العقيدة الاسلامية واثرها على الفرد والمجتمع
العقيدة الاسلامية واثرها على الفرد والمجتمع
العقيدة الإسلامية هي عقيدة توقيفية؛ فلا تثبت إلا بدليل من الشارع، ولا مكان للرأي والاجتهاد فيها، حيث أنَّ مصادرها مقصورة على ما جاء في الكتاب والسنة
تعريف العقيدة
في اللغة: جمع عقائد حيث يعتبر كل ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أم باطلاً
والعقيدة مشتقة من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوة، والتماسك، والمراصة، والإثبات؛ ومنه التأكيد والتوثيق واليقين والجزم والتصديق الذي لا يقبل الشك.
قال الراغب الأصفهاني: (العقد: الجمع بين أطراف الشيء، ويستعمل ذلك في الأجسام الصلبة كعقد الحبل، وعقد البناء، ثمّ يستعار ذلك للمعاني نحو: عقدِ البيع، والعهد، وغيرهما، فيقال: عاقدته، وعقدته، وتعاقدنا، وعقدت يمينه)
قال الله تبارك وتعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ) [المائدة: 89]
أمَّا في الاصطلاح: هي التصديق الناشئ عن إدراك شعوري أو لا شعوري يقهر صاحبه على الإذعان لقضية ما ولذلك تكون العقيدة مطابقة للواقع حينًا، وغير مطابقة له في أكثر الأحيان
تعريف العقيدة الإسلامية
في اللغة: ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ مثل عقيدة وجود الله تعالى وإرساله للرسل
في الاصطلاح: الإيمان الجازم بالله تعالى، وبما يجب له من التوحيد، والإيمان بالملائكة والكتب السماوية، والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرِّه، وبما يتفرع عن هذه الأصول ويلحق بها مما هو من أصول الدين
ونجد أنَّ العقيدة الإسلاميَّة تمتاز بكونها حكمً مستقراً لا يقبل الشك عند معتقده ويكون ذلك الحكم والإيمان نابعاً من الكتاب والسنّة في معرفة الله تعالى والرسول الكريم والدين، وما يقتضيه ذلك من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، والنظرة الشاملة للكون والحياة والإنسان.
مصادر علم العقيدة الإسلامية
- القرآن الكريم
- السنة النبوية الشريفة
- الإجماع
ما هي خصائص العقيدة الإسلامية؟
- عقيدة الفطرة: قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30]
الإنسان قد فُطر على الإيمان بالله تعالى فلا يتأتى له الشعور بالأمن النفسي والراحة وطمأنينة القلب حتى يؤمن إيماناً تاماً بوجود الله تعالى ووحدانيته
قال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: “ما من مولود إلَّا يولد على الفطرة”
- ربانية المصدر: أي أن مصدرها من عند الله، لم تتغير ولم تتبدل، تكمن السعادة والطمأنينة باتباعها ويترتب الشقاء والتعب على تركها
قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (96) سورة الأعراف.
- مبرأة من النقص، سالمة من العيوب، بعيدة عن الحيف والظلم
- تتميز بالسهولة واليسر: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة))
- أساسها واضح قائم على التوحيد، فاللَّه واحد وهو صاحب السلطان على كل شيء، فالتوحيد هو في حد ذاته قضية واضحة في عقل كل مسلم ومسلمة، ودليلها أيضًا واضح في فكره
- واضحة بينة بعيدة عن الغموض، سهلة ميسورة يفهمها العامي بقدر والمثقف بقدر، وطالب العلم بقدر، والعالم الراسخ بقدر، كل يفهمها، ليس في ثوابت العقيدة ما لا يفهم، فهي تنبع من الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها.
- لا تدعو إلى الاتباع الأعمى بل على العكس فإنها تدعو إلى التبصر والتعقل قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}
- عقيدة غيبية: فالغيب: هو ما لا يدرك بشيء من الحواس الخمس
أمور ومسائل العقيدة الإسلامية التي يجب على العبد أن يؤمن بها ويعتقدها غيبي، كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، وعذاب القبر ونعيمه، وغير ذلك من أمور الغيب التي يعتَمَد في الإيمان بها على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}
- عقيدة شاملة: ويتضح شمول العقيدة في الأمور الثلاثة الآتية:
- شمول العبادة، فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحب الله ويرضى من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
- تشمل علاقة العبد بربه، وعلاقة الإنسان بغيره من البشر.
