ما هو مرض الايدز
ما هو مرض الايدز، يُعرَف مرض الإيدز، أو التَنَقْصُم (نحت تناذر نقص المناعة المكتسبة)، أو السيدا، أو متلازمة نقص المناعة المكتسبة (بالإنجليزيّة: Acquired Immunodeficiency Syndrome)، والمعروف اختصاراً (AIDS)، على أنّه مرض مُزمن يُمكن أن يُسبّب الوفاة، ناجم عن الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ (بالإنجليزية: Human Immunodeficiency Virus)، والمعروف اختصاراً (HIV)،[١] وفي الحقيقة، يُعد مرض الإيدز مرحلة مُتقدمة من الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، وفيها يحدث تلف في الجهاز المناعي للشخص، إذ يُمكن أن يتسبّب الفيروس بانخفاض أعداد كريّات الدم البيضاء (بالإنجليزية: White Blood Cells) وهي أحد خلايا جهاز المناعة، لِتصل إلى مرحلة تفقد قدرتها على محاربة الالتهابات الشديدة وبعض أنواع السرطانات، وتجدر الإشارة إلى أنّ مُعظم الأشخاص المصابين بمرض الإيدز قد يعانون من مضاعفاتٍ خطيرة ويحتاجون إلى علاج طبيّ لتقليل احتمالية حدوث الوفاة، وبشكلٍ عام، إنّ كلّ حرف من كلمة الإيدز الإنجليزية (AIDS) يُمثل اختصارًا لكلمة مُعينة، ويمكن بيان كل منها فيما يأتي:
ما هو مرض الايدز
-
المُكتسبة: (بالإنجليزيّة: Acquired)، يُشير هذا المصطلح إلى أنّ مرض الإيدز يُمكن أن ينتقل من شخصٍ مُصاب بفيروس العوز المناعيّ البشريّ للآخرين، ولا يُعتبر مرضًا وراثيًا. ا
-
لمناعة: (بالإنجليزيّة: -Immuno)، حيث يؤثر مرض الإيدز غالباً في خلايا الجهاز المناعي وأعضائه.
-
نقص: (بالإنجليزيّة: Deficiency)، أي أنّ الجهاز المناعيّ لا يعمل بالطريقة الصحيحة، ممّا يُعرّضه لخطر الإصابة بأشكالٍ أخرى من العدوى وبعض أنواع السرطانات.
-
متلازمة: (بالإنجليزيّة: Syndrome)، وهي مجموعة من الأعراض الشائعة والمُتعلقة بمرض معين.
وفقًا للبيانات التي تم الإبلاغ عنها تمّ رَصد أول حالة إصابة بالإيدز عام 1981م في الولايات المُتحدة الأمريكيّة، وقد صُنّف فيروس العوز المناعيّ البشريّ في الفترة الحاليّة على أنّه وباء عالمي كبير،[٣] حيث تُشير إحدى الدراسات التي أجراها برنامج الأُمم المتحدة المشترك لفيروس العوز المناعيّ البشريّ/الإيدز (بالإنجليزيّة: Joint United Nations Programme on HIV/AIDS)، والمعروف اختصاراً (UNAIDS)، إلى أنّ عدد الأشخاص المصابين بفيروس العوز المناعيّ البشريّ أو الإيدز قد بلغ حوالي 37.9 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2018م، ومن بين هؤلاء، كان هناك حوالي 36.2 مليون شخص بالغ ونحو 1.7 مليون طفل تقلّ أعمارهم عن 15 سنة.
