تسمى القاعدة التي تصف نمطاً أو سلوكاً معيناً في الطبيعة، النظرية العلمية هي التفسير الأفضل للحقائق التي نشاهدها حولنا في الطبيعة والتي يجري الوصول إليها باستخدام الأساليب العلمية، والتي تختبر مراراً وتكراراً وتؤكد باستخدام الملاحظة والتجربة. النظريات العلمية هي الشكل الأكثر موثوقية، ودقة، وشمولاً للمعرفة العلمية.
من المهم جداً أن نفرق بين استخدام النظرية في مجال العلوم وبين استخدامها عند عامة الناس. وهو الخطأ الذي يقع فيه المعظم، فعند العامة تكون عادة بمعنى حدس أو رأي أو فرضية أو تنبؤ، وهذا الاستخدام هو النقيض لمعنى النظرية عند العلماء. يستخدم العلماء النظريات العلمية كأساس لاكتساب مزيد من المعرفة، ومن أجل تحقيق أهداف مثل اختراع التكنولوجيا أو علاج الأمراض. والمعرفة المكتسبة من خلال النظريات العلمية تعتبر استقرائية واستنباطية في الطبيعة، بمعنى أن لها قدرات تفسيرية وتنبؤية.
قال عالم الأحافير، والبيولوجيا التطورية، ستيفن جاي غولد: «الحقائق والنظريات هما أمران مختلفان، ولكنهما ليسا درجات في التسلسل الهرمي من ازدياد اليقين. الحقائق هي البيانات العالمية، بينما النظريات هي الهيكليات التي تشرح وتفسر هذه الحقائق.»
كان الموقف المهمين في فلسفة العلوم هو الرؤية المتلقاة received view للنظريات – وقد ساد هذا الموقف في التجريبية المنطقية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. بيد أن هذه الرؤية استبدلت لاحقًا بالرؤية السيمانطيقية view semantic والتي تربط بين النظريات العلمية بالنماذج وليس بالافتراضات. وتوضع النظريات في الغالب لكي تشرح وتصف الظواهر (مثل الجوامد غير الحية أو الأحداث أو سلوك الحيوان) وتتنبأ بها. ويمكن النظر للنظرية العلمية باعتبارها أحد النماذج التي تصف الواقع، كما يمكن النظر لعباراتها كمسلمات تنتمي لنظام مسلمات (أو بديهيات) معين. والهدف من وضع النظرية هو إنشاء نسق شكلي يكون الواقع هو النموذج الأوحد له. والعالم هو تفسير (أو نموذج) لهذه النظريات العلمية، ولكن بالقدر الذي تتسم فيه هذه العلوم بأنها صحيحة.
أورد العالم الفيزيائي ستيفن هوكينغ في كتابه (تاريخ موجز للزمان) تعريفًا يمثل صدى لأفكار للفيلسوف كارل بوبر مؤداه أن «أي نظرية هي نظرية جيدة إذا ما لبت شرطين: الأول أن تصف بدقة مجموعة هائلة من المشاهدات وذلك على أساس نموذج يتضمن أقل قدر ممكن من العناصر العشوائية، والثاني هو أن تضع تنبؤات حاسمة عن نتائج المشاهدات المستقبلية». ثم يستطرد (هوكنج) قائلاً: «النظريات الفيزيائية تكون مؤقتة دائمًاً، بمعنى أنها لا تعدو أن تكون مجرد فرضيات لا يمكن إثباتها أبدًا. ومهما بلغ عدد المرات التي اتفقت فيها نتائج التجارب مع نظرية معينة، فلا يمكنك التيقن أبدًا من أن النتيجة في المرة التالية ستأتي غير متعارضة مع النظرية. ومن جهة أخرى، يمكنك تفنيد أي نظرية إذا ما عثرت ولو على مشاهدة واحدة لا تتفق مع تنبؤات النظرية». وعليه فإن كون النظريات «غير قابلة للإثبات وقابلة في الوقت ذاته للتكذيب» هو إحدى النتائج.
