البطاقة التموينية في لبنان
في محاولة من البرلمان اللبناني لمساعدة الأسر الأكثر فقرا، وافق على مشروع قانون البطاقة وأصبحت الكرة في ملعب الحكومة.. فهل تنجح؟
لا يحل إقرار البطاقة التمويلية لمساعدة العائلات مشكلة استنزاف الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان من العملة الصعبة، كما لم يحمِ أموال المودعين المحتجزة في المصارف، فيما تبقى الأنظار معلقة بالخطة التفصيلية التي ستطلقها الحكومة اللبنانية، بعدما رمى مجلس النواب الكرة في ملعبها، للبحث في تأمين تمويلها وكيفية توزيعها على المستحقين.
واليوم أقرّ البرلمان اللبناني البطاقة التمويلية بالتزامن مع رفع الدعم التدريجي عن المواد الاستهلاكية والغذائية، على أن تحسم الحكومة مصدر تمويلها
وتغطي البطاقة نحو 500 ألف عائلة، بمبلغ بين 90 و 137 دولاراً في الشهر لمدة سنة من هبات وقروض البنك الدولي، ولا توقف استعمال أموال احتياطي مصرف لبنان بسبب استمرار الدعم على عدد من المواد الأساسية.
وقال رئيس البرلمان نبيه بري خلال جلسة مناقشة قانون البطاقة التمويلية "المجلس النيابي ملزم مناقشة مشروع البطاقة التمويلية وإقراره، وقد اطلعنا على كتاب رئيس مجلس الوزراء (حسان دياب) ونية الحكومة وعزمها اتخاذ الإجراءات وفق صلاحياتها وتقديمها، أما كيفية توزيع الأعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد فستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق المجلس النيابي، وفقا للأصول".
وأوضح بري أن الكتاب أكد تعهد الحكومه بتنفيذ برنامج ترشيد الدعم المسند إلى إقرار اللجان النيابيه المشتركة بمعدل بطاقة تمويلية بمبلغ قيمته تتراوح بين 93.3 دولار و126 دولارا، مع الإشارة إلى أنه في حال تم تعديل قيمة البطاقة من قبل الهيئة العامة لمجلس النواب فإن ذلك سينعكس على نسبة الترشيد".
وأعلن بري "أن صندوق النقد الدولي قرر بشكل عام بشأن البلدان التي لديها تأمينات في الصندوق أن يعيدها لأصحابها، ولبنان حصته من هذا الموضوع 900 مليون دولار وقد تم إبلاغ وزير المالية ذلك حسب معلوماتنا".
900 مليون دولار
بدوره، قال رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان: 900 مليون دولار من القروض المقرة وغير المنفذة من البنك الدولي مهددة بالإلغاء في حال عدم التنفيذ.
وطالب الحكومة ببدء المسار الرسمي لاستبدال عدد من قروض البنك الدولي التي أقرها المجلس النيابي ولم تنفذ لتمويل ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية بدل استعمال الاحتياطي الإلزامي وذلك بحسب النقاش مع البنك الدولي ووزير المالية في لجنة المال والموازنة.
وختم: يكفي أن تعطى الناس آمال ولا تنفيذ بل إهمال تنفيذي لا يوصف.
أما وزير المال غازي وزني فكشف أن تكلفة البطاقة سيكون 566 مليون دولار وتمويلها ممكن عبر قروض البنك الدولي، مضيفاً أن هناك قرض أقر منذ شهرين بقيمة 246 مليون دولار، كما أن البنك الدولي أبلغني إنه بإمكاننا استعمال القروض المخصصة للنقل العام منذ 2017 ولم يستعمل منها نحو 300 مليون دولار يمكن استخدامها لتمويل البطاقة.
ولفت وزني أيضاً إلى أن صندوق النقد الدولي أبلغه أن الـ900 مليون دولار حصة تأمينات لبنان ستصبح في حساب المصرف المركزي قبل أواخر أغسطس/آب القادم وهو مبلغ محرر من أي التزامات أو شروط وبإمكان لبنان استعماله كما يريد.
اعتراض على المشروع
الجلسة لم تخل من الاعتراضات فقد انسحب نواب القوات اللبنانية من الجلسة وعقدوا مؤتمراً صحافياً اعتبر فيه المتحدث بإسمهم النائب جورج عدوان أن "هذه المنظومة الحاكمة فيها رئيس حكومة مستقيل لا يبذل أي جهد للتخفيف عن الناس، ورئيس حكومة مكلف لا يجتمع مع رئيس الجمهورية".
