أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الثلاثاء 20.24 C

سوريا والرباعية العربية

سوريا والرباعية العربية

سوريا والرباعية العربية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

اعتدنا أن نقرأ أو نسمع بالرباعية الدولية، أو الترويكا الأوروبية.. عندما تتنادى تلك الجهات لتطويق ومعالجة قضية داخلية في بلد ما تثير قلقا من احتمال تمددها خارج حدودها في حال استمرت وتداعت الأحوال فيها.

اليوم نحن أمام مشهد عربي غير مسبوق تجاه سوريا وضعت الدبلوماسية العربية أسسه وإطاره.

رباعية عربية تمسك بزمام المبادرة وتوفر مقومات فاعليتها وتأثيرها بشكل مباشر من طرف؛ حيث تم الانتقال العملي من حيز التمنيات إلى دائرة الفعل والمبادرات، وبشكل غير مباشر من طرف آخر حين تم التأكيد على أن الخطوة اللاحقة للتقدم نحو آفاق الحل في سوريا عربيا وإقليميا ودوليا ستكون مرتبطة بما سيتحقق على أرض الواقع.

مشهد عربي استوفى، باقتحامه أسوار الأزمة السورية العنيدة، كثيراً من شروطه الموضوعية في المبادرة، وفي المقاربات الصريحة والواضحة لواقع الحال في سوريا.

تم تحديد سبل الخلاص لتجاوز جراح الماضي بمنتهى الشفافية. معادلة متقنة النقاط، محكمة المقدمات الصالحة للوصول إلى نتائج تقطع مع عقد مضى من الاضطراب والأخطار.

خمس سنوات تقريبا مرت على أول التفاتة عربية لمعالجة المأساة السورية، حين لاحت من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة ليتردد صداها في أكثر من مكان، منبهة إلى ضرورة العمل لوقفها وإنهائها.

كثيرة تلك المبادرات، وعديدة تلك السياقات والمسارات التي تناوبت على العمل من أجل وقف النزيف السوري ومنع الانهيارات الكبرى على صعيد الدولة وركائزها السيادية والاقتصادية والمجتمعية، لكنها جميعها ظلت حبيسة منطق إدارة الأزمة وليس معالجتها وحلها، رغم مساهمتها الجزئية في منع الانهيار الكامل.

في قراءة مضامين اللجنة الرباعية العربية بشأن سوريا، تستوقف المتقصي علامات فارقة أبرزها الإرادة السياسية الواعية لدولها والمصممة على الدخول إلى جوهر وحيثيات الأزمة السورية وتشخيصها بدقة وبدون مواربة سواء بأبعادها الداخلية، الإنسانية والأمنية والسياسية، أو بأبعادها العربية خصوصا منعكساتها على دول الجوار المتأثرة بها وبمفرزاتها الأمنية وما حملته وما قد تحمله من تهديد لسلامة واستقرار مجتمعاتها، مع التنبيه إلى احتمالات تجاوزها ووصولها إلى دول عربية أخرى.. هل ترسم الرباعية العربية في دورها الراهن بشأن الملف السوري ملامح أفق لعمل عربي بحوامل سياسية يهتدي بالمصالح وغير محكوم بسقوف الأيديولوجيات؟

ليس من شك في أن المسألة السورية تشكل التحدي الأكبر والأصعب لها، مثلما يشكل نجاح الرباعية العربية في معالجتها معيارا لنجاعة التأسيس لمشروع عربي متكامل البنيان سياسيا واقتصاديا وأمنيا يكون بمنزلة القاطرة التي تأخذ بيد أي دولة عربية تنشد التعافي والاستقرار.

منعطفات وأزمات جمة عاشتها بعض الدول العربية خلال العقود الماضية، بعضها داخلية المنشأ وأخرى لأسباب خارجية، وظلت مجرياتها ونتائجها مرتبطة بغالبيتها بحسابات ومصالح القوى الكبرى التي اعتمدت في معالجاتها نهجا انتقائيا تحدده تلك المصالح، َفتُقْدم في مكان وتحجم في مكان آخر، وفي كلتا الحالتين تترك آثارها السلبية لأنها غير معنية سوى بما يحقق أغراضها.

مر "العمل العربي المشترك" تحت سقف الجامعة العربية بكثير من التعرجات وواجه كثيرا من التحديات والعثرات في قضايا عربية ثنائية متعددة، وقضايا عربية مع دول إقليمية ودولية، لكن النظام السياسي العربي من المحيط إلى الخليج ظل متمسكا بجامعة الدول العربية كمؤسسة حاضنة للجميع وعنوانٍ للوحدة السياسية بين الشعوب والمجتمعات العربية.

ولعل الحالة السورية الطارئة أنصع الأمثلة على أهمية وجود خيمة جامعة يستظل بها العرب في تباعدهم وفي تلاقيهم.

إذا كانت الرباعية العربية قد شخّصت الوضع السوري واقترحت العلاج بما يضمن لسوريا سيادتها ووحدتها واستقرارها، فإنها أضافت في الوقت ذاته بعداً جديدا لآليات العمل العربي يتمثل في إدارة التناقضات بين العرب وتقديم الأولويات الأهم على الأقل أهمية، من خلال البناء على المشتركات بينهم دون التفريط بحقوق أحد.

 

اقرأ أيضا