شرح درس قلوب الوالدات
شرح درس قلوب الوالدات، ميخائيل نعيمة كاتب وشاعر وقاصّ ومسرحيّ ومفكر لبنانيّ، ولد في بسكنتا في لبنان عام 1889م، وقد نشأ وكبر فيها حتى أنهى دراسته الأولى في مدرسة الجمعية الفلسطينية، ثُمّ التحق بجامعة بولتافا الروسيّة وأكمل دراسته الجامعيّة فيها، وتسنّى لهُ الاطلاع على العديد من مؤلفات الأدب الروسي، فضلًا عن دراسته للحقوق في الولايات المتحدة الأمريكيّة، ثُمّ انضمّ للرابطة القلمية وكان من شعراء المهجر فيها، وعاد في نهاية المطاف إلى بلدته الأصلية في لبنان واتّسع نشاطه الأدبي فيها، حتى لُقّب بناسك الشخروب، كما ويُعدّ واحدًا من أهم الرجال الذين قادوا حركة النهضة الفكرية والثقافية وأحدثوا فيها تجديدًا واضحًا، حيث ترك خلفه الكثير من الآثار التي يكتبها له التاريخ بماءٍ من ذهب، مثل كتاب صوت العالم الذي أُخذ منه نصّ قلوب الوالدات، وبالطبع، فإن ذلك يشهد له بالامتياز والإبداع والمكانة الرفيعة في عالم الأدب، توفي ميخائل عام 1988م إثر التهابٍ رئويّ، ومن خلال هذا المقال سيتمّ شرح درس قلوب الوالدات.
شرح درس قلوب الوالدات
جو النص والأفكار الرئيسة في درس قلوب الوالدات
إذا كان لأيّ أمّةٍ كانت أن تحيا وتزدهر بأدبائها، وأن تُباهي بشعرائها وعباقرها، فقد حقَّ للأُمّة العربيّة أن تضع المفكر والأديب ميخائيل نعيمة على رأس هذه المفاخر الأدبية في هذا العصر، فهو مدرسة إنسانية فريدة، ومذهب يضيء الفكر الإنساني، وكتابه صوت العالم الذي أخذ منه هذا النصّ يحتوي على صفحات عميقة الأثر يجلو فيها بأسلوبه بإظهار الحقّ والباطل وعلاقات الإنسان المتعدّدة، ويتحدّث ميخائيل نعيمة في هذا النص عن قلب والدته وعن قلوب جميع الأمهات بشكلٍ عامٍّ، مشيرًا إلى مدى الحب العظيم الذي تحمله هذه القلوب تجاه أبنائهن واللهفة الكبيرة عليهم والأثر بفرحهم وحزنهم ومرضهم وعافيتهم، وعن جميع ما يمكن أن يختلج في صدور أبنائهنّ، داعيًا بذلك جميع الناس بالرحمة والرفق والرأفة بقلوبهنّ العظيمة بين ثنايا أسلوب جميل مؤثر وساحر، ومن خلال ما يأتي، يمكن وضع بين يدي القارئ أهمّ الأفكار الرئيسة الواردة في الدرس:
- الحديث المتواصل عن قلوب الوالدات ومقدار الحبّ الذي يحملنه تجاه أبنائهن.
- قلب الأم متعلق دائمًا بحالة ابنها في حله وترحاله وفي فرحه وحزنه ومرضه.
- دعوة الكاتب إلى الرفق والرحمة والرأفة بقلوب الأمهات وعدم إيذائهن بقول أم فعل.
المعجم والدلالة في درس قلوب الوالدات
زخر هذا النص الأدبي بالعديد من المفردات اللغوية التي استخدمها الشاعر في تلوين نصّه وإضفاء عليه المزيد من الجماليات والصور الفنية، بالإضافة إلى بعض ضروب البلاغة، ويمكن تعداد أهمّ المفردات والتراكيب الواردة في الدرس من خلال ما يأتي:
- يزحل: يبتعد ويتنحّى.