ويقع في القلب من النماذج، من النماذج العامة وحتى النماذج المقياسية، توظيف عملية التمثيل representation لكي تصف جوانب معينة من إحدى الظواهر أو شكل للتفاعل بين مجموعة من الظواهر. فمثلاً، لا يمكن القول بأن النموذج المقياسي سواء لمنزل أو لمجموعة شمسية هو نفسه المنزل أو النظام الشمسي الحقيقي؛ فالأصح منه أن نقول بأن بعض الجوانب الخاصة بالمنزل أو النظام الشمسي الفعلي والممثلة في النموذج المقياسي إنما تمثل فقط، وفي إطار محدود معين، الكيان الفعلي الواقعي. أما في إطار معظم الجوانب المهمة، فهذا النموذج المقياسي للمنزل ليس هو المنزل الفعلي. وقد صرح عدة معلقين (E.G., Reese & Overton 1970; Lerner, 1998; Lerner & Teti, 2005، وذلك في إطار الحديث عن نمذجة السلوك البشري، أن الفارق الأكثر أهمية بين النظريات والنماذج يكمن في أن الأولى تشرح وتصف، فيما الثانية يقتصر دورها فقط على التفسير (بيد أنها تظل قادرة على التنبؤ وإن يكن بشكل محدود). أما النماذج والنظريات العامة، ووفقًا للفيلسوف ستيفن بيبر (1948) – والذي وضع هو الآخر تمييزًا بين النظريات والنماذج – فيُتَنَبَأ بها بناء على استعارة جذرية root hypothesis تقوّض الكيفية التي يقوم بها العلماء بوضع نظرياتهم ونمذجة أي ظاهرة، والوصول بذلك إلى فرضيات قابلة للاختبار. وقد درجت العلوم الهندسية على الفصل والتمييز بين «النماذج الرياضية» و«النماذج الفيزيائية».
إن أبرز ما يسم أي نظرية علمية هو أنها تضع تنبؤات قابلة للتكذيب أو للاختبار. وصحة هذه التنبؤات ودقتها هي التي تحدد مدى فائدة النظرية. فأي نظرية لا تضع تنبؤات يمكن ملاحظتها ومشاهدتها لا تكون نظرية مفيدة. كذلك فالتنبؤات التي لا تتناول جوانب محددة يمكن إخضاعها للاختبار ليست مفيدة بالمثل. وفي كلا الحالتين، لا يجوز استخدام مصطلح «نظرية». ومن الناحية التطبيقية، لا يطلق لفظ «نظرية» على أي مجموعة توصيفية من المعارف إلا إذا تضمنت حدًا أدنى من الأسس الإمبريقية، وذلك وفقًا لمعايير معينة، وهي:
أضف إلى ذلك، لا تؤخذ أي نظرية على محمل الجد إلا إذا:
وتصح المعايير السابق على عدد من النظريات المشهورة مثل نظرية النسبية العامة والخاصة وميكانيكا الكم وحركة الصفائح التكتونية الخ. فالنظريات التي تُعد علمية تحقق على الأقل معظم، إن لم يكن كل، هذه المعايير. ولا يُشترط في النظريات أن تبلغ مستويات مثالية من الدقة لكي تكون مفيدة علميًا.
تشبه القوانين العلمية النظريات العلمية من حيث أنها قواعد يمكن استخدامها للتنبؤ بسلوك العالم الطبيعي. وكلا من القوانين العلمية والنظريات العلمية تأتي في العادة مدعومة بالملاحظات و/أو الأدلة التجريبية. وعادة ما تشير القوانين العلمية إلى القواعد التي تحكم سلوك الطبيعية تحت ظروف وشروط معينة.
أما النظريات العلمية فهي تفسيرات أكثر شمولية لطريقة عمل الطبيعة وتعليل السبب وراء إبداءها لخصائص معينة. ومن الاعتقادات الخاطئة الشائعة أن النظريات العلمية هي أفكار ابتدائية ستستقر في النهاية في صورة قوانين علمية بعدما تتوافر البيانات والدلائل الكافية عليها. ولكن النظريات لا تتحول إلى قوانين علمية لمجرد تراكم أدلة جديدة أو أدلة أفضل. فالنظرية ستظل نظرية دائمًا، والقانون سيظل قانوناً دائمًا.