أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الاثنين 20.24 C

حين يخاطب باسيل اللبنانيين من موسكو

رئيس التيار الوطني الحر في لبنان جبران باسيل - أرشيفية

رئيس التيار الوطني الحر في لبنان جبران باسيل - أرشيفية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتب: بسام مقداد

زيارات الوفود اللبنانية إلى موسكو في الفترة الأخيرة ، وكما هو متوقع ، لم تحظ بتغطية إعلامية تذكر غير ما تعلنه تاس ونوفستي عن محادثات هذه الوفود مع هذا المسؤول الروسي أو ذاك. ولا يعود السبب في ذلك لاهتمام الروس شبه المعدوم بما يجري خارج روسيا ، ما عدا متابعتهم لتفاصيل اليوميات الغربية ، بل لأن اللبنانيين  يستغلون موسكو كمنصة لمخاطبة بعضهم البعض، وليس الروس. فما هو متعارف عليه في العلاقات بين البلدان هو أن السياسي تسوقه لزيارة بلد آخر، ليست أولوية مصالحه السياسية الذاتية وإن كانت مضمرة دوماً، بل تسوقه أولوية تطوير العلاقات بين البلدين والشعبين عبر مخاطبة مسؤولي البلد المضيف وسياسييه وليس مخاطبة سياسيي بلاده ومناكفة أخصامه منهم. لكن حتى في هذا المضمار يتصرف السياسيون اللبنانيون، ليس كسائر سياسيي العالم ومسؤوليه، بل يوظفون الخارج لكسب تأييده ودعمه لهم في وجه أخصامهم الداخليين . 

هذا التقليد اللبناني قديم قدم وجود لبنان، حيث كانت كل طائفة وقبيلة لبنانية ترتبط بخارج ما وتستقوي به على الأخرين في الداخل. وتفوق باسيل على نفسه في الوفاء لهذا التقليد وهو يضجر الروس في زيارته الأخيرة بسردياته عن صراعات سياسيي لبنان، التي أردت البلاد في هاوية كارثة يرى هو وتياره، ومعه حزب الله، أن لا خروج منها إلا بانقلاب لبنان على نفسه والتوجه نحو شرق المنطقة الإيراني الغارق في صراعاته وأزماته وحروبه، وليس إلى شرق دول الخليج العربية، بل لمناكفتها وزيادة البعد عنها، وهي التي لها ما لها في إعادة إعمار لبنان بعد حرب 2006 وفي توفير فرص العمل لمئات الألوف من اللبنانيين . 

زيارة باسيل لموسكو، التي جاءت بعد أيام من زيارة الحريري لها، مهّد لها باتصال هاتفي مع الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف . وحسب نوفستي ناقش الطرفان في الحديث الهاتفي تطور الأزمة الإجتماعية السياسية والإجتماعية الإقتصادية في لبنان، وركزا على مهمة التشكيل السريع لحكومة برئاسة الحريري قادرة على تذليل أزمة النظام المتفاقمة .

لقاء باسيل مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في موسكو لم تراع فيه تقاليد البروتوكول المعهودة في هذه الحالة، فلم يتحدث لافروف المضيف أولاً ومن ثم يقدم الضيف للصحافيين، بل تفرد باسيل في الحديث مع الصحافيين إثر اللقاء. وتشير مصادر مطلعة ل"المدن" أن عدم مراعاة البروتوكول ليس فقط لأن باسيل لا يحمل صفة رسمية في زيارته، بل لتذكيره بالوعد الذي يقال بأن الروس تلقوه من مرتبي الزيارة بأن لا يبقى باسيل على تصلبه من تشكيل الحكومة. واللافت أن باسيل لم يحصل أثناء زيارته على إتصال هاتفي مع الرئيس بوتين، كما حصل الحريري في زيارته لموسكو، وهو ما كان يأمل به بالتأكيد في تعقبه الحريري حيث يسمح له بالوصول. كما التقى باسيل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما (البرلمان)الروسي ليونيد سلوتسكي ومع النائب الأول لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الإتحاد فلاديمير جاباروف، وحدثهما عن "المبادرة المشرقية" أو "سوق منطقة المشرق"، التي تضم سوريا ولبنان والعراق والأردن ، وعن تشكيل "منتدى الغاز المشترك" ،على قوله . 

حديث باسيل عن "المبادرة المشرقية" جاء في مقابلة له مع صحيفة "Kommersant" الروسية نشرت في الأول من الشهر الجاري ، بعد مغادرته موسكو. الصحافية ماريانا بالنكايا ، التي أجرت المقابلة،  عبرت على موقعها في الفايسبوك، عن غضبها من قيام وسائل الإعلام اللبنانية بنشر القسم الأكبر من الحديث مع باسيل قبل "أن أصل  إلى المنزل" عائدة من المقابلة. لم تحدد الصحافية المواقع الإعلامية ، التي سرّبت المقابلة قبل نشرها ، لكن ليس من الصعب الإستنتاج بأن إعلام التيار الوطني الحر هو من سرّب المقابلة ، ضارباً بعرض الحائط أبسط أخلاقيات الإعلام . 