أعراض الإصابة بمرض الإيدز
في الحقيقةتختلف أعراض مرض الإيدز من شخصٍ لآخر، كما يعتمد ظهور الأعراض على عواملٍ عدّة؛ من بينها الشخص المُصاب نفسه، ومرحلة المرض التي يُعاني منها، وبشكلٍ عام، تنقسم أعراض الإصابة بهذا المرض إلى ثلاثة مراحل: العدوى الأوليّة، ومرحلة العدوى السريرية الكامنة، ومرحلة الإيدز، ويُمكن بيان تفصيل كل منها فيما يأتي:
- مرحلة العدوى الأوليّة: (بالإنجليزيّة: Primary infection) أو ما تُعرف بعدوى نقص المناعة البشريّ الحاد (بالإنجليزيّة: Acute HIV)، وفيها قد يُعاني بعض الأشخاص من أعراضٍ شبيهةٍ بأعراض الإنفلونزا خلال أسبوعين إلى ستة أسابيع من دخول الفيروس إلى الجسم وتُعرف هذه الحالة حينها بمتلازمة الفيروسات الرجعية الحادة (بالإنجليزيّة: Acute Retroviral Syndrome)، وبالرغم من ذلك لا يُمكن الجزم بالإصابة بفيروس العوز المناعي البشريّ لمجرد ظهور هذه الأعراض، نظرًا لأنّها قد تكون مماثلة للأعراض المُصاحبة لبعض الحالات المرضية الأخرى، ولكن في حال اعتقاد الشخص بأنّه قد تعرّض لفيروس نقص المناعة البشريّ، فيمكن أن يخضع للاختبارات المعنية بالكشف عن العدوى بهذا الفيروس للتأكد من إصابته أو نفي ذلك، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ ظهور الأعراض ليس حتميًا في جميع الحالات، إذ إنّ بعض الأشخاص الآخرين لا تظهر لديهم أيّ أعراض حتى بعد مُضي شهور أو سنوات على إصابتهم بالفيروس، وقد تنتج الأعراض أيضًا بسبب مقاومة الجهاز المناعيّ للعديد من أنواع الفيروسات، وبشكلٍ عامّ تتضمّن أعراض العدوى الأوليّة ما يأتي:
-
فقدان الوزن غير المُبرّر.
-
آلام المفاصل أو العضلات.
-
التعرّق، خاصةً أثناء الليل.
-
ظهور طفح جلديّ ذو لون أحمر. ملاحظة انتفاخ الغدد.
-
ارتفاع درجة حرارة الجسم.
-
القشعريرة.
-
التهاب الحلق.
-
الشعور بالتعب والإعياء.
-
أعراض الإصابة بمرض القلاع والمعروف أيضاً بداء المُبيضَّات الفَمويّ (بالإنجليزيّة: Thrush).
- مرحلة العدوى السريرية الكامنة: (بالإنجليزيّة: Clinical latent infection)، أو ما يُعرف بعدوى فيروس العوز المناعيّ البشريّ المُزمنة (بالإنجليزيّة: Chronic HIV Infection)، أو عديمة الأعراض (بالإنجليزيّة: Asymptomatic HIV)، وخلال هذه المرحلة قد لا يُعاني الأشخاص من أيّ مَرض أو أعراض يُمكن الشعور بها تدلّ على إصابتهم بالفيروس، ويعود السبّب في ذلك إلى أنّ فيروس العوز المناعيّ البشريّ يبقى في هذه المرحلة نشِطاً ولكنّه يتكاثر بِبطءٍ شديد، ويجب التنويه إلى أنّ المُصاب يُمكن أن يتسبّب بنقل الفيروس إلى الآخرين خلال هذه المرحلة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأشخاص الذين لا يتلقّون أدويةً لعلاج الفيروس يُمكن أن تستمر لديهم هذه المرحلة لمدة عشر سنوات أو أكثر، إلّا أنّ البعض منهم قد تتقدّم لديهم الأعراض بشكلٍ أسرع مُقارنةً بغيرهم، أمّا بالنسبة للأشخاص الذي يخضعون في هذه المرحلة للعلاج بالأدوية المُضادة للفيروسات القهقريّة (بالإنجليزيّة: Antiretroviral medicines) على النّحو الموصى به فإنّ مرحلة العدوى السريرية الكامنة قد تستمر لديهم لمدّة عقودٍ عدّة، ومع نهاية هذه المرحلة يبدأ الحمل الفيروسيّ (بالإنجليزية: Viral load) أيّ أعداد الفيروس في الجسم بالارتفاع، بخلاف تعداد خلايا تُعرف بالخلايا التائية ذات كتلة التمايز 4 (بالإنجليزيّة: CD4+T cells) التي تبدأ بالانخفاض، وفي هذا السياق يُمكن ملاحظة ظهور أعراض على المُصاب مع زيادة مستويات الفيروس في الجسم، والانتقال إلى المرحلة الثالثة.
