الحزب الجمهوري والتوافق في مواجهة الخصم
منذ نهاية العام الماضي وبعد الانتخابات النصفية للكونغرس كان يتردد السؤال التالي: كيف ستكون السياسة الخارجية للولايات المتحدة حال سيطر الجمهوريون على مجلس النواب.
اليوم أصبح الجميع يتساءل عن موقفهم مثلا من الأحداث في الشرق الأوسط والحرب الأوكرانية وطالبان والاتفاق النووي واتفاقية إبراهيم وكل ما يتعلق بالشؤون الخارجية.
هناك موروث ليس ببعيد حملته فترة حكم الرئيس ترامب، وهو اليوم لازال ذا تأثير مع قوى أخرى على موقف الحزب الجمهوري من السياسات الخاصة بالشرق الأوسط.
أهم تلك القوى كيفن مكارثي والسيناتور تيد كروز وليندسي غراهام وعشرات غيرهم إلى جانب أن هناك قوى جمهورية أخرى تعارض تلك التوجهات كالسيناتور ميتش ماكونيل والسيناتور ميت رومني و ليز تشيني؛ لكن صعود شخصية شابة مثل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس يطرح تساؤلا حول إمكانية الاختلاف بين الجمهوريين في النظرة للسياسة الخارجية؟
بداية أقول إنه لطالما عُرف الجمهوريون بتخبطهم بين القدرة على النجاح في السياسية الخارجية والنجاح في التركيز على شؤون الداخل الأمريكي وهو أمر يتميز به الديمقراطيون خصوصا باهتمامهم الواضح بالداخل الأمريكي.
إن الحزب الجمهوري يميل دوما نحو الارتباط بالعدالة والحرية الاقتصادية ويتواجد فيه محافظون ماليون واجتماعيون ومن يسمون بالمحافظين الجدد وهم أكثر تشددا تجاه الدول الخارجية من الديمقراطيين وكذلك أكثر ميلا لاستخدام القوة العسكرية والتحكم بشؤون الدول الأخرى.
لنبدأ بالحديث عن التوجهات السياسية المرتقبة لمرشحي ذلك الحزب فيما يخص منطقة الشرق الأوسط؛ ذلك أنه لا يختلف ديسانتيس عن مواقف خصمه ترامب في أجندة الأمن القومي الخاصة بهذا الشأن؛ فهما بالإضافة إلى مكارثي وكروز وجمهوريون كثر يؤمنون بحتمية مواجهة إرهاب القوى الإسلامية كطالبان والإخوان المسلمين وميليشيات إيران.
أما في قضايا حلف الناتو، فلا شك في أنه إذا ما استثنينا ترامب والسيناتور الجمهوري جوشوا هولي، فإن جميع الجمهوريين ملتزمون بالحلف ومسؤولياته. وأما إذا نظرنا إلى الصين فسنجد النظرة العدائية لدى الجمهوريين جميعا تجاهها، وكأنهم يستحضرون موروث الرئيس ريغان في هذا الشأن.
واليوم يرى ديسانتيس أصدقاءه الجمهوريين في غاية الإحباط مما حدث للسياسة الأمريكية بعد الانسحاب من أفغانستان وقبلها العراق وحزنهم على الخسائر المالية التي تكبدتها أمريكا خارج حدودها وحتى يأسهم من القدرة على إعلان مواجهة صريحة مع قيصر روسيا؛ فهل يمكن القول هنا إن ديسانتيس سيقود تغييرا داخل الحزب الجمهوري ينطلق من رؤية جديدة لموقع أمريكا لا تتوقف عند زعم ترامب (إن كل ما أريده يريده ديسانتيس)؟
الجمهوريون يدركون أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تحدد فقط مستقبل أمريكا بل العالم؛ فهي الدولة التي تتعمد رسم سياسات الدول من خلال حزبيها الجمهوري والديمقراطي، ولا يمكنهم -أي الجمهوريون- اتخاذ موقف متأرجح بعد انتخابات 2024 من قضايا خارجية تعتبر مصيرية كالحرب الروسية الأوكرانية التي رأينا الموقف المتذبذب للرئيس جو بايدن منها.
وبالتالي فالأيام القادمة حبلى بالكثير من التوافقات بين الجمهوريين على نقد سياسات خارجية للرئيس بايدن قد تكون السبيل الأمثل لدعمهم من قبل الناخبين في منافسة على قيادة "أمريكا قد لا تتكرر" في ضخامتها وتفرعاتها، بسبب الظروف الخارجية المحيطة بها.