القطاع العقارى.. الأزمة والحلول
أحمد حسن
القطاع العقارى.. الأزمة والحلول
لا شك أن الأزمة العالمية التى يمر بها العالم فى الفترة الأخيرة نتيجة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بشكل سلبى على كافة القطاعات الاقتصادية فى مختلف دول العالم، وداخل مصر نجد أن القطاع العقارى يمر بأزمة حقيقية نظرا لتلك الظروف الاقتصادية فى الفترة الأخيرة نتيجة لارتفاع كبير فى سعر مدخلات البناء بسبب تحرير سعر الصرف، وهو ما يعمل على زيادة كبيرة فى سعر العقارات قد تصل لـ50 %، بالمقارنة بأسعار العقارات فى العام الماضى، وهو ما سيؤدى إلى تراجع فى مبيعات الشركات العقارية خلال العام الجارى، نظرا لتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
الحلول كثيرة ولكن المشكلة تكمن فى التنفيذ، فالكل يتقدم بمقترحات لمواجهة الأزمة، لكن الأمر يحتاج لحل جذرى من قبل الدولة والحكومة، بعد اجتماعات مطولة ونقاشات تترجم تلك الاجتماعات واللقاءات لقرارات قابلة للتنفيذ، فالقطاع العقارى يعد القطاع الاقتصادى الأكبر فى مصر والمساهم الأكبر فى الاقتصاد المصرى والناتج المحلى، فعدم الاهتمام بالإشكاليات التى يواجهها يمثل ضررا حقيقيا للاقتصاد المصرى.
الأزمة العالمية الأخيرة التى ألمت بالاقتصاد العالمى ، أثرت بشكل سلبى على العالم أجمع ، وأدت فى مصر الى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب أزمة نقص المدخرات الناتجة عن ارتفاع الأسعار، ولكن تلك الإشكالية من الممكن تفاديها من خلال تفعيل التمويل العقارى بشكل كامل، وإلغاء كافة الإجراءات التى تمثل عوائق حقيقية أمام الاستفادة من التمويل العقارى، منها الإجراءات التى تفرضها البنوك والمتمثلة فى أن تكون الوحدة كاملة التشطيب وأن تكون الوحدة مسجلة وغيرها من الإجراءات التى قد لا تنطبق على كثير من العقارات داخل مصر، فلا توجد شركة عقارية ليس عليها مديونيات لهيئة المجتمعات أو الجهة مالكة الأرض، وكذلك الأمر لا توجد شركات عقارية تقوم بتنفيذ المشروعات فى البداية ثم تقوم لاحقا بعملية التسويق، بما يعنى أن الشركات العقارية التى تمثل الطرف الأكبر فى القطاع العقارى المصرى لا يستفيد بالتمويل العقارى والمبادرات، كما أن المواطنين أنفسهم أيضا الكثير منهم لم يستفيدوا من التمويل العقارى بسبب تلك الإجراءات التعسفية.
فالتمويل العقارى للوحدات تحت الإنشاء أصبح ضرورة كبرى وأمر ملح فى تلك الفترة الاقتصادية الصعبة، وذلك لتجنب حدوث ركود فى السوق العقارى ، كما أن من بين الحلول التى أراها حلا جذريا لتلك الأزمة هو صندوق دعم الفائدة، والذى طالب به عدد كبير من كبار المطورين، وهو ما يتيح للبنوك عنصر الأمان الحقيقى لضمان القروض التى تمنحها للشركات وكذلك سيكون هذا الصندوق عنصر الأمان بالنسبة للمواطن لضمان استلام الوحدة الخاصة به فى الموعد المحدد.
ولعلك تعلم يا عزيزى القارىء أنه من السهل تطبيق وتنفيذ فكرة صندوق دعم الفائدة، ولكن لا أعلم حتى الان ما السبب فى التأخير، فعادة الحكومة متمثلة فى وزارة الإسكان، تفرض عند بيع أراضى أو وحدات سكنية نسب معينة ، منها 1% مثلا مصاريف إداريه، و0.5% مجلس أمناء، وما شابه ذلك، فمن الممكن أن يتم تطبيق خصم نسبة 1% من مختلف الأراضى التى يتم بيعها للمطورين ووضعها فى صندوق دعم الفائدة، مقابل منح تلك الشركات قروض ميسرة لتمويل تنفيذ الوحدات ، ويتم السماح للشركات نفسها ببيع تلك الوحدات بنظام التمويل العقارى، وتسهيل الإجراءات التى تسمح بذلك وهو ما نضمن تفعيل التمويل العقارى بشكل كامل ويصب فى مصلحة القطاع العقارى والاقتصاد المصرى.
ولا شك أن إعلان مجلس الوزراء مجموعة من الإجراءات الأخيرة، جاء فى إطار تحفيز القطاع العقارى، وشملت القرارات منح المطورين العقاريين تيسيرات عدة خاصة بتأجيل الأقساط وجدولتها، ومد فترات إضافية للمطورين حتى يتمكنوا من استكمال الأعمال والإنشاءات، وتقليل وخفض الفائدة التى تحصل عليها وزارة المالية، وتلك الإجراءات جاءت بعد عدة لقاءات مع المطورين والحكومة، والتى تمت بشأنها تحديد عدد من المقترحات والمطالب التى أصدرت الحكومة قرارات فى شأنها لدعم القطاع العقارى بعد التنسيق مع وزير الإسكان، ورغم أن تلك التيسيرات التى ذكرنا بعضها جيدة، ولكن لم تزل عبارة عن مسكنات، والقطاع العقارى يحتاج لتدخل جراحى لإنهاء الأزمة بشكل كامل وليس كمسكنات.