من هو النبي الذي مات ولم يولد، آدَم هو شخصية وردت في سفر التكوين، والعهد الجديد، والقرآن، كما ورد ذكره عند المورمون وكتاب الإيقان. وفقاً لقصة بدء الخلق في الأديان الإبراهيمية، كان آدم أول إنسان. تعود أقدم رواية معروفة عن شخصية آدم من الديانة اليهودية في قصص الخلق في سفر التكوين الواردة في التناخ والعائدة للقرن الخامس قبل الميلاد، تم خلق آدم من قِبل يهوه - إلوهيم («يهوه-الله»، وهو الاسم القديم لله عند شعب بني إسرائيل)، رغم أن مصطلح «آدم» يمكن أن يشير إلى كلاهما الإنسان الأول وكذلك الخلق العام للبشر. تختلف الكنائس المسيحية حول نظرتها لتصرف آدم بعد عصيانه لله (غالباً ما يطلق عليه سقوط الإنسان)، وعواقب تلك الإجراءات على بقية البشرية. في بعض الأحيان تعاليم المسيحية واليهودية تُحمّل آدم وحواء (أول امرأة) مستوى مختلف من المسؤولية حول السقوط. أما المسلمون فيؤمنون أن آدم كان سيسكن الأرض من البداية وأن الشجرة كانت مجرد اختبار، وكذلك فإن كلاهما يتحملان على حد سواء مسؤولية السقوط. بالإضافة إلى ذلك يؤمن المسلمون بأن آدم سيُغفر لهُ في النهاية، في حين تؤمن المسيحية بأن آدم سيقع افتداءه في وقتٍ لاحق وذلك فقط عبر التضحية بيسوع. يُعتبر آدم أول نبي في ديانتي الإسلام والبهائية وفي بعض الطوائف المسيحية. في حين يرى اللادينيون أن ذلك يندرج تحت ما يسمونه أسطورة الخلق.
بداية الأمر كله: الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، أوّل بلا بداية، ولكن أين كان الله؟
جاء في الحديث عن أَبِي رَزِينٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ، فَإِذَا سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ أَعْجَبَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ، مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ».
العرشُ أول شيءٍ خلقه الله سبحانه وتعالى، خلقه على الماء، ثم خلق القلم، فعن عبادةُ بنُ الصَّامِتِ رضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: «إنَّ أوَّلَ ما خَلَقَ اللهُ القَلَمُ -وهو أداةُ الكتابةِ للمَقاديرِ الَّتي يأمُرُه اللهُ بِها – فقال له:
اكْتُبْ، قال: ربِّ وماذا أَكْتُبُ؟ قال: اكْتُبْ مَقاديرَ كُلِّ شيءٍ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ، وخلق له اللوح المحفوظ، فكتب ما هو كائن إلى قيام الساعة، وكتب مقادير الخلائق، ثم خلق الملائكة والسماوات والأرض، ثم خلق بقية المخلوقات».
الهدف من خلق آدم نقرأه جليًا في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ فعبادة الله هي الهدف الأسمى من خلق البشر
ربما يسأل سائل: ما الفائدة المرجوة من عبادتنا لله؟! والله سبحانه وتعالى لا يحتاجنا ولا يحتاج عبادتنا، إذًا ما المقصود من عبادتنا؟
والجواب: إنَّ الله عز وجل يحبّ أنْ تظهر أسماؤه الحسنى، يحبّ أنْ يظهر كرمه ورحمته، جبروته وقوته وحلمه، وكيف تظهر أسماء الله الحسنى دون مخلوقات؟ فخلق الخلق لتظهر أسماؤه.
أخبر الله ملائكته بإرادته أنه يريد أنْ يجعل خليفة في الأرض، ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ فكان جواب الملائكة ﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، يا رب تريد أن تخلق من يفسد كما فعلت الجن سابقًا؟
والسؤال الآن: هل هذا اعتراض من الملائكة على إرادة رب العالمين؟
والجواب: حاشاهم أن يعترضوا على أمره سبحانه وتعالى، ولكنهم سألوا الله لسببين:
ثم إن الله عزوجل قال للملائكة ولإبليس سأنفخ فيه الروح ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ﴾، طبعًا كان الأمر للملائكة وأيضًا أمرٌ مخصوص لإبليس بالسجود عند نفخ الروح ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾.