في تواصل ل"المدن" مع الصحافية بالنكايا بعد نشر المقابلة قالت بأن زيارات اللبنانيين المتلاحقة في الأشهر الثلاث الأخيرة تتم بمبادرة من اللبنانيين، وليس من موسكو. وأكدت أنه ليس لدى موسكو إقتراحات محددة بشأن الخروج من الأزمة اللبنانية، بل لديها الرغبة، كما سائر المعنيين بإستقرار لبنان، بأن يتفق اللبنانيون بين بعضهم البعض . 

كانت بالنكايا قد نشرت مطلع الشهر المنصرم مقابلة مع النائب العوني ومستشار رئيس الجمهورية أمل أبو زيد أكد فيها أن "روسيا لا تفرض أمراً ولا تطلب شيئا". وتشير اسئلة بالنكايا في المقابلتين إلى  أنها متابعة نشطة للوضع اللبناني، وعلى معرفة بتفاصيل تناتش الساسة اللبنانيين مواقع السلطة وإبقاء حبل الإنهيار على غاربه . 

يتهم باسيل في المقابلة "بعض اللبنانيين" بنقل معلومات كاذبة إلى موسكو بوسعها تشويه الواقع ، "وواجبنا أن نبين الحقائق"، إذ أننا نعيش في "عالم الكذب السياسي الكبير". ولم تتقدم موسكو بأية مبادرة بشأن لبنان، بل هي تعبر عن اهتمامها بأن "نعالج نحن الأزمة"، ونحن من جهتنا على استعداد "لتنفيذ أي رغبة لصديقنا" الذي يعمل بصورة حيادية، وهم لا يريدون أن يتدخلوا في "شؤوننا من الخارج"، لكنهم مستعدون لتقبل أي مساعدة يمكن أن تضمن إستقرار البلد، ويتجاوبون مع كل وساطة من هذا القبيل، و"على اللبنانيين الآخرين أن يفعلوا الأمر نفسه لا أن يتهربوا من الحقائق والمسؤولية" . 

لكن الصحافية ترد عليه مستهجنة قائلة "لكن هذا يبدو مستغرباً  - موسكو لا تتدخل في شؤونكم ، ومع ذلك تأتون جميعكم إلى هنا". 

قال باسيل بأن موسكو لا تتدخل في كل تفاصيل المشاكل الداخلية، لكن بوسع روسيا أن "تؤثر على المناخ العام" الذي يسمح للبنان بأن يصبح أكثر إستقراراً. وإستقرار لبنان "لا يعنينا نحن فقط"، فروسيا موجودة الآن في سوريا. الفوضى في لبنان تؤثر، برأيه، على الوضع في المنطقة وعلى تفاقم التطرف والإرهاب ، وتهدد أمن روسيا القومي ، بل وأمن أوروبا والعالم بأسره . 

وإعتبر أن "لبنان هو بلد التوازن الدقيق"، وأي إخلال في هذا التوازن بوسعه أن يفضي إلى أن تحاول القوى الإقليمية والدولية الساعية إلى التوسع ملء الفراغ الذي يتشكل عبر تشجيع العناصر المتطرفة. وبوسع موسكو لعب دور إيجابي لكي لا تسمح بمثل هذا التطور للأحداث، وهي معنية بذلك، وهم منفتحون على أية مبادرات خارجية وداخلية لا تنتهك دستور لبنان وسيادته. وكل من "يتحدث معنا يلمس رغبتنا واستعدادنا للتضحية بأنفسنا لبلوغ الحل السلمي في البلد. أولويتنا هي وقف الإنهيار" .

 ويسترسل باسيل في محاكماته المعهودة لدى سؤاله عن تمسكه والرئيس عون بالثلث المعطل في الحكومة ورفض السماح للحريري بتعيين وزيرين مسيحيين، ويقول بأنه  لن يكون هناك من مشكلة في تسمية الحريري وزراء مسيحيين إذا قبل أن يسمي الرئيس وزراء مسلمين، ويعتبر أن كل الأحاديث عن ثلث معطل هي أحاديث "كاذبة وغير واقعية" . 

وعن العلاقة مع حزب الله، يقول باسيل بأن هدف الإتفاق مع  الحزب هو الحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية وحدة لبنان ومحاربة التطرف والإرهاب. والإتفاق لا يزال حتى الآن يخدم هذه الأهداف ويجب الحفاظ عليه، إلا أنه "لم يساعد في بناء الدولة ومحاربة الفساد" . 

وعن العقوبات الأميركية ضده ، يقول بأنها "لم تؤثر علي بل ساعدتني" ، وسيخرج من كل هذا منتصراً، بل سيكون لصالحه ، ولن يلحق به ضرراً .

اقرأ أيضا