أول امرأة تتولى منصب وزيرة في مصر
أول امرأة تتولى منصب وزيرة في مصر، حكمت أبو زيد (1922-2011م) هي أول سيدة تتقلد منصب وزيرة في مصر عندما اختارها الرئيس جمال عبد الناصر أول وزيرة للشئون الاجتماعية في 25 سبتمبر 1962، أطلق عليها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر «قلب الثورة الرحيم». في عام 1940م التحقت حكمت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول «جامعة القاهرة» حاليًا. كان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين، الذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل لملاحظته قدرتها العالية في المناقشة الواعية. ولم تكتف أبو زيد بالحصول على المؤهل الجامعي، بل حصلت على درجة الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا عام 1950، ثم درجة الدكتوراة في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا عام 1955. وفي العام نفسه، عملت أبو زيد أستاذًا بكلية البنات جامعة عين شمس، إلى أن اختارها عبد الناصر وزيرة للشؤون الاجتماعية في العام 1962.
اشتهرت حكمت باختلافها مع الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في بعض وجهات النظر وكان الحديث مذاعًا في التليفزيون. من أهم مشروعاتها مشروع الأسر المنتجة، ومن أبحاثها: التكيف الاجتماعى في الريف، التربية الإسلامية، وكفاح المرأة، ووضعت أول خطة لتنمية الأسرة، وأعدت مشروع الرائدات الريفيات تمهيدًا للأسر المنتجة، وعملت لصالح مشروع تهجير النوبة، ووضعت قانون تنظيم الجمعيات الأهلية، ونظمت جمع الزكاة. استمرت في الوزارة ثلاث سنوات بعدها أقامت بليبيا خلال الفترة من 1972 إلى 1992، وعملت أستاذة بجامعة الفاتح وحصلت على نوط الفاتح العظيم؛ وعندما عادت لمصر بدأت تحاضر في قسم علم النفس والاجتماع بكلية الآداب. وتوفيت في سبتمبر عام 2011، عن عمر يناهز 90 عامًا بعد معاناة لفترة طويلة مع المرض.
أفكارها
ثورة 1919
في حوار لمجلة نصف الدنيا، أكدت حكمت أبوزيد أن «ثورة 1919 كانت ملهمة لعصر التنوير؛ فكبار المفكرين بعثوا الحياة الثقافية والتعليمية به أمثال طه حسين وأحمد لطفي السيد بل إن كثيرين من رجال هذا العصر كانوا فلتة من فلتات الزمن».
فترة الاحتلال
تقول حكمت: "في الحقيقة كانت فترة غنية بالوطنية وحبنا لمصر كنا هناك وأذكر الكثيرين منهم الدكتور حامد عمار شيخ التربويين والدكتور أحمد أبو زيد، وهي مجموعة متوهجة بحب مصر. كنا هناك سفراء لبلدنا ننادى بالاستقلال وكنت في الحقيقة أنادى به منذ كنت طالبة بالثانوى في مدرسة حلوان الثانوية وكنا ننادى «يسقط هدر.. يسقط هدر وزير خارجية بريطانيا ومنها. كنا أصحاب مبادئ وقيم ورسالة نسعى لتوصيلها كان العلم والتعلم هو هدفنا في الحياة كرجل وامرأة معاً.
عبد الناصر
ترى حكمت أن "جمال عبد الناصر وضع الأسس لقيام الجمهورية وجذور التغيير المستمر للمجتمع المصري وكذلك وضع جذور الثورة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وأيضا السياسية ومجموع هذه الأشياء تم وضعها في نهاية عام 1962. وتماشيًا مع مبادئ الثورة وفيما بعد الميثاق الوطني عام 1962، أخذنا فيما بعد علي إنه لابد من تحرير المرأة من جميع المعوقات التي تحول بينها وبين التقدم ومسايرة الرجال في تطورهم القضائي والتشريعي.