-
مرحلة الإصابة بالإيدز: تُعد هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة من تطوّر المرض، وفي الحالات التي لا يتمّ فيها الكشف مُسبقًا عن الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري فإنّ ذلك قد يُستدلّ عليه من الأعراض التي تظهر خلال مرحلة الإصابة بالإيدز عند تطوّرها، وبشكلٍ عامّ تتمثل مرحلة الإصابة بالإيدز عادةً بحدوث تلف شديد في جهاز المناعة لدى المُصاب، بالإضافة إلى انخفاض عدد الخلايا التائية ذات كتلة التمايز 4 إلى أقل من 200 خليّة لكل ملليمتر مكعب، ونتيجةً لذلك يضعف الجهاز المناعيّ في الجسم ممّا قد يؤدي إلى تطوّر العدوى الانتهازيّة (بالإنجليزيّة: Opportunistic infection) لدى المريض أو زيادتها سوءاً، ومن أنواع العدوى الانتهازيّة التي يُمكن أن يُصاب بها المُصاب بمرض الإيدز: ساركوما كابوسي (بالإنجليزيّة: Kaposi's Sarcoma) وهي أحد أنواع سرطان الجلد، والتهاب رئويّ بالمُتكيِّسة الجُؤْجُؤيَّة (بالإنجليزيّة: Pneumocystis Pneumonia)، وفيما يأتي بيان لأبرز الأعراض التي تظهر في هذه المرحلة
-
الحُمّى التي تستمر لأكثر من عشرة أيّام.
-
فقدان الوزن غير المُبرّر.
-
انتفاخ الغدد الليمفاويّة في منطقة الرقبة، أو الفخذ.
-
فرط التعرق الليلي.
-
الشعور بالتعب مُعظم الوقت.
أسباب الإصابة بمرض الإيدز
كما ذكرنا سابقاً يحدث مرض الإيدز نتيجة الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ HIV، بحيث يُهاجم الجهاز المناعيّ في الجسم، مما يؤدي إلى تلفه بشكلٍ تدريجيّ، ويفقد قدرته على محاربة العدوى،[١٠] ممّا يجعل الجسم أكثر عُرضةً للإصابة بالأمراض المُختلفة، ومن الجدير ذكره أنّ حدوث ضُعف في الجهاز المناعي يُمكن أن يؤدي إلى تطوّر فيروس العوز المناعيّ البشريّ إلى مرض الإيدز في حال عدم تلقي العلاج، وبالرغم من ذلك، فإنّ تطوّر العقاقير العلاجيّة المضادة لفيروس العوز المناعيّ البشريّ قللت أعداد الأشخاص الذين يصِلون إلى هذه المرحلة، وحول آلية عمل الفيروس في الجسم فهو يقوم بالالتصاق بالخلايا الليمفاوية من نوع CD4، والتي تعمل على حماية الجسم من البكتيريا، والفيروسات، والجراثيم الأخرى، وبمجرد التصاقه بها فإنّ الفيروس يدخل إلى هذه الخلايا ويبدأ باستخدامها لمُضاعفة نفسه وتشكيل آلاف النُّسخ منه، وبعدها تُغادر نسخ الفيروس الخلايا وتُدمرها، وتستمر هذه العملية حتى ينخفض عدد الخلايا الليمفاوية من نوع CD4 بشكلٍ كبير؛ إلى الحد الذي يتوقف عنده نظام المناعة عن العمل، ومن الجدير ذكره أنّ هذه العمليّة قد تستغرق ما يصِل إلى عشرة سنوات، يُمكن أن يبقى خلالها الشخص بصحةٍ جيدة.
