أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الاثنين 24.75 C

ما ثمره الايمان بالانبياء والرسل

ما ثمره الايمان بالانبياء والرسل

ما ثمره الايمان بالانبياء والرسل

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

ما ثمره الايمان بالانبياء والرسل، الإيمان بالرسل، هو الركن الرابع من أركان الإيمان، فلا يصلح إيمان العبد إلا به، فقد أمر الله سبحانه بالإيمان بهم، وقرن ذلك بالإيمان به فقال: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [النساء:171].

وجاء الإيمان بالرسل، في «المرتبة الرابعة» من التعريف النبوي للإيمان، كما في حديث جبريل: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله..».[1]، وقرن الله سبحانه الكفر بالرسل بالكفر به، فقال: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ١٣٦﴾ [النساء:136]، ففي هذه الآيات دليل على أهمية الإيمان بالرسل، ومنزلته في دين الله.

الفرق بين النبي والرسول

  • الرسول: هو الذي أنزل عليه كتاب ومعجزة تثبت نبوته، وأمره الله بدعوة قومه لعبادة الله.
  • أما النبي: هو الذي لم ينزل عليه كتاب إنما أُوحيَ إليه أن يدعو قومه لشريعة رسول قبله مثل أنبياء بني إسرائيل كانوا يدعون لشريعة موسى وما في التوراة.
  • وعلى ذلك.. يكون كل «رسول، نبي» وليس كل «نبي، رسول».
    والإيمان برسل الله عز وجل، مرتبط ببعضه، حيث من كفر بواحد منهم، فقد كفر بالله تعالى، وبجميع الرسل، وذلك لأنهم جميعاً يدعون إلى دين واحد، وهو عبادة الله.
  • كما قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥﴾ [البقرة:285].
  • وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ١٥٠ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ١٥١ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ١٥٢﴾ [النساء:150–152].
    وعلينا الإيمان، بأنهم بلّغوا جميع ما أُرِسلوا به، وما أمرهم الله به، وأنهم بيّنوه بياناً لا يسع أحداً ممّن أرسلوا إليه جهله، ولا يحل خلافه.
  • قال تعالى: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٣٥﴾ [النحل:35].
  • وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٨٢﴾ [النحل:82].

وأما الإيمان بمحمد ﷺ، فتصديقه واتباع ما جاء به من الشرائع إجمالاً وتفصيلاً.

معنى الإيمان بالرسل

معنى الإيمان بالرسل، كما ورد في كتاب «معارج القبول» هو: (التصديق الجازم بأن الله تعالى، بعث في كل أمةٍ رسولاً، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، لا شريك له، والكفر بما يعبد من دونه، وأَنَّ جميعهم صادقون مصدقون أتقياء أمناء هداة مهتدون، وأنهم بلَّغوا جميع ما أرسلهم الله به، لم يكتموا حرفاً، ولم يغيروه، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفاً ولم ينقصوه، فهل على الرسل إلا البلاغ المبين).

  • وأنهم كلهم كانوا على الحق المبين، وأن الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلاً، واتخذ محمداً ﷺ خليلاً، وكلَّم موسى تكليماً، ورفع إدريس مكاناً عليَّا، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الله تعالى فضل بعضهم على بعض، ورفع بعضهم على بعض درجات.
  • وقد اتفقت دعوتهم من أولهم إلى آخرهم في أصل الدين وهو توحيد الله عز وجل بإلهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته، ونفي ما يضاد ذلك، أو ينافي كماله، كما تقدم ذلك في تقرير توحيد الطلب والقصد.

وأما فروع الشرائع، من الفرائض، والحلال، والحرام، فقد تختلف.. فيفرض على هؤلاء، ما لا يفرض على هؤلاء، ويُخفف على هؤلاء، ما شدد على أولئك، ويحرم على أمة ما يحل للأخرى وبالعكس لحكمة بالغة وغاية محمودة قضاها الله عز وجل «ليبلوكم فيما آتاكم»، ول«يبلوكم أيكم أحسن عملاً».

وقد ذكر الله تعالى في كتابه منهم: آدم، ونوح، وإدريس، وهود، وصالح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، ولوط، وشعيب، ويونس، وموسى، وهارون، وإلياس، وزكريا، ويحيى، واليسع، وذا الكفل، وداود، وسليمان، وأيوب، وذكر الأسباط جملة، وعيسى، ومحمد ﷺ، وقص علينا من أنبائهم ونبَّأنا من أخبارهم ما فيه كفاية وعبرة وموعظة إجمالاً وتفصيلاً.

  • قال تعالى: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤﴾ [النساء:164].
  • وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ﴾ [غافر:78].

فنؤمن بجميعهم تفصيلاً فيما فصل، وإجمالاً فيما أجمل.

