أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

السبت 20.24 C

ما هي البصمة البيومترية

ما هي البصمة البيومترية

ما هي البصمة البيومترية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

ما هي البصمة البيومترية

لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬صار‭ ‬اليوم‭ ‬يحتاج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬ناجعة‭ ‬تؤمّن‭ ‬المراسلات‭ ‬والتوقيعات‭ ‬والصفقات‭ ‬التجارية‭ ‬والمعلومات‭ ‬الشخصية‭ ‬ضد‭ ‬القراصنة‭ ‬ومختلف‭ ‬طرق‭ ‬الاختراق‭. ‬وبرغم‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تسجيله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب،

‭ ‬فإن‭ ‬التزوير‭ ‬والسطو‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬السرية‭ ‬لايزالان‭ ‬منتشرين،‭ ‬بل‭ ‬ويزدادان‭ ‬انتشاراً‭! ‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬علماء‭ ‬الآثار‭ ‬يُرجعون‭ ‬استعمال‭ ‬بصمات‭ ‬الأصابع‭ ‬كتوقيع‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬البابليين‭ (‬5000‭ ‬ق‭.‬م‭) ‬وإلى‭ ‬قدماء‭ ‬الصينيين‭ (‬1900‭ ‬ق‭.‬م‭.)‬،‭ ‬فإن‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬استعمال‭ ‬التوقيع‭ ‬بالبصمة‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭.‬

فقد‭ ‬كان‭ ‬وليم‭ ‬هرشل‭ (‬1833‭ ‬‭- ‬1917‭)  ‬

ضابطاً‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬البنغال‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬أواسط‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر؛‭ ‬وأعد‭ ‬آنذاك‭ ‬دراسة‭ ‬مطولة‭ ‬حول‭ ‬بصمات‭ ‬يده‭ ‬وأيدي‭ ‬بعض‭ ‬معارفه،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬اقتنع‭ ‬بأن‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬بصمته‭ ‬الخاصة‭! ‬وهكذا‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬أوربي‭ ‬استغل‭ ‬البصمات،‭ ‬حيث‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬عام‭ ‬1877‭ ‬واعتبر‭ ‬بصمة‭ ‬اليد‭ ‬توقيعاً‭ ‬للشخص،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬هرشل‭ ‬يأخذ‭ ‬بصمة‭ ‬اليد‭ ‬والأصابع‭ ‬للموظفين‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬حتى‭ ‬يميّز‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني‭ ‬مرتباتهم‭ ‬وبين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتحايلون‭ ‬لتقاضي‭ ‬الراتب‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬أو‭ ‬ثالثة‭!  ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1902‭ ‬كان‭ ‬الفرنسي‭ ‬ألفونس‭ ‬برتيون‭ (‬1853‭ ‬‭- ‬1914‭) ‬،‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإجرام،‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استعمل‭ ‬بصمة‭ ‬الأصابع‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬المجرمين،‭ ‬وأسس‭ ‬أول‭ ‬مختبر‭ ‬للشرطة‭ ‬عام‭ ‬1882‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬من‭ ‬يقومون‭ ‬بعمليات‭ ‬قتل‭ ‬أو‭ ‬إجرام‭.‬

أما‭ ‬الطبيب‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬هنري‭ ‬فولدس‭

‬فكان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬اليابان،‭ ‬ونشر‭ ‬مقالاً‭ ‬عام‭ ‬1880‭ ‬يبحث‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬البصمات‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬المجرمين،‭ ‬واقترح‭ ‬طريقة‭ ‬لتسجيل‭ ‬البصمات‭ ‬بحبر‭ ‬المطابع‭. ‬وأكد‭ ‬أنه‭ ‬تعرّف‭ ‬على‭ ‬لِصّين‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭. ‬

وبالموازاة‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬انشغل‭ ‬العالم‭ ‬البريطاني‭ ‬فرنسيس‭ ‬غالتون‭ (‬1822‭ ‬‭- ‬1911‭)  ‬بالموضوع‭ ‬عام‭ ‬1888؛‭ ‬وقدر‭ ‬أن‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لشخصين‭ ‬البصمة‭ ‬نفسها‭ ‬يعادل‭ ‬1‭ ‬على‭ ‬64‭ ‬ملياراً،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬استحالة‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‭. ‬وأدى‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬البصمات‭ ‬اليدوية‭ ‬كطريقة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬الأشخاص‭. ‬

