أسعار العملات

دولار / شيكل 3.29
دينار / شيكل 4.64
جنيه مصري / شيكل 0.21
ريال سعودي / شيكل 0.88
يورو / شيكل 3.92
حالة الطقس

القدس / فلسطين

الأحد 20.24 C

مسألة القنبلة النووية العربية تحددها أوكرانيا الآن

أرشيفية

أرشيفية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

دعونا نتذكر دهشة العالم من المدى الذي قطعته ليبيا في صناعة الأسلحة النووية، حينما تخلّى العقيد الراحل، معمّر القذافي، عن استمرار البرنامج النووي عام 2003.

اتضح حينها أن رئيس برنامج الأسلحة النووية الباكستاني، عبد القادر خان، كان قد باع تقنيات عسكرية نووية إلى ليبيا وعدد من الدول الأخرى. في واقع الأمر، كان لدى ليبيا كل شيء تقريباً، كل ما هنالك أنها افتقدت فقط العلماء وخبرة الإنتاج لصنع القنبلة.

فمن الممكن شراء الأسرار النووية من قبل مجموعة واسعة من البلدان، بل إنه من المحتمل أن يكون من بينها دول عربية أخرى، بما في ذلك التي تعمل الآن على تطوير برامج نووية سلمية، تتيح لها اكتساب الخبرة العلمية والصناعية التي كانت تفتقر إليها ليبيا آنذاك.

وبهذه الطريقة سرعان ما سيتحول السؤال بشأن القنبلة النووية العربية من سؤال تكنولوجي "هل يستطيعون؟" إلى سؤال سياسي "هل سيُسمح لهم بذلك؟".

وبشأن سؤال "هل سيُسمح لهم بذلك؟"، أرى أنه من المناسب إلقاء نظرة على أوكرانيا في الوقت الراهن.

لقد ورثت أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي، عام 1991، حوالي 200 صومعة نووية (منشأة لتخزين وإطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات)، وحوالي 2000 (ألفان) رأس نووي. وحينها أصرّت الولايات المتحدة الأمريكية على نقل جميع الأسلحة النووية الأوكرانية إلى روسيا، التي كانت الدولة الوحيدة القادرة على ضمان سلامتها وأمانها.

ومع ذلك، فبالإضافة إلى الصواريخ النووية، ورثت أوكرانيا من الاتحاد السوفيتي كذلك عدداّ من محطات الطاقة النووية، وإمكانات علمية وإنتاجية كبيرة، أعلى بكثير من الحد الأدنى المطلوب لصنع أسلحتها النووية.

وبعد الانقلاب الذي تم بتنسيق من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في أوكرانيا عام 2014، وصلت القوى المتطرفة إلى السلطة في أوكرانيا، واتخذت مساراً لتحفيز اندلاع صراع عسكري مع روسيا لصالح واشنطن، حتى أصبحت العلاقات الراهنة بين أوكرانيا وروسيا أسوأ بكثير من العلاقات بين السعودية وإيران، على سبيل المثال.

على هذه الخلفية، أصبحت عملية امتلاك أسلحة نووية من بين أحلام النخبة الأوكرانية، حتى أعرب عدد من السياسيين، وحتى من الدبلوماسيين رفيعي المستوى، مراراً وتكراراً، عن أسفهم لتخلّي أوكرانيا عن الرؤوس الحربية النووية السوفيتية.

وبلغ الأمر برئيس الكتلة البرلمانية لحزب "خادم الشعب" الحاكم في أوكرانيا، ديفيد أراهاميا، أن يصرّح بالحرف الواحد: "لو كنّا قوة نووية، لكان الجميع يتحدث إلينا ويتفاوض معنا على نحو مختلف... لكان بإمكاننا ابتزاز العالم بأسره، والحصول على المال من أجل "صيانة الأسلحة النووية"، كما يحدث الآن في عدد من البلدان الأخرى".

لقد أظهرت أوكرانيا تجاهلاً متكرراً للقانون الدولي، بل قل إن الامتثال للقوانين بشكل عام لا يشكل بالنسبة لها أولوية صارمة، حيث تحتل البلاد مكانة مرتفعة للغاية في التصنيف العالمي للفساد، في الوقت الذي تقوم فيه عصابات النازيين الجدد، التي تخضع لسيطرة وزارة الداخلية الأوكرانية والأجهزة الأمنية، بقتل الصحفيين، وسجن المعارضين السياسيين للنظام، كما قُتل واختفى عدد من النشطاء السياسيين دون أثر.

في الوقت نفسه، وعلى عكس المنتهكين السابقين لنظام منع الانتشار النووي، لا تتمتع أوكرانيا بثقل سياسيّ أو استقلال يذكر. في مثل هذه الظروف، وإذا كان الوضع هكذا، وكنا نتحدث عن أي دولة أخرى، كان من الممكن أن يتأكّد المرء أن الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على العمليات الجارية هناك، إلا أن واشنطن لم تعد كعهدها كما كانت من قبل، كما أن العقلية الأوكرانية كانت معروفة دائماً بميولها لخداع الجميع أثناء وجود جمهورية أوكرانيا ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي.

لهذا لا يوجد أي ضمانات أو يقين من التزام أوكرانيا بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية. أعتقد أن هذا البلد بالذات لديه كل الفرص الممكنة لكي يصبح المرشح التالي للانضمام إلى نادي القوى النووية.

ففي أوكرانيا، تجري الآن عمليات تدميرية للغاية للبلاد، من بينها انخفاض سريع لتعداد السكان، وتدمير للصناعة، وانقسام الدولة سياسياً إلى مناطق متفرّقة. ومع ذلك، فإن ذلك كله يعزّز فقط من رغبة النظام في الحصول على أسلحة نووية قبل فوات الأوان، أسلحة يمكن استخدامها كضمان للإفلات من العقاب على الإرهاب الداخلي، وابتزاز الغرب وروسيا من أجل الحصول على إعانات مالية.

ليصبح رد الفعل على مثل هذه النوايا الأوكرانية من قبل القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ليس فقط محدّداً لنجاح أو فشل أوكرانيا في صناعة أسلحة نووية، وإنما أيضاً محدداً لتوقيت إمكانية صنع أسلحة نووية من قبل بعض الدول العربية.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

اقرأ أيضا