من هو رائد الشعر العربي الحديث
من هو رائد الشعر العربي الحديث، محمود سامي بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري (1255 هـ / 6 أكتوبر 1839 - 1322 هـ / 12 ديسمبر 1904)، هو شاعر ووزير مصري ولد عام 1838م من أسرة مؤثرة لها صلة بأمور الحكم. نشأ طموحا تبوأ مناصب مهمة بعد أن التحق بالسلك العسكري، وقد ثقف نفسه بالاطلاع على التراث العربي ولا سيما الأدبي؛ فقرأ دواوين الشعراء وحفظ شعرهم وهو في مقتبل عمره. أُعجب بالشعراء المُجددين مثل أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وغيرهم، وهو رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث، وهو أحد زعماء الثورة العرابية. ولقد تولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار لهُ، ولقب برب السيف والقلم.
نشأته
ولد محمود سامي في 27 رجب 1255 هـ / 6 أكتوبر 1839 م في القاهرة، لأبوين من أصل شركسي من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخو برسباي). وكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ويجمع الضرائب من أهلها. يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً. نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان، فأبوه كان ضابطا في الجيش المصري برتبة لواء، وعُيّن مديرا لمدينتي بربر ودنقلا في السودان، ومات هناك وكان محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره.
دراسته
تلقى البارودي دروسه الأولى فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف ودرس شيئا من الفقه والتاريخ والحساب، حتى أتمّ دراسته الابتدائية عام 1267 هـ / 1851 حيث لم يكن هناك في هذه المرحلة سوى مدرسة واحدة لتدريس المرحلة الابتدائية، وهي مدرسة المبتديان وكانت خاصة بالأسر المرموقة وأولاد الأكابر. ومع أنه كان من أسرة مرموقة، فإن والدته قد جلبت لهُ المعلمين لتعليمه في البيت. التحق وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية سنة 1268 هـ / 1852م، فالتحق بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة وانتظم فيها يدرس فنون الحرب، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر، بدأ يظهر شغفًا بالشعر العربي وشعرائه الفحول، حتى تخرج من المدرسة المفروزة عام 1855 م برتبة «باشجاويش» ولم يستطع استكمال دراسته العليا، والتحق بالجيش السلطاني.
شاعريته
يعد محمود سامي البارودي أول من كتب مقدمة لديوان شعري في العصر الحديث، ويعرّف الشعر بأنه: «لغة خيالية يتألق وميضها في سماوة الفكر فتنبعث أشعتها إلى صحيفة القلب فيفيض بلألأتها نوراً يتصل خيطه بأسلة اللسان فينبعث بألوان من الحكمة ينبلج بها الحالك». أما الشعر الجيد عنده فهو: «ما كان قريب المأخذ سليماً من وصمة التكلّف بريئاً من عشوة التعسف غنياً من مراجعة الفكر». وتكمن وظيفة الشعر عند البارودي في وظيفة هي: «تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق».
وقد تأثر شعر البارودي بالنهضة الأدبية في العصر الحديث والتي أظهرت الاختلافات بين القديم والجديد؛ نتيجة لانتشار الثقافة العربية والاتصال بأوروبا عن طريق زيادة عدد المبتعثين الذين تخصصوا في فروع الأدب في الجامعات الغربية.
تشتهر قصائد البارودي بالوطنية والشجاعة والانتماء للوطن، ومن أشهر قصائده "الإعلان عن استقلال مصر" التي كتبها في عام 1882، والتي دعا فيها إلى النضال ضد الاستعمار البريطاني. كما كتب العديد من القصائد الأخرى التي تناولت قضايا الوطن والحرية والعدالة، ومن أشهرها "يا طلع الشمس من عيني" و"في عينيك عنواني".
وفاته
بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم أحمد شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم «مدرسة النهضة» أو «مدرسة الإحياء». وتوفي البارودي في 12 ديسمبر 1904م بعد سلسلة من سنوات الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.
من آثاره
- ديوان شعر في جزئين، - (للتحميل)
- مجموعات شعرية سُميّت مختارات البارودي، جمع فيها مقتطفات لثلاثين شاعرا من الشعر العبّاسي،
- مختارات من النثر تُسمّى قيد الأوابد، - (للتحميل)
- نظم البارودي مطولة في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، تقع في أربعمائة وسبعة وأربعين بيتا، وقد جارى فيها قصيدة البوصيري البردة، قافية ووزنا وسماها، كشف الغمّة في مدح سيّد الأمة، مطلعها :
يا رائد البرق يمّم دارة العلم | واحْد الغَمام إلى حي بذي سلم |
مؤلفات عن محمود البارودي
- نفوسة زكريا - البارودي حياته وشعره- القاهرة 1992.
- السماح عبد الله – مختارات من شعر محمود سامي البارودي – مكتبة الأسرة – القاهرة، 2005.
- علي الحديدي - محمود سامي البارودي شاعر النهضة- مكتبة الأنجلو المصرية- القاهرة 1969.
- شوقي ضيف – البارودي رائد الشعر الحديث – دار المعارف – القاهرة 1988م.