وبعد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬غالتون،‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬موظفي‭ ‬مصالح‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬الأرجنتين،‭ ‬وهو‭ ‬خوان‭ ‬فوستيش‭ (‬1858‭ ‬‭- ‬1925‭) ‬بتخزين‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬البصمات‭ ‬سمحت‭ ‬له‭ ‬بالتعرف‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬مجرم،‭ ‬وكانت‭ ‬أنثى‭! ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬البريطاني‭ ‬المعروف‭ ‬اسكوتلاند‭ ‬ياردب‭ ‬قد‭ ‬أدخل‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬في‭ ‬نظامه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1897‭.‬

علم‭ ‬البيومترية

البيومترية‭ ‬Biometrics‭ (‬مصطلح‭ ‬يمكن‭ ‬ترجمته‭ ‬حرفياً‭ ‬بـ‭ ‬االقياس‭ ‬الحيويب‭) ‬جملة‭ ‬تقنيات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحديد‭ ‬إحدى‭ ‬مميزاته‭ ‬الجسدية‭ ‬الحية‭. ‬

ما‭ ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬مميزات‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الأشخاص؟

  • ‭‬الوجه‭.‬
  • ‭‬بصمات‭ ‬الأصابع‭.‬
  • شكل‭ ‬اليد‭ ‬وطول‭ ‬الإصبع‭ ‬وعرضه‭.‬
  •  ‬شبكية‭ ‬العين‭ (‬المختلفة‭ ‬عن‭ ‬القزحية‭).‬
  •  ‬قزحية‭ ‬العين‭ (‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تعلّق‭ ‬الأمر‭ ‬بتوأم‭).‬
  •  ‬الصوت‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬مصداقية‭ ‬تلك‭ ‬المميزات‭ ‬ليست‭ ‬متعادلة،‭ ‬وهي‭ - ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يُشاع‭ - ‬قابلة‭ ‬للخطأ‭. ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬البيومترية‭ ‬ليست‭ ‬حلاً‭ ‬سحرياً‭ ‬لمعضلة‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الأشخاص،‭ ‬لكن‭ ‬درجة‭ ‬دقتها‭ ‬عالية‭ ‬وأخطاؤها‭ ‬قليلة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بطرق‭ ‬التعرف‭ ‬التقليدية‭. ‬

ومهما‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬أمر،‭ ‬فالسائد‭ ‬عند‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬البيومترية‭ ‬أكثر‭ ‬أمناً‭ ‬لبياناتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬كلمات‭ ‬السر‭ ‬المعقدة،‭ ‬وأن‭ ‬اختراقها‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭.‬

وما‭ ‬ساعد‭ ‬الاختراق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬هو‭ ‬استعمال‭ ‬المعلوماتية‭ ‬وشبكة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬بالمختصين‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬التزوير‭. ‬ومن‭ ‬ثمَّ‭ ‬ازداد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بفن‭ ‬البيومترية‭.‬

وتُستعمل‭ ‬البيومترية‭ ‬الآن‭ ‬في‭:

‬الوثائق‭ ‬الشخصية،‭ ‬مثل‭ ‬بطاقات‭ ‬الهوية‭ ‬وجوازات‭ ‬السفر،‭ ‬وفي‭ ‬دفع‭ ‬وتسديد‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية،‭ ‬وفي‭ ‬حماية‭ ‬المعلومات‭ ‬الشخصية‭ ‬وتسيير‭ ‬الحسابات‭ ‬البنكية‭. ‬وكما‭ ‬أشرنا‭ ‬آنفاً،‭ ‬فإن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الآن‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬هويتنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصوت‭ ‬أو‭ ‬بصمة‭ ‬داخل‭ ‬العين،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬بسرعة‭ ‬مذهلة‭. ‬