وكتب الشيخ محمد طه شعبان: (الإِيمَانُ بِالرُّسُلِ مَعْنَاهُ، اعْتِقَادُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاء:

  • أَوَّلًا: الإِيمَانُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ بَعَثَ فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا يَدعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَالْكُفْرِ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36].
  • ثَانِيًا: الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ، الَّذِينَ ذُكِرَتْ لَنَا أَسْمَاؤُهُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهُمْ: (آدَمُ، وَنْوحٌ، وَإِدْرِيسُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَإِسْحَاقُ، وَيَعْقُوبُ، وَدَاوُدُ، وَسُلَيْمَانُ، وَأَيُّوبُ، وَيُوسُفُ، وَمُوسَى، وَهَارُونُ، وَزَكَرِيَّا، وَيَحْيَى، وَعِيسَى، وَإِلْيَاسُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَالْيَسَعُ، وَيُونُسُ، وَهُودٌ، وَصَالِحٌ، وَلُوطٌ، وَشُعَيْبٌ، وَذُو الكِفْلِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٌ)، فهؤلَاء خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَبِيًّا وَرَسُولًا، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَجْمَعِينَ.. وَالْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ، الَّذِينَ لَمْ تُذْكَرْ لَنَا أَسْمَاؤُهُمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر:78].
  • ثَالِثًا: الْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ، هُوَ آخِرُ الْأَنْبِياءِ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ٤٠﴾ [الأحزاب:40].
  • رَابِعًا: اعْتِقَادُ أَنَّهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَلَّغُوا جَمِيعَ مَا أَرْسَلَهُمُ اللهُ بِهِ، لَمْ يَكْتُمُوا حَرْفًا وَلَمْ يُغَيِّرُوهُ وَلَمْ يَزِيدُوا فِيهِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ حَرْفًا وَلَمْ يُنْقِصُوهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالى: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٣٥﴾ [النحل:35].

الرسل المذكورن في القرآن والسنة

ذكر الله في كتابه، خمسة وعشرين نبياً ورسولاً، فذكر في مواضع متفرقة آدم، وهوداً، وصالحاً، وشعيباً، وإسماعيل، وإدريس، وذا الكفل، ومحمداً عليهم السلام. وذكر ثمانية عشر منهم في موضع واحد في سورة الأنعام.

من هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب، فقد جاء في حديث أبي ذر في ذكر الأنبياء والمرسلين: (منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر). ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل: العرب العاربة، وأمّا العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وهود، وصالح، كانا من العرب العاربة.

الأنبياء الذين سبق ذكرهم مذكورون في القرآن بأسمائهم، وهنا بعض الأنبياء أشار القرآن إلى نبوتهم، ولكننا لا نعرف أسماءهم، وهم الأسباط، والأسباط هم أولاد يعقوب، وقد كانوا اثني عشر رجلاً عرّفنا القرآن باسم واحد منهم وهو يوسف، والباقي وعددهم أحد عشر رجلاً لم يعرفنا الله بأسمائهم، ولكنه أخبرنا بأنّه أوحى إليهم، قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ﴾ [البقرة:136].

  • هناك أنبياء ورد ذكرهم في السنة، ولم ينصّ القرآن على أسمائهم، وهم:
  1. شيث: يقول ابن كثير: (وكان نبيّاً بنصّ الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر مرفوعاً أنّه أنزل عليه خمسون صحيفة)
  2. يوشع بن نون: روى أبو هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «غزا نبيٌّ من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولمّا يبنِ، ولا آخر قد بنى بنياناً ولما يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات وهو منتظر ولادها، قال: فغزا، فأدنى للقرية حين صلاةِ العصر، أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة، وأنا مأمور، اللهمَّ احبسها عليَّ شيئاً، فحسبت عليه حتى فتح الله عليه».. والدليل على أنَّ هذا النبي هو يوشع قوله ﷺ: «إنَّ الشمس لم تحبس إلاّ ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس».
  • هناك آخرون مختلف في نبوتهم مثل:
  1. ذو القرنين: ذكر الله خبر ذي القرنين في آخر سورة الكهف، ومما أخبر الله به عنه أنه خاطبه ﴿قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ٨٦﴾ [الكهف:86].. فهل كان هذا الخطاب بواسطة نبيّ كان معه، أو كان هو نبيّاً؟ جزم الفخر الرازي بنبوته، وقال ابن حجر: (وهذا مرويٌّ عن عبد الله بن عمرو، وعليه ظاهر القرآن) ومن الذين نفوا نبوته علي بن أبي طالب.
  2. تبع: ورد ذكر تبع في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ٣٧﴾ [الدخان:37]، وقال: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ١٢ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ١٣ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ١٤﴾ [ق:12–14]، فهل كان نبيّاً مرسلاً إلى قومه فكذبوه فأهلكهم الله؟ الله أعلم بذلك. والأفضل التوقف في أمر ذي القرنين وتُبّع .. والأفضل أن يتوقف في إثبات النبوة لهذين، لأنه صحّ عن الرسول ﷺ أنه قال: «ما أدري أتُبّع نبيّاً أم لا، وما أدري ذا القرنين نبياً أم لا». فإذا كان الرسول ﷺ لا يدري، فنحن أحرى بأن لا ندري.
  3. الخضر: الخضر هو العبد الصالح الذي رحل إليه موسى ليطلب منه علماً، وقد حدثنا الله عن خبرهما في سورة الكهف.

