أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الثلاثاء 24.75 C

ثورة المقراني 2023

ثورة المقراني 2023

ثورة المقراني 2023

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

ثورة المقراني 2023، لم تتوقَّف المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي منذ بداية الاحتلال عام 1830، وحتّى نالت البلاد استقلالها الكامل عام 1962. تجاوزت الثورات الجزائرية على المحتلّ الفرنسي 10 ثورات، دفع خلالها أبناء الشعب الجزائري أثماناً باهظة في الأرواح والخسائر.

ثورة المقراني 2023

كان الاحتلال الفرنسي للجزائر من أسوأ الاحتلالات وأكثرها همجيّة وعنفاً، اشتملت سياسات الاحتلال الفرنسي في الجزائر على التهجير القسري للمواطنين الجزائريين الذين يعترضون على سياسة الاحتلال، ونفي ما يتبقّى من المقاومين منهم بعد سحق الثورات والتمردات التي تطالب بحقوق الشعب الجزائري، وهذا ما حدث تماماً بعد سحق ثورة الشيخ محمّد المقراني واستشهاده، فقد تمّ نفي المتبقي من المشاركين في الثورة إلى جزيرة كاليدونيا في جنوب غرب المحيط الهادئ.

الشيخ محمد المقراني.. باش آغا منطقة مجانة

ورث محمد المقراني عن والده السيد أحمد المقراني زعامة المنطقة، كان والده زعيم بني عباس في منطقة مجانة منذ عام 1831 وحتى 1853، وقد ورث محمد عن والده تلك الزعامة، ولكن بسلطاتٍ أقلّ من والده، فقد كان والده زعيماً قبل أن تُحكم فرنسا قبضتها على الجزائر.

الجزائر
صورة للثوار الجزائريين في حرب التحرير الجزائرية/wikimedia.commons

أصبح الشيخ محمد المقراني باش آغا بسلطات أقلّ من سلطات والده، وذلك في عام 1853 وعمره 83 عاماً، وظل في منصبه ذلك قرابة عشرين عاماً، قبل أن يقود ثورته العارمة ضد الاستعمار ليقتل برصاص الاستعمار في نهاية الأمر.

لم يكن الاحتلال الفرنسي يفرّق كثيراً بين شخصٍ عادي وبين زعيم منطقة، وهكذا فقد تحمّل الشيخ محمد المقراني عدّة مواقف، اعتبرها إهانات له باعتباره زعيماً للمنطقة، ولعائلته العريقة، ما دعاه لتقديم استقالته مرتين.

كان من أسباب إطلاق الثورة أنّ المستوطنين الفرنسيين في الجزائر أصبحوا قوّة سياسية وعسكرية منفصلة نسبياً عن سياسة الحكومة المركزية في باريس، التي أحياناً ما تُوازن الأمور بشكلٍ مختلف عن المستوطنين.

وفي إحدى المرات وبّخ الجنرال الفرنسي دييفو الشيخ المقراني لأنّه قدّم مساعدةً لأحد أصدقاء والده، كما حاول المستوطنون تحجيم مساحات نفوذه عبر إنشاء بلدية مختلطة في برج بوعريريج وعيّنت عليها ضابطاً فرنسياً، مثّل إنشاء تلك البلدية تحجيماً لدور ونفوذ محمد المقراني.

وفي عام 1867، تعرّضت منطقة المقراني لمجاعة كبيرة، ما جعل المقراني يقترض من بنك الجزائر ليتعامل مع المجاعة، لكنّ سلطات الاحتلال رفضت تسديد هذا الدين، ما أوقع المقراني في أزمة مالية كبيرة.

هذه الأسباب إضافةً إلى غيرها جعلت المقراني يقدّم استقالته من منصب باش آغا عام 1871.

انطلاق الثورة

في عام 1870 رمى الشيخ محمد المقراني عصاه من يده أمام الجموع الغفيرة في منطقة مجانة، قائلاً: "سنرمي فرنسا كما أرمي عصاي هذه!" بعدها بشهورٍ قليلة استقال في فبراير/شباط من منصب باش آغا المنطقة، وعقد اجتماعاتٍ مع رجاله وكبار قادة المنطقة، لتبدأ الثورة في شهر مارس/آذار من العام نفسه.

