المشاريع السياسية والاقتصادية الفرنسية للقضاء على الثورة pdf
المشاريع السياسية والاقتصادية الفرنسية للقضاء على الثورة pdf، تهدف هذه الدراسة لتسليط الضوء على أهم المخططات والمشاريع القمعية التي اتخذتها السلطات الاستعمارية الفرنسية لمواجهة الثورة التحريرية الجزائرية بهدف القضاء عليها منذ تعيين الحاكم العام جاك سوستال وصولا الى قيام الجمهورية الخامسة تحت قيادة الجنرال شال ديغول.
المشاريع السياسية والاقتصادية الفرنسية للقضاء على الثورة pdf
سياسة الحاكم العام جاك سوستال تجاه الثورة التحريرية :1955_1956
_التعريف بشخصية جاك سوستال: اسمه الحقيقي ابن سوسان من مواليد 03 نوفمبر 1912 بمونتبلي ينحدر من أصول يهودية بالبرتغال درس علم الأجناس والفلسفة خلال الحرب العالمية الثانية أسندت له مجموعة من المهام من طرف الجنرال ديغول :محافظ وطني للإعلام سنة 1942 ومدير عام للمخابرات ومحاربة التجسس بين 1943_1944،عين أمينا عاما لحزب تجمع الشعب الفرنسي سنة 1947 _1951ثم عين نائبا في منطقة الرون باسم التجمع لعينه بعد ذلك منداس فرانس حاكما عاما عن الجزائر في 15فيفري 1955، خلفا لروجي ليونار الى غاية فيفري 1956.
وبعد وصول الجنرال ديغول للحكم سنة 1958 عينه وزيرا للإعلام ثم مكلفا بالمقاطعات الصحراوية في جانفي 1959ليستقيل من منصبه بعد خطاب ديغول في 19 ديسمبر 1959 المتضمن حق الجزائرين في تقرير مصيرهم لينفى الى ايطاليا سنة 1961م، ولم يعد منها الا بعد صدور قانون العفو العام في حقه في أكتوبر 1968،توفي في 7اوت 1990.تاركا وراءه العديد من الكتب عن تاريخ الجزائر .
إصلاحاته السياسية والإدارية:
جاء جاك سوستال بمشروعه الإصلاحي في 27ديسمبر 1954م، وقد اعتمد فيه تطبيق قانون 1947م، وأخطر ما ورد فيه هو خطته في الإدماج بعد تأكيده على تساوي الجزائريين والفرنسين في الحقوق والوجبات دون تميز ديني او عرقي، وتنفيذا لذلك شكل سوستال ديوانه من مجموعة أشخاص تمثل التيار المعتدل تتوافق مع توجهه الاستعماري فعين السيدة جيرمان تيلون المختصة في علم الأجناس والقضايا البربرية واسند اليها بناء المراكز الاجتماعية وتقديم المساعدات الاقتصادية للجزائريين المعوزين كما عين الرائد مونتاي فينسون المتخصص في الشؤون الإسلامية كلفة بإيجاد قوة ثالثة من خلال التفاوض مع رواد الأحزاب السياسية وعين جاك جواي مديرا لديوانه العسكري وعين غي لاماسور وهنري بول إيدو على جهاز الشرطة
إصلاح نظام البلديات :بإعادة النظر في التمثيل داخل مجالس البلديات الكاملة الصلاحيات اعتماد على مبدأ المساواة بين الهيئتين الأوروبية و المسلمة دون تميز ديني أو عرقي، وترقية الدواوير الى بلديات مصغرة واقامة مراكز ريفية مصغرة لها خصوصياتها ثم تحول إلى بلديات تقسيم البلديات المختلطة الى اربع بلديات ريفية تضم عدد من المراكز ريفية ،إعادة تنظيم الادارة الإقليمية للجزائر بواسطة تقسيم إداري جديد لها حيث أنشأ عمالة رابعة جديدة “بونة “بموجب قانون 7اوت 1955؛رفع عدد الدوائر من 20الى 32 دائرة وكل هذه الإجراءات تهدف إلى تقريب الادارة من الأهالي وإبراز تفانيها في خدمتهم ظاهريا اما باطنيا فتسعى خطة سوستال الى العمل لخلق قوة ثالثة وتسهيل مراقبة الأهالي وضبط حركتهم على الدوام وعزل الشعب عن الثورة .