وسياق القصة يدلّ على نبوته من وجوه:

  1. قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ٦٥﴾ [الكهف:65]، والأظهر أنّ هذه الرحمة هي رحمة النبوة، وهذا العلم هو ما يوحى إليه به من قبل الله.
  2. قول موسى له: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ٦٦ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ٦٧ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ٦٨ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ٦٩ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ٧٠﴾ [الكهف:66–70] فلو كان غير نبيّ لم يكن معصوماً، ولم يكن لموسى –وهو نبيٌّ عظيم، ورسول كريم، واجب العصمة– كبيرُ رغبةٍ، ولا عظيم طلبة في علم وَليٍّ غير واجب العصمة، ولما عزم على الذهاب إليه، والتفتيش عنه، ولو أنَّه يمضي حقباً من الزمان، قيل: ثمانين سنة، ثمَّ لما اجتمع به، تواضع له، وعظّمه، واتبعه في صورة مستفيد منه، دلّ على أنه نبيٌّ مثله، يوحى إليه كما يوحى إليه، وقد خصّ من العلوم اللدنيَّة والأسرار النبويَّة بما لم يطلع الله عليه موسى الكليم، نبيّ بني إسرائيل الكريم.
  3. أنّ الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام، وما ذاك إلا للوحي إليه من الملك العلام، وهذا دليل مستقلٌّ على نبوتَّه، وبرهان ظاهر على عصمته، لأنَّ الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأنَّ خاطره ليس بواجب العصمة، إذ يجوز الخطأ عليه بالاتفاق، ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام الذي لم يبلغ الحلم علماً منه بأنّه إذا بلغ يكفر، ويحمل أبويه على الكفر لشّدة محبتهما له، فيتابعانه عليه، ففي قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر وعقوبته دلّ ذلك على نبوته وأنّه مؤيد من الله بعصمته.
  4. أنّه لمَّا فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى، ووضح له عن حقيقة أمره وجلاَّه، قال بعد ذلك كلّه: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكهف: 82]، يعني ما فعلته من تلقاء نفسي، بل أمرت به، وأوحي إليّ فيه.

كيف يتحقق الإيمان بالرسل؟

يتحقق الإيمان بالرسل من خلال عدة أمور، وبيانها كما يأتي:

  1. الإيمان الجازم برسالتهم ونبوتهم، وأنها حق جاءت من عند الله تعالى، ومن يكفر برسالة واحدة، أو نبوة أحدهم، فقد كفر بجميع الرسل والأنبياء.
  2. الإيمان الجازم بجميع الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى، سواء من ذكره الله في القرآن الكريم، ومن لم يذكره، دون التفريق بينهم، قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ).
  3. الاعتقاد الجازم أن جميع الأنبياء والرسل أمناء أتقياء، هداة مهتدون، صادقون مصدقون، قاموا بتبليغ الرسالة، ودعوة الناس على أكمل وجه، كما أمرهم الله تعالى، دون تغيير أو تحريف، فلم يزيدو ولم ينقصوا شيئاً.
  4. التصديق الجازم بما ورد عن الأنبياء والرسل من الأخبار الصحيحة.
  5. وجوب العمل بشرائعهم، فيجب على كل قوم من الأقوام بالعمل بشريعة الرسول الذي بعث إليها، وهذا قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ففي زمننا يجب علينا العمل بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فشريعته هي خاتمة الشرائع، ورسالته آخر الرسالات.
  6. الإيمان الجازم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).
  7. وجوب توقير وتعظيم جميع الأنبياء والرسل، فالله تعالى قد اختصهم بالرسالة والنبوة، قال تعالى: (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ).


ما ثمره الايمان بالانبياء والرسل

يترتب على الإيمان بالرسل والأنبياء عليهم السلام مجموعة من الثمرات، وبيان بعض منها كما يأتي:

  1. إدراك رحمة الله تعالى ولطفه بعباده، حيث أرسل إليهم الأنبياء والرسل لهدايتهم إلى طريق الحق والصواب، وإخراجهم من ظلمات الجهل
  2. إلى نور الإيمان، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، قال الله تعالى واصفاً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
  3. شكر الله تعالى على هذه النعمة الكبرى، لما فيها من خير للبشرية.
  4. تعظيم جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام ومحبتهم، والثناء عليهم.
  5. تحقيق السعادة بالدنيا والآخرة، والفوز بالجنة والنجاة من النار، من خلال العمل بما جاء به الرسل، وطاعتهم، قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَ).
  6. العلم بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل.

اقرأ أيضا