زحف الشيخ محمد المقراني بجيشٍ قوامة 7 آلاف مقاتل إلى مدينة برج بوعريريج، ليحاصرها وليضغط بذلك على الاحتلال الفرنسي.

كان حصار المدينة بمثابة الشرارة التي انتشرت من خلالها الثورة في بقية مناطق الشرق الجزائري، وما إن توسّعت الثورة حتّى بدأ الشيخ المقراني في تكوين تحالفات مع زعماء جزائريين آخرين، فتوجّه للتحالف مع الشيخ الحداد وجماعة الإخوان الرحمانيين الصوفية، ومن خلال إعلان الشيخ الحداد الجهاد فقد تمّ تجنيد الجزائريين.

كان أبرز قادة الثورة المقرانية هو الشيخ محمد المقراني نفسه، وأخوه بومرزاق، وكذلك محمد أمزيان بن الشيخ علي الحداد قائد الرحمانيين.

محمد المقراني
صورة متخيلة للشيخ محمد المقراني

استطاع الثوار الجزائريون تحقيق عدّة انتصارات في بعض المعارك مع الفرنسيين، ووفقاً لما ذكره الدكتور علي الصلابي في كتابه "كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي"، كانت أعداد الرحمانيين 120 ألف مقاتل، بينما كانت قوات المقراني 25 ألف مقاتل. زادت رقعة الثورة حتّى وصلت العاصمة الجزائرية، لكنّ قوّات الاحتلال كانت تعمل أيضاً على إفشال الثورة.

القضاء على الثورة ونفي من تبقّى من الثوّار

انتهت الثورة باستشهاد قائدها في شهر مايو/أيار عام 1871، أي بعد شهرين تقريباً من ثورته التي أراد من خلالها أن "يرمي فرنسا كما يرمي عصاه". اغتيل الشيخ محمد المقراني، واختلف المؤرخون حول طريقة اغتياله، فيقال إنّ بعض العملاء الفرنسيين أطلقوا عليه النار، بينما يذكر بعض المؤرخين الآخرين أنّ خادمه قتله أثناء أدائه صلاة الظهر بإيعازٍ من قوات الاحتلال الفرنسية.

حقّقت قوات الاحتلال الفرنسية ضربةً كبرى بالقضاء على رأس الثورة. فبعد استشهاده واصل أخوه بومرزاق الثورة، لكنّ سلطات الاحتلال استغلّت بعض المشاحنات واستطاعت أن تقسم معسكر الثورة. وبعدما خاض بومرزاق عدّة معارك أخرى -بعدما انسحب الإخوان الرحمانيون- هزم في معركة بالقرب من قلعة بني حماد، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1871، أي بعد 5 أشهر من اغتيال أخيه.

بعد هزيمته انسحب إلى الصحراء، لكنّ قوّات الاحتلال الفرنسي استطاعت تحديد مكانه وألقت القبض عليه، ونفي إلى جزيرة كاليدونيا الجديدة في المحيط الهادئ.

بعدما انهزم بومزراق في معركة بالقرب من قلعة بني حماد، في أكتوبر/تشرين الأول 1871، اتجه إلى الصحراء، لكن اكتشف أمره وألقي عليه القبض ونُفي إلى كاليدونيا الجديدة.

بهزيمة بومرزاق، شمّر الاحتلال الفرنسي عن ساعديه وأعدم الكثير من المشاركين في الثورة، كما استولوا على أراضي الكثير ممن شاركوا في هذه الثورة، كما فرضوا على القبائل المشاركة في الثورة ضرائب جديدة، وبعد كلّ هذه الإجراءات جاءت سياسة التهجير القسري والنفي إلى جزيرة كاليدونيا الجديدة، ومن ضمن من نفي إلى هناك بومرزاق المقراني، أخو محمد المقراني، وعزيز ومحمد ابنا الشيخ حداد قائد الإخوة الرحمانيين.

تقع جزيرة كاليدونيا جنوب غرب المحيط الهادئ، ومن الجزائر بدأ الثوار المنفيون من ميناء الجزائر رحلتهم القاسية عبر طريق رأس الرجاء الصالح -بالالتفاف حول إفريقيا- ليصلوا في النهاية إلى المعسكرات الفرنسية في تلك الجزيرة النائية عن وطنهم آلاف الكيلومترات.

اقرأ أيضا