من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله
من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله، أباح الله -تعالى- البيع والشِّراء، قال الله -تعالى-: (وأحل الله البيع وحرم الربا)، وأجمع علماء الأمَّة الإسلاميَّة على جواز البيع والشِّراء، وذلك لحكمٍ متعدِّدَةٍ؛ فالسِّلع والعروض التِّجارية موزعةٌ بين النَّاس؛ فقد يحتاج الإنسان إلى ما عند صاحبه من سلعةٍ أو غرضٍ؛ فيقومان بعملية البيع والشِّراء لتتحقَّق منفعة الطرفين، فلا يمكن الوصول إلى تبادل المنافع إلَّا عن طريق البيع والشِّراء، ومن خلال البيع والشِّراء تُقضى الحاجات، ويصل كلَّ إنسانٍ إلى غايته ومراده، من أجل ذلك أحلَّ الله -تعالى- البيع والشِّراء؛ لتعمَّ المنفعة على النَّاس أجمعين.
أركان البيع والشراء البيع والشِّراء عقدٌ بين طرفين ويجب توفُّر عدَّة أركانٍ في عقد البيع والشِّراء حتى يكون صحيحاً ومقبولاً، وذهب جمهور الفقهاء أنّ أركان عقد البيع والشراء ثلاثة، نذكرها فيما يأتي:
الصيغة؛ وتشتمل على الإيجاب والقبول وكلُّ لفظٍ صريحٍ يدلُّ على الرِّضا؛ وهذا الرُّكن هو الرُّكن الوحيد للبيع والشراء عند الحنفيَّة وما عدا ذلك يعتبرونه من مستلزمات البيع والشِّراء، فالإيجاب عند الحنفيَّة هو ما يصدر أوَّلاً من أحد المتعاقدين، والقبول عندهم هو ما يصدر ثانياً من أحد المتعاقدين.
أمَّا جمهور العلماء فقالوا بأنَّ الإيجاب هو ما يصدر عن الشَّخص الذي يملك التَّمليك، والقبول هو ما يصدر عن الشَّخص الذي سيصبح له الملك، فمثلاً لو قال البائع أحد هذه الألفاظ: بعتك، أعطيتك، ملَّكتك، وردَّ عليه المشتري بأحد هذه الألفاظ: قبلت، اشتريت، تملَّكت، ابتعت؛ فعقدهما صحيحٌ من حيث الصِّيغة، ويصحُّ البيع والشِّراء بالصِّيغة الفعليَّة أيضاً عند جمهور العلماء؛ أي بالتَّعاطي من طرفٍ واحدٍ أو من الطرفين، كأن يأخذ المشتري غرضه ثمَّ يدفع للبائع ثمنه فيأخذ البائع الثَّمن، فبهذا الفعل يتحقَّق الرِّضا فتصحُّ الصِّيغة، أمَّا الشَّافعيَّة فقالوا بعدم جواز بيع التَّعاطي وأنَّه لابدَّ من الألفاظ الصَّريحة الدَّالة عقد البيع والشِّراء.
- المتعاقدان؛ وهما البائع والمشتري، يجب أن يكون البائع والمشتري حاضرين حتى يصحَّ البيع والشِّراء.
- محل العقد؛ أي الثَّمن والمُثمَّن؛ أي السلعة وثمن السلعة، يجب أن يتوفرا لكي يصحَّ البيع والشِّراء.
شروط صحة البيع والشراء
شرع الله -تعالى- البيع والشِّراء بين المسلمين، وجعل له شروطاً لابدَّ من توفرها حتى يكون عقد البيع والشِّراء صحيحاً، نذكر منها ما يأتي:
- أن تتوفَّر عدَّة صفات في المتعاقدين وهي؛ البلوغ، والعقل، والرشد، والحرية. أن يملك المتعاقدان المعقود عليه؛ فلا يصحُّ للبائع أن يبيع شيئاً لا يملكه.
- أن يكون البائع قادراً على تسليم المعقود عليه؛ فلا يجوز بيع المعدوم، كمن يبيع طائراً في الهواء؛ فلا يصحُّ بيعه. أن يكون المعقود عليه من الأمور المباح الانتفاع بها؛ مثل البيوت والمحال التجارية، ومستلزمات البيت، فلا يصح بيع ما لا نفع فيه، ولا يجوز بيع ما حرم الله -تعالى-؛ كالخمر والخنزير.
