كانت أوَّل فُتوح المسلمين للهند في عام 44ه بقِيادَة، لطالما اشتهر العربُ قبل الإسلام بجاهليّتهم؛ جاهلية يُستشعر من ورائها أن أهلها لم يُدركوا حدود العالم من حولهم، وطبيعة الشعوب التي أحاطت بهم، لكن هذا التصور سرعان ما يتبدّد حين ندرك أن العرب كأي أمة قديمة عملت بعض قبائلها في الرعي وبعضها في الزراعة وبعضها الآخر في التجارة، وجاء على رأس هؤلاء التجار قريش سادة مكة، وسدنة الكعبة المشرّفة، فضلا عن عرب اليمن والحيرة وغيرهم.
وقد اتصل عرب الشام واليمن مثل الغساسنة والمناذرة وأبناء سبأ القديمة بتجارة الهند التي كانت تمر ببلاد فارس عن طريق المحيط الهندي والبحر الأحمر، فحمل اليمنيون البضائع، فمنها ما كان من نصيب قريش في رحلة الشتاء الشهيرة التي ورد ذكرها في سورة "قريش"؛ ليسيروا بأكثرها في رحلة الصيف إلى بلاد الشام، ومنها ما كان من نصيب تجار مصر ليقايضوا عليه تجّار الرومان والإغريق بموانئهم على ربح طائل وفير
وحين جاء الإسلام وافتتح المسلمون الجزيرة العربية كاملة ثم الشام وفارس (إيران)، بدأت أنظارهم تتطلع نحو ما وراء تلك البلدان، كبلاد ما رواء النهر في أقصى الشمال الشرقي من فارس، أو بلاد السند (باكستان) والهند في أقصى الجنوب الشرقي التي كانت تُعرف بينهم ببلاد العجائب والغرائب. فكيف كانت محاولاتهم تلك التي استمرت على مدار عقود في القرن الأول من الإسلام؟ ولماذا خاف بعض الخلفاء الراشدين من هذه البلدان البعيدة؟ وكيف تكلَّلت الفتوحات في نهاية المطاف بالنجاح والانتشار؟ ومَن الذي قاد فتح تلك البلدان ولماذا اشتهر وكيف انتهت حياته بمأساة لا ذنب له فيها؟!
أبو سعيد المُهَلّب بن أبي صفرة بن سراق بن صبح العتكي الأزدي والي من ولاة الأمويين على خراسان، استعمله الحجاج عاملاً على خراسان عام (78هـ - 697م) وقام بفتوحات واسعة في بلاد ما وراء النهر فقد قاد المهلب حملة استولى من خلالها على إقليم الصغد وغزا خوارزم وافتتح جرجان وطبرستان بذلك فرض سيطرة الدولة الأموية على أراض كثيرة فيما وراء النهر وكان لها أكبر الأثر في إثراء الحضارة الإسلامية، وقد برز في تلك المناطق علماء ومفكرون أمثال الخوارزمي والبخاري.
ينتسب المهلب بن أبي صفرة إلى قبيلة أزد عمان، واسمه أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة - ظالم - بن سراق بن صبح بن كندي بن عمرو بن عدي بن وائل بن الحارث بن العتيك الأزدي. اختُلفت الأقوال في صحبة والده للنبي:
يذكر ابن حجر العسقلاني أن والده من مدينة دبا التي حدثت بها إحدى معارك حروب الردة،[1] الواقعة في إقليم عمان التاريخي، والتي تنقسم سياسيًا اليوم لثلاث أقسام: دبا الحصن ودبا الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، وولاية دبا في سلطنة عمان، واختُلف في موقعها حاليًا، فقيل أنها تقع في ولاية دبا بسلطنة عمان،[4] وقيل أنها في دبا الفجيرة التي تقع في الإمارات العربية المتحدة حيث نزحت قبيلة الأزد من اليمن لتتوزع على شكل جماعات في معظم أنحاء شبه الجزيرة العربية، واستقر جزء منها بإقليم عمان ليعرفوا بأزد عمان. وفي بادئ الأمر استقرت أسرة المهلب بن أبي صفرة في دبا، ثم خرجوا منها لينتهي بهم المطاف إلى الاستقرار في البصرة. ولد في عام الفتح سنة 8 هـ على الأرجح.