إن الكلمة في اللغة العربية تقسم إلى حرف واسم وفعل. والحرف هو ما لا يظهر معناه كاملاً الا مع غيره من الالفاظ، وله انواع؛ كحروف الجر، وحروف العطف، وحروف النصب، وحروف الجزم، وغيرها. ومنها ما يدخل على الأسماء فقط ؛ كحروف الجر: ( من/ إلى/ عن/ على/ في وغيرها )، ومنها ما يدخل على الافعال فقط؛ كحروف النصب وحروف الجزم.
حروف النصب أو ادوات النصب هي حروف تدخل على الفعل المضارع فقط فتنصبه. وهي : (أن/ لن/ كي/ حتى/ لام التعليل/ إذن/ فاء السببية/ وأو المعية/ لام الحجود).
الفعل المضارع هو فعل يدل على الحدوث الآن؛ أي أنه حدث مقترن بالزمن الحاضر أو المستقبل القريب أو البعيد. ويتميز بأنه يبدأ بأحد حروف كلمة " نأتي" الزائدة، وهو فعل معرب ومبني . والاصل فيه ان يكون مرفوعاً اذا لم يسبق بأداة نصب فيصبح فعلاً مضارعاً منصوباً، وعلامة النصب تختلف باختلاف نوعه، فالأصل أن تكون علامة النصب هي الفتحة مثل : ( لن يلعب الطفل في الشارع)، ولكن تكون علامة النصب حذف حرف النون اذا كان من الأفعال الخمسة وهي:( يفعلون/ تفعلون/ يفعلان/ يفعلان/ تفعلين)، فتحذف النون من آخرها مثل : (ادرسوا يا أولاد كي تنحجوا ) .
أما ان كان فعلاً مضارعاً معتل الاخر فعلامة نصبه أما ان تكون فتحة ظاهرة أو مقدرة على حرف العلة، مثل : ( ينمو الزرع سريعاً)، بعد النصب تصبح : ( لن ينموَ الزرع سريعاً) وهنا ظهرت الفتحة على الواو . أما في المثال التالي : ( ما انزلنا عليك القران لتشقى) . (تشقى) فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر. بينما تظهر حركة النصب على الياء مثل: ( حأول أن تحاكيَ اباك ). إذن الفتحة تظهر على الواو والياء ، وتقدر على الألف فقط. والفعل المضارع المعطوف على فعل مضارع منصوب يكون منصوباً مثله. مثل : (عليك أن تنامَ مبكراً وتصحوَ مبكراً ).
[news1]
إن لكل حرف من حروف النصب معنى خاصاً؛ ف (أن) يعد حرف مصدري. و( لن) حرف نفي. أما ( كي) فهي حرف تعليل لما قبلها. و(لام التعليل) – أيضاً - لتوضيح السبب. و(حتى) تفيد انتهاء الغاية، وقد تفيد التعليل حسبب السياق الذي جاءت فيه. أما (لام الجحود) تفيد الانكار وهي تسبق بنفي. و( الفاء السببة) تفيد تعليل ما بعدها لما سبقها، ولكنها تأتي ضمن شروط ؛ فأما ان تسبق بنفي أو طلب ويشمل الأمر والإستفهام والنهي وغيره . أما ( اذن) فهي حرف جواب ، ويشترط لعملها ان تدل على جواب، وتقع في بداية الجملة، وتفيد المستقبل، وتتصل بفعلها مباشرة. أما ان لم تفد المستقبل فانها ترفعه بدل أن تنصبه . والأمثلة على استخدام حروف النصب هي الأمثلة الاتية : ( لن ابكي مجدداً ) ، ( احب أن اتميزَ) ، (ادرس كي انجحَ) ، (ينام الطفل مبكراً حتى يصحو مبكراً ) ، ( ناتي للحديقة يومياً لنلعب مع الاصدقاء) .
والجديد بالذكر أن (لام التعليل) هي حرف نصب تنصب الفعل المضارع، أما (لام الأمر) هي حرف جزم تجزم الفعل المضارع، وهناك فرق بينهما في المعنى مثل: ( لتدرسْ يا بني درسك) هذه اللام (لام أمر)، أما (يدرس الولد لينجحَ في الإمتحان) هذه اللام (لام التعليل) .
وهذا الحرف له ثلاثة أنواع في لغة العرب وهي:
وهنا يجب رفع الفعل (يعمل) بعدها لأنه وقع بعد (أن) المخففة من الثقيلة والواقعة بعد الفعل (عَلِمَ).
ومثالها: “ظَنَنْتُ أَنْ يَعْمَل” وتقديرها “ظَنَنْتُ أَنّهُ يَعْمَلْ” فأزيلت الشدّة عن (أَنّ) وحذفت الهاء أيضًا، ولكن دخول الفعل (ظنّ) عليها جعل الفعل بعدها جائز الوجهين (النصب والرفع)، فجاز في الفعل (يعمل) الوجهان.
وهي لها ثلاث شروط ينبغ أن تكون مجتمعة لا ينقص منها شرطٌ لكي تنصب الفعل بعدها وهذه الشروط تتمثل في الآتي:
ومثال (إذن) المكتملة الشروط: “إذن تقيم عندنا” لمن قال لك “سأزورك”.
وفي ذلك قال صاحب الألفية:
وَنَصَبُوا بِإذَنِ الْمُسْتَقْبَلا إنْ صُدِّرَتْ والْفِعْلُ بَعْدُ مُوصَلا
أوْ قَبْلَهُ الْيَمِينُ وانْصِبْ وارْفَعَا إذَا إذَنْ مِنْ بَعْدِ عَطْفٍ وَقَعَا
وشرط النصب بها أن يكون الفعل بعدها مستقبلًا لا في زمن الحال مثل قوله -تعالى-: (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا)، فالفعل (تقرّ) منصوب بـ (كي) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة لأنه وقع في زمن الاستقبال.