- عدم حصول الضَّرر على البائع بسبب البيع، فمثلاً لا يمكن للبائع أن يبيع قطعة قماش من الثَّوب ويترك الباقي؛ لأنَّه بذلك سيخسر ما تبقى من الثَّوب.
- عدم التَّأقيت للبيع؛ فلا يكون البيع لمدةٍ معيّنةٍ كمن يبيع ثوباً لشخصٍ آخر لمدة شهرٍ مثلاً؛ فهذا يُنافي حقيقة البيع وهي التمليك للأبد، ولأنَّ ملكيَّة عين الشيء لا تقبل التوقيت.
- عدم الغرر؛ والمُراد بذلك الغرر في الوصف، كأن يبيع الإنسان بقرةً على أنَّها حلوبٌ، ثمَّ يكتشف المُشتري بعد شرائها أنَّها ليست كذلك. انتفاء الإكراه؛ أي ألَّا يكون هناك ما يُجبر البائع أو المُشتري على إتمام عقد البيع؛ مثل التَّهديد بالقتل، أوالضَّرب، أو الحبس، وغيرها من أنواع الإكراه التي تجبر البائع أو المشتري على تنفيذ عقد البيع دون وجود إرادةٍ حرَّةٍ منه، فتجعل العقد فاسداً.
- عدم اشتراط شرطٍ مُفسدٍ في عقد البيع يتنافى مع أصله، ويشمل ذلك كلَّ شرطٍ فيه نفعٌ لأحد المُتبايعين دون أن يرد به الشَّرع او لم يجرِ به العُرف.
- انتفاء الجهالة في البيع؛ ويعني ذلك أن يكون الشيء المبيع معلوماً بالنِّسبة للبائع والمشتري، وأن يكون الثمن معلوماً أيضاً، علماً يدفع الجهالة الفاحشة، التي تفضي إلى النزاع.
آداب البيع في الإسلام
للبيع في الإسلام آدابٌ عديدةٌ، منها ما يأتي:
- أن يُحبُّ الإنسان لأخيه ما يُحبُّه لنفسه. أن يكون الرِّبح من البيع مقبولاً وليس فاحشاً.
- أن يكون البائع صادقاً مع المشتري، فيصف له البضاعة بوصفٍ حقيقي، بعيداً عن الغش والخداع.
- أن يكتب المتعاقدان الدُّيون ويشهدوا عليها. أن يتجنَّب المتعاقدان الحَلف في عقد البيع والشِّراء حتى في حالة الصِّدق.
- أن يتَّصف المتعاقدان بالسَّماحة والسُّهولة في البيع والشراء.
- أن يكثر البائع من إخراج الصَّدقات.
- أن يتَّصف البائع بالأمانة؛ فيردَّ الأمانات إلى أصحابها.
من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله
قال تعالى : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ) النور 37.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) )الجمعة.
إن البيع والشراء من أهم مجالات التعامل ،
وقد أكدت الشريعة الإسلامية على جوازها ضمن ضوابط وشروط محددة ،
لايكون البيع صحيحاً حتى تتوفر فيه سبعة شروط متى فقد شرط منها صار البيع باطلا :
- التراضي بين المتبايعين
- ان يكون العاقد جائز التصرف
- أن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة .
- أن يكون البيع من مالك أو من يقوم مقامه .
- أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه .
- أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو وصف منضبط .
- أن يكون الثمن معلوماً .
من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله
- على المشتري والبائع التحلي بالسماحة والرفق في المعاملة
- على المشتري أن يكون جادًا في الشراء ، فلا يتعب البائع بهدف التسلية وقضاء الوقت .
- لا تبع مالا تملك ولا تبع السلعة قبل حيازتها .
- احذر من بخس الناس أشياءهم فهذا يؤذي البائع.
- احذر النجش وهو أن تزيد ثمن السلعة ولا تريد شراءها بهدف تربيح التاجر على حساب الزبون