وقال: "لا يمكننا القبول بالاستمرار بنهب أموال الشعب ولا يمكننا رؤية المسؤولين يتفرجون على معاناة الناس ولا يبذلون أي جهد، على الأقل يجب أن يكون هناك ضمير حي للمساءلة"، مؤكدا أن "على البرلمان تخصيص جلسة كما وعدنا رئيسه للمساءلة"
أضاف: "نصعد موقفنا بوجه المنظومة الحاكمة من دون استثناء، وباستطاعتنا تقديم طلب اتهام ومحاسبة حكومة تصريف الأعمال"، مشيرا ألى "أننا قدمنا منذ أشهر اقتراح قانون البطاقة التمويلية مرفقا بقانون لمنع المس بالاحتياط، لكن أحدا لم يكترث للأمر منذ ذلك الوقت، على الرغم من أننا مع إقرار البطاقة، ولكن كان يجب أن يتم الأمر منذ فترة طويلة".
أما النائب نقولا نحاس فقال لـ"العين الاخبارية": " نحن بحاجة إلى بطاقة تموينية تخفف الإنفاق وليس إلى بطاقة تمويلية تزيد الاستهلاك وتساهم في إخراج العملة الأجنبية خارج البلد عبر زيادة الاستيراد".
وقال: ما أقر اليوم هو إطار عام لكن الأهم هو خطة التنفيذ التي تبقى دقيقة، عبر خطة محكمة لا تساهم بهدر الأموال كما جرى في السابق".
ولفت نحاس أن هناك أمر صحي بما أقر اليوم، فالاتجاه إلى إعطاء حولي 100 دولار لم ليس لديه عمل أي حوالي مليون و 800 ألف ليرة في مقابل هناك عمال يعملون بمليون ليرة وهذا يمكن ألا تشمله البطاقة، وبالتالي كأنك تدفعه إلى ترك عمله".
ترشيد الدعم
في المقابل شهدت جلسة اليوم نقاشاً حاداً بين النواب حول أهمية أن يتزامن إقرار البطاقة بخطة سريعة لترشيد الدعم التي تقدمه الدولة إلى اللبنانيين، بعدما تخوف عدد من النواب ومن ضمنهم كتلة "المستقبل" أن يبقى الدعم كما هو، ويضاف إليه كلفة البطاقة التمويلية.
وعلمت "العين الاخبارية" التي حضرت جلسة البرلمان اللبناني اليوم أن خطة تدرس في حكومة تصريف الأعمال لترشيد الدعم يخفضه من 7 مليارات دولار سنوياً إلى 3 مليارات دولار، وبالتالي عدم رفعه نهائياً حيث ستبقي الدولة على دعم جزء من المحروقات والفيول للكهرباء والأدوية والطحين لكن بنسبة أقل من السابق.
وبحسب المعلومات أيضاً فإن الـ3 مليارات دولار التي ستبقى الدولة على دفعها هي من الاحتياطي الإلزامي أي من أموال المودعين اللبنانيين".
ماهي البطاقة التمويلية؟
والبطاقة التمويلية التي أقرها مجلس النواب اليوم هي بطاقة إلكترونية تعطى لمدة سنة واحدة، بقيمة / 556 / مليون دولار.
من شأن إقرار البطاقة أن يوسع قاعدة العائلات المستفيدة لتصبح ما يقارب / 500 / ألف عائلة، تستفيد من مبلغ حدّه الأقصى 137 دولار شهريا و لمدة سنة واحدة، ويضاف هذا المشروع إلى المشاريع التي تستفيد منها الأسر الأكثر فقراً وتبلغ الأسر المستفيدة حسب المشروع نحو 250 ألف عائلة.
وتشترط رفع السرية المصرفية عن كل مقدم طلب للاستفادة منها، بحيث لا يستفيد منها أي مواطن يملك حساباً مصرفياً يتجاوز العشرة آلاف دولار.
ولتحقيق ذلك سيتم إنشاء وحدة معلومات مركزية لدى المصرف المركزي للتأكّد من وجود حسابات دائنة للمستفيدين.
وتستفيد الأسر اللبنانية المحتاجة من هذه البطاقة وفقاً لطلب يقدم على منصة يعمل بها لهذه الغاية وفقاً لمعايير وآلية تطبيق توضع بقرار مشترك من وزراء المالية والشؤون الاجتماعية والاقتصاد والتجارة، بالتشاور مع الجهات الدولية المعنية خلال مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ سريان القانون.
المصدر: العين الإخبارية