- تشمل حال الإنسان في الحياة الدنيا، وفي حياة البرزخ، وفي الحياة الأخروية.
- عقيدة ثابتة: وثباتها ناتج عن أنها منزلة من عند الله، حيث انقطع الوحي بالتحاق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى من الجنة، وبقيت النصوص ثابتة إلى يوم الدين لا ينسخها ناسخ ولا يبدلها كافر.
قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم.
- وسطية لا إفراط فيها ولا تفريط: قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا..) سورة البقرة (143)
تنهى عن التقليد الأعمى، حيث عاب الله على القائلين: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مقْتَدُونَ} (23) سورة الزخرف. وتنهى عن التوغل بالعقل لإدراك كيفية صفات الرب عز وجل فقال تعالى: {وَلَا يحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (110) سورة طـه.
أيضاً من الخصائص الأخرى لعلم العقيدة الإسلامية أنها تتصف بقيامها على التسليم لله ولرسوله، واتصال سندها بالرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة الهدى قولاً وعملاً وعلماً واعتقاداً، كما أنَّها سبب النصر والفلاح في الدارين
موضوعات علم العقيدة
من المواضيع التي تدور حولها مواضيع علم العقيدة الإسلامية:
- ذات الله تعالى أو الإلهيات
- ذوات الرسل والأنبياء الكرام
- الغيبيات
- أصول الأحكام القطعية
- وسائر أصول الدين والاعتقاد
آثار العقيدة الإسلامية في حياة الفرد والمجتمع
تذكر أنَّه عندما تلتزم الأمة بقواعد العقيدة الإسلامية، ويم ضبط قواعد الحياة بواسطة حقائق الإيمان ومقوماته، عندئذ تكون هذه الأمة أمةٌ ذات قوة ذاتية وحصانة طبيعية، تجعلها قادرةً بإذن الله على التغلب على نتائج المحن، وآثار الأزمات، وموجات الفتن.
- الحرية: جاءت العقيدة الإسلامية لتحرير الإنسان من العبودية القائمة على غير المستحق لها، سواءً كان المعبود حجراً، أو بشراً، أو مَلَكاً، أو رسولاً، أو غيره، ليكون عبداً خالصاً لخالقة وبارئه عزَّ وجلّ
- تهذيب الفطرة والرغبة: هذّبت العقيدة فطرة وغريزة الإنسان، حيث أعطته حقه كاملاً من الرغبة والمتعة وذلك بما ينسجم مع العيش بحياةٍ طبيعيّة تابعة لتعاليم وأحكام الدين الإسلامي.
- غذاء للعقل: تُعدّ العقيدة أعلى أنواع الغذاء العقليّ، فهي تُشبع تطلّعه الدائم، وتُقدّم له إجابةً شافيةً ترشده من خلالها إلى خالقه سبحانه وتعالى
- السمو بالروح: حيث ينظر الإسلام إلى الروح على أنّها مركز الكيان البشري، ونقطة الارتكاز الرئيسيّة
- إذا سلمت العقيدة الإسلامية يسلم العمل والسلوك، وإذا فسدت يؤدي ذلك إلى فساد العمل والسلوك
أهم الكتب في العقيدة الإسلامية
- متن العقيدة الطحاوية – أبو جعفر الطحاوي
- الأربعين في أصول الدِّين – الإمام الغزالي
- قواعد العقائد -أبو حامد الغزالي
- كتاب الاعتصام – الإمام الشاطبي
- أصول السنة – أحمد بن حنبل
- كبرى اليقينيات الكونيَّة – د. محمد سعيد رمضان البوطي
- نظام الإسلام في العقيدة والأخلاق والتشريع – مصطفى البغا