"القاعدة" تستأنف هجماتها في موريتانيا
أفادت وسائل الإعلام الموريتانية يوم الإثنين 6 مارس/آذار 2023 عن هروب 4 إرهابيين ينتمون لتنظيم "القاعدة" من سجن نواكشوط، مما أدى إلى مقتل اثنين من الحراس خلال عملية الفرار.
ونتيجة لهذا الحادث الذي لم تدرك حجمه فور وقوعه عززت قوات الأمن وجودها بمحيط السجن وشرعت في حماية القصر الرئاسي، وقطعت عدة طرق في نواكشوط، وأغلقت المباني الحكومية التي تحيط بالسجن المدني وسط العاصمة نواكشوط.
كيف خطط الإرهابيون للهروب؟
وصلت السيارة المستخدمة في عملية الهروب (تويوتا هايلوكس) قبل ثلاثة أشهر إلى منزل في بلدية دار النعيم شمال نواكشوط، بحجة أنها ستستخدم للبحث عن الذهب في شمال موريتانيا، أي بالقرب من الحدود مع الجزائر.
وأثناء عملية الهروب كان الإرهابيون يجمعون معلومات من السكان المحليين عن المركبات التي تنقل السياح عبر تلك المنطقة، لأنهم كانوا يعتزمون خطف سياح غربيين.
إلا أن عملية عسكرية شنها الجيش في منطقة نائية ببلدية المداح بمقاطعة أوجفت بولاية أدرار (450 كلم شمال نواكشوط) انتهت بمقتل ثلاثة من الإرهابيين واعتقال الرابع.
وأثناء عملية تفتيش المكان وجدت قوات الأمن أن خزان وقود السيارة كان ممتلئاً تقريباً، إضافة إلى أن المركبة كان على متنها 3 براميل سعة كل منها 75 لتراً وثلاثة أخرى من المياه بنفس السعة، مما يدل على أن الهاربين كانوا يعتزمون الوصول إلى شمال مالي.
فمن هم الإرهابيون الذين خططوا لعملية الهروب؟
محمد الشبيه، عضو خطير في تنظيم "القاعدة" متورط في عمليات إرهابية. قتل خلال عملية المطاردة.
السالك الشيخ (السالك ولد الشيخ) متهم بمحاولة اغتيال الرئيس الموريتاني الأسبق، محمد ولد عبد العزيز، وأحد منفذي تفجير الرياض بالعاصمة نواكشوط عام 2011.
هرب الشيخ من السجن من نواكشوط في يناير/كانون الثاني 2016 بطريقة وصفت بـ"الغريبة"، إلا أنه قُبِض عليه في غينيا بيساو، وسُلّم إلى موريتانيا. قتل خلال العملية ودفن في مقبرة بالرياض، إحدى ضواحي العاصمة نواكشوط.
محمد يسلم محمد عبدالله المحكوم عليه بالسجن 10 سنوات. قتل هو الآخر خلال العملية.
عبدالكريم أبوبكر الصديق أباتنة، إرهابي محكوم عليه بالسجن سبع سنوات.
ماذا كشفت التحقيقات؟
بحسب التحقيقات، فإنه بعد أيام من القبض على الإرهابيين، وتحديدًا في 15 مارس/آذار 2023، اعتقلت قوات الأمن الداعية والمنظّر المقرب من تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، محمد سالم ولد محمد الأمين، المعروف باسم "المجلسي".
و"المجلسي" هو تائب من التطرف، لكن يبدو أنه سلّم سلاحه فقط واستمر في النشاط كمنظّر للتطرف. وسبق وأدين بالتواطؤ في الهجوم على سائحين فرنسيين قُتلوا بالقرب من ألاك عام 2007.
ورغم انتهاء عملية مطاردتهم، إلا أن هناك عدة أسئلة تطرح نفسها بقوة حول "الإرهابيين" الذين ينتمون لتنظيم "القاعدة"، وهي: أنهم قبل أربعة أيام من اعتقالهم، كانوا يتجولون قرب مدينة أدرار بأريحية، فلماذا هذا الاطمئنان؟. السؤال الآخر: كيف يمكن أن يهربوا 450 كم دون اكتشافهم؟ إلا أن الجواب أنه من الواضح أن لديهم دعماً داخل موريتانيا.
فبالقرب من باسكنو، حيث يقع مخيم أمبرا للاجئين الماليين، ألقت قوات الأمن القبض على شاب من الطوارق، كان هو الذي سلّم سيارة الدفع الرباعي للإرهابيين من أجل هروبهم.
وتشير البيانات الواردة من تحقيق الشرطة إلى زعيم "القاعدة" عبد الرحمن ولد الحسن (أبو طلحة الليبي)، والذي يختبئ في شمال مالي، كان المخطط لعملية الفرار بأكملها.
ومع هذه المعطيات، من الواضح أن الجهة المسؤولة عن تحضير عملية الهروب هي إمارة تمبكتو التي تنتمي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (فرع للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي).
قراءات للعملية
هناك قراءتان لتلك العملية: الأولى واضحة، وهي نيّة القاعدة الإفراج عن عناصرها، فيما الثانية: كسر اتفاقية عام 2011 بين القاعدة وموريتانيا التي تعهد الإرهابيون بموجبها، بعدم شن هجمات داخل البلاد، مقابل الحصول على ما بين 10 و20 مليون يورو سنوياً (وهو المبلغ الذي اعتبره الإرهابيون مقابل عدم اختطاف الرهائن الغربيين)، حسب تقارير استخباراتية حصلت عليها الولايات المتحدة في باكستان عام 2011.
وخلال محاولة اعتقال الإرهابيين، توغّل تنظيم "القاعدة" داخل الأراضي الموريتانية مسافة 1100 كلم، وقتل اثنين من حراس سجن نواكشوط واثنين من أفراد قوات الأمن، ما يعد انتهاكاً واضحاً للاتفاق.
ومع كل هذه المعطيات، نستنتج أنه على الدولة الموريتانية أن تضع قواتها الأمنية في حالة تأهب، على الأقل في الأشهر القليلة المقبلة. فإذا نفذت "القاعدة" عمليات إرهابية في البلاد، فستكون كتيبة الصحراء الكبرى أو إمارة تمبكتو هي المسؤولة عن تنفيذها، لا سيما أنها تقوم بتجنيد مقاتلين موريتانيين منذ عام 2020.