طرق انتقال فيروس HIV
بشكلٍ عام يُعد مرض الإيدز من الأمراض المُعدية، ويُمكن أن ينتقل فيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق الاتصال المُباشر مع بعض السوائل التي تُفرَز من جسم شخص مصاب بالفيروس؛ مثل: السائل المنوي، أو الدم، أو الإفرازات المهبليّة، أو المنيّ، أو سوائل المستقيم،كما يُمكن أن تنتقل العدوى بهذا الفيروس من الأم إلى طفلها أثناء الحمل، والمخاض، والولادة، والرضاعة الطبيعية، واستنادًا إلى البيانات التي نشرها برنامج الأُمم المتحدة المشترك لفيروس العوز المناعيّ البشريّ/الإيدز فإنّ نسبة خطر انتقال الفيروس إلى الطفل قبل الولادة وخلالها تُقدّر بحوالي 15-30%، وهناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على خطر العدوى، أهمُّها الحِمل الفيروسيّ للأم عند الولادة، حيثُ كُلّما زاد الحِمل الفيروسيّ، زاد خطر انتقال الفيروس إلى الطفل. وهُناك العديد من العوامل والطرق التي تزيد من احتمالية انتقال فيروس العوز المناعيّ البشريّ من مُصاب إلى سليم، ويُمكن بيان أبرزها فيما يأتي:
- ممارسة العلاقات الجنسية غير الشرعية، أو إذا كان أحد الزوجين مُصابًا بالفيروس، خاصّة في حال عدم استخدام طُرق الحماية، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الإصابة بأمراض منقولة جنسيًّا تجعل الأشخاص أكثر عرضةً للإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ أثناء الاتصال الجنسيّ مع شخص مُصاب بالفيروس؛ ومن هذه الأمراض: التهابُ المهبلي البكتيريّ (بالإنجليزيّة: Bacterial vaginosis)، أو عدوى المتدثرات (بالإنجليزيّة: Chlamydia infection)، أو مرض السيلان (بالإنجليزيّة: Gonorrhea)، أو مرض الزهري (بالإنجليزيّة: Syphilis)، أو الهربس التناسليّ (بالإنجليزيّة: Herpes genitalis).
- استخدام حُقن تم استخدامها من قِبل شخص مُصاب بالفيروس، أو تعاطي المُخدرات عن طريق الحقن.
- عمليّة نقل الدم (بالإنجليزيّة: Blood transfusion)، في حال كان الدم ملوّث بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، وقد يكون الأشخاص الذين تلقوا دم في الولايات المتحدة بين عامي 1978-1985م قبل أن يتم اختبار عينات الدم قد تعرضوا للعدوى بهذا الفيروس.
- استخدام الأدوات الملوّثة، أو غير المُعقمة أثناء رسم الوشم؛ كالحُقن أو الحِبر، أو الممارسات غير الصحية المُتبعة خلال ذلك.
-
العمل في المراكز الصحيّة يُمكن أن يُعرّض مقدم الرعاية الصحيّة لوخز الإبر الملوّثة بدم المصابين بالفيروس، ولكن يجدر الذكر أنّ هذا الأمر قليل الحدوث.
-
الرُضّع الذين يتم إطعامهم طعامًا تم مضغه مُسبقًا من قِبل شخص مصاب بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، حيث يمكن أن يختلط الفيروس الموجود في الدم في فم المُصاب مع الطعام أثناء المضغ، ولكن يُعد هذا الأمر نادر الحدوث وقد تم الإبلاغ عنه فقط عند الرضع.
تجدر الإشارة إلى أنّه لا تحدث الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق مُعانقة، أو مُصافحة شخص مصاب بالفيروس، كما أنّ الفيروس لا ينتقل عن طريق لمس الأسطح الملوثة بالفيروس؛ مثل: مقاعد المرحاض، أو مقابض الأبواب، أو الأطباق التي يستخدمها شخص مصاب بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، ولا يُمكن للفيروس أن ينتشر عن طريق الهواء، أو في الماء، أو عن طريق لدغات الحشرات كالبعوض، أو القراد، أو الحشرات الأخرى الماصّة للدم.