فإذا جاء الفعل بعدها في زمن الحال وجب رفعه.
[news2]
وشرطها أيضًا هو الاستقبال في الفعل بعدها أيضًا كقوله -تعالى-: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً)، ومثل قولك أيضًا: “سرت حتى أدخل البلد”، فكلا الفعلين (نَرى) و(أدخل) منصوبين لوقوعهما بعد (حتى) الدالة على الاستقبال، وأما إذا كان الفعل بعدها حالًا أو مؤولًا بالحال وجب رفعه.
وفي هذا يقول ابن مالك:
وَبَعْدَ حَتَّى هَكَذَا إضْمَارُ أنْ حَتْمٌ كَجُدْ حَتَّى تَسُرَّ ذَا حَزَنْ
وَتِلْوَ حَتَّى حَالاً أوْ مُؤَوَّلاَ بِهِ ارْفَعَنَّ وانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلا
وهو حرف ناصب لما بعده بدون شروط، ومثاله قوله -تعالى-: (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)، فالفعل (أُكَلِّمَ) منصوب بحرف النصب (لن) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وسميت بذلك لأن الفعل الذي يكون بعدها يكون سببًا لما قبلها، ومثالها من القرآن الكريم قوله -تعالى-: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)، فكلمة (لِتَرْضَى) هنا فسرت جملة (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ)، وعلى هذا فإن اللام هنا (لام تعليل) فيكون الفعل (تَرْضَى) هنا منصوبًا بالفتحة المقدّرة لوقوعه بعدها.
وهي اللام التي تفيد التشديد على معنى النفي وتوكيده، ولذلك تسمى أيضًا “لام النفي” ومثالها قوله -تعالى- على لسان إبليس: (قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ)، فيكون الفعل (أَسْجُدَ) هنا منصوبًا بالفتحة الظاهرة على آخره لوقوعه بعد لام الجحود المسبوقة بكون منفي وهو قوله (لَمْ أَكُنْ).
وشرط نصب الفعل بعدهما أن تأتيا في جواب نفي محضٍ أو طلبٍ محض.
ومعنى النفي المحض: هو ما لم يكن فيه معنى الإثبات نهائيًا، فمثال الفاء قوله -تعالى-: (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) فالفعل (يَمُوتُوا) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب نفي محض، ومثال الواو قوله -تعالى-: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) فالفعل (يَعْلَمِ) منصوب لوقوعه بعد واو المعية في جواب نفي محض.
وأما الطلب المحض: فهو المشتمل على:
فالفعل (أكرمك) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (أمر)، والفعل (أدعوَ) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (أمر).
لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
فالفعل (يضايقك) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (نهي)، والفعل (تأتيَ) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (نهي).
ألم أكُ جارَكم ويكونَ بيني وبينَكمُ المودةُ والإخاءُ
فالفعل (يحترمك) و(تُخْرِجُوهُ) منصوبان لوقوعهما بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (استفهام)، والفعل (يكونَ) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (استفهام).
ربِّ وفِّقني فلا أعدلَ عَنْ سننِ الساعينَ في خيرِ سننْ
ومثال الواو في الدعاء قولك “ربّ اهدني وأَفْعَلُ الصواب”
فالفعل (أعدلَ) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (دعاء)، والفعل (أَفْعَلُ) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (دعاء).
فالفعل (َفُوزًا) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (تمني)، والفعل (نُكَذِّبَ) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (تمني).
يا بنَ الكرامِ ألا تدنو فتبصرَ ما قد حدَّثوكَ فما راءٍ كمَن سَمِعَا
ومثال الواو في العرض: “ألَا تبيتَ عندنا ونكرمك”.
فالفعل (تبصرَ) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (عرض)، والفعل (نكرمك) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (عرض).
فالفعل (نَتَّبِعَ) منصوب لوقوعه بعد فاء السببية الواقعة في جواب طلب محض (تحضيض)، والفعل (يفرح) منصوب لوقوعه بعد واو المعية الواقعة في جواب طلب محض (تحضيض).
[news3]
وفي (فاء السببية) و(واو المعية) يقول ابن مالك:
وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أوْ طَلَبْ مَحْضَيْنِ أنْ وَسَتْرُهَا حَتْمٌ نَصَبْ
وَالوَاوُ كَالْفَا إنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ كَلا تَكُنْ جَلْداً وَتُظْهِرُ الْجَزَعْ
وهناك شرط للنصب بها وهو أن تكون (أو) بإحدى معنيين:
ومثال ذلك قوله -تعالى-: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)، فلو قلنا على سبيل المثال: “ليس لك من الأمر شيء حتى يتوب عليهم” (بلاش تحطلها تشكيل عشان دي مش قرآن) لتطابق المعنيان، فيكون الفعل (يَتُوبَ) منصوبًا بـ(أو) التي بمعنى (حتى).
وقول الشاعر:
لأستسهلنَّ الصعبَ أو أُدرِكَ المُنَى فما انقادَتِ الآمالُ إلا لصابرِ
فلو افترضنا أنه قال: ” لأستسهلنَّ الصعبَ حتى أُدرِكَ المُنَى” لتطابق المعنيان، فيكون الفعل (أُدرِكَ) منصوبًا بـ(أو) التي بمعنى (حتى).
[news4]