انتصار بوتين لعدة أجيال قادمة
كتب يفغيني أوميرينكوف، في "كومسومولسكايا برافدا" حول ما كسبته روسيا من صفقة "السيل الشمالي-2" بين الولايات المتحدة وألمانيا.
وجاء في المقال: أتيحت للولايات المتحدة، بأبرامها صفقة مع جمهورية ألمانيا الاتحادية حول "السيل الشمالي-2"، فرصة الاحتفاظ بصورة "المراقب" العالمي، الذي أعطى، بعد كثير من الشكوك، الضوء الأخضر للبناة التابعين له. فكأنما قال لهم: ليكن الشيطان معكم، اكملوا البناء، لكنني سأراقبكم بحيث يكون كل شيء كما قلت...
ووصف السناتور الجمهوري المؤثر تيد كروز الصفقة بأنها "انتصار بوتين لأجيال قادمة وكارثة للولايات المتحدة وحلفائها". لكن الدفق الإعلامي المهيمن يغرس في أذهان الجماهير أن بايدن أجبر ميركل على اللعب وفقا للقواعد الأمريكية، وسوف تدفع ألمانيا ثمنا غاليا مقابل الغاز الروسي وسوف تشارك أوكرانيا بالتأكيد، وأما بوتين فمضطر لتقبل قرارنا. وهكذا، يقدم كل جانب ما حدث بوصفه نجاحا له، وإن تحقق عبر صعوبات كبيرة. وحتى الأوكرانيين يدعون بأن زيلينسكي أجبر بايدن وميركل على الاستجابة لمطالبه.
دعونا نستخلص النتيجة: سيكتمل بلا شك بناء السيل الشمالي-2، وإن يكن بـ "ضوء أخضر" من واشنطن؛ وألمانيا عادت من جديد صديقة لأمريكا، وهي مدينة لها وتعد بتذكر ذلك؛ لن يتركوا أوكرانيا من دون طعام، على الرغم من أنها ستضطر إلى كبح شهيتها؛ أما روسيا فأظهرت مرة أخرى أنها قادرة، بدعم من الشركاء بالطبع، على إنجاز مشروع واسع النطاق، رغم كل العقوبات والضغوط.
الآن دعونا نحاول تأويل دلالات ما سبق في الديناميكيات الجيوسياسية الحالية. للمرة الأولى في السنوات الأخيرة، تفشل الولايات المتحدة في إخضاع شركائها الصغار لإرادتها. فقد أظهرت ألمانيا، إصرارا في الدفاع عن مصالحها الوطنية لدرجة أنها أنقذت المشروع؛ كما أظهرت روسيا أنها مؤهلة للعب مديد في تنفيذ المشاريع الاقتصادية واسعة النطاق التي تغير التحالفات السياسية في أوروبا والعالم؛ وحصلت أوكرانيا على ما تستحقه، فلم ينسوها، لكنهم لم يمنحوها مكانة أو ثروة.