تشخيص الإصابة بالإيدز
غالباً ما يتم تشخيص فيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق إجرء فحوصاتٍ مخبريّة، ويجب التنويه إلى أنّ الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان الشخص مصابًا بفيروس نقص المناعة البشريّ أم لا هي إجراء الاختبارات المعنية بذلك، فقد لا تظهر أية أعراض لدى العديد من المرضى وقد يشعرون بصحةٍ جيدة بالرغم من إصابتهم بالفيروس، ويوصى عادةً بإجراء فحوصات الإيدز لجميع الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 عامًا مرةً واحدةً على الأقل خلال فترة حياتهم، كذلك الأمر للأشخاص الأكثر عُرضةً للإصابة بمرض الإيدز فقد يستلزم الأمر إجراء عدّة فحوصات للتأكد من إصابتهم بالفيروس أو نفي ذلك، كما يجب أن تخضع جميع النّساء لفحص فيروس العوز المناعيّ البشريّ خلال فترة الحمل،[١٦] ومن الجدير ذكره أنّ هناك ثلاثة أنواع من الاختبارات التي يُمكن اللجوء إليها لتشخيص الإصابة بمرض الإيدز، وهي: اختبار الحمض النووي (بالإنجليزيّة: Nucleic acid test)، والمعروف اختصاراً بـ (NAT)، واختبارات المُستَضد/الأجسام المضادة (بالإنجليزيّة: Antigen/Antibody tests)، واختبارات الأجسام المضادة (بالإنجليزيّة: Antibody tests)، وتُجرى هذه الاختبارات عادةً عن طريق أخذ عينة من الدم أو سوائل الفم، كما يمكن إجراؤها على البول في حالاتٍ مُعينة،[١٧] ويُمكن بيان تفصيل كلٍّ منها على النّحو التالي:
-
اختبارات الحمض النوويّ:قد يوصي الطبيب بإجراء اختبارات الحمض النوويّ في حال كان الشخص قد تعرّض لفيروس العوز المناعيّ البشريّ في الأسابيع القليلة الماضية، حيث يُعد هذا الفحص هو الاختبار الأولّ الذي يُعطي نتائج إيجابيّة بعد التعرّض للفيروس، وتنطوي هذه الاختبارات على سحب عينة دم من الوريد في سبيل الكشف عن الوجود الفعلي للفيروس في الدم.
-
اختبارات المُستَضد/الأجسام المضادة: تُجرى هذه الاختبارات غالباً للكشف عن مادتين أساسيّتين؛ هما المستضدات والأجسام المُضادة، ومن الجدير ذكره أنّ المستضدات تُمثل موادًا توجد على فيروس العوز المناعي البشريّ، وقد تظهر في الدم بكميّاتٍ كبيرة خلال أسابيع قليلة بعد التعرض لفيروس العوز المناعيّ البشريّ، ومن ناحيةٍ أخرى يبدأ الجهاز المناعي في جسم المصاب بإنتاج كميّاتٍ كبيرةٍ من الأجسام المضادة في الدم عندما يتعرض الشخص لفيروس العوز المناعيّ البشريّ، وقد يستغرق الأمر من أسابيع إلى شهور حتى تصبح الأجسام المضادة قابلة للكشف، وبشكلٍ عام تُجرى اختبارات المُستَضد/الأجسام المضادة عادةً عن طريق سحب عيّنة دم من الوريد، وتظهر النتيجة الإيجابية المتكاملة للفحص بالحصول على نتيجة إيجابيةٍ لكلٍّ منهما، وغالبًا ما يتحقّق ذلك خلال أسبوعين إلى ستة أسابيع بعد التعرض للفيروس.
-
اختبارات الأجسام المضادة: حيثُ تُعد من الاختبارات السريعة والتي يُمكن إجراؤها في المنزل، وتتمثّل عادةً بأخذ عينة من اللعاب أو الدم، وفي الحقيقة يمكن أن يحتاج ظهور النتيجة الإيجابية فترةً تتراوح بين 3 إلى 12 أسبوعًا بعد التعرّض للفيروس.