محمد أنور السادات
تقول حكمت: «السادات لم أعش فترته كلها في مصر وأري أن حرب أكتوبر إذا لم يكن يسبقها النكسة وبناء الجيش من نقطة الصفر حتي استطاع أن يقيم حائط الصواريخ أو بناء الطيران وحرب الاستنزاف لم نستطع تحقيق النصر».
مبارك
تقول حكمت: «أما زمن مبارك فهو الزمن الصعب وأصعب الأزمنة التي يمر بها هذا العهد لأنه كان هناك زمرة من المشاكل وتراكم للصعوبات مع الزيادة في احتياجات الناس وخصوصا ما يهدد أمن مصر القومي باعتبار أن ما حدث في الإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية شيء فظيع وهذا يهدد أمن البلد ووحدة الشعب مع بعضهم البعض وهذا إلي جانب صعوبات أخرى كتلك الموجودة في التعليم كما يجب علي الحكومة رسم ووضع إستراتيجية ومشروع قومي ليلتف الناس حوله وهذا يستلزم من كل فرد من الأفراد أن يتعاون لتحقيق الإنجازات».
ثورة الخامس والعشرين من يناير
في حوار أجرته حكمت مع مجلة نصف الدنيا في عام وفاتها، تساءلت في بداية حديثها قائلة: «ألم يكن يعلم الرئيس السابق محمد حسني مبارك بكل هذا الفساد وهل كان آخر من يعلم برغم أن معه كل السلطات التنفيذية والقضائية والعسكرية والتشريعية ويستطيع بجرة قلم أن يلغي قوانين ويضع دستورًا جديدًا وأنا أقول إن السلطة مفسدة والمبالغة في هذه السلطة أيًا كانت استبدادية ولكنها في واقع الأمر تفسد الإنسان ليجد نفسه إمبراطورًا علي فرد ولا أحد يقول له لا؟». وتضيف: «النفاق الشديد وعملية تكميم الأفواه فلا يستطيع أحد من المعارضين أن يقول له كفاية بقي وبهذا النفاق أنا لست في موقف أدين مبارك لأن مبارك نفسه الكل يدينه حاليًا. أنا أسأل لماذا تركوه 30 عامًا ولا أحد يتفوه بكلمة واحدة ولذا أتساءل هل هي شجاعة من الشباب أم مدفوعون بدافع من الثورية التي جعلتهم يشعرون بضغط شديد علي قدراتهم وفي الوقت نفسه أقول ما الذي يلام نحن أم حسني مبارك؟». وتسهب في الحديث قائلةً: «كشعب يجب أن نلام أيضًا فنحن كشعب عدد سكانه 80 مليونًا تركنا الحابل يختلط بالنابل وتركناه يفعل ما يريد بنا ومن هنا أقول إن الشباب كانوا أشجع من الشعب كله ووضعوا رقابهم علي أكفهم وقالوا نحن ومن بعدنا الطوفان وعندما يتصور الإنسان أن الحكم كان فعلًا من الورق وأمور كانت من ورق وليسوا أسودًا بدليل أنه بمجرد أن وقعت الورقة التي كانت في أيديهم لم يعرفوا الإجابة وسقطوا والمسألة ليست أن مبارك كان أشجع أم نحن الأجبن.» واختتمت قائلةً: «الثورة أعادت لي شبابي وجعلتني أشعر بالعزة والكرامة لأنني مصرية».
الشباب
وفي الحوار ذاته، قالت حكمت إن الشباب كانوا أشجع من الشعب كله، لكنها دعت الشباب المصري قائلة: «ننتظر حتي يهدأ الجميع ونعرف إلي أين مصر ذاهبة فهل الثورة الشبابية ستفتح لنا جنات عدن أم ستعود بنا إلي الوراء». خلال عرض الرأي في الميثاق الوطني إبان فترة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، قالت حكمت: «حينما يتخرج الشاب لابد أن يكون له أمل وأن يصبح لديه مسكن وعمل».
