الفرق بين التراويح وقيام الليل
الفرق بين التراويح وقيام الليل، قد لا يكون كبير، ولكنه يتعلق ببعض الصفات الأخرى لكل صلاة كعدد الركعات أو الصلاة في جماعة أو فردي، وهُنا نبدأ في التطرق لتوضيح الفرق بينهما مع إبراز فضل كلٍ منهما على صاحبها.
الفرق بين التراويح وقيام الليل
يُطلق على صلاة التراويح أنها أول قيام من الليل، وذلك لأنها الصلاة التي تتم بعد العشاء مباشرةً، أي في الثلث الأول من الليل، وهذا على عكس باقي أشكال صلوات قيام الليل.
صلاة التراويح هي الصلاة المستحبة في جماعة، وهذا على عكس قيام الليل لأنها الصلاة التي يمكن للمسلم أداؤها بمفرده دون الجماعة وهو الفرق الواضح بين الصلاتين والأشهر.
أما من حيث عدد الركعات فصلاة التراويح مُحددة الركعات، حيث يُفضل إتمامها 20 ركعة، وذلك استنادً لما روي عن ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:
“إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر“.
أما عن صلاة قيام الليل فهي غير مُحددة الركعات، حيث يستطيع المُسلم صلاتها بعدد ركعات فردية وقول التشهد بين كل ركعتين، وذلك في الثلث الأخير من الليل وإنهائها بالوتر، ويكون بما يسره الله للمُسلم، أي يكون بعدد الركعات التي يستطيع المسلم إتمامها.
الفرق بين صلاة قيام الليل والتراويح في الحُكم
من أهم ما يجب أن يلتفت إليه المُسلم بشأن الفروقات بين الصلوات هو حكمها في الإسلام، الجدير بالذكر أنه لا اختلاف بينهما في ذلك، وقد تشابها كثيرًا في هذا الأمر فكلاهما سُنة غير مفروضة على الإنسان، ومن لا يصلي أي منهما لا إثم عليه، ولكن ثوابهما وجزائهما كبير عند الله.
تحدث الله في كتابه العزيز عمن يُصلي قيام الليل بكافة أشكاله وأكرمه في حديثه، فله الثواب الأعظم عن الله، وسينال خير الجزاء، وفضلها عظيم على صاحبها، حيث يجعل له المكانة العظيمة التي لا مثيل لها عند الله وفي الجنة بالآخرة بإذن الله تعالى.
لكن في الحديث عن الحُكم يجب ذكر أمر مهم للغاية والذي يختلط على بعض الأشخاص وهو أن صلاة التراويح تُشبه الفروض وليست فرض، وذلك في طريقة صلاتها، حيث لا يُجمع بها بين ما يزيد عن ركعتين بسلام واحد فقط.
ما حُكم من يعتاد صلاة قيام الليل ويتركها
البعض يخاف من اعتياد قيام الليل وكأنها فرض أساسي له في إحدى فترات حياته وبعد ذلك يتركها، ولكن ما لا يلتفت إليه البعض وبُناءً على ما أجابت به دار الإفتاء عن ذلك لأنه لا إثم على من يتركها، فهي نافلة، غير مفروضة على أحد، وللإنسان حرية الاختيار إما المداومة عليها أو تركها بعد المداومة.
صلاة التراويح سُنة من سُنن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يجمع عليها الناس بعد صلاة العشاء، ولكن تركها خوفًا من اعتياد الناس لها وبُناءً عليه يظنون أنها الفرض السادس وهو أمر غير صحيح لأن الفروض خمس فقط، ولكن تبعه الخليفة عُمر بن الخطاب في جمع الناس عليها، واعتادوا صلاتها في شهر رمضان المبارك لتكثيف الثواب وخير الجزاء.
استندت دار الإفتاء في ذلك التوضيح على ما نقلته أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت:
“أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها“.
فضل صلاة قيام الليل
بُناءً على اندراج صلاة التراويح تحت أشكال قيام الليل أي أنا القيام أعم وأشمل لجميع الصلوات التي تكون بعد صلاة العشاء وحتى الفجر سنذكر من خلال النقاط التالية الفضل العظيم الذي يعود على المُسلم من صلاة قيام الليل بصدد توضيح الفرق بين التراويح وقيام الليل، وهو:
-
بها تُغفر ذنوب الإنسان، ويشعر كأنه وُلد من جديد.
-
يتقرب من خلالها العبد إلى ربه، ويكون أكثر ثقة به.
-
القيام من أفضل الصلوات التي تجعل الإنسان أكثر تعلقًا بالله، وآملًا بحياته خيرًا بوجوده.
-
القيام من الصلوات التي تُثبت مدى حُب الإنسان لله، ومدى قرابته منه.
-
هي الصلاة التي تتحقق بها الآمال والأحلام، وهي الصلاة التي تجعل الإنسان يمر بأجمل لحظات حياته.
-
الخشوع بها يجعل هناك قبول للدعوات، وبها يستطيع الإنسان الوصول إلى كل ما كان يحلم به في أيام قصيرة جدًا.
-
سيشعر المسلم من خلالها بأن الله قد غفر له ذنوبه، وقد أصبح أخف من الطير، فهي الصلاة التي تغسل الجسد من الداخل.
-
تجعل المسلم غير راغب في ارتكاب أي معاصٍ، فهي تعفه من ذلك، وتجعله الأقرب والأفضل عند الله.
-
تُميز العبد عن الله سبحانه وتعالى.
-
بها جهاد للنفس.
-
تكفر بها السيئات وبها يبعد الإنسان عن الآثام.
-
شرف للمُسلم أن يُقيم الليل.
-
إحياء لسُنة النبي صلى الله عليه وسلم ومحافظة على عاداته الإسلامية التي أوصانا بها.
-
يرفع بها الإنسان بين درجات الجنة.
-
هي السبيل الأسهل لدخول الجنة والتخلص من كافة الذنوب والمعاصي.
فضل قيام رمضان
يُذكر أن صلاة التراويح يُطلق عليها اسم قيام رمضان، والتي ذُكرت بها الأحاديث النبوية الشريفة التي تُبين فضلها، وظهرت فيما رواه البخاري ومُسلم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ“.
معنى الحديث الشريف أن من يقوم الليل في رمضان في عبادة الله سبحانه وتعالى وتصديقًا بوعده يكون له الثواب الأكبر عند الله، ويغفر الله له بذلك ما تقدم من ذنوبه وما تأخر منها.
كما يجب على المُسلم أن يجتهد في الخشوع والعبادة بهذه الصلاة، وذلك لفضلها العظيم الذي يعود إلى صاحبها، فهي من أجمل العبادات التي يجب على الإنسان استغلالها في التقرب من الله وكسب الثواب العظيم، وخاصةً في الليالي العشر الأخيرة، ففي هذه الأيام توجد الليلة المباركة ليلة القدر التي يتقبل الله بها من عباده الدعوات، فلا بُد للإنسان من الاجتهاد بالعبادة في هذا الشهر العظيم.
بتوضيح الفرق بين التراويح وقيام الليل يتبين أن المسلم قد يختلط عليه الأمر في الكثير من الأحيان بين جميع أنواع الصلوات نظرًا لتشابهها في الكثير من الصفات، وأكثرها الأحكام، وهو ما يجعله بحاجة إلى تدبر أمور دينه جيدًا.