ومن الجدير ذكره أنّه في حال كانت نتيجة أيٍّ من الاختبارات السابقة الثلاثة سلبية، فقد يحتاج المريض إلى متابعةٍ مُستمرةٍ على مدى عدة أسابيع إلى شهور وذلك لتأكيد النتيجة وخلوّ الجسم من الفيروس،[١] وكذلك الأمر في حال كانت نتيجة أيّ من هذه الاختبارات إيجابية، فإنّه ينبغي مُتابعة المريض أيضاً من خلال إجراء فحوصات أُخرى لتأكيد النتيجة وإصابته بهذا الفيروس، ويجدُر التأكيد على أنّ النتيجة الإيجابية للفحوصات السابقة تعني وجود فيروس العوز المناعي البشري وليس بالضرورة أن يكون الشخص قد وصل إلى مرحلة الإصابة بالإيدز، فكما تمّت الإشارة سابقًا أنّ مرض الإيدز يُعدّ مرحلةً متطورة من فيروس العوز المناعي البشريّ، وهذا يعني أنّه ليس كل شخص مصاب بهذا الفيروس هو شخص مُصاب بمرض الإيدز، وتجدر الإشارة إلى أنّ تطوّر الفيروس إلى مرض الإيدز يعتمد بشكلٍ عام على تلقّى المريض للعلاج أو مدى اعتنائه بصحته،وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّه وفي حال وجود عدوى بفيروس العوز المناعي البشري فيُمكن الاستدلال على دخوله في مرحلة الإيدز من خلال طريقتين؛ تطور العدوى الانتهازية أو عدد خلايا CD4، ويتمثل ذلك بتطوّر واحد أو أكثر من أشكال العدوى العدوى الانتهازية بغضّ النظر عن عدد خلايا CD4، أو في حال انخفاض عدد خلايا CD4 إلى أقلّ من 200 خليّة لكل ملليمتر مكعب، مع الأخذ بالاعتبار أنّ عدد خلايا CD4 الطبيعيّ لدى الأشخاص الأصحّاء يتراوح بين 500-1600 خليّة لكل ملليمتر مكعب.
الوقاية من فيروس HIV
في الحقيقة، لا يوجد حتى الآن أيّ لقاح للوقاية من الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، كما أنّه لا يوجد علاج يُحقق التعافي التام من مرض الإيدز، ولكن يُمكن تثقيف النفس حول فيروس العوز المناعيّ البشريّ، واتباع بعض الإجراءات التي قد تَحد من الإصابة بالعدوى؛ بما في ذلك تجنّب لمس أيّ سوائل جسديّة من شأنها نقل العدوى، وفيما يأتي بيان أبرز طُرُق الوقايّة من مرض الإيدز:
- الإجراءات الوقائية: وتتضمن ما يأتي:
-
تجنب العلاقات الجنسية غير الشرعية، وفي حال كان أحد الزوجين مُصاباً بالفيروس فيجدُر استشارة الطبيب بهذا الشأن والتقيد بالإرشادات الواجب اتباعها عند ممارسة العلاقة الزوجية، ويوصي الخبراء في هذه الحالة باستخدام الطرق التي تُجنب انتقال العدوى؛ كالواقي، مع الأخذ بالاعتبار ضرورة التخلّص منه بعد الانتهاء من ممارسة العلاقة واستخدام واحد جديد في كلّ مرة.
-
التأكد من استخدام إبر مُعقّمة ونظيفة عند حقن الأدويّة، والتخلّص منها مُباشرةً بعد الاستخدام، وتجنّب مُشاركتها مع الآخرين.
-
تجنّب تعاطي المخدرات.
-
ختّان الذكور (بالإنجليزيّة: Male Circumcision)، حيثُ تُشير بعض الأدلة إلى أنّ ختان الذكور يُمكن أن يساعد على تقليل خطر إصابتهم بفيروس العوز المناعيّ البشريّ.
