مكروهٌ ومنهيٌّ عنه في الشريعة الإسلامية، وهذا مذهب الجمهور باستنادهم لعديد الأحاديث الصحيحة، ولكن لهذه الكراهة زوال في عديد الأحوال، كأن يجمع الإنسان مع يوم الجمعة يومًا بعده ويومًا قبله، أو أن يكون عمله شاقًا فلا يجد يومًا للصيام إلا يوم الجمعة تطوعًا وهذا تسقط عنه الكراهة فهي تنتفي بأدنى سبب كما بيّن أهل العلم والله أعلم.
حكم صيام يوم الجمعة قضاء
ذكر أهل العلم ومنهم الشيخ ابن باز أنّ صيام التطوع لا بدّ أن يكون يومًا بعده ويومًا قبله إن كان في يوم الجمعة، وذلك لما ورد من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص يوم الجمعة بصيام التطوع، أمّا لو كان صيامها في قضاء الفريضة فلا حرج على المسلم أن يصوم الجمعة ولو منفردًا لأنّه لم يصمه لتخصيص الجمعة أو لفضله إنّما صامه لقضاء الفريضة، أو لأنّه أيسر له في القضاء إن وافقت أيّام راحته من العمل ونحو ذلك، ولو صام يومًا قبلها ويومًا بعدها فهو أفضل له وأحوط والله ورسوله أعلم.
الأيام التي لا يجوز الصيام فيها
إنّ الخوض في مسألة حكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان يلزم أن يتمّ توضيح وذكر الأيام التي تمّ النهي عن الصيام فيها، وهي كما يأتي:
-
النهي عن صيام يومي العيد: فقد وردت الكثير من الأحاديث التي تشير إلى تحريم الصوم يوم الفطر ويوم الأضحى، وقد أجمع أهل العلم على تحريم صيام هذين اليومين على كلّ حال، سواءً تطوعًا أو كفارة أو غير ذلك.
-
النهي عن صيام أيّام التشريق: وهي الأيام الثلاثة التي تكون بعد عيد الأضحى مباشرةً، وقد اختلف أهل العلم في رخصة صومها للحاج الذي لم يجد الهدي فبعضهم قال يحلّ له صومها وآخرون قالوا لا يجوز صومها مطلقًا والله ورسوله أعلم.
-
النهي عن صوم يوم الجمعة منفردًا: وهو ما يخصّ صيام التطوع فيه وقد تمّ بيان ذلك سابقًا في المقال.
-
النهي عن صيام يوم السبت تطوعًا: وجاء هذا التحريم لمخالفة اليهود الذين يعظّمون هذا اليوم ويصومون فيه، فمكروهٌ على المسلم إفراده بالصوم.
-
النهي عن صيام يوم الشك: وهو اليوم الأخير من شهر شعبان، وذلك يكون إذا استحالت رؤية هلال رمضان فيه، فيحتمل وجوده ويحتمل عدم ذلك، ولا يجوز الصوم فيه من غير تحقق.
-
النهي عن صوم الدهر كلّه: فمن صام للأبد فكأنما لا صام ولا أفطر بقول النبي صلى الله عليه وسلم.
-
النهي عن صوم المرأة تطوعًا بغير إذن زوجها: فمن حق الزوج أن يتمتع بزوجته الذي سيمنعه من ذلك صيامها، وبذلك إن أرادت التطوع أخذت إذنه قبل ذلك والله أعلم.