اول خطوة في الطريقة العلمية
تعرَّف سلسلة العمليات التي يستخدمها العلماء لجمع المعرفة بهدف تحقيق فهمٍ أفضل للأحداث التي تدور من حولهم، ومحاولة إيجاد تفسيرٍ لمختلف الظواهر التي تجري في محيطهم بشكلٍ علميٍّ ودقيقٍ، “الطريقة العلميّة”. في هذا المقال، نتحدث بشيءٍ من التفصيل عن خطوات الطريقة العلمية وكيفيّة تطبيقها بشكلٍ مفيدٍ.
خطوات الطريقة العلمية
- الملاحظة وصياغة السؤال:
الملاحظة ليست فقط الخطوة الأولى ولكنّها الأهم، فلولا الفضول الذي يدفعنا إلى مراقبة الأشياء والسؤال عنها، لما توصّل أحدٌ إلى أيّ اكتشافٍ منذ بداية البشرية وحتى الآن. ولعلّ من المهم أيضًا أن تكون هذه الملاحظة هادفة، وأن تكون صياغة السؤال صحيحةً، لأنّها في الواقع القائد الذي سيقود الخطوات التالية.
- البحث:
المقصود بالبحث هنا هو الاطلاع على تجارب الآخرين فيما يخصّ ملاحظتك، وقراءة ما توصّلوا إليه بهدف الاستفادة من أخطائهم وعدم تكرارها من جهةٍ، والإحاطة بالموضوع بشكلٍ أفضل، وفهمه قبل مواصلة البحث نحو تحسينه أو فهمه من جهةٍ أخرى.
- اقتراح الفرضيّة:
يقصد بذلك وضع مجموعة الاقتراحات التي من المتوقع أن تكون جوابًا محتملًا لمشكلتك أو لسؤالك، تحضيرًا للخطوة التالية. من الجدير بالذّكر أنّ للفرضيّات أنواعًا كثيرةً، وأنّ هناك عدّة طرقٍ لوضعها، ولكنّنا لسنا بصدد الحديث عنها في هذا المقال.
- إجراء التجارب:
بعد أن قمت بملاحظة حدثٍ ما، وصغت الفرضية المناسبة حول ما قد يمكن أن يكون التفسير لهذا الحدث، يأتي دور الخطوة الرّابعة من خطوات الطريقة العلمية المتمثّلة باختبار الفرضيّات، وتحديد فيما إذا كانت قابلةً للتطبيق فعلًا أم لا. في هذه الخطوة، من المهم التركيز على السؤال المطروح في البداية، وتجنّب الابتعاد عن الموضوع أثناء دراسة الفرضيّات.
- ترتيب وتحليل النتائج:
سينتج عن اختبار الفرضيّات كمية هائلة من المعلومات، بعضها سيكون مفيدًا ويخدم التجربة، وبعضها سيكون زائدًا ولا يدعم توقعاتك. في هذه الخطوة، يتم تنسيق النتائج وتحديد الفرضيّات التي أثبتت صحّتها واستبعاد الفرضيّات الخاطئة، مع تبيان نقاط قوّة وضعف كلّ منها بناءً على التجارب المجراة.
- الخاتمة أو الخلاصة:
من المهم التنويه هنا إلى أنّ عدم وجود خلاصة في العلم؛ يُعتبر بحد ذاته خلاصة! بمعنى، إذا توصّلت في نهاية تجاربك إلى أنّ كلّ فرضيّاتك خاطئة، فإنّ ذلك مهمّ ويوفّر الكثير من الجهد في الأبحاث القادمة حول نفس الموضوع. كما أنّ النتيجة الصّحيحة قد لا تكون صحيحةً بالمطلق، وقد تثبت تجارب وأبحاث لاحقة خطأها، وتقترح أجوبةً بديلةً أفضل وأكثر منطقيّة.