فأصبح الملائكة يتهامسون فيما بينهم: (فليخلق الله ما أراد أن يخلق، فلن يخلق خلقًا إلا كنا أكرم عند الله منهم وأعلم).
جعل الملائكة ينظرون إلى هذا التمثال العجيب، وكان كبيرًا (60) ذراعًا في السماء، والذراع: هو نصف متر تقريبًا يعني ثلاثون مترًا.
تعجبت الملائكة من هذا المخلوق العجيب، فهم لم يرو مثله من قبل، وكان ممن فزع منه، بل كان شديد الفزع إبليس، فأخذ يطوف حول تمثال آدم ويرفسه برجله ويضربه، ويقول: (لأمر ما خُلقت)، ثم دخل في جوفه وخرج منه وقال للملائكة: لا تخافوا هذا أجوف، دخل من فمه وخرج من دبره وقال: هذا أجوف، هذا خلق لا يتماسك ضعيف.
هو من أعظم مشاهد الخلق منذ خلق آدم إلى قيام الساعة، بلايين البلايين من الملائكة، تسجد لآدم سجود تكريم، وكان هذا السجود جائز في الشرائع السابقة، كما في قصة يوسف عليه السلام لكن في ديننا حتى سجود التكريم لا يجوز.
لك أن تتخيل عزيزي القارئ هذا المشهد: الملائكة الكرام يسجدون لآدم عليه السلام ولم يبق واقفاً إلا إبليس هو الوحيد الذي عصى، أول معصية للخلق من إبليس.
فناداه الله عز وجل ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾، فردّ برد قبيح ﴿قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾، تكبر وهذه أول المعاصي.
تكبّر إبليس ورفض أوامر الله عز وجل، وناقش وجادل فغضب الله عليه غضبًا عظيمًا فأنزل عليه اللعنة، وأمره أن يخرج من الجنة (فاخرج منها مذؤوما مدحورا) فطلب طلباً نقرؤه في قول الله عز وجل:
﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾.
وطرد إبليس من الجنة، وبقي آدم في الجنة يتنعم في ثمارها، يلبس من أحلى ثيابها، ما كان عرياناً كما يصوره بعض البشر اليوم، وهذا نقض لنظرية التطور.
علم الله آدم علم كل شيء: علم كل الأسماء ( هذا جبل، هذا طير، هذا ماء)، كل اللغات أصلها أسماء، ثم تأتي الأفعال والحروف، الطفل عندما نعلمه نبدأ بتعليمه الأسماء، ثم نتدرج في تعليمه، ربما يكون أحدنا جالسًا ينظر إلى التلفاز فيعرض عليه شيء لا يعرف ما هو ويسأل عنه، لا يوجد إنسان أو عالم يعرف كل شيء.
لكن سيدنا آدم عرف كل الأسماء، ثم عرض الله هذه المخلوقات الطيور والجبال، وعرضهم على الملائكة ثم قال: ﴿أنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، لم تعرف الملائكة جواب أي شيء ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ماذا أراد الله من هذا الموقف؟
هو رد من الله سبحانه وتعالى على كلمتهم (لن يخلق الله خلقًا، إلا كنا أكرم منه وأعلم)، فبين لهم عمليًا بأن آدم أكرم منهم، فجعلهم يسجدون له وبين لهم عمليًا أن آدم أعلم منهم، بأنهم لا يعرفون أسماء كل شيء وآدم يعرف.
