أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الجمعة 20.24 C

مسارات جديدة في المواجهة الروسية الأوكرانية

مسارات جديدة في المواجهة الروسية الأوكرانية

مسارات جديدة في المواجهة الروسية الأوكرانية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

ثمة رهانات غربية في المستوى الاستراتيجي بأن أوكرانيا تحقق نجاحات جديدة في إطار المواجهة الراهنة.

وأن ما تقوم به من تطوير مقدراتها خاصة باستخدام التكتيكات العسكرية المتطورة، وفي إطار المواجهة الدائرة حول المدن الأوكرانية سيحقق لها تقدما حقيقيا في إطار ما تروج له من "هجوم الربيع" بعد أن تكون قد حصلت على مجمل الأنظمة الدفاعية الغربية المتخصصة، وقامت ببناء استراتيجية نوعية ترتب لها منذ أشهر عدة، وهو ما يفسر الخطاب الإعلامي والسياسي الذي اتبعته أوكرانيا مؤخراً، وركزت فيه على ضرورة حسم معركة باخموت.

وفي إشارة إلى أن روسيا فشلت في إنهاء العمل العسكري، واجتياز مناطق التماس الاستراتيجي المباشرة خاصة أن روسيا بدأت في اقتحام مناطق سكنية بل واستهدافها بالصواريخ مما يعني أن روسيا تريد تطوير أسس المواجهة، والانتقال إلي مرحلة مقابلة- رداً على ما يجري من تصعيد أوكراني – بالفعل، خاصة أن المعارك انتقلت إلى توظيف الأنظمة الصاروخية المضادة، التي تعمل في اتجاهات متعددة، ما يشير إلى أن أوكرانيا باتت في إطار مواجهة حقيقية، وإن لم تصل إلى مستوى الند، أو القادر على المجابهة الكاملة، وإن كان لا يزال التعامل يتم في إطار استراتيجية الرد، ورد الفعل وهو – وإن كان مكلفاً – فإن الجانب الأوكراني لا يزال يدفع التكلفة الكاملة في ظل الدعم الغربي، الذي لا يزال الجانب الروسي يتحفظ على أسلوبه التصعيدي المقابل، خاصة أن هذا الدعم الغربي بات متعدداً ومتنوعاً في إطار ما تقوم به دول الناتو، التي تعمل على منع أي تهديد لأراضيها سواء في المواجهة أو التعامل، وهو ما يتم وضعه في إطار محدد متعلق بالخطوة التالية، التي ترتبط بسعي أوكرانيا للانتقال إلى المرحلة "باء"، المتعلقة بشن عملية عسكرية لاستعادة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا منذ عدة شهور، وهي العملية العسكرية الكبيرة التي تؤكد عليها أوكرانيا باعتبارها مدخلاً لتحرير كامل الأراضي الأوكرانية في إطار سيناريو عسكري موضوع ومطروح من أوكرانيا.

 المؤكد أن خبراء حلف الناتو، وكبار مستشاريه شاركوا في وضع ملامح ما سيجري من الآن في ظل حالة من عدم توافر الثقة التي يبديها الجانب الأوكراني تجاه دول الناتو، الذي لا يزال يرفض منح العضوية الكاملة لأوكرانيا رغم قبوله بالتحاق فنلندا ووضع السويد على قوائم الالتحاق المحتمل، وإن كان هذا الأمر لن يمنع أوكرانيا من محاولات استعادة أراضيها بالكامل في ظل سيناريو افتراضي، وليس واقعيا.

وفي واقع الأمر فإن الجانب الروسي لا يزال يتحدث عن عملية محدودة في العمق الأوكراني، ويريد أن ينهي العمل العسكري في محيطه الاستراتيجي ووفق تعريفه للأمن القومي الروسي المستجد بناء على عقيدة الرئيس بوتين لمواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهه في محيطه الإقليمي، وفي إطار الصراع مع الولايات المتحدة من جانب، ودول حلف الناتو من جانب آخر، وهو ما سيضعه في تقييماته، وفي ظل خيارات محدودة يعمل فيها الجانبان مع التأكيد الاستخباراتي الغربي، خاصة البريطاني أن روسيا تعاني بالفعل من نقص الذخائر والمعدات المتطورة لتحقيق التقدم المنشود وفق خطة وزارة الدفاع الروسية، التي يعمل عليها ما يعرف بالجنرالات العظام الذين يريدون الانتقال بالمواجهة الراهنة لمرحلة أخرى حاسمة رغم أي تكلفة متوقعة، وعدم ترك الجانب الأوكراني يتقدم، أو يحقق مكاسب جزئية، أو كلية مع العمل على رفع حالة الاستعداد لمواجهة أي تطورات دراماتيكية في المشهد العسكري حتى قبل الربيع المقبل.