-
سعي المرأة الحامل للحصول على الرعاية الطبيّة الفوريّة في حال إصابتها بمرض الإيدز، حيثُ يُمكن أن يُساعد العلاج المبكر في تقليل احتمالية انتقال العدوى للطفل بشكلٍ كبير.
تجنب الوشم.
- الأدوية: في الحقيقة تُعد الإجراءات الوقائية هي الأساس في الوقاية من الفيروس، ولكن هُناك حالات معينة قد يتمّ فيها استخدام أنواع معينة من الأدوية لحماية الشخص من الإصابة بالفيروس أو نقله للآخرين، إذ تُوصف الأدوية المُضادة للفيروسات القهقريّة عادةً لعلاج الأشخاص الذين ثَبُتت إصابتهم بفيروس العوز المناعي البشريّ، حيثُ تقوم هذه الأدوية بخفض الحِمل الفيروسي عند المريض بما يُمكّنه من العيش بصحةٍ جيدة، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ معرفة قيمة الحِمل الفيروسي لدى المريض والإلمام بطُرق السّيطرة عليها وتقليل هذه القيمة إلى مستوياتٍ غير قابلة للكشف عنها من شأنه المُساهمة في حماية الجنين من الإصابة بهذا الفيروس خلال المراحل المُختلفة من الحمل، والمخاض، والولادة، كما يُمكن أن يساعد أيضًا في منع انتقال فيروس العوز المناعيّ البشريّ إلى الشريك السليم أثناء ممارسة العلاقة الزوجية، ويُمكن بيان الاستراتيجيات الدوائية المُتبعة في الوقاية من هذا الفيروس على النّحو الآتي:
-
العلاج الوقائي قبل التعرض للفيروس (بالإنجليزيّة: Pre-exposure prophylaxis)، والمعروفة اختصارًا بـ (PrEP)، وهي إحدى الطُرُق الوقائيّة التي تنطوي على تناول شخص سليم مُعرّض لخطر الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري جرعةً يوميةً من أدوية مُعينة مضادة لهذا الفيروس، كما يحدث في حالات وجود زوجين أحدهما سليم والآخر حامل لفيروس العوز المناعيّ البشريّ، أو في حال الرغبة في الحَمل وكان أحد الزوجين حامل لهذا الفيروس، إذ قد يُساعد هذا الإجراء على حماية الشريك السليم والجنين.
-
العلاج الوقائي بعد التعرض للفيروس (بالإنجليزيّة: Post-exposure prophylaxis)، أو ما يُعرف أيضاً بالوقاية بعد التعرّض (بالإنجليزيّة: Post-exposure prevention)، ويقوم مبدؤه على تناول الشخص السليم لعلاج طبي وقائيّ خلال ثلاثة أيام من التعرّض لمواقف مُعينة يُعتقد بأنّه قد تسبّبت بنقل الفيروس للشخص، مثل: التعرّض لاعتداء جنسيّ، أو في حال تلف الواقيّ أثناء ممارسة العلاقة الزوجية في حال كان الشريك مُصابًا بالفيروس، حيثُ يمكن أن يُساعد هذا الإجراء على تقليل خطر الإصابة بالفيروس، يلي ذلك تناول نوعين إلى ثلاثة من الأدوية المضادة للفيروسات القهقريّة لمدة 28 يومًا لمنع الفيروس من نسخ نفسه والانتشار عبر الجسم.