القراءة
ترى حكمت أن الاستمرار في القراءة والقراءة الجادة والاتصال بكل قضايا ومشكلات المجتمع والتفاعل معها واستفادة الحكومة من ذوي الخبرة في جميع المجالات، يحافظ على ذاكرة الإنسان حيةً.
المرأة
لما وقع الخلاف بين حكمت وجمال عبد الناصر أثناء وضع لجنة الميثاق الوطني وكانت حكمت واحدة منهم، خلال عرض الرأي في الميثاق كله، قالت: "إن المرأة فرد من أفراد المجتمع ما ينعم به الرجل يجب أن تنعم به المرأة. والمرأة لابد أن تصعد للأمام وتستطيع أن تشارك الرجل في تحمل كافة الأعباء وأن تزول المعوقات التي جعلتها تتخلف فكلنا أفراد رجل أو امرأة. والمرأة أثبتت أنها عندما نعطيها كل الإمكانات فإنها تثبت أنها قادرة علي تولي جميع المناصب سواء التشريعية أو الاقتصادية أو القانونية. وتكمل د. حكمت الحديث قائلة: «أما والدى هذا الأب الملهم كان يعتبر البنات أحق من الذكور في التعليم ومن هنا كانت لديه روح مجاهدة من أجل تعليم بناته اللائى سبقتن أولاده الذكور في الولادة؛ فلم يسع والدى لشراء أطيان يتركها لنا ولكن هذا الفلتة الطبيعية تنبأ بأهمية تعليم الفتيات وتغلب على الصعوبات الجغرافية وانتقالنا من مدرسة لأخرى بسبب تنقله للعمل بالسكة الحديد في أماكن مختلفة». ولهذا جاء افتخار حكمت كونها امرأة فساهم كثيرًا في نجاحها.
الرجل
تقول حكمت: «الرجل هو المساند لي في جميع خطوات حياتي فوالدي أخذ علي عاتقه تعليمنا لأنه لا ينفع البنت سوي تعليمها كما أن والدي رحمه الله كان مثقفًا وقارئًا للتاريخ؛ ثم زوجي كان كل حياتي فكان بمثابة الأخ والزوج والشريك في الداخل والخارج وظللنا معا 50 عامًا ولم يكن لدينا أبناء فعشنا معًا وحدث بيننا تقارب ثقافي وتوفي عام 2008 مما أثر علي صحتي كثيرًا».
القدوة
تؤمن أبو زيد بحكمة سقراط «اعرف نفسك بنفسك ولنفسك». تؤمن حكمت بأهمية المثل والقدوة في حياة الإنسان، فتقول: «أسماء فهمي كانت معلمتي في مدرسة حلوان الثانوية وكانت متخصصة في التاريخ وكانت عائدة من إنجلترا بعد حصولها علي الماجستير فلها الفضل في جعل جميع حواسي تتشبع بمادة التاريخ وتخصصت فيه بعد ذلك. وكذلك الدكتور مصطفي زيادة في كلية الآداب تخصص تاريخ، والدكتور العبادي، وكذلك الدكتور حسن إبراهيم أستاذ التاريخ الإسلامي والدكتورة مارجريت فليمنج المشرفة علي في علم النفس الاجتماعي لنيل الدكتوراه في لندن. وأيضا ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع ومن خلال اهتمامه بالتاريخ وتطوره فقد ساهم في تأصيل علم التاريخ. وهو من العلوم الأساسية التي نبع منها علم الاجتماع».