إنشاء المصالح الإدارية المختصة: تجسدت الفكرة في 30أبريل 1955عند انشاء قيادة عسكرية ومدنية بالأوراس وتعين الجنرال برلانج لقيادتها وكانت مهامها في: الإشراف على المفوضات الخاصة وارسال الاحتجاجات المحلية وتحضير الإنتخابات العامة والبلدية ودفع السكان للتصويت واحصاء عدد السكان في مختلف المراكز وتأمين الرعاية الصحية السكان بواسطة مركز المساعدة الصحية المجانية التي يشرف عليها الجيش الفرنسي والصليب الأحمر الفرنسي توزيع المواد الغذائية فتح المدارس ومراكز التكوين المهني ؛انشاء مراكز للعناية بشؤون المرأة المسلمة وتشجيعها على الخروج لدمجها في المجتمع الأوروبي اما عسكريا فتمثلت في مراقبة الجزائريين والبحث عن المعلومات السياسة والعسكرية المتعلقة بالثورة وتشجيع الجزائريين للانضمام لفرنسا فرديا وجماعيا والمشاركة مع الجيش الفرنسي في العمليات العسكرية ونصب الكمائن للوحدات جيش التحرير الوطني عن طريق شراء ذمم الجزائريين بالأموال ،وتحويلهم لعملاء واستغلال الخلافات وتعميقها ،واستغلال البلاغات الكاذبة والحملات الدعائية بواسطة المكبرات الصوتية والمناشير في الاماكن العمومية لتثبيط المعنويات لإرغام المساجين المعتقلين عن كشف أسرار الثورة اما في المدن فأنشأت الحكومة العامة المصالح الإدارية الحضرية
الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمثلت في عصرنة القطاع الفلاحي وتحديثه ،تنظيم الملكية العقارية وتجميع الاستغلالات الريفية وإصدار عقود الملكية وتهيئة النظام العقاري وتأسيس صندوق التوزيع والعصرنة وإلغاء نظام الخماسة وتهيئة مؤسسات القرض الفلاحي وتثمين أراضي الري والمسقية وتوزيع الاراضي على الفلاحين الجزائرين؛تطوير الصناعة الخفيفة والثقيلة وخفض اسعار الطاقة الكهربائية وتأسيس مصلحة العمل الاقتصادي ومحافظة التصنيع،الإلتحاق بمجال الوظيف العمومي خاصة العليا منها ومحاربة البطالة ومحاربة الأمية وفصل الدين الاسلامي عن الدولة والاهتمام بالتعليم وتشكيل جمعيات ثقافية مسلمة للإشراف على الأملاك الوقفية مع الاعتراف بسلطتها وتعين محافظ مسلم احل النزاعات القائمة .
- السياسة العسكرية لسوستال تمثلت في قانون حالة الطوارئ “النفي والإقامة الجبرية،مراقبة الصحف والنشاطات الثقافية تفتيش المنازل ليلا ونهار محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية “اقامة المحتشدات والمناطق المحرمة وتفعيل مبدأ المسؤولية الجماعية ،المطالبة برفع الإمدادات العسكرية
ورغم شراسة هذا المشروع الاستعماري الا أن جبهة التحرير الوطني تصدت له بكل قوة وذلك من خلال في بياناتها الى الشعب الجزائري اضافة الى قيامها بهجومات 20اوت 1955.شملت المنطقة الثانية الشمال القسنطيني
ثانيا سياسة الوزير المقيم روبير لاكوست 1956-1958م
ولد روبير لاكوست في 15 جوان 1898 بمقاطعة دوردون بفرنسا درس بثانوية بريف ديقيار ،ثم واصل تعليمه الجامعي بكلية الحقوق بجامعة باريس ،ناضل في النقابة العمالية، وأثناء الاحتلال النازي لفرنسا اسس حركة تحرير شمال فرنسا ومع حلول سنة 1944 اختير من طرف الجنرال ديغول كممثل له في حركة فرنسا للمقاومة الاحتلال الألماني ،كما شغل لاكوست العديد من الوظائف منها وزيرا للإنتاج الحربي في حكومة فرنسا المؤقتة ونائب عن الحزب الاشتراكي عن مقاطعة دوردون مابين 1946_1968واشتغل وزير لصناعة في العديد من الحكومات وفي 9فيفري 1956 عينه غي مولي في منصب وزير مقيما بالجزائر الى غاية 15افريل 1958،وفي 26سبتمبر 1971 انتخب سيناتورا عن الحزب الاشتراكي توفي في 9مارس 1989م
وبخصوص ظروف تعينه كوزير مقيم بالجزائر سنة1956م، فقد جاء ذلك بعد الانتخابات التشريعية في2جانفي 1956، التي أسفرت على 52مقعد للشيوعين و52 مقعد لليمين المتطرف بقيادة بير بوجاد فسمح ذلك للإشتراكين بتشكيل الحكومة برئاسة غي مولي الذي عين لاكوست وزير مقيما بالجزائر بعد معارضة المستوطنين للجنرال كاترو.