لماذا ذكرت هذه القصة في القرآن؟
لأن في زماننا يدرسوننا أن الانسان بدأ لا يفهم شيئًا، ولا يعرف شيئًا، ونزل عاريًا، ثم بدأ يتعلم قليلًا قليلًا، وبدأ يرتدي الملابس، لكن الحقيقة أنّ آدم عليه السلام نزل عالمًا، يعرف كل شيء، فلم تبدأ البشرية في جهل، ولم تبدأ عارية، بالعكس ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
عاش آدم وحواء في الجنة في سعادة عظيمة، عاشوا سنين في الجنة، يأنسان ببعضهما، وكانا يعيشان بطعام وشراب وبركة من الله عز وجل، وكانا كاسيين، ما كانا عاريين، أما إبليس: فكان يحاول كل هذه المدة أن يدخل إلى الجنة، ليوسوس لهما فما وجد طريقًا.
يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا* إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ* فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى* إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾.
﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، عش في الجنة سعيدًا، عش في رغد، كل كما تشاء أشرب كما تشاء، إلبس كما تشاء، إلا هذه الشجرة لا تلمسها!!
ودخل الشيطان ليوسوس، وبدأ يتحدث مع آدم وحواء ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾.
بقي إبليس يوسوس ويوسوس لهما ولا يطيعانه، حتى أقسم بالله لهما أنه ناصح، بالطبع لم يكونا يتخيلان أن هناك مخلوق يظهر باسم الدين، ويقسم بالله ويخدع الناس، فأخذت حواء من ثمار هذه الشجرة، فأكلت فلم يحدث شيء، فأعطت لآدم فرفض، فأغرته وما زالت تغريه حتى أكل، فلما أكلا منها حدث شيء غريب؟
تساقطت الثياب ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾، لأول مرة تكشف العورات، فاستحييا.
﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، أُنزِلوا من الجنة الى الأرض، لكن أين نزل آدم وأين نزلت حواء؟
أصح الروايات تشير إلى أن: حواء نزلت في جدة، ونزل آدم في الهند، فبدأ يبحث عنها، وفي رواية أنهما تلاقيا في عرفات فسمي عرفات، وبدأت حياة جديدة للبشر، بعد أن كانوا في النعيم لا تعب ولا عمل، نزلوا إلى الأرض حيث الجهد والشقاء.
وأعطاه الله سبحانه وتعالى الأدوات، أعطاه العلم أهم الأدوات، فتعلم كل الصناعات الأساسية النجارة والحدادة وغيرها، وليس الأمر كما يقال الآن في زمننا أنهم نزلوا لا يفهمون شيء.
لما شعر آدم باقتراب منيته، طلب أن يؤتى له بشيء من فواكه الجنة، طبعاً فواكه الأرض التي تشبه فواكه الجنة، فخرج أولاده يطلبون هذه الفاكهة لأنها ليست عندهم، وإذا بهم بمجموعة من الشباب وجوههم جميلة، يحملون معهم أدوات حفر، فسألو أبناء آدم: إلى أين؟
قالوا: نبحث لأبينا عن فاكهة الجنة فقد اشتهاها، قالوا: أرجعوا إلى أبيكم فإن الأمر أعجل من ذلك، فرجعوا معهم.
فلما رأتهم حواء عرفتهم، هي تعرف الملائكة، لأنها عاشت معهم في الجنة، وتعرف قدرة الملائكة على التشكل بأجساد البشر على هذه الصورة الجميلة، فعرفت أنهم ملائكة الموت.
جاؤوا ليقبضوا روح آدم عليه السلام، فتشبثت بآدم من محبتها له، وخافت عليه، فقال لها: دعيني وملائكة ربي، وجاء ملك الموت فقبض روح آدم عليه السلام، وجاءت الملائكة كفنته وحنطته بالطيب، وحفرت له قبرا ودفنته.
قبل أن يموت آدم عليه السلام أوكل قيادة البشرية إلى ابنه العظيم نبي الله “شيث“، وفي الحديث عن النبي ﷺ: «أن الله أنزل (104) صحف سماوية، منها خمسون صحيفة على شيث»، لماذا هذا العدد الكبير من الصحف نزل على “شيث“؟
لأن البشرية كانت في بداياتها، وكانت بحاجة لمعرفة الحق والباطل، والخير والشر، وتولى شيث قيادة البشر وتلقى من آدم ما استطاع من علم، وظلت البشرية على التوحيد، وبقي هذا الصراع بين الحق والباطل.