قلب الثورة الرحيم
كان لقب «قلب الثورة الرحيم» نابع من إنجازات عدة حيث حولت حكمت الوزارة من مجرد وظيفة إدارية تنفيذية لتنفيذ القوانين واللوائح، إلي حركة دينامية لخدمة المجتمع والأسرة والطفولة، تقوم بمشروعات التنمية وتحول المجتمعات المتخلفة إلي مجتمعات إنتاجية مثل الأسر المنتجة وهي عبارة عن أسرة تقدم لها ضمانًا اجتماعيًا أو إعانات اجتماعية إلي أن يتحول أفرادها جميعهم إلي خلية نحل تتمكن من إنتاج وتسويق إنتاجها فتصبح قادرة علي تنمية دخلها وبالتالي تستفيد من هذا الدخل. كذلك حولت حكمت المرأة الريفية من مجرد فلاحة تقوم بمساعدة زوجها في الحقل وتربية الماشية لتصبح من الكوادر برغم عدم إجادتها للقراءة أو الكتابة؛ وتصبح رائدة ريفية تقدم خدماتها للأسر الريفية وتختار مشروعات من البيئة وتقوم بتنفيذها مثل الحياكة والكورشيه. وفي عام 1969 أشرفت أبو زيد علي مشروع تهجير أهالي النوبة بعد تعرضها للغرق عدة مرات متأثرة بقول الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حينما قال لأهل النوبة: «سيكون لكم وطن وسنكون لكم مثل الأنصار للمهاجرين» وترجمت هذه العبارة إلي مشروع كامل في القري النوبية الجديدة ما بين كوم أمبو وأسوان، وحرصت علي نقل النسيج والبنيان النوبي كما كان قبل الغرق.
إنجازات
- أثبتت أبو زيد كفاءة عالية في إدارة شؤون وزارة الشئون الاجتماعية، وكانت صاحبة مشروعات قومية كبرى، رغم أنها تركت الوزارة في العام 1970، ومن تلك المشروعات: مشروع الأسر المنتجة ومشروع الرائدات الريفيات ومشروع النهوض بالمرأة الريفية. كما أبو زيد الوزارة إلي وزارة مجتمع وأسرة، ومدَّت نشاطها لجميع القري والنجوع بالجمهورية بإنشاء فروع للوزارة.
- أضافت في العام 1964 مع آخرين، وضع قانون 64؛ أول قانون ينظِّم عمل الجمعيات الأهليَّة. كان يهدف هذا القانون إلى جعل تلك الجمعيات ليست مجرد رئاسة وعنجهية فقط وإنما لها دور فعال، ومؤثر، وإيجابى بالمجتمع وأيضًا من أهم القوانين كان قانون الضمان الاجتماعي الذي يحمي أصحاب الحاجات ويحمى المواطن.ref>جريدة وطني، نساء صنعن ثورات: حكمت أبو زيد أول وزيرة في مصر بين التكريم والنفى، بتاريخ 9 يونيو 2013.
- عندما كانت فاجعة العام 1967، كلفها الزعيم عبد الناصر بالاهتمام بالرعاية الاجتماعيَّة لأسر الجنود الموجودين على الجبهة المصريَّة، حيث حقَّقت نجاحا منقطع النظير.
- قامت في العام 1969 بالإشراف على مشروع تهجير أهالي النوبة، بعد تعرُّضها للغرق، مما جعل جمال عبد الناصر يطلق عليها لقب «قلب الثورة الرحيم». أعجب مشروع تهجير النوبة إلى منطقة شمال كوم أمبو الكثير ومنهم «باندرانيكا» رئيسة وزراء الهند وقتذاك. وسم <ref> غير صحيح؛ أسماء غير صحيحة، على سبيل المثال كثيرة جدا
جوائز
- منحها معمر القذافي نوط الفاتح العظيم من الدرجة الأولى، فيما منحها الملك الحسن الراحل ملك المغرب سيفه الذهبي النادر رغم أنه لم يكن يمتلك سواه.
العضوية بالمجالس
- عضوة في المجلس الأعلي للثقافة.
وفاتها
توفيت حكمت عن عمر يناهز 89 عاماً في مستشفي الإنجلو أمريكان نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية بعد معاناة لفترة طويلة مع المرض. وكان قد تم إدخالها إلى المستشفى في أول نوفمبر عام 2010، وظلت بالمستشفى حتى وافتها المنية يوم 31 يوليو 2011".