ولهذا تنشط مجموعة فاغنر تحسباً لأي تطورات عسكرية في مسارح العمليات خاصة في منطقة شرق أوكرانيا، وحول باخموت التي باتت في حوزة الجانب الروسي باستثناء مجموعة جيوب محدودة، لكنها مؤثرة في إطار المواجهة الروسية الأوكرانية، التي يمكن أن تتطور خاصة أن ما يجري في خيرسون وزابوريجيا يؤكد على هذا الأمر، حيث ستتسع مساحات التحرك المباشر بين الجانبين الروسي والأوكراني، وإلى امتدادات المناطق المتاخمة، التي ستكون في الأغلب مسرحا لمواجهات محتملة في الفترة المقبلة خاصة أن القوات الأوكرانية شكلت ألوية هجومية، وخزنت ذخائر مع سعيها للدفع بالدبابات المتقدمة، والمدرعات التي تتحرك من خلالها لتنفيذ مهامها التكتيكية.

مع التوقع باحتمال وقوع خسائر حقيقية كبيرة للجانب الروسي في الفترة المقبلة حال شن الهجوم الأوكراني حيث تؤكد المصادر الاستراتيجية الأمريكية أن الأمر سيكون مرتبطا بتطور وسير العمليات العسكرية التي يعمل عليها الجانبان خاصة أن المكاسب الروسية يقابلها دفع تكلفة كبيرة مع التأكيد على أن الدفاعات الأوكرانية لا تزال قوية، ومع التوقع بإمدادات السلاح الأمريكي لأوكرانيا خلال الفترة المقبلة، فمن الممكن أن تتطور الأمور العسكرية خاصة أن قوات "فاغنر" خسرت الكثير من عناصرها في المواجهات الأخيرة بدليل تهديد يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر الروسية بسحب قواته من باخموت بسبب المعدل المرتفع للقتلى والجرحى في المواجهات الأخيرة.

ورغم ذلك، فإن نجاح القوات الروسية في تحقيق نصر كامل في باخموت له دلالات رمزية حقيقية قد تسهل من التقدم نحو المدن الكبرى، ومنها كراماتورسك وسلوفيانسك في منطقة دونيتسك، وسيتم ذلك المخطط الروسي لمواجهة الدعم الغربي، ومن قيادات الناتو لأوكرانيا دليل على ما أشار إليه القائد الأعلى للقوات الأوكرانية الجنرال فاليري زالو أنه يتم التنسيق مع قائد القوات الأمريكية في أوروبا القائد الأعلى لقوات حلف الناتو كريستوفر كافولي في بعض المهام والعمليات ما يؤكد أن أوكرانيا ستعمل على الحصول على مزيد من أنظمة التسليح، والدفاعات الجوية والطائرات العسكرية الغربية متعددة المجالات خاصة أنه من دون الحصول على طائرات متقدمة الأجيال فلن تنجح القوات الأوكرانية في تحقيق مكاسب حقيقية في مسارح العمليات محل الصراع في الوقت الراهن، وستدفع تكلفة كبيرة في حال إقدام القوات الروسية على الرد السريع من خلال استهداف المنشآت المدنية، والمعلوم أن الطائرات المقاتلة من أهم الأولويات التي يطالب بها الجيش الأوكراني في الوقت الراهن لحسم المواجهة المتوقعة، خاصة أن الرهانات الغربية في مستواها الاستراتيجي ترى أن نهاية المواجهات العسكرية – وأيا كانت سيناريوهات ذلك – تعتمد على الجانب الأوكراني، وليس الروسي على عكس ما كان يتردد في الفترة الأولى للمواجهة الراهنة.

في المجمل، فإن فصلاً جديداً يتشكل في إطار ما هو متوقع في إطار المواجهة الروسية الأوكرانية، وقدرة كل طرف على حسم المواجهة، والانتقال بها إلى مساحة أخرى في ظل سيناريو متشابك يدفع بالتأكيد على أن القدرات الأوكرانية المتطورة، التي تعمل دول الناتو على تعزيز مقدراتها كفيلة بالعمل والمواجهة النوعية في مواجهة الجانب الروسي، بل وتحرير الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا منذ عدة أشهر والتي سعى الجانب الروسي لضمها إلى الأراضي الروسية، وتقنين وضعها انطلاقا من حسابات وتقديرات الجانب الروسي.

وفي مقابل ذلك، فإن الجانب الأوكراني – وبصرف النظر عن طبيعة العملية المتوقعة، أو تطوير منظومة المواجهة، والانتقال بها إلى مساحة جديدة اعتمادا على الدعم الغربي، فإن الواقع الاستراتيجي للموقف الروسي قد يدفع لنقل المواجهة من عملية محدودة لحرب شاملة في مواجهة ما يجري في أوكرانيا، ولوقف الدعم اللامحدود الغربي للقدرات الأوكرانية، وهو ما سيعمل الجانب الروسي – وفي ظل أي سيناريو صفري – على منعه خاصة أن تكلفة ما يجري غير مقبولة، وقد تؤدي إلى خسائر لن تتحملها روسيا، وستدفعها إلى تطوير المواجهة، ونقل رسالة لحلف الناتو بأنه من غير المسموح تجاوز الخطوط الحمراء للأمن القومي الروسي، أو تهديد مناطق نفوذه، أو مسارات وجوده ليس من جبهة أوكرانيا، ولكن في مسارح العمليات المجاورة وصولا لحدود وتخوم الناتو الجيوستراتيجية.

 

اقرأ أيضا