لقد‭ ‬فقد‭ ‬الأمن‭ ‬البيومتري‭ ‬من‭ ‬حصانته‭ ‬بسبب‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزته‭ ‬وسائل‭ ‬الاختراق‭. ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬باحثون‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كارلوس‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬مدريد‭ ‬يعملون‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬درجة‭ ‬تأمين‭ ‬الأنظمة‭ ‬البيومترية‭ ‬من‭ ‬الاختراق‭. ‬فقد‭ ‬لوحظ‭ - ‬مثلاً‭ - ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬القراصنة‭ ‬يحاولون‭ ‬اختراق‭ ‬بصمات‭ ‬الأصابع‭ ‬بوضع‭ ‬مساحيق‭ ‬من‭ ‬السيليكون‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬بصمات‭ ‬العين‭ ‬باستخدام‭ ‬عدسات‭ ‬ملونة‭. ‬ولذا،‭ ‬فالهدف‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬الحالية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لأنظمة‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬يعجز‭ ‬المخترق‭ ‬عن‭ ‬النفاذ‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬وجيز‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أظهرت‭ ‬إحصاءات‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬ثلثي‭ ‬الأوربيين‭ ‬يأملون‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬البيومترية‭ ‬في‭ ‬تسديد‭ ‬ودفع‭ ‬الأموال‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬بصمات‭ ‬الأصابع‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‭. ‬لكن‭ ‬تقدم‭ ‬وسائل‭ ‬الاختراق‭ ‬أخلّ‭ ‬بأمن‭ ‬هذه‭ ‬البصمة‭ ‬وجعلها‭ ‬عموماً‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬القراصنة‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عاملاً‭ ‬لم‭ ‬تراعه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وكذا‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭ ‬البيومتري‭! ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬المنقطع‭ ‬النظير‭ ‬الذي‭ ‬تحققه‭ ‬آلات‭ ‬التصوير‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭. ‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭

‬ينصح‭ ‬الباحث‭ ‬الياباني‭ ‬في‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬إيزاو‭ ‬إشيزن‭ ‬Isao Echizen،‭ ‬أن‭ ‬نتجنب‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬فصاعداً‭ ‬إظهار‭ ‬شعار‭ ‬النصر‭ ‬V‭ ‬بإصبعين‭ ‬أمام‭ ‬آلات‭ ‬التصوير‭ (‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬بواسطة‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭) ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬اللقطة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تصوير‭ ‬بصمتي‭ ‬الإصبعين‭ ‬بدقة‭ ‬تسمح‭ ‬للقراصنة‭ ‬باختراقها‭. ‬ويؤكد‭ ‬إشيزن‭ ‬أن‭ ‬فريقه‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬استخراج‭ ‬بصمات‭ ‬الأصابع‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬التقطت‭ ‬بآلة‭ ‬تصوير‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬5.4‭ ‬أمتار‭. ‬وباستعمال‭ ‬جهاز‭ ‬الآيفون‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬ممكناً‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬30‭ ‬سم‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فهذه‭ ‬المسافة‭ ‬ستصبح‭ ‬قريباً‭ ‬تقاس‭ ‬بالأمتار‭ ‬بفضل‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتواصل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭. ‬والجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أخذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصورة،‭ ‬يمكن‭ ‬للمخترقين‭ ‬صنع‭ ‬إصبع‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬السيليكون‭.‬

وبخصوص‭ ‬استخدام‭ ‬الهواتف‭ ‬واستغلالها‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬البيومتري،‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإشهار‭ ‬الذي‭ ‬تروجه‭ ‬الآن‭ ‬بعض‭ ‬البنوك‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬مواقعها‭ ‬أنها‭ ‬تدعو‭ ‬الزبون‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬هاتفه‭ ‬الذكي‭ ‬لدفع‭ ‬المستحقات‭ ‬عند‭ ‬الشراء‭ ‬من‭ ‬متجر‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإشهار‭ ‬نطالع‭ ‬مثلاً‭: ‬أنت‭ ‬تقرر‭ ‬الشراء‭ ‬على‭ ‬الساعة‭ ‬08:00:04‭ ‬فتستخدم‭ ‬الهاتف‭ ‬بلمسه‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب‭. ‬على‭ ‬الساعة‭ ‬08:00:06‭ ‬يتم‭ ‬استقبال‭ ‬إشارة‭ ‬الدفع‭. ‬وعلى‭ ‬الساعة‭ ‬00‭:‬08‭: ‬08‭ ‬تتم‭ ‬عملية‭ ‬البيع‭ ‬والشراء،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬العملية‭ ‬كلها‭ ‬تتم‭ ‬خلال‭ ‬4‭ ‬ثوان‭! ‬