بعض الأمثلة على خطوات الطريقة العلمية
قد يوحي مصطلح “الطّريقة العلميّة” على أنّها مقتصرةٌ على مجموعة الخطوات التي يتبعها العلماء في دراساتهم وأبحاثهم، إلّا أنّ ذلك ليس صحيحًا، إذ يمكن استخدام وتطبيق خطوات الطريقة العلمية في حل حتى أبسط مشكلات الحياة اليوميّة. لعلّ الفرق الوحيد بين طريقة العلماء وطريقتنا في الحياة اليوميّة، هي أنّ العلماء يوثّقون – وبعنايةٍ – كلّ خطواتهم لتكون مرجعًا وأساسًا لدراساتٍ لاحقةٍ في المجال نفسه. في هذه الفقرة، سنذكر مثالين على تطبيقين علميين يبينان خطوات الطريقة العلمية، أحدهما في المختبر والآخر من الحياة اليوميّة.
مثال من المختبر
- الملاحظة: يوجد بطءٌ واضحٌ في نموّ النباتات في مزرعةٍ معيّنةٍ، كما توجد مجموعةٌ واسعةٌ من الجراثيم في التربة.
- السؤال: هل تؤثّر هذه الجراثيم سلبًا على نموّ النباتات وإنتاجها؟.
- الفرضيّات: الفرضيّة الأولى تقول بأنّ واحدًا أو ربما أكثر من هذه الجراثيم، يلعب دورًا سلبيًّا في نمو النباتات، بينما تنفي الفرضيّة الثانية وجود أيّة علاقةٍ بين الجرثيم في التربة وبطء نموّ النباتات.
- التجربة: باستخدام أوساط زرعٍ مختلفة، سيقوم العلماء بوضع كل نوعٍ جرثوميٍّ منعزلًا مع النبات بطيء النمو ومراقبة تأثيره بمرور الأيّام.
- تحليل النتائج: سيقوم العلماء بتسجيل سرعة النمو في كل وسطٍ من أوساط الزّرع تلك، وتسجيل أيّ بطءٍ في أيٍّ منها.
- الخلاصة: إمّا أن تقول بأنّ أحد الأنواع الجرثوميّة الخاضعة للتجربة أثّرت فعلًا على نموّ النبات، وبالتالي فإنّ الفرضيّة الأولى صحيحة، وإمّا أنّ النبات نما بشكلٍ طبيعيٍّ بوجود الجراثيم أو بغيابها، وبالتالي فإن الفرضيّة الثانية هي الصّحيحة، ومن هنا، يجب البدء بالبحث عن تفسير لبطء نموّ النباتات في هذه المزرعة مع استبعاد العامل الجرثوميّ من التجربة.
مثال من الحياة اليوميّة
- الملاحظة: جهاز تحميص الخبز الخاص بي لا يعمل.
- السؤال هو: ما هو العطل في الجهاز؟.
- الفرضيّات: إمّا أنّ المقبس الذي يصل جهاز التحميص معطّل، أو أنّ العطل موجودٌ في الدارات الداخليّة للجهاز.
- التجربة: أن أقوم بتجربة جهازٍ كهربائيٍّ آخر في مقبس التيّار أو أن أغيّر الشريط الذي يصل جهاز التحميص بمقبس التيّار الكهربائي.
- تحليل النتائج: الجهاز الآخر الذي جرّبته عمل بشكلٍ جيّدٍ عندما وصلته بالتيّار الكهربائي، ولكنّ جهاز التحميص لم يعمل حتى عندما قمت بتغيير الشّريط.
- الخلاصة: المشكلة ليست في مقبس التيّار الكهربائي ولا في شريط التوصيل، وإنّما في الدارات الداخليّة لجهاز التحميص,
في الواقع، يمكن ذكر ما لا يحصى من الأمثلة على الطّريقة العلميّة التي نستخدمها جميعًا كلّ يومٍ ودون علم منّا أحيانًا. في المرة القادمة التي تواجه فيها مشكلةً من أيّ نوعٍ، امسك قلمًا وورقةً، وجرّب حلّها على طريقة العلماء.