نصاب زكاة المال، نِصاب الذهب والفضّة والأوراق النقديّة وعروض التجارة بَيَّن أهل العلم ما يتعلّق بنِصاب كلٍّ من الذهب، والفضّة، والأوراق النقديّة، وفيما يأتي بيان ذلك وتفصيله:
يبلغ نِصاب الذهب عشرين مثقالاً، ولا تجب الزكاة في أقلّ من ذلك؛ استدلالاً بما ورد عن أمّ المؤمنين السيّدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (كانَ يأخذُ من كلِّ عشرينَ دينارًا فصاعدًا نِصفَ دينارٍ ومنَ الأربعينَ دينارًا دينارًا)، بالإضافة إلى ما ورد عن رسول الله -صلّى لله عليه وسلّم- من قوله لعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (ولَيسَ عليكَ شيءٌ يَعني في الذَّهَبِ حتَّى يَكونَ لَكَ عِشرونَ دينارًا فإذا كانَ لَكَ عِشرونَ دينارًا وحالَ علَيها الحَولُ فَفيها نِصفُ دينارٍ فَما زادَ فبِحسابِ ذلِكَ).
وقد نقل ابن المنذر إجماع العلماء على ذلك، وقال الإمام النوويّ في كتابه المجموع: "وأمّا الذهب فقد ذكرنا أنّ مذهبنا أنّ نصابه عشرون مثقالاً، ويجب فيما زاد بحسابه ربع العُشر، قلَّت الزيادة أم كثرت"، وقد اجتهد أهل العلم في تقدير المِثقال أو الدينار؛ فقدَّر أكثر الفقهاء المُعاصرين ودائرة الإفتاء الأردنية الدينارَ القديم بأربع غرامات ورُبع الغرام، فيكون نِصاب زكاة الذهب حاصل ضرب وزن الدينار الواحد بعِشرين مثقالاً؛ أي أنّ النِّصاب يساوي خمساً وثمانين غراماً، وقَدَّر مُؤلّفو كتاب الفقه المنهجيّ الدينار القديم بأربعة غرامات وثمانية أعشار الغرام، فيكون نِصاب الزكاة ستّةً وتسعين غراماً.
[news1]
ويبلغ نِصاب الفضّة خمسَمئةٍ وخمسة وتسعين غراماً من الفضّة الخالصة، وهي ما تُعرَف بالفضّة ذات عيار ألفٍ. وتجدر الإشارة إلى أنّ مقدار الزكاة في الذهب والفضّة حُدِّد برُبع العُشر، وقال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في ذلك: "ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أنّ زكاة الذّهب والفضّة: رُبعُ عُشْرِهِ"؛ استدلالاً بما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- في حديث الكتاب الذي كتبه أبو بكر الصدِّيق -رضي الله عنه- في فريضة الصدقة التي فُرِضت على المسلمين؛ إذ جاء فيه: (وفي الرِّقةِ ربعُ العشرِ، فإن لم تَكُن إلَّا تسعينَ ومائةَ درهمٍ فليسَ فيها شيءٌ إلَّا أن يشاءَ ربُّها)، بالإضافة إلى ما ورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- من أنّه قال: (هاتوا رُبُعَ العشورِ مِن كلِّ أربعينَ درهمًا درهمٌ وليسَ)
يتمّ تحديده قِياساً على سِعر الذهب أو الفضّة؛ إذ يتمّ إجراء عملية الضرب الحسابيّة بين نِصاب الذهب، وسِعره، فإن كان نِصاب الذهب يبلغ خمسة وثمانين غراماً، مع فَرْض أنّ سِعر غرام الذهب يبلغ خمسة وثلاثين ديناراً مثلاً، فإنّ نِصاب الأوراق النقديّة يُساوي ألفَين وتسعمئةٍ وخمسة وسبعين ديناراً.
نِصاب عروض التجارة يُقاس على نِصاب الذهب أو الفضّة؛ فإن امتلكَ المسلم بضاعةً، وقُدِّر ثمنها بالعملة المَحلّية، وكانت قيمتها مُساويةً لثمن خمسةٍ وثمانين غراماً من الذهب، فقد وجبَت فيها الزكاة.
[news2]
يبلغ نِصاب الغنم أربعين شاةً سائمةً؛ والسائمة هي التي ترعى في الصحاري، وغيرها، دون أن يُنفق صاحبها على إطعامها، وتجب شاةٌ واحدةٌ في الأربعين إلى المئة والعشرين من الغنم، وإن زاد عدد الغنم إلى المئتَين، وَجَب إخراج شاتَين، وإن زاد العدد إلى ثلاثمئةٍ، وَجَب إخراج ثلاث شِياه، وإن زاد عن ثلاثمئةٍ، وَجَب إخراج شاةٍ عن كلّ مئة رأسٍ من الغنم.
[news3]
ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ نِصاب الزروع والثمار يبلغ خمسة أوسقٍ بعد تصفيتها من التِّبن والقشور، وعشرة أوسقٍ إن لم تَصْفُ، ويُقدَّر الوَسَق بستّين صاعاً باتِّفاق أهل العلم -ويُقدَّر الصاع بثلاث كيلوغرامات تقريباً.-، وقد استدلّوا على قولهم بما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، أنّه قال: (ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقةٌ)، بالإضافة إلى ما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (وليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ).
وقد خالف أبوحنيفة ومُجاهد رأيَ الجمهور؛ إذ لم يشترطوا لوجوب الزكاة في الزروع والثمار نِصاباً؛ بل قالوا بوجوب الزكاة على كثيرها وقليلها؛ واستدلّوا بعموم قَوْل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (فيما سَقَتِ السَّماءُ العُشْرَ)، كما قالوا إنّ المال الذي لا يُعتبَر فيه مُضيّ سنةٍ، لا يُعتبَر فيه النِّصاب، وأجمع أهل العلم على أنّ الزكاة في الزروع والثمار يبلغ العُشر إن لم تُسْقَ بكُلفةٍ ومؤونةٍ، ونصف العُشر إن سُقِيت بكُلفةٍ ومؤونةٍ؛ لِما ورد عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ).
[news4]