تحديات

الطريف‭ ‬أن‭ ‬حصة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬قامت‭ ‬باختبار‭ ‬أجهزة‭ ‬المراقبة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مطارات‭ ‬باريس،‭ ‬حيث‭ ‬تبادل‭ ‬شخصان‭ ‬جوازي‭ ‬سفريهما‭ ‬البيومتريين‭. ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬قاما‭ ‬بتزوير‭ ‬بصمات‭ ‬الأصابع‭ ‬البيومترية‭ ‬بطريقة‭ ‬تقليدية‭.‬

وعند‭ ‬المراقبة‭ ‬بالمطار،‭ ‬أظهرت‭ ‬الأجهزة‭ ‬بعض‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البصمات،‭ ‬ولم‭ ‬يثر‭ ‬انتباه‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭. ‬والمثير‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬المراقبة‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬الذي‭ ‬اختبر‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬كان‭ ‬متطوراً‭ ‬جداً،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬شهادة‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬الجودة‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يستعمل‭ ‬في‭ ‬الصفقات‭ ‬البنكية‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬مستوى‭ ‬عالياً‭ ‬من‭ ‬التأمين‭! ‬

ماذا‭ ‬استعملت‭ ‬الحصة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬الاختراق؟‭ ‬يقول‭ ‬أصحابها‭ ‬إنهم‭ ‬استعملوا‭ ‬صورة‭ ‬بصمات‭ ‬الأصابع‭ ‬وطابعة‭ ‬وورقاً‭ ‬شفافاً‭ ‬وبعض‭ ‬الغراء‭ ‬الخاص‭ ‬بالخشب‭! ‬ويرى‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬التأمين‭ ‬البيومتري‭ ‬يكفي‭ ‬لأمور‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأهمية،‭ ‬كإقفال‭ ‬هاتف،‭ ‬حيث‭ ‬يمكنه‭ ‬تعويض‭ ‬نظام‭ ‬الرقم‭ ‬السري،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يضمن‭ ‬ضماناً‭ ‬كاملاً‭ ‬تأمين‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬الفندق‭ ‬أو‭ ‬البنك‭ ‬أو‭ ‬المطار‭ ‬أو‭ ‬المراكز‭ ‬النووية‭.  ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬المعلوماتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخطئ،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يميز‭ ‬كثيراً‭ ‬بين‭ ‬إصبع‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬السيليكون‭ ‬وإصبع‭ ‬طبيعية،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬قزحية‭ ‬العين‭ ‬والعدسة‭ ‬الزجاجية،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬وجه‭ ‬الإنسان‭ ‬الطبيعي‭ ‬وصورته‭.‬

هناك‭ ‬مشكل‭ ‬آخر،‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬المتتبعون‭ ‬يعقّد‭ ‬الأمن‭ ‬البيومتري‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأفراد‭ ‬يعرضون‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬أنفسهم‭ ‬معلومات‭ ‬بيومترية‭ ‬ثمينة‭ ‬تخص‭ ‬حياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬عبر‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فهم‭ ‬يتقاسمون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬كمًّاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الشخصية‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يمكن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬برنامج‭ ‬باستطاعته‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الإنسان‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬واردة‭ ‬في‭ ‬افيسبوكب‭. ‬

ينبّه‭ ‬المختصون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سرقة‭ ‬البصمة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬عبر‭ ‬برنامج‭ ‬مُخترِق‭ ‬بين‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬توضع‭ ‬فيها‭ ‬الإصبع‭ ‬فوق‭ ‬الملتقط‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الذي‭ ‬جهز‭ ‬به‭ ‬الهاتف‭ ‬وبين‭ ‬لحظة‭ ‬تخزين‭ ‬البصمة‭ ‬في‭ ‬الهاتف‭ ‬بشكل‭ ‬مشفر‭.‬

