دعاء نية الصيام في غير رمضان

دعاء نية الصيام في غير رمضان، من البوادر التي يقوم بها المسلم من أجل الإفصاح عن نيته على الصيام، فالصيام في غير شهر رمضان من الأعمال العظيمة التي ترفع درجات العبد عند ربه وتكتبه عنده من الصالحين القائمين العابدين.

لم يرد ذكر دعاء نية الصيام في غير رمضان في الكتاب ولا في السنة، فإن نية الصيام واحدة وضرورية وشرط أساسي إلا في صيام النوافل، وصيام النوافل هو كل صيام يصومه المسلم من تلقاء نفسه كنافلة للتقرب إلى الله والصيام فيها يسمى بصيام التطوع، والتطوع هو كل عمل يقوم به الإنسان بمحض إرادته في الخير دون أن يدفعه إليه أحد.

دعاء نية الصيام في غير رمضان

إلا أنه لا مانع من أن يدعو العبد ربه إذا ما أراد أن يصوم في غير شهر رمضان، لكي يعينه ويثبته على حب التقرب إليه وهكذا، ومن بين الأدعية الجميلة لهذا العمل:

• اللهم أعنى على التقرب إليك وحبب إليَّ طاعتك ونفرني من معصيتك، ولا تجعل الدنيا أكبر همي ولا مبلغ علمي.

• ربي إني نويت أن أصوم الغد صيامًا خالصًا لوجهك الكريم، فأعني عليه وتقبله مني إنك أنت سميع الدعاء.

• ربي أوزعني أن أشكر نعمتك عليّ وعلى ما أعنتني عليه من طاعات، وأدعوك أن تتقبل مني صيامي طوعًا خالًا لوجهك الكريم.

• ربي وإن ثقلت موازيني وبلغت ذنوبي عنان السماء، فإني قطعت العزم على الصيام غذًا إن كتبت لي عمرًا جديدًا فتقبله مني إنك أنت الواسع العليم.

• اللهم إني نويت أن أصوم ثلاثة من هذا الشهر متتابعة خالصة لوجهك الكريم مثلما ورد في سنة النبي الحبيب فأعني عليها وتقبلها منها فأنت سميع مجيب للدعاء.

• اللهم أنت ربي وأعلم بنيتي وتعلم أن عقدت العزم على صوم تطوع غايتي منه لقاء وجهك الكريم، فتقبله مني وإن عظمت ذنوبي وبلغت عنان السماء فلا رحمن رحيم غيرك.

• ربنا أعنا على طاعتك وحببنا في القرب منك وقربنا بخير الأعمال إليك، وباعد بيننا بحق صيامنا لوجهك العظيم وبين ذنوبنا وخطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب.

ما هو صيام التطوع؟

المقصود بصيام التطوع هو الصيام المستحب عند الله ولكن في نفس الوقت ليس مفروضًا على المسلمين وليس واجبًا عليهم، ولا يحاسب المرء ولا يحمل وزرًا في حال عدم صومه، وكذلك لا يتوجب عليه قضاؤه في حال أفطر فيه بعد أن بدأ بالفعل في صيامه، أي أنه يكون صومًا الغرض منه هو التقرب من الله بما يحبه من الأعمال.

مثال على أيام صيام التطوع المستحبة على مدار العام صيام يوم عاشوراء، وصيام يوم وقفة عرفات وصيام ثلاثة أيام من كل شهر هجري وكذلك صيام الستة أيام البيض من شهر شوال، وتلك معلومات مؤكدة حيث أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بشكل صريح في هذا الحديث:

“عن أبو قتادة الحارث الربعي قال: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ عن صَوْمِهِ، قالَ: فَغَضِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: رَضِينَا باللَّهِ رَبًّا، وَبالإسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسولًا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً. قالَ:….”