- الزُّخرف : زَخْرَفَ كَلامَهُ: حَسَّنَهُ بِأَلْفاظٍ ظاهِرُها جَميلٌ وَباطِنُها كُلُّهُ تَمْويهٌ وَكَذِبٌ.
- اكْمدَّ: تغيّر وذهب صفاؤه.
- الفَلاح: النجاة والفوز.
- الحالكات: شديدات السواد.
- طياتها: مفردها طيّة، وهي داخل الشيء أو ضمنه.
- ملتاعة: قَلْبٌ مُلْتَاعٌ: مُحْتَرِقٌ مِنْ شَوْقٍ أَوْ هَمٍّ.
- تدرأ: تدفع.
- اختلج: تحرّك واضطرب.
- إي: حرف جواب بمعنى نعم.
- محنة: الشدّة والبلاء.
- بزغت: طلعت.
- زمام: له الأمر والسيطرة والقيادة.
شرح درس قلوب الوالدات لميخائيل نعيمة
لقد كان كتاب صوت العالم كتاب الحق والمعاناة الإنسانية بحسّه المرهف وكتاب الإبداع في أبهى صوره، للكاتب ميخائل نعيمة وهو من أبرز المؤلّفات التي قدّمها للعالم العربي، حيث استخدم فيه أسلوبه الأدبي الجميل وأضفى عليه جماليات اللغة، ومن خلال ما يأتي سيتمّ شرح النص الذي أُخذ من هذا الكتاب وهو درس قلوب الوالدات:
- الفقرة الأولى: يقول الكاتب أنّ أجمل وأروع القلوب هي قلوب الأمّهات، وعندما يبتعد الطفل عن قلب أمّه يتضاعف قلبها ويصبح لها قَلبان من شدّة حبّها لهُ؛ فقلبها كشجرة التين التي تصل إلى الأرض لعظمته وضخامته فتنمو له الجذور وكأنه شجرة منفصلة.
- الفقرة الثانية: يعدّ ميخائيل نعيمة أنّ تحبُّب الوالدات إلى الأبناء بكلمات مثل: "ياقلبي" حقيقة لا مجازًا، فقلب الابن هو قلب الأم وعينه عينها وروحه روحها، ودائمًا لهفة الأم لأبنائها وحبها لهم تسبق لهفتها على نفسها.
- الفقرة الثالثة: يصف الكاتب شعور الأمّ المتوافق لشعور ابنها، فإذا مسّه ضرر يمسّها مثله، ولو سالت منه قطرة دمّ، تتفجر من قلبها قطرات متدفّقة.، كذلك هو الحال إن شعر بالحزن، فإنّها تشعر بهذا الحزن بشكل مضاعف، حتى إن غاب عنها ابنها تبقى تفكر فيه وفي سلامته.
- الفقرة الرابعة: يرى الكاتب من خلال هذه الفقرة أنّ قلب الأمّ شيء عجيب بحيث لا يستطيع أحد أن يفهمه، ويتمنى أن يرجع به الزمن ويمحو عقوقه تجاه والدته؛ لأنّ الوالدات دائمًا ينذرن أنفسهنّ لراحة أبنائهنّ، فضلًا عن بقاء مشاعرهن دومًا مجتمعة من فرح وحزن وطمأنينة وقلق، فهن لا يستطعن أن يهدأن.
- الفقرة الخامسة: يُعبّر الكاتب من خلال هذه الفقرة عن الأمّ في أنّها تُكرّس نفسها للعيش في أكثر من حياة؛ حياتها وحياة أبنائها.
- الفقرة السادسة: يُذكّر الشاعر ويقول بأنّ الأمهات هنّ أساس هذه الحياة، وشبههنّ بالآنية المعدة لاقتبال الحياة وبالقناة التي يجري من خلالها الماء وبالتربة التي تنبت فيها البذور، ويشير في هذا السياق إلى أنّ الأم تبقى في تواصل دائم مع أبنائها ويصف هذا التواصل بأنّه باطني، ويدعو كذلك إلى الرأفة والرحمة.