ويذكر‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتتبعون‭ ‬أنه‭ ‬تمت‭ ‬قبل‭ ‬سنتين‭ ‬سرقة‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬بصمة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بعد‭ ‬اختراق‭ ‬موقع‭ ‬وكالة‭ ‬توظيف‭. ‬للمقارنة،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬تُسرق‭ ‬منا‭ ‬كلمة‭ ‬سر،‭ ‬فإننا‭ ‬نستطيع‭ ‬استبدالها،‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬تبديل‭ ‬بصماتنا‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬الخطورة‭.‬

ومهما‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬فإن‭ ‬سرقة‭ ‬بصمة‭ ‬القزحية‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬سرقة‭ ‬بصمة‭ ‬الإصبع‭. ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التصوير‭ ‬اليوم‭ ‬حداً‭ ‬جعل‭ ‬بعض‭ ‬الآلات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬بصمة‭ ‬القزحية‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬أمتار‭ ‬خلال‭ ‬بضع‭ ‬ثوان‭! ‬ولهذا،‭ ‬وسعياً‭ ‬إلى‭ ‬تعقيد‭ ‬محاولات‭ ‬المخترقين،‭ ‬يبحث‭ ‬المختصون‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬إمكان‭ ‬إدخال‭ ‬البصمة‭ ‬البيومترية‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد،‭ ‬وكذا‭ ‬إضافة‭ ‬بصمة‭ ‬الدماغ‭ ‬أو‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬نبض‭ ‬الإصبع‭. ‬

ومن‭ ‬المساوئ‭ ‬الأخرى‭ ‬للطرق‭ ‬المستعملة‭ ‬أنه‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬المعلومات‭ ‬البيومترية‭ (‬الوجه،‭ ‬الأصابع‭) ‬مخزنة‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬موحد‭ ‬في‭ ‬الدولة‭. ‬

ولذا‭ ‬يعتبر‭ ‬اختراق‭ ‬مركز‭ ‬قومي‭ ‬يضم‭ ‬بصمات‭ ‬جميع‭ ‬المواطنين‭ ‬مثلاً‭ (‬عشرات‭ ‬أو‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البصمات‭) ‬كارثة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬الاختراق‭.  ‬ومن‭ ‬التحديات‭ ‬الأخرى‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بقرصنة‭ ‬الصوت‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬اليوم‭ ‬أبسط‭ ‬من‭ ‬قرصنة‭ ‬بصمة‭ ‬الأصابع‭! ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬بمقدور‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحديثة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬استعادة‭ ‬الصوت‭ ‬وجعله‭ ‬ينطق‭ ‬الحروف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬صاحبه‭ ‬يتكلم‭ ‬الآن؛‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬صار‭ ‬أكثر‭ ‬دقةً‭ ‬وسرعةً‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭: ‬يقوم‭ ‬المختصون‭ ‬في‭ ‬قرصنة‭ ‬الصوت‭ ‬بتجميع‭ ‬عينات‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬الشخص‭ ‬وتمريرها‭ ‬عبر‭ ‬برنامج‭ ‬يسمح‭ ‬لأيّ‭ ‬كان‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موضوع،‭ ‬فيصدر‭ ‬صوته‭ ‬تلقائياً‭ ‬عبر‭ ‬الميكروفون‭ ‬مطابقاً‭ ‬للصوت‭ ‬الأصلي‭.‬

ولذلك‭ ‬فاعتماد‭ ‬التعرف‭ ‬الصوتي‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخطئ‭ ‬بسهولة‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يطور‭ ‬الآن‭ ‬برامج‭ ‬تسمح‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬صوته‭ ‬كصوت‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬معارفه‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬الفن‭ ‬والسياسة‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عناء‭.  ‬وهكذا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬البيومترية‭ ‬علم‭ ‬له‭ ‬حدوده‭ ‬كشأن‭ ‬كل‭ ‬العلوم‭. ‬والمهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬الاختراق‭ ‬والتشفير‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬فاصل‭ ‬زمني‭ ‬كاف‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬وصول‭ ‬المخترق‭ ‬إلى‭ ‬مآربه‭ ‬في‭ ‬الاحتيال‭ ‬والنصب‭. ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬الباحثون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬حاضراً‭ ‬ومستقبلاً‭ .

اقرأ أيضا