” فَسُئِلَ عن صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقالَ: لا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ ما صَامَ وَما أَفْطَرَ. قالَ: فَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومَيْنِ وإفْطَارِ يَومٍ، قالَ: وَمَن يُطِيقُ ذلكَ؟! قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومٍ وإفْطَارِ يَومَيْنِ، قالَ: لَيْتَ أنَّ اللَّهَ قَوَّانَا لِذلكَ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومٍ وإفْطَارِ يَومٍ، قالَ: ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ عليه السَّلَام. قالَ:…”

” وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ، قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ. قالَ: فَقالَ: صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إلى رَمَضَانَ؛ صَوْمُ الدَّهْرِ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ”

[رواه أبو قتادة الحارث بن ربعي، وحدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم].

حكم نية صيام التطوع

في إطار عرض دعاء نية الصيام في غير رمضان، يجب أن نتعرف إلى حكم نية صيام التطوع، ومبدئيًا اجتمعت غالبية الآراء على أن عقد النية وتبييتها في الليلة السابقة للصيام شرط أساسي لصحة الصيام فيما يخص الفروض فقط كصيام شهر رمضان المبارك.

فيما عدا ذلك لا يشترط عقد النية كما أنه من المباح تأخير عقد النية على صيام التطوع إذا قرره المسلم فجأة، والدليل ذلك ما ورد في الحديث التالي:

“عن عائشة رضي الله عنها قالت: قالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ: يا عَائِشَةُ، هلْ عِنْدَكُمْ شَيءٌ؟ قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما عِنْدَنَا شيءٌ، قالَ: فإنِّي صَائِمٌ“

[روته السيدة عائشة، وحدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم].

رأي الأئمة الأربعة في نية صيام التطوع

اجتمع أئمة المذاهب على عدم اشتراط تبييت النية في صيام التطوع ولكن خالفهم في ذلك المالكية، حيث رأوا أن عقد النية في ليلة صيام التطوع واجبة مثلما هو الحال في الفرض، ونستعرض كل واحد من هذه الآراء على حدة فيما يلي:

• رأت الحنفية أن آخر وقت لنية صيام التطوع هو منتصف النهار الشرعي، أي الذي يقع في المنتصف بدءًا من شروع النور في أفق السماء وحتى غروب الشمس.

• ذهبت الشافعية إلى أن آخر وقت تنعقد فيه نية صيام التطوع هو الوقت السابق لغروب الشمس مباشرة.

• قالت الحنفية أن وقت تعيين نية صيام التطوع يستمر ويمتد حتى ما بعد زوال الشمس.

• رأت المالكية أنه يشترط على المسلم تبييت النية قبل الفجر.

حكم الإفطار في صيام التطوع

إن عرض دعاء نية الصيام في غير رمضان يدفعنا بشكل أو بآخر للتعرف أكثر إلى حكم الدين في إفطار المسلم خلال صيام التطوع، ولقد وضع أئمة المذاهب الأربعة آرائهم في هذا الصدد ونستعرضه بالتفصيل في النقاط التالية:

• رأى فريق الحنفية أنه يجوز للمسلم أن يفطر في صيام التطوع في حال كان هناك عذرًا ضروريًا يوجب ذلك، ولكن في حال لم يكن هناك عذرًا لذلك فلا يجب أن يفطر الصائم.

• رأت المالكية أن صيام التطوع هو عبادة من العبادات التي يجب أن تكون مكتملة وغير منقوصة ولا يجب الإفطار فيه أبدًا إلا للضرورة القصوى.

• رأى أصحاب المذهب الشافعي أنه يجوز للمسلم أن يفطر في صيام التطوع، حيث إن صيامه في الأساس وإتمامه غير واجب إلا أن قضاؤه وإتمامه مستحبًا عند الله.

• يرى أصحاب المذهب الحنبلي أنه من المستحب قضاء صوم التطوع لأن إكمال العبادات مطلوب، إلا أنه ليس فرضًا واجبًا على المسلم وفي حال أفطر فيه فلا يشترط عليه قضاؤه فيما بعد.

إن دعاء نية الصيام في غير رمضان بوجه عام ليس ضروريًا البتة، وذلك لأن الله مطلع على قلب عبده ويعلم ما في سريرته ويعلم نيته، ولا يجب أن يعتقد العبد أن صيام التطوع لن يقبل منه إذا لم يدعو دعاءً يبرز نيته.