سياسة روبير لاكوست للقضاء على الثورة
- أولا الإصلاحات السياسية والإدارية
_طلب من الحكومة بباريس إرسال تعزيزات عسكرية خاصة الأسلحة الجوية الى جانب إعادة تنظيم الوحدات العسكرية وهيكلتها لتكيفها مع الظروف الخاصة بالحرب.
_تطبيق إصلاحات زراعية وإدارية واقتصادية وإجتماعية لمنع العنصر الاسلامي الثقة واليقين بأن فرنسا عازمة لتحقيق رغبتهم في التحرر
_المطالبة بمنحه صلاحيات واسعة حسب نص المادة الخامسة من مشروع القانون العام وذلك لإتخاذ إجراءات استثنائية بما تقتضيه الضرورة لتطبيقه على العصاة.
مبادئ تقوم عليها سياسة لاكوست:
_حفظ حياة و ممتلكات الأشخاص ،تحرير الحزائرين من الرعب المسلط عليهم والتحكم في توجهات وموقف الرأي العام الداخلي والتحضير للإتفاقيات المستقبلية لتمكن من بناء جزائر جديدة في إطار المجموعة الفرنسية
بعد صدور قانون 56_258 المصادق عليه من طرف الجمعية الوطنية الفرنسية في 16مارس 1956 والذي تضمن الترخيص للحكومة بتجسيد برنامج للنهوض الإقتصادي والإجتماعي والإصلاح الاداري في الجزائر وتخويلها بإتخاذ كافة الإجراءات الإستثنائية التي تمكنها من إعادة النظام وتأمين حياة الأشخاص والسكان ولذلك صدر اول مرسوم في 12افريل 1956 الذي بموجبه تم:
_حل المجلس الجزائري ونقل كافة صلاحيته واختصاصاته للوزير المقيم الذي يتمتع بكل سلطات الجمهورية بإستثناء التعليم والعدالة وقد ارتبطت سياسة لاكوست بمرسوم 641 _56 المؤرخ في 28جوان 1956 والذي تضمن تعديلات على المستوى السياسي والاداري في الجزائر والمتعلقة بتحديد السلطات المركزية واللامركزية والاختصاصات والمهام الموكلة لها :
- بالنسبة للسلطة المركزية فحددت في :
-المندوب العام، وولاة العمالة ونوابهم ،رؤساء الأقسام الإدارية والخاصة SAS التي ازداد دورها بإشرافها على الشؤون الإجتماعية والاقتصادية والإدارية و العسكرية
-تعين ولاة مفوضين سموا بالمفتشين العمومين للإدارة المفوضة فوق العادة على رأس المناطق الإدارية الثلاثة وذلك بمهمة التنسيق بين السلطات المدنية والعسكرية ومراقبتها .رفع عدد العملات الى 13الى ان يصل 15عمالة في 15نوفمبر 1959
-تقسيم الجزائر الى ثلاث مناطق إدارية رئيسية وهي المناطق الشمالية والهضاب العليا والصحراء واستحداث 5دوائر جديدة :تنس،بوغار،برج منايل ،ثنية الحد ،بسكرة ،حل المجالس العمومية وتعويضها والمجالس الإدارية المؤقتة في انتظار الانتخابات ،
أما بخصوص التنظيم البلدي فنص على إلغاء البلديات المختلطة واستبدالها والبلديات كاملة الصلاحيات، وتنصيب مجالس بلدية منتخبة على مستوى البلديات المستحدثة وتخضع في تسييرها الى القانون البلدي الفرنسي الصادر في افريل 1948 “الغاء 78بلدية و158 مركز بلدي” ليرتفع عدد البلديات الكاملة الصلاحيات الى 1484بلدية. وقد صرح لاكوست في 2أكتوبر 1957قائلا: هناك ثلاثة التزامات في إطار القانون الأول “هو انه ولا أحد ولا شيء سيفرق بين الجزائر وفرنسا تفاوض؟ مع من؟ السلم بأي ثمن ؟لا يمكن التفاوض الا مع ممثلين أكفاء ونحن لا يمكن لنا أن نعتبر أن ممثلين أكفاء أولئك الذي يستمدون كفائتهم عن طريق” الإجرام والإرهاب “وقد دعم روبير لاكوست سياسة حكومة بورجيس مونري التي استحدثت وزارة الصحراء وعينت على رأسها ماكس لجون .الذي اعتمد نظام قانون الإطار لتضليل الرأي العام العالمي وقد نص على :الجزائر جزء متمم للجمهورية الفرنسية تتكون الجزائر من عدة المقاطعات المجتمعة في أقاليم تدير نفسها بحريةو ديمقراطية في شؤونها الخاصة وتتمتع بالاستقلال الذاتي والإداري .،تعترف الجمهورية الفرنسية بشخصية الجزائر وتكفلها ،ضمان الحريات والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل المواطنين دون تميز ديني أو عرقي ،وخضوعهم للالتزامات المترتبة عليها ،إعتماد نظام انتخابي موحد يضمن حقوق كل الأقليات إعطاء كل اقليم إدارة شؤونه الذاتية بحرية وديمقراطية بواسطة جمعية إقليمية وحكومة مسؤولة أمامها بالشروط التي تخدمها هذه الجمعية ،إنشاء مجلس إقليمي للجماعات مكون من المواطنين الذين يتبعون قانون الأحوال الشخصية المدني العام والذين يتبعون قانون الأحوال الشخصية المحلي وبذلك سوى المشرع الفرنسي بين الجزائريين والمستوطنين داخل هذا المجلس أضرار بالأغلبية العظمى فلا يصدر قرار لا توافق عليه الأقلية ،إنشاء هيئات فيدرالية على مستوى الأقاليم تتكون من برلمان فيدرالي مهمته الإشراف على القضايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية ومجلس فيدرالي مهمته تنفيذ وتطبيق قرارات الجمعية الفيدرالية كما نص القانون على المهام الموكلة للبرلمان وحكومة الجمهورية الفرنسية المتمثلة في قضايا الأمن والدفاع والشؤون الخارجية والجنسية والقانون المدني العام وشؤون الصرف والعملة والجمارك والضرائب والعدالة والتعليم
وقد اعتبرت جبهة التحرير هذه الإصلاحات جانبا آخر من المناورات الفرنسية
■ربع ساعة الأخير :دعى روبير لاكوست في سبتمبر 1956 إلى إجراء انتخابات بلدية محدودة في منطقة القبائل وجعل من هذه الاخيرة منطقة نموذجية على نجاح سياسة التهدئة واختير الجنرال ديفور لتمشيطها ،والقضاء على الثورة فيها ولتحقيق هدفه اعتمد على خطة عسكرية لتشديد الخناق عليها ،ومحاصرتها اقتصادية ،وعسكريا 3آلاف جندي التي انتقلت لتمشيط وقنبلة المنطقة باستخدام سلاح الطيران على القرى والمداشر إلا أنها كانت فاشلة وهزيلة ونتيجة لذلك حاول روبير لاكوست تهدئة نفوس المستوطنين بإطلاق تصريحات متفائلة” ربع ساعة الأخير ” وأنه لايجب أن لا تقدم للمتمردين أي تنازلات وأن لا نتسرع بتقديم إصلاحات سياسية فنحن في ربع ساعة الأخير من تصفية الثورة
■الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية :
حدد روبير لاكوست ملامح سياسته الاقتصادية والاجتماعية واهدافها في مجموعة من المراسيم والتعليمات المكتوبة الموجهة إلى الضباط وصف الضباط ومختلف تشكيلات الجيش الفرنسي المتواجدة بالجزائر وهي لم تخرج في محتواها على قانون 20سبتمبر 1947 مع بعض التعديلات الطفيفة:
_الميدان الزراعي والصناعي :أسس لاكوست صندوق حيازة الملكية تضمن مايلي :توزيع الاراضي التابعة لأملاك الدولة او لبعض الشركات الفلاحية الفرنسية والأوروبية او التي تم شراؤها من كبار المستوطنين على الجزائرية المحرومة بعد تهيئتها وتجهيزها وذلك لتمكين 1000عائلة جزائرية من الاستفادة من أصل 15000 عائلة وقد نص مرسوم 17 مارس 1956على سلسلة من الإجراءات منها :رفع الحد الأدنى من أجرة العامل الفلاحي من 340فرنك الى 440 فرنك فرنسي. تأميم صناعة الحلفاء، إعادة تنظيم القروض الفلاحية بواسطة تأسيس التعاونيات الفلاحية والصندوق الجزائري للقرض الفلاحي،تشجيع عدد من المحافظين الحكوميين للإشراف على عملية توزيع القروض والمساعدات
- الميدان الاجتماعي :اعتمد خطة روبير لاكوست على الاستفادة من الدعم الحكومي لميزانية الجزائر والذي قدر يا 80مليار فرنك فرنسي اي بزيادة 40% لإنجاح إصلاحاته الاجتماعية الرامية لإستمالة أكبر عدد من الجزائريين الى جانب فرنسا وقد تضمنت إصلاحاته الاجتماعية مايلي :إيجاد فرص عمل للعدد الضخم من الجزائريين العاطلين عن العمل والمقدر عددهم با1400000 بطال ،بإدماجهم في سلك الوظيف العمومي مع توفير الامتيازات التي يتمتع بها الفرنسين ولتفعيل ذلك صدر مرسوم 289_56 المؤرخ في 26مارس 1956 والذي يفرض على المؤسسات الفرنسية العامة والخاصة تخصيص حصص من المناصب للجزائريين في كل عملية توظيف تقدم عليها ومن الإجراءات التي تصب في نفس المسعى تجنيد المراكز الاجتماعية ومراكز الصالح الإدارية المختصة والمساعدة الطبية المجانية التابعة للجيش الفرنسي من القيام بمهامها الدعائية وتمكينها ماديا وبشريا لتحقيق الأهداف الاستعمارية التي تسعى إليها سياسة الإصلاحات، كما استغل منظورا الإصلاحات عجز الجزائريين وفقرهم وراحوا يقدمون له مجموعة من الإعانات المادية والمالية في حالة تعاونه مع الادارة الفرنسية الاستعمارية وقد شملت تلك الإعانات مايلي: تعميم نظام المنح العائلية والتأمين على حوادث العمل والأمراض المهنية وتقديم هبات حكومية في شكل إعانات نقدية وعينية تصل إلى 150000 فرنك فرنسي لسكان الارياف من أجل تحسين سكناتهم وأوضاعهم الاجتماعية، تتكفل بها محافظة التعمير على مستوى كل دائرة حكومية زيادة على تخصيص مبالغ مالية سنوية لكبار السن ومعدومي الدخل.
ورغم ذلك الا ان هذه السياسة فشلت نتيجة لعاملين: عدم وجود ضمانات التي يقدمها الجزائري كضمانات لنيل القروض الفلاحية ودعاية الإعلامية لجبهة التحرير الوطني ضد إصلاحات لاكوست الإغرائية.
■الميدان العسكري :
تعين راؤول سلان في 15نوفمبر 1956 على القيادة العامة للجيوش خلفا للجنرال لوريو
حيث شدد سيلان على تضيق الخناق على مناطق لمنع الثوار من قيامهم بعملياتهم المختلفة وإلحاق الخسائر بها في اقل وقت وبأقل جهد
- منح الصلاحيات للجيش الفرنسي بموجب قانون 07جانفي 1957 الممضى من طرف لاكوست حيث أسندت مهام الشرطة وصلاحيتها التي يشرف عليها والي عمالة الجزائر إلى ماسو قائد الفرقة العشرة للمظليين .وتجهيز 150000 جندي منها 10000 جندي تعدد الفرقة العاشرة للمظلين والبقية للوحدات العسكرية اللوجستكية المختلفة إلى جانب ذلك تم الاستعانة بهبراء الحرب الثورية والحرب المضادة لذلك وقد برزت الخطة العسكرية لسلان في معركة الجزائر حيث قام قسمها إلى أحياء ووزعها على ضباطه لمراقبتها حيث قبض على الشهيد العربي بن مهيدي واعدامه وخروج لجنة التنسيق والتنفيذ الى تونس واعتقال يوسف سعدي في 23سبتمبر 1957وقصف القصبة التي استشهد فيها علي لابوانت وحسيبة بن بوعلي ورفاقهم في 8أكتوبر 1957 وتخريب خلايا جبهة التحرير بمدينة الجزائر واعتقال أزيد من 12000 جزائري وتحويلهم الى مناطق الفرز والإستنطاق والتعذيب
- مؤسسات التعذيب والإستنطاق :
_جهاز الحماية العمرانية : تأسس في 4مارس 1957وهو بمثابة بوليس إضافي من الأوروبيين التابعين للمنظمات العنصرية يهدف إلى مراقبة تحركات المواطنين وتشديد الحراسة على التجمعات السكانية وهي بدورها تتصل بمصلحة الإستخبارات والعمل
_مركز الإستعلامات والعمل : تأسست في 11افريل 1957 وهي أجهزة تمتد على مستوى الدوائر هدفها تحقيق الإستمرارية والتدخل الموحد لمصالح المخابرات من أجل قمع جبهة التحرير الوطني
_جهاز التدخل من أجل الوقاية وهو فرع من مركز التنسيق بين القطاعات العسكرية تأسست أثناء معركة الجزائر 1957وهو جهاز تابع لقودار وترانيكي وقد مارس هذا الجهاز أعمال إجرامية في حق الجزائرين بالعديد من النواحي
_إقامة الأسلاك الشائكة على الحدود الجزائرية الغربية والتونسية لمنع دخول الأسلحة القادمة من الخارج
_منح السلطات المطلقة للمؤسسة العسكرية وذلك بتخلي والي العاصمة على جميع صلاحية الشرطة بموجب قانون 7جانفي 1957الصادر عن لاكوست اين اصبحت الفرقة العاشرة للمظلين تتمتع بحرية تامة في محاربة التنظيم السياسي والعسكري للثورة التحريرية بمدينة الجزائر الى جانب ان سلاح الطيران قام بقرصنة الطائرة المغربية التي تنقل قادة الثورة في 22أكتوبر 1956 وإجراء حق المتابعة وقصف ساقية سيدي يوسف في 8فيفري 1958
- موقف فرنسا من إصلاحات روبير لاكوست
وجدت الإصلاحات السياسية والاقتصادية نقدا لاذعا من طرف المستوطنين نتيجة لفرض المساواة بينهم وبين الجزائريين في بعض الحقوق المدنية ونتيجة لضغطهم قامت فرنسا يوم 7مارس 1958 بوضع مشروع اقامة حق دفاعي بين دول البحر الأبيض المتوسط يتضمن اتفاق لتعاون الاقتصادي بين الأقطار الثلاثة تونس وليبيا وفرنسا المتاخمة للصحراء وإبرام حلف دفاعي في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط تنظم اليه اسبانيا وإيطاليا ودول شمال أفريقيا الا انه رفض نتيجة للمعارضة جبهة التحرير الوطني له كما أنكرت السلطات الاستعمارية الفرنسية سياسة التعذيب التي اتبعها لاكوست في حق الجزائريين ،اتفاق غلاة العسكرين بإسقاط الجمهورية الرابعة نظرا لفشلها في سياستها الإصلاحية في الجزائر واستقدام الجنرال ديغول بعد حركة التمرد في 13ماي 1958
- موقف جبهة التحرير : وفقا لبيان لجنة التنسيق والتنفيذ الصادر في أكتوبر 1957 فقد استنكرت لتلك الإصلاحات واعتبرتها من الماضي وقد تجاوزها الزمن الى جانب انها قامت بإفشال الحملة الدعائية لوزارة الخارجية الفرنسية ومساعيه لإقناع دول العالم ،وقد استغلت جبهة التحرير الوطني تلك الجرائم المتعلقة بالتعذيب والقرصنة الجوية وقصف ساقية سيدي يوسف واتخذتها برهانا ودليلا قاطعا للتأكيد على وحشية الاستعمار الفرنسي للدول العالم لكسب تضامنها مع القضية الجزائرية.
ثالثا مشاريع الجنرال شال ديغول
ولد الجنرال الفرنسي شال ديغول يوم 22نوفمبر 1890بمدينة ليل شمال فرنسا وتوفي يوم 12 نوفمبر 1970التحق بمدرسة سان سير العسكرية شارك في الحرب العالمية الاولى ووقع أسيرا لدى ألمانيا ثم أطلق صراحه وشارك في حرب بولندا ضد روسيا السوفياتية سنة 1920 ثم عين في وزارة المارشال بيتان ثم عضو بقيادة الأركان الفرنسية ببيروت لقب برجل 18جوان .عين في 5نوفمبر 1945 رئيسا للحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية ثم استقال بعد شهرين ليعود لقيادة الجمهورية الخامسة بعد تمرد 13ماي 1958 له مجموعة من الكتابات للإستراتحية العسكرية وحد السيف ومذكراته
مشروع قسنطينة 03أكتوبر 1958: هو مجموعة من الإصلاحات التي وردت في خطاب الجنرال ديغول في 3أكتوبر 1958على تنفذ بعد خمس سنوات.
مضمونه:
المجال الصناعي: إنشاء مصانع خاصة بالصناعة الثقيلة ومصانع بيتروكيمياوية في المناطق الساحلية ومصانع عجالات المطاط والفوسفات
أما الصناعة الخفيفة فتمثلت في صناعة الأغذية والنسيج ومواد البناء
أما المجال الفلاحي والإجتماعي: فتمثل في توزيع الأراضي 250 ألف هكتار على الفلاحين المعوزين إلى جانب إستصلاح الاراضي وتوزيعها على الفلاحية. بناء المدارس والمساكن والمستشفيات واستحداث مناصب وظيفية للجزائرين في مختلف الأصعدة وتقديم بعض المؤونة والمنح للشيوخ والعجزة والمحتاجين
شق الطرق والسكك الحديدية ومضاعفة إنتاج الطاقة الكهربائية
السماح للجزائريين بحرية التنقل وإلغاء رخص المرور
أما عسكريا فقد اتخذا الجنرال ديغول كغيره مجموعة من التدابير العسكرية لشن حصار ضخم على جيش التحرير الوطني في الجبال
منها مشروع سلم الشجعان في 23أكتوبر 1958 الذي يهدف الى تشتيت قوات جيش التحرير الوطني من خلال تسليمهم لأنفسهم للسطات الفرنسية مقابل ذلك بعدم متابعتهم قضائيا، إضافة الى ذلك قام الجنرال ديغول بإبداء موافقته على مخطط الجنرال شال الذي قام بالعديد من العمليات العسكرية اتخذت مجموعة من الأسامي شملت مختلف الولايات الثورية لشل نشاطها العسكري كما قام الجنرال ديغول بالكثير من المناورات السياسية و الدبلوماسية والاعلامية لتضيق نشاط جبهة التحرير الوطني وجهازها التنفيذي المتمثل في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وذلك من خلال ضغطه المتواصل عبر مختلف الهيئات الدولية كما قامت السلطات الاستعمارية بالكثير من الجرائم الوحشية طيلة اربع سنوات الأخيرة من الثورة كان من بينها قمع الجزائريين في مظاهرات 11ديسمبر 1950 وجرائم موريس بابون بباريس ضد المهاجرين الجزائريين في 17أكتوبر 1961 اضافة إلى العمليات الاجرامية التي قامت بها المنظمة العسكرية الإرهابية وغيرها التي تدل على بشاعة الاحتلال الفرنسي عبر التاريخ
وفي الأخير ومن خلال ماسبق ذكره نستنج أن السلطات الاستعمارية الفرنسية منذ اندلاع الثورة التحريرية، اتخذت العديد من المشاريع والإجراءات القمعية بهدف محاصرتها والقضاء عليها الا انها قوبلت بالفشل نتيجة لصمود الشعب الجزائري وصمود جبهة وجيش التحرير الوطني في مجابهتها بمختلف الوسائل المتاحة الى غاية استعادة السيادة والحرية المسلوبة وتحقيق الاستقلال في 5جويلية 1962م