علاج الإيدز
يُنصح بالبدء بعلاج المريض فوَرَ تشخيص إصابته بفيروس العوز المناعي البشري، ويوصى الخبراء بطلب العلاج في أقرب وقت ممكن، والالتزام بأخذ العلاج بشكلٍ منتظم على النّحو الموصى به من قِبل الطبيب، فذلك سيساعد في الحفاظ على صحة المريض ويوفر له حياة جيدة، ويصِف الأطباء عادةً الأدويّة المضادة للفيروسات القهقريّة التي تقوم في مبدأ عملها على الحدّ من تكاثر هذا النوع من الفيروسات في جسم الإنسان، ومن الجدير ذكره أنّ العلاج المُبكر بهذا النوع من الأدوية له فوائد على المدى الطويل؛ أهمّها الحفاظ على قوّة الجهاز المناعيّ، وحتّى في المراحل المتأخرة من مرض الإيدز فإنّ العلاج يُوصف بهدف الحفاظ على صحة الجهاز المناعي قدر الإمكان،[١٩][٢٠] وبشكلٍ عامّ يُعد العلاج بالأدويّة المضادة للفيروسات القهقريّة مُهمًا بشكلٍ خاص لمُصابي فيروس العوز المناعي البشري من النّساء الحوامل، وممّن تظهر لديهم أعراض مَرض الإيدز، ومن يُعانون أيضًا من أنواعٍ أخرى من العدوى؛ كالتهاب الكبد (بالإنجليزيّة: Hepatitis) أو السلّ (بالإنجليزيّة: Tuberculosis)، وفي حال أصيب المريض بعدوى انتهازيّة مُرتبطة بمرض الايدز فسيقوم الطبيب بوصف العلاجات المُناسبة للسّيطرة على هذه العدوى
قد يقوم الطبيب بإجراء اختبارات مخبريّة قبل البدء بالعلاج؛ مثل: اختبار النمط الجينيّ (بالإنجليزيّة: Genotype test)، أو اختبار المقاومة (بالإنجليزيّة: Resistance test)، وذلك بهدف تحديد الخطّة العلاجيّة الأكثر فعاليّة للمريض، إذ إنّ علاج فيروس العوز المناعي البشري يقوم على استخدام عدّة أنواع من الأدوية، وإنّ الأدوية المُختلفة تعمل على مقاومة الفيروس في مراحله المُختلفة، وسيتمّ النظر في الخيارات العلاجيّة المُتاحة، مع مراعاة بعض الأمور؛ مثل: الجُرعة وعدد حبوب الدواء التي سيحتاجها المريض، والتفاعلات الدوائية، والآثار الجانبية المُحتملة، وكما ذُكر سابقاً يتم علاج فيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق تناول مزيج من الأدوية المُضادة للفيروسات القهقريّة، ولحسن الحظ توافر تركيبات دوائية تحتوي على ثلاثة أنواع من هذه الأدوية في حبةٍ واحدة، بحيث تؤخذ جرعة فمويّة واحدة منه بشكلٍ يوميّ، ولدى كل تركيبة دوائية منها إيجابيّات وسلبيّات، ومن الجدير ذكره أنّ كلّ نوع من الأدويّة المُضادة للفيروسات القهقريّة يعمل بطريقةٍ مختلفة، لهذا السبّب فإنّ استخدام مزيج من أنواعٍ مُختلفة من الأدويّة المُضادة للفيروسات القهقريّة والتي تتمثّل عادةً بدمج ثلاثة أدوية على الأقل، يُعدّ أفضل من استخدام دواء واحد أو اثنين فقط، إلا في بعض الحالات الخاصّة جداً، إذ إنّ استخدام دواء واحد أو اثنين قد يتسبّب بتكيّف الفيروس وزيادة مقاومته للدواء، ممّا قد يؤدي إلى فشل العلاج، وبشكلٍ عامّ تجدر الإشارة إلى أنّ الآثار الجانبية الناتجة عن استخدام الأدويّة المُضادة للفيروسات القهقريّة قابلة للسّيطرة عليها وتقليل حدوثها باتباع توصيات الطبيب وإرشاداته، ويجدر التنويه إلى أنّه ينبغي على المريض ألاّ ينقطع عن تناول الدواء بمجرد الشعور بالتحسّن، إذ إنّ الحرص على تناول العلاج الدوائيّ ومراجعة الطبيب بشكل مُنتظم من شأنه تطوير حالة تُعرف بالكبت الفيروسيّ (بالإنجليزيّة: Viral suppression)؛ ويعني ذلك انخفاض كميّة الفيروس إلى مستوى غيرُ قابلٍ للكشف عنه عند إجراء الاختبارات التشخيصيّة، ويُعتبر ذلك هدف مهم للعلاج.