مسلسل الكبير أوي يكشف السوشيال ميديا.. واقع مفبرك يتمناه الآخرون
سما سعيد
مسلسل الكبير أوي يكشف السوشيال ميديا.. واقع مفبرك يتمناه الآخرون
منذ رمضان السابق وأنا أتابع مسلسل الكبير أوي للفنان أحمد مكي، الذي تناول في إحدى حلقاته استخدامات السوشيال ميديا والإنترنت، والتأثير السلبي على البشر بل وعلى سلوكياتهم تحديدًا، في رسالة مباشرة عن أصحاب الصفحات الكبيرة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين أصبح وجودهم مؤثر في ثقافة وطريقة وسلوك المتابعين لهم.
تناولت حلقات الكبير أوي في الموسم الماضي نقاطًا مهمة، مثل شراء المتابعين، حتى وإن كانوا وهميين، فقط لإعطاء مصداقية لهم كنوع من التوابل لحث التفاعل لهم، وأيضًا تحول استخدام السوشيال ميديا لإدمان يفوق إدمان المخدرات، كانت حلقات كوميدية ولكنها إشارة وتنويه صريح لما يحدث حاليًا.
لم تنجح تلك الحلقات فقط، بل وتداولها رواد السوشيال ميديا على مدار عام كامل، حتى ظهور الحلقات الجديدة في رمضان الحالي والتي تؤكد أن أحمد مكي يبحث طوال الوقت عن حلول لمشكلات كنا نحاول تجنب الحديث عنها، أو لم نكن نعلم أنها بالفعل مشكلات.
لم يقتصر المسلسل على الإشارة للبُعد عن الحياة المادية للأشخاص الطبيعيين، ولكنه وضح بأسلوب ساخر أثر ذلك على حياة الأغلبية، من خلال فكرة التربح السريع من خلال المحتوى التافه أو الغريب، الأمر الذي حول مجموعة من مشاهير السوشيال ميديا يتجهون لمثل تلك المحتويات بالفعل منهم من يفتعلون مشكلات أو يصنعون محتوى لطفل رضيع أو جنين ما زال بالفعل في بطن أمه، نماذج كثيرة تحتاج للدراسة والتوعية وأحيانًا للردع، مثل المحتويات الصادمة والتي تؤذي البعض، وأيضًا المسابقات المستفزة والتحديات التي تتم على البث المباشر، وأيضًا فكرة المقالب المفبركة، وأهمها تناول الحياة الشخصية في فيديوهات في انتهاك واضح للخصوصية، حتى وإن كانت حياة خاصة بأصحاب المحتوى.
لم يستعرض المسلسل أغلب النماذج، ولكنه سلط الضوء على النماذج المشهورة حاليًا، وقد ألمح المسلسل لأهم ما في الموضوع، وهو الجانب المادي في مثل تلك الفيديوهات، وإن الفيديوهات صاحبة المحتوى الهادف هي الأحق بالمتابعة والإشادة والدعم.
فعلى الرغم من كون المسلسل كوميدي إلا أن تلك الحلقات اعتبرها بمثابة كوميديا سوداء، فهي تصف الواقع المرير وتسلط عليه الضوء ولكنه مع ذلك قادر على إضحاكنا، فنحن المصريون نحول الأزمات لشعلة فكاهة، بل وقادرون بالابتسام أن نقضي على كل هذه المساوئ.
ولكن في ظل وجود مثل الكبير أوي حتى وإن كانت في إطار كوميدي، فهو ينبه ولو بشكل غير مباشر، على أهمية اختيار المحتوى، وأهمية استثمار الوقت فيما ينفع، والبحث عن الغاية الحقيقية من وجود الإنسان، فكما قالها مكي "هي دي النفس اللي ربنا كرمها؟"
الفن نفسه إن لم يقدم قيمة حقيقية أيًا كان نوعها، فنية أو اخلاقية أو سياسية يصبح عديم الجدوى، لذا فأن مثل تلك الأعمال، والعمل المذكور بصفة خاصة، لن يصبح تريند لشهر رمضان فقط، بل سيتسمر كنموذج تربوي وتوعوي، في ظل وجود اصحاب وعي وثقافة قادرين على توصيل رسالة المسلسل، والذي ساعدهم المسلسل في التغلغل في النسيج المصري. فكم نحتاج لمثل تلك الأعمال حالياً، فشكراً لمكي والفنانين المشاركين في هذا العمل ومن ساعدهم على توصيل هذه القيمة التي افتقدناها منذ فترة، وشكراً لتنبيهنا واعادة تذكيرنا